الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كلنا محجوب عبد الدايم بقلم:أحمد التايب

تاريخ النشر : 2016-05-29
بعد أن تم قلب الحقائق والموازين فى مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وأصبح لا مكان لأصحاب المبادئ والمثل والضمير، وبعد أن استشرى الفساد فى ربوع الأوطان سواء فساد المال والأخلاق والذمم، حتى وجدنا أنفسنا أمام مجتمع يدعو للفضيلة ويفعل كل الفعل الرذيلة، وأصبح أيضًا من يقوم بدور "محجوب عبد الدايم" الشخصية ذات القرنين، مرحبًا به فى كل مكان، وتفتح له الأبواب المجنزرة، وتناديه أعلى المناصب والرتب، ويسيّده الجميع خاضعين راكعين، وتنتظره النساء وكل أعضاء أجسادهن فى شوق وآهات، لتصل سفينة المجتمع بأبنائها لواقع مرير يفرض علينا معايشته والتكيف معه وإلا الهجرة من وطن نعشق ترابه وليس بمقدرنا فراقه، وأصبح رحيل محجوب عبد الدايم حلمًا بعيد المنال، بعد أن أصبح جزءا أصيلا فى حياتنا، بعدما سلمناه أنفسنا وأجسادنا وعقولنا، لنصبح جميعًا بقرون "محجوب عبد الدايم".

ومن المعلوم يا سيادة أن الأخلاق فى الإسلام لا تقوم على نظريات مذهبية، ولا مصالح فردية، ولا عوامل بيئية تتبدل وتتلون تبعا لها، وإنما هى فيض من ينابيع الإيمان، فليست الأخلاق فضائل منفصلة، وإنما هى حلقات متصلة فى سلسلة واحدة، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن"، فالأخلاق دليل الإسلام، وكلما كان الإيمان قويًا أثمر خلقًا قويًا، كما أن الأخلاق فى الإسلام ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عند اختلاف الظروف واقتضاء الحاجة، وليست ثوبًا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء، بل إنها ثوابت شأنها شأن الأفلاك والمدارات التى تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان.

وإذا أردنا النهضة يا سادة فى وطننا الحبيب، أن تكون الأخلاق هى التطبيق العملى والواقعى فى الحياة اليومية، لأن المتابع والفاهم للتاريخ، يرى أن الحضارة والنهضة لا تستقر فى مكان ولا ترتبط بثقافة واحدة ولا شعب متميز، ولهذا يثور دائمًا السؤال: لماذا تقدم الآخرون وتخلّف العالم الإسلامى فى الثلاثمائة سنة الأخيرة؟ هل بسبب غياب القيادة والزعيم الملهم؟ بالطبع لا، فهناك العديد من مشروعات النهضة ومحاولات اللحاق بالعالم المتقدم، ولكنها فشلت.

إذًا فيمكننا القول بأن السر فى نهضة الأمم وتقدمها، هو "الوعى الجماعى" الذى يجمعها على هدف واحد، وينبع من هوية مشتركة، هذا الوعى الذى يجمع الأمم، قد يكون سببًا فى تقدمها أو تفتتها، قد يكون سببًا للنهوض أو الاستسلام، قد يكون حافزًا على التحدى ومواجهة الصعاب، وقد يكون السبب فى الاستسلام أمام محنة أو هزيمة، ولصناعة الوعى الجماعى للأمم، نحتاج إلى الاتفاق على هوية ومبادئ تجمع البشر، ونحتاج إلى هدف يوحّد مسارهم، فالجغرافيا وتقارب السكن والمكان وحده، لا يكفى لعمل وعى جماعى، فمن الممكن أن تسكن قبائل متناحرة نفس المنطقة، وكل منها له هوية مختلفة وهدف مختلف.

وإذا حاولنا تطبيق نفس الافتراض على شعوب الغرب فى أوروبا وأمريكا، نجد أن حالة النهضة صاحبها الشعور بهوية مشتركة (يونانية رومانية مسيحية) تجمع الإنسان الأوروبى أمام العالم، وشعور بالقدرة والقوة، استمده فى البداية من الانتصارات المتسارعة على الشعوب الأصلية لقارة أمريكا وأستراليا، وتطورت هذه الثقة مع القدرة المادية إلى عصر الاستعمار، وتطورت الثقة الشديدة والشعور بهوية متفردة إلى حالة مرضية، ظهرت فى أوج حالاتها فى النازية والفاشية من عنصرية واضطهاد للأجناس الأخرى.

إذًا فَلِكى ننهض؛ لا يكفى فقط أن يكون هناك دستور أو قانون أو ديمقراطية شكلية، بل يجب أن يصاحبها وعى جماعى يتجمع الناس حوله، ويتقدمها، ويحرص على تفعيل القانون وتطبيق المبادئ للوصول إلى النهضة والتقدم ومن هنا فإن هذا الوعى الجمعى فى الشرق، يجب أن يتضمن هوية عربية إسلامية، ولكن هذا وحده لا يكفى، فلابد معه من أخلاقيات تحافظ على تجانس هذه الهوية.

بل إن الأخلاق يجب أن تكون هى المحور الأصيل لهذا الوعى الجماعى، فالمبادئ لا تقتل ولا تكذب ولا تغش ولا تسرق مبادئ تحافظ على أى كيان إنسانى وتحميه من الضياع، ولكن إذا تحولت هذه المبادئ إلى إيجابية، فيصبح الحرص على الصدق والأمانة والإتقان جزء من الهوية والثقافة، فهنا يكون صناعة الهوية وليس فقط حمايتها، وهنا يتحول الوعى الجماعى إلى شرف، وتتحول المجموعة البشرية المؤمنة بوحدة الوعى الجماعى إلى جسد واحد، وعند هذه المرحلة يصبح كل عضو فى هذه الجماعة، لديه من الكرامة والترفع ما يمنعه من أن يأتى الدنية أو أن يفعل ما يعيب هويته من مفاسد الأخلاق، فيصبح الكذب عيبًا والغش إهانة، لا يرضاها على نفسه أى عضو فى هذه الجماعة، فى حين إن الجماعة المتفككة يتحول كل فرد فيها إلى الانتهازية التى تسمح له بأن يفعل أى شيء وكل شيء فى سبيل مصلحة عابرة أو مكسب ضئيل، فيمكنه أن يكذب أو يسرق أو يغش أو يخون مقابل أشياء تافهة أو حتى بدون مقابل، فيتحول الكذب والغش إلى عادة ومرض لا يستطيع الشفاء منه، ويصبح خيانة الوطن ضرورة للبقاء والحصول على الرزق، ونصبح كلنا محجوب عبد الدايم فى بيوتنا وأعمالنا، فلا مبدأ يحكمنا، ولا كرامة تميزنا ولا عرض لدينا ولا شرف لنا، فنصبح أمام مجتمع أفراده يختلط فيه الحابل بالنابل، وتتبدل فيه المفاهيم، فيصبح الصدق خيانة، والنفاق ولاء وثقة والضلال حلال ووسيلة، والشرف مباح والأجساد عارية تستقبل زبائنها.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف