الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الرجل والمأة في رواية "امرأو للفصول الخمسة" ليلى الأطرش بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2016-05-28
المرأة والرجل في رواية
"امرأة للفصول الخمسة"
ليلى الأطرش
في هذا العمل الروائي تطرح الكاتبة مجوعة قضايا، أهمية المال وتأثيره على المجتمع والأفراد، جمال المرأة والشهوة التي تطلقها، وأثر ذلك على الرجال، المثقف الثوري والانزلاق إلى الحضيض عندما يفكر بالأنا، الصراع بين المرأة الشرقية والمجتمع/الزوج، تعثر المجتمع الذكوري بكافة شرائحه، وتقدم المرأة عليه.
مجمل الشخصيات الذكورية قدمت لنا بشكل سلبي، بصرف النظر عن ثقافتها أو وظيفتها، ولم تصمد أمام تحديات الواقع، بينما كانت المرأة ثابتة تتقدم إلى الأمام بمنهجية سليمة، ومتجاوزه كافة الصعاب والمعيقات، ولم تكتفي بهذا، فنجدها تمتلك جانب أخلاقي يجعلها قدوة ومثل في العطاء والصبر واحترام الذات.
أهم ما يميز الرواية تناولها لحالة الصراع التي تتعرض له المرأة الشرقية "نادية" إن كان ذلك متعلق بزوجها "إحسان" أو بمشاعرها اتجاه "جلال" فتتغلب على ذاتها وتواجهه بكل صلابة وجلد عندما حاول النيل من جسدها، فتقوم بصمود أمام قوته الجسدية و تستطيع أن تتغلب عليه، ثم تتخذ موقفا حازما بطرده من بيتها/بيت أخوه "إحسان"
من خلال هذا الموقف ـ أخ مثقف وثوري يحاول خيانة أخيه، والاعتداء زوجته، يتبين لها هشاشة هذا المثقف الثوري، وصلابة وقوة المرأة، فهنا كانت المرأة أقوى وأصلب من الرجل.
وفي مشهد آخر عندما يقع الزوج "إحسان" في شباك المرأة المثيرة "أنجلا" ويخون زوجته "نادية" أكثر من مرة وفي اكثر من مكان، ويقدم لها هدايا ثمينة نفيسة، تكون هي تدافع عنه امام أبناءها لتجعل صورته مشرقة ونقية.
ونجد "فارس" الرجل الثري والتاجر الكبير، الذي يحسب كل صغيرة وكبيرة، يقع أمام نزواته عندما قرر الزواج من بنت صغيرة بعمر بناته، ضمن هذا المجتمع الذكوري تكون المرأة هي الضحية، وعليها إما، تنجرف مع التيار، أو تواجه وتقاوم وتفرض ذاتها.
"نادية وإحسان"
الشخصية المحورية في الرواية هي "نادية" التي توافق على الزواج من "إحسان" رغم تعلق أخيه "جلال" المثقف بها، فهي امرأة تقرأ بشغف حتى أن الكتب أصبح جزأ منها، "لم ترفع نادية عينيها عن كتابها، ...تناوله قلبه. الحروف صغيرة والفصول طويلة... ـ سيضعف بصرك يا نادية بالقراءة" ص41، بهذا المشهد نجد المرأة مهتمة بتطوير وتثقيف نفسها بالمعرفة، رغم عدم موافقة الزوج لهذا الأمر، فبمجرد أصرارها على القراءة وعدم اطاعة الزوج بالتخلي/ترك الكتاب تكون قد بدأت حالة من التمرد على واقعها كمرأة شرقية عليها الطاعة العمياء لما يطلب منها.
لم تكون حالة التمرد ناضجة في ذهن "نادية" بل جاءت من خلال صراع داخلي، ثم تقدمت بالفكرة إلى الأمام حنى نضجت وأصبحت كاملة ومتعلقة بكافة جوانب الحياة، فهي كمرأة شرقية تخضع لمفاهيم هذا المجتمع، وعليها أما أن تنخرط في مجتمعها وما فيه من عادات وتقاليد، أو تتمرد عليه وتجد ذاتها المستقلة والمتميزة عنه، "لماذا يصر على تسفيه كل شيء؟ الكتاب في يدي يزعجه، كان يصر على سحبه من يدي منذ أيام زواجنا الأولى، ثم بدأت ألقيه بنفسي حين يدخل، أردت أن أكون زوجته، فأنا من سلالة تلك الأعرابية التي تناقلت أجيال النساء وصيتها. (ولا تعصي له أمرا .. ولا تفشي له سرا.. ولا يشتم منك إلا أطيب ريح)" ص42، من خلال هذا المشهد نجد حالة من التفكير بالواقع الذي تعيشه المرأة، فهي تعيد التفكير حتى بالمسلمات التي تربت عليها، وكانها بهذا التفكير، تدعونا ـ نحن المجتمع، الذكور ـ إلى البحث من جديد بكل المسلمات الفكرية التي نعتقدها، والتفكير بها من جديد، طبعا سيشمل ذلك سلوكنا وتصرفاتنا، فهي بحاجة إلى التجديد، ولم تعد صالحة أو تناسب الواقع أو العصر.
تتقدم "نادية" خطوة إلى الأمام عندما تفكير بالمجتمع اللذكوري الذي لا يرى فيها سوى شهوة جنسية، أو كائن ضعيف، فهي تنزعج من هذه الرؤية وتبدي سخطها عليها، "هل فكرة للحظة بما ينتابي الآن؟ هل يستطيع ان يفهم أنه حين لا يرى في سوى أنثاه يلسعني ثعبان ضخم... في داخلي إنسان آخر ...بلا جنس... إنسان له أحاسيس ويفكر... ويلهبني بسوطه كلما أمعن إحسان في استثارة الأنثى في، ولكنه عذاب داخلي...ضعيف ومكتوم.. وعاجز عن ادراك المقاومة والرفض... وعندما يعاملني إحسان كلعبة ثم ينام بعدها سعيدا. استند أنا إلى حافة السرير، فينتابني شعور غامض .شيء ما كالرؤيا ... وتنبلج حافة السرير عن أخدود عميق. هوية سحيقة بلا قرار. تماما بجانبي" ص43، تبدي لنا الراوية مشاعرها ما تحس به، ترتبك عندما جنس آخر مختلف عن الرجال، وتغضب وتتوتر وتتألم عندما ينظر إليها كجسد أو مجرد متعة لرجها الذي يقضي وطره منها، تريد ذاتها أن تكون بمنزلة ، أو ينطر إليها كإنسان كامل ومستقل، له مشاعر ورغبات وطموحات، وهنا أخذت بداية الشعور بالاغتراب تتشكل لديها، الاغتراب عن رجلها.
تتمرد "نادية" على زوجها "إحسان" من خلال رفضها لبس ما يريده،
"ـ أنا لا أحب اللون الوردي. ولا أريدك أن تلبسيه.
ـ ولكنه لوني المفضل؟.
ـ وأنا لا اطيقه. أوليس ما تلبسينه من جلي؟" ص114، بهذا الحوار يتعمق الخلاف، بين الرجل والمرأة، هو ينظر إليها كسلعة امتلكها، ويستطيع، ومن حقه أن يستمتع/يتصرف بها كيفما شاء، فهي ليست أكثر من متعة/ترف بالنسبة له، وعليها أن تقوم بواجبها اتجاهه.
والشكل الآخر للصراع الذي تخوضه المرأة، موقفها أتجاه خيانة زوجها، واتهامه لها بالخيانة "ـ أنت تغيب أسابيع فلا أعرف أين أنت .. لم أغب سوى ثلاثة أيام في زواج استمر خمسة عشر عاما" ص198، وكانها هنا ترد/تقيم علاقتها به منذ أن تزوجته، فهي تقوم بدور الزوجة المخلصة، ليس بسبب سطوة الرجل، ولكن بسبب إنسانيتها، فكرتها، التي شكلتها/ توصلت إليها بجهدها وبحثها وتفكيرها، بسب المثابرة والتحليل للواقع، وهذا ما جعلها تتقدم أكثر من إنسانيتها فتصبر وتتجلد وتخفي المها وغضبها على الزوج الخائن والخائب، "ـ كيف تجرؤ أن تتصور ذلك يا ابن الناطور؟! كيف يصور خيالك المريض لك هذا؟ أنا لن أفعل مثلك يا إحسان.. أنا حين أحافظ على نفسي، فلن يكون ذلك من أجلك بل احتراما لإنسانيتين لأني أربو بنفسي عن أن أكون متاعا لأحد.. ليس من أجلك افعل هذا.. بل من أجلي أنا" ص198، بهذه الاخلاق المستند على الفكر، وليس على العادة أو التقليد وحتى الواحب، تطرح الراوية فكرتها عن الاخلاق، عن علاقة المرأة بزوجها، فرباط الزوج لم يكن ليمنعها من الخيانة، حيث أن زوجها خانها، لكن إنسانيتها، الفكرة التي تشكلت لديها، بعد جهد وتحليل، جعلها تبتعد عن الخيانة، عن الرذيلة، وتتقدم أكثر من قناعتها وأفكارها، فقامت بهذه الخطوة الجريئة التي تمثل النبل وشهامة معا، "... وأنا أيضا اشتريت سكوته... ليس من اجلك يا إحسان، ولكن للحفاظ على كرامتي وعلى صورتك أمام الأولاد" ص200، لو كانت الأم تقليدية، لشهرت بزوجها وفضحته أكثر، لكن "نادية" زوجة من نوع آخر، تفضل السكوت وإسكات الأصوات التي تفضح زوجها، فتدفع المال وتبذل الجهد، وتسكن غضبها وغرزتها في سبيل ان تبقى صورة زوجها ناصعة امام المجتمع وأمام أطفالها، فأي نبل هذا؟.


"نادية وجلال"
إذا نجحت نادية في تجاوز اخطاء زوجها، فهل تنجح في تجاوز أخطاء أخ زوجها "جلال" الذي كانت تميل إليه في السابق؟ الراوية تكشف لنا ضعف الرجل أمام شهوته، أمام غروره، أمام ثقافته، فتعريه لنا، بحيث لا يعود ذلك الشخص الذي كان نظن، بل مجرد ذكر، كأي ذكر في المجتمع، فغالبية الرجال امام الغريزة يفقدوا هيبتهم، "جلال" الشخص الذي كان تجله وتحترمه، لثقافته والمواقفه الثورية النظرية والعملية، كلها تنهار أمامها، " ـ ولكني سآخذك منه! لن أظل حمار.
...فإذا يده تمتد إلى صدري، لزوجة لعابه تحرق شفتي، وإذا هو لا يرى في إلا انثى يتركها أو يلتقطها... وتفجر في داخلي إحساس قاهر بالقرف والاشمئزاز،... دفعته فوق الأريكة بقوة لم أعرفها. كنت أصرخ ودموعي الحارة تغسل كل هذا القبح.
ـ سافل! ...
فتحت الباب ووقفت فيه:
ـ أخرج .. أخرج
أنا نادية الفقية لا يستطيع أحد أن يعرفها أو يمتلكها" ص126-128، بهذا الشكل تستطيع المرأة أن تتجاوز ذاتها أولا، ثم تصد ذلك المغرور المراهق، الذي يحسب نفسه ثائر ومثقف، بينما هو في الواقع ليس أكثر من فراد في هذا المجتمع الذكوري، تتحكم فيه غريزته وشهوته، ولا يستطيع التحكم بها، لا يسيطر على سلوكه المهين، ليس أمام امرأة عادية وحسب، بل أمام زوجة أخيه الذي يعتدي عليها، فأي مثقف هذا وأي ثوري؟.
الكتاب والأدباء
ما يحسب لهذه الرواية انها قدمت لنا دعوة لقراءة كتب والاطلاع على كتاب بطريقة غير مباشرة، فتحدثنا عن رواية غسان كنفاني "رجال في الشمس" بهذا الشكل: "ـ إحسان. هل تذكر تلك القصة؟ هل قرأتها؟ عن هؤلاء الرجال الذين شويت اجسادهم داخل الخزان دون أن يملكوا الجرأة ليقرعوه" ص52، فهنا الحديث يدور عن رواية كنفاني، لكن الراوية لم تستخدم الشكل المباشر لطرح أهميتها بل استخدمت التورية، وهذا الاسلوب يكون اكثر تأثيرا في المتلقي من الطرح/الدعوة المباشرة.
وتحدثنا عن رواية الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال" بهذا الشكل: "ـ طرح الكاتب في روايته العلاقة بين الشمال والجنوب" ص85، فهنا أيضا نجد الدعوة غير المباشرة لتناول والاطلاع على رواية الطيب صالح.
ونجد هناك دعوة للاطلاع على "ما كتبه كازانتراكيس على لسان بطله اليوناني" ص89، فالدعوة هنا لقراءة رواية "زوربا"
ونجد افتاح على عالم الفنون عندما قالت: " سلفادور دالي وتوقيع صغير على لوحة صفراء صغيرة غلقت عند قاعدة التمثال، دالي، بيكاسو، انجلو، لإنطباعية، تكعيبية، سوريالية" ص99، فمثل هذه الاشارات لا بد أن تجعل المتلقي يبحث عن هذه الاسماء التي تعبر عن مدارس فنية.
هناك ذكر للنظام الرسمي العربي في الخليج العربي وكيف يتم التعامل مع الغرب والتعامل مع الفلسطيني فيه، فنجد "طويل العمر" يسحب جواز السفر الدبلوماسي من "إحسان" ويستبدله بجواز لسفرة واحدة بعد أن يكتشف "طويل العمر" خيانته.
ونجد ذكر للنظام الاردني في الضفة الغربية قبل احتلال 67 بهذا الوصف "ـ حتى في حكم الأردنيين لم نكن مرتاحين" ص48 وهذه اشارة إلى امعاناة التي لازمت الفلسطيني منذ ايام الانتداب.
ونجد صورة الأمريكي الذي يبحث عن مصالحه بهذا العبارة: "القواويد الأمريكان لا يعطون شيئا أبدا بلا ثمن" ص29،
ونجد فكرة المظلوم الذي تلازم الفلسطيني، فهو يعتبر نفسه ضحية أينما كان، رغم انه يكون ـ جلاد ـ احيانا : "ـ نحن من شعب قدره يا نادية أن يتعرض للمؤامرات، ومحاولات التشويه من الاقربين والأبعدين، هذا قدرنا ولهذا فنضالنا صعب ومختلف عن نضال الآخرين" ص116، بهذه العبارة المسكنة والمبررة لأي فعل يقدم عليه الفلسطيني، تفندها الراوية وتكشف لنا عورة قائلها، فلا يوجد مظلوم بالمطلق، كما لا يوجد جلاد بالمطلق، وهي تؤكد ـ ضمن سياق الراوية ـ بضرورة تغير هذه الفكرة، لان الفلسطيني كإنسان لا يختلف عن سواه من البشر، يقترف الأخطاء كما يقترفها أي بشري آخر.
الرواية من منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1990.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف