الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الذات والبوح وقصص ايمان الزيات قراءة بقلم:الشربيني المهندس

تاريخ النشر : 2016-05-29
الذات والبوح وقصص ايمان الزيات  قراءة بقلم:الشربيني المهندس
الذات والبوح وقصص ايمان الزيات                        قراءة للشربيني المهندس

.. الأدب بصمة صاحبها، وتلك الحروف والكلمات وتقنيات الوصف والسرد وحبك الحكاية لا يمكن تجريدها من كاتبها ولا من مجتمعه، ولا من ظروفه، ولا من مزاجه ومشاعره، كل شيء يصبح حبيس اللغة ويتحوّل إلى أحجية نحاول معها البحث عن مفاتيحها مع سؤال العنوان (يمر علي روحي كدهر) وهو نقطة الإرسال الأولي والمستمر حتي النهاية ،وهو من خارج عناوين القصص ،وسؤال الدهشة الذى يبدأ بنهاية القصة .. القصة لا تجيب.. بل تستثير التأمل وتدعو إليه بإلحاح .. بداية تقوم القصة القصيرة بالدور العارض لشريحة من شرائح الحياة عبر تفاعل _ يتصاعد فى شكل هرمى إلى رأس المثلث وقمة التأزم ثم _ قد يتغير المسار هبوطًا فى الخط النازل المقابل وصولا إلى لحظة التنوير النهائية التى تنفك عندها الخيوط و التشابكات التى احتدمت قبلا فى نمط أرسطى تطهيرى. وتنوعت هنا نصوص تحفر في أعماق حيوات متجاورة، بتطلعاتها وانكساراتها، وأمزجتها المختلفة بين قصص الذات وخواطرها والآنا والآخر وحصلت الطبقات المهمشة علي نصيبها.. أو الحالمين الذين تعثروا كما جاء بالإهداء .. كما حملت العناوين فلسفة التساؤل بدءا من أين ، ولقطة وقد رحل معها ورحيل أخير وقد ثقلت خطاها ، غش في وجه الاتهامات ، هي والأخري مع الطريق وشريط ضيق وأزيز ما وراء الأسوار ،وهالة زرقاء مع تجاعيد النفاق إلي آخر السطر والأحبار الحمراء واعتقد أنها كانت الأصلح لختام المجموعة .. ونعتقد أن للكاتبة الحق في اختيار القصص وترتيبها فربما استغرقها التفكير في المضامين قبل الكتابة ومعها، مما يجعلها ذلك تفضل هذا النسق ولو علي حساب القراءة وربما علي حساب الجنس الأدبي ونص (أين) عن الكذب وبنيكيو العروسة الخشبية التي تستطيل أنفها معه .  

تتكون القصة القصيرة من بناء.. ونسيج(البناء يشمل العناصر الرئيسية) الشخصية – الحدث – البيئة والنسيج يشمل:(اللغة – والوصف _ والحوار _ والسرد)ولنحاول أن نطبق هذه المفردات على هذه القصص قصة الطريق أو أبناء الصفعة كما أحب أن أسميها مثلا ،لنرى كيف وظف الكاتب/ الكاتبة  هذه التقنيات ..      أولا: البناء:الشخصية الرئيسية:هى الصفعة ، وليس الفتى أو الفتاة الأب والأم والمدرس والمعلم اللذين كانا فقط أداة لاشتعال الحدث ، لتتحقق أزمة البطل الأساسى الذى قد ُيُنفذ فيه حكم لا يعرفه  .. يمكن افتراض أن هناك اتفاق ضمنى بين الكاتب والقارىء على قبول أفعال شخصيات القصة الأب والمدرس ثم المعلم ..               الحدث:جنون معاقبة الفتي لجرم السقوط بعد التفوق وهو لم يرتكبه لوحده كما يعتقد، واستحضار فعل مشابه فى جوهره(فعل العمل مع المعلم والقمامة )، ويرتكبه طابور طويل من أولاد الشوارع لكنه غير كاف فى منطق القياس وخطئه فى افتقاد الحد الأوسط الرابط بين المقدمتين أو الحالتين كى تكون النتيجة صحيحة. البيئة:مجموعة من العتاة بيدهم السلطة والقانون يكيفونهما كيفا أرادو، من حيث البقاء للأقوي وبمنطقه بكل الاستهتار، ويرتكبون الظلم بسهولة محاولين أن يغلفونه بأسباب التعقل و الرصانة .. هى إذًا بيئة مناسبة جدًا لاشتعال حدث وأزمة. كان معنويا وحق التفاخر بالتفوق في الحالة الأولي بينما جنح إلي المادية في الحالة الثانية وإن إشتركا في أداة التنفيذ/الصفعة.. ونستعيد سؤال وأين تقبع تلك الحقيقة وما قبل صفحة ما (40.). ثانيًا: النسييج أولا: اللغة تنوعت طبقًا لمجريات الأمور لترسم أجواء كل حال ومناخه التأثيرى بين الشاعرية فى وصف وهج صفعة الهواء علي سطح القطار والتي فتحت صندوق الذكريات ، وقلب مرتعد ومخيلة خصبة  مرعوبة وما زال يثرثرومشاعر مختبئة عند الشجرة وفلسفة واضحة الرؤية ومتلفة المذاق في كل قصة وكتابة حولت الجسد موضوعا مع الصفعة أو القلم وأحباره الحمراء ،أو القطار والقضبان ، وحولت الرغبة أداة ابداعية، واللغة الشفافة وسيلة للبوح مع الشغف عما يمور في أعماق بلغت درجة عالية من القهر والألم (ولكن تبا من يرفع حجر اللحظات الجاثم علي صدري ويعيد لي شهيقي ..استكمل الطريق بخطوات خرساء متحسسة ) أمام الكلب والخوف قصة فساتين أمي .. وقصة هي وشطرها الآخر توضح ذلك وبين المنطقية التى يتطلبها الحوار مع مقاول الزبالة فى مقابل الأب .ثانيًا : الوصف جاء موظفا لخدمة ما أراده الكاتب.. ومعبرًا عن الجو والخلفية التى تدور فيها الأحداث: فتتابع السرد كان إيقاعه.. المنتظم يخلو من الفجوات.. متسلسل محكم الترابط يسير للنهاية فى سلاسة تامة منطقى مع تصاعد الحدث ونقطة النهاية .. وتأتي النهاية المفتوحة وسؤال السرد القصصى الذي بُنشىء واقعًا ليس موازيًا، بل واقع يتم تشكيله فى صورة متقاطعة متخلقة، ما بين ثوب الواعظ وطعام أمه الدافئ ، فهو ليس الواقع “على سطح مرآة “..

بل هو واقع فى حياة جديدة متحدية مستفزة من هنا يمكن فهم لذة لكتابة _ ولذة القراءة ولذة النص نفسه _ أو تلك العلاقة الشبقية والعشق والوصول الى نهاية الحكى والاشباع الروائى، الكشف والتعرية للخبىء _ متعة وغبطة _ بحسب رولان بارت ..

وقد أجاد الكاتب/الكاتبة  _ هندسيًا _ بناء معمار النص بدمج القصصية بالحكاية، ورُسمت الشخصيات بدقة واقعية تراعى تعارضها وتباينها واصطدامها فيما يتصل بالأحكام القيمية  وحُصرت الأزمة فى مفهوم ملتبس حاول الجميع الالتفاف حوله ، توقفت أحلامها الخشبية بين شطين ،وقف ليستعد للقطار القادم .الصياح كان مع الغش.هي وشطرها الآخر ومع الصفحات البيضاء وسطورها أو بخار الصورة المتبقية في رأسها إلي آخر السطر شئت أم أبيت فأنت من سكان هذا الشارع المراوغ والشريط الضيق ..

وبهذا صاغت التجربة الإنسانية المتصلة فى إطار المحكى التأثيرى، وهو ما يفرقها عن التأمل التقريرى أو التقعيد الفلسفى النظرى .. غريب أمر البشر .. التأقلم وسهولة ابتلاع الحزن .. حين تصبح أنت رجلا بلا تحفظات ..وعندما أصير أنا إمرأة بلا مخاوف فلن أحاول أبدا الوقوع في فخاخ الاحتمالات ..

كاتبة نجحت في طرق مفاهيم المنظومة الإنسانية العميقة المتعلقة بالمصطلحات العقلية الخلافية هى مغامرة ألقت الكاتبة فيها بجسارة متناهية بفعل التلقى _ المشارك الذى يقتسم فيه القارىء مع المؤلف عبء الصورة النهائية للعمل _ لهذا المتلقى ليدلو بدلوه مرغمًا فى التفكير فى الخطوط التى طُرحت أمامه . وقد تعددت النهايات في المجموعة فكانت المفارقة وسرعة الاستجابة لنداء الابنة في قصة خلاف أو النهاية المدهشة في قصة الأحبار الحمراء والعائلة تلملم شتاتها وتغلق الباب وسط الاتهامات والتي لهث القارئ وراء معرفتها ..                                                     

وبعد هذا التناول السريع وإلقاء قبسات من الضوء الوامض على قصص مجموعة الأديبة إيمان الزيات والتي أمسكت بشعلة الإبداع السردي في ثوبه المعاصر في محاولة لإثبات بصمتها الخاصة ورؤيتها لهذا العالم من منظورها الخاص، وكيفما أحبته أو أبغضته، ولربما كانت عيناها أقدر على التقاط الكثير من خبايا هذه الحياة والتى تتميز بالجرأة والتجريبية على مستوى الأسلوب والمضمون معا في معظم نصوص المجموعة ..                                            والسؤال الحائرعمن يمر علي روحها كدهر . هل نجحت النصوص في الإجابة في ضوء إعادة إنتاج دلالاته                                                                        ربما غابت الديناميكة والحرارة بغياب الحوار والأفعال والأصوات عن بعض النصوص والارتكان فقط على وصف الأفكار والحالة الشعورية .. نص رحيل أخير كانت التقريرية غالبة مثلا .كما غاب التصاعد الدرامي باستمرار سير نسقها على وتيرة واحدة من أول النص لنهايته.. ويبدو للتجريب غوايته                                                  نأتي لقصة الطريق وهي من القصص لن تنتهى أبدًا بنهايتها غيرالمعلنة صراحة ، بل هى بداية، ومحاولة للم خيوط تشابكت تعقيدًا.. هى دعوة للتفكير على أصعدة كثيرة، ومستويات شتى، وهو المسعى الرائع للفن القصصى، وهو ما أثمنه شخصيًا وأقدِّره مع تمنياتي بالتفيق لأديبتنا المتميزة .

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف