الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عشق في زمن الرجعية بقلم: تامر سلامة

تاريخ النشر : 2016-05-28
عشق في زمن الرجعية بقلم: تامر سلامة
ملاحظة : أحداث القصة مأخوذة من واقع عايشه الكاتب إبتداءاً من تاريخ ٢٠-٨-٢٠١٤ حتى النهاية بتاريخ ١٣-٤-٢٠١٦ و الكثير الكثير قد تم حذفه من أحداث خاصة...

ثائر ، شابٌ عشريني ،طالبٌ جامعيٌ مثقفٌ و يساري ، أمضى حياته في سبيل قضيته و حب الوطن و التضحية من أجله ، عنيفٌ جداً و عنيد لدرجة غير معقولة و مخيفة، فمزاجه خليطٌ مرعب من وحشية المقاتل السوفيتي و عقلية الثائر الفلسطيني، و لكن كان ذاك مجرد قشرةٍ خارجية لحماية الإنسان الهش بداخله ، لإخفاء ثائر الطيب البسيط المُحب .
ميرا ، صبية ٌ ذات ال١٧ ربيعاً ، ذات الجمال الملائكي ، الناتج عن مزج سحر الروح الفلسطينية البسيطة، بالجمال السوفيتي الغير معتاد ، الطالبة الطموحة لدراسة الطب لتصبح فرداً مفيداً منتجاً في وطنها ، لتكون ملاكَ رحمةٍ للجميع دون إستثناء .

ثائر و ميرا هما أبطال هذه القصة ، و التي يبدو من خلال تفاصيل شخصياتهما أن دروبهم لن تتقاطع ، و لن يلتقيا و لو لمجرد الصدفة ، و لكن هذا ما حصل ، فقد حدث الأمر خلال آخر عدوان قام به الصهاينة على غزة ، حيث سافرت ميرا برفقة والديها لوطنها الأم "روسيا" ، هروباً من ضربات المدافع الشرسة و صواريخ الطائرات العمياء ، التي لا تميز بين عسكريٍ و مدني ولا حجر أو شجر .
ثائر أيضاً خرجت عائلته كما هو حال باقي العائلات الأجنبية عن طريق الإجلاء للعودة ل "روسيا" ، و لكن ثائر رفض الخروج ، أصرّ على البقاء مدافعاً عن تراب فلسطين ، بكل ما أوتي من قوة و إنتماء لهذا الوطن الذي إستنشق هوائه و أكل من خيراته و إستلقى تحت أشجار زيتونه منذ نعومة أظفاره، فكان يعود من أرض المعركة ليومٍ أو يومين يستريح فيهما من إرهاق القتال المستمر ، و يمارس حياته بشكلٍ طبيعي مثله مثل أي شابٍ في عمره، كي لا يكتشف أحد شخصيته كمقاوم في وجه الإحتلال ، فلم يكن أحدٌ يعرف ذلك و يعرف ماهية ثائر الحقيقية .
و في منتصف العدوان الغاشم ، في يومٍ كان ثائر جالساً على أحد مواقع التواصل الإجتماعي ، يطمئن على أصدقاءه و صديقاته الذين غادروا القطاع لينجو بحياتهم ، و كان قد تعرف على ميرا منذ مدة قصيرة، و أُعجبا بأفكار أحدهما الآخر ، و لفارق السن و زيادةً في الدلع كان يناديها يا إبنتي ، و كانت تناديه يا أبي ، و كان يغيب ثائر لأيام دون الدخول و الحديث مع أحد لإنشغاله بعمله ، تنامت العلاقة بشكل سريعٍ جداً ، و حدثت المفاجأة ، لقد وقعا في الغرام ، روحين التقيتا دون إلتقاء الأجساد ، و لكن أخفيا مشاعرهما لإنشغال ثائر الدائم و لخوف ميرا من بدء أول علاقة حب في حياتها .

ليلة الأربعاء ، الموافق ٢٢-٨-٢٠١٤ ,في تمام الساعة ١١ ليلاً ، يعود ثائر للمنزل ، يقلع زيَّهُ العسكري الممزق ، يستحم ، يسرع لفتح الإنترنت للإطمئنان على ميرا ، التي أصبح هوساً يلاحقه في صحوته و منامه، في راحته و حتى قتاله في الميدان ، أصبحت دافعه الأقوى للبقاء صامداً في أرض المعركة ، و كان قد إتخذ قراره بالبوح لها بحبه الشديد ، و اذا به يتفاجأ خلال حديثه معها ، بأنها تبدأ الثورة على قلبه ، و أعلنت قلبه ولايتها الخاصة ، و نطقت بكلمات الحب أول مرة ، و هنا توقف قلب ثائر لثواني ، يا إلهي ، ما هذه الفرحة ، هل سيكون حقارةً لو طلبت من الله شيئاً أكثر من هذا ؟ طبعا سيكون حماقةً كذلك ! ، اعترف ثائر تلقائياً بولعه بها ، و أصبحا بذلك حبيبين أبعدتهما الحرب و سيجمعهما الوطن ...

و كما هو متعارف في بلاد الشرق الرجعية ، فإن الحب محرم ، و الغرام مذموم ، و الصداقة بين الجنسين مكروهة ، فقد علم والد ميرا بالعلاقة البريئة التي وُلدت بينهما ، فقام بالتهديد و الوعيد ، و فرق بينهما رغماً عنهما لأول مرة .
بعد مرور ٤ اشهر من المعاناة و لوعة و ألم الإشتياق ، و إحتراقهما بنار الوحدة و الفراق الظالمة ، و في لحظةٍ مثلت لهما عودة الروح للجسد ، رن هاتف ثائر من رقمٍ غريب ، فقام بالرد ، إنها ميرا !
نعم كانت ميرا تبكي فرحاً ، و بكى هو فرحاً كذلك ، يا إلهي كيف يستطيع أثير صوتٍ بسيط ، يخترق المسافات بلحظة ، أن يعيد الفرحة لقلبين إحترقا بفعل الفراق .
بعد أسبوعٍ كان اللقاء في عيد ميلادها ، كانا سيشاهدا بعضهما البعض لأول مرة ، فذهب ثائر مسرعاً نحو مدرستها الثانوية ، و كان يبحث عن الرمز المميز الذي ميزت نفسها به " حقيبة جلدية زهرية اللون ذات زركشات زرقاء بسيطة" ، و يبحث بين مئات الفتيات عن معشوقته سماوية العينين ، فإذا بالعيون تلتقي لترسم البسمة على شفاه العاشقين ، كم إنتظرا هذه اللحظة ، ليس ليتكلما أو ليسيرا سوياً ، أو حتى ليقَبِلا بعضهما البعض كما يحدث في افلام الغرام ، بل انتظرا لحظة اللقاء الأولى ، لينظرا في وجهي بعضهما البعض لدقائق ، و عن بعد مسافةٍ لم تتجاوز المترين ، شعرا كأنها ملايين الأمتار ..

مر شهرين على خير ، إلى أن إكتشف والدها علاقتهما مجدداً ، ليعيد بسطوته و رجعيته الألم لقلبي العاشقين ، و فرقهما دون رحمة أو أدنى تفاهم ، ليعودا يفترشا السماء أرضاً خصبةً لتأملاتهم ، ليزرعا الأحلام أملاً في اللقاء مجدداً و البقاء سوياً للأبد ...
مرّ شهرين و نصف الشهر ، كأنها مئتين و خمسون عاماً ، كان يذهب ثائر مرةً او مرتين في الشهر ليلقي نظرةً من بعيد على معشوقته الفاتنة ، و عادا للحديث ،و إستمرا معاً و عاشا أسطورة حبٌ شكسبيرية مؤلمة و عذبة ، في أحد الأيام إكتشف والدها للمرة الثالثة أمرهم ، فقام بالتهديد و الوعيد ، فقام ثائر بإخبار والديه بالحقيقة الكاملة، و برغبته الجنونية بالزواج من ميرا و أنه لن يقبل يغير هذا الحل و لن يقبل التأجيل مهما حصل ، فذهب والديه في اليوم التالي لطلب يدها له ، و إتفقا مع والديها على أن تتم خطبتهما رسمياً في الصيف المقبل ، بعد الإنتهاء من الإختبارات الثانوية أي بعد ثلاثة أشهر فقط ...
شعر العاشقين أن كل شيء حلما به قد تحقق ، فها هما سيكونان زوجين كما أرادا منذ سنتين ، سنة و نصف إمتلئتا بالدموع و المخاطرة و الإختباء ، و الآن سيصبحان زوجين أمام الملأ ، و لكن ذلك لم يتم ..

للأسف ،و بشكلٍ صادمٍ و غير متوقع ، قام والدها بشكلٍ مفاجىء بفسخ خطبتهما ، و التراجع عن وعوده بتزويج ميرا لثائر ، دون الإفصاح عن أي سبب ، فلم يستسلم ثائر ، و حاول فعل كل ما يستطيع ، لإرجاع معشوقته الوحيدة ، و لكن دون جدوى .
في ليلة أحد الأيام قرر أن يواجه والدها ، و يحاوره و يحاول إقناعه و معرفة دوافعه لحرمانهما من بعضهما البعض بعد أن كانا شبه مخطوبين . فارسل له رسالة طالباً منه اللقاء ، فما كان الرد سوى بالرفض ! ، لربما كان خوفاً من اللقاء أو لإخفاء الملامح و المشاعر الحقيقية عن ثائر لذلك رفض والدها مقابلته رفضاً تاماً ، و فضّل أن يتحدثا على الهاتف ، فكان له ما يريد ، تحدثا لمدة ربع ساعة ، أحس ثائر فيها أنها ربع قرن ، شرح خلالها والدها أسبابه كاملةً ، رغم عدم إقتناع ثائر بما قاله والدها بتاتاً و لكنه وافقه لإحترامه له ك والده لا أكثر ، كيف يمكن لشخص متعلم و يحمل شهادةً رفيعةً في الطب أن يتحجج بسبب تافه، ذاك السبب الحقير ، الذي لطالما دمر العلاقات الإجتماعية في مجتمعنا ، و ربطه و إيعازه للعادات و التقاليد الحقيرة ، التي إنتهت و لكن ما زال يتمسك بها بعض الرجعيين ، كان سببه أنه " عائلتي بترفض نزوج بنتنا لمهاجر و نطلعها برا المدينة يلي احنا ساكنين فيها و المدينة يلي انتا فيها بعيدة " ، يا لها من حِجة تعيسة ، حاول ثائر أن يقنعه لكنه فشل في ذلك ، فكيف يمكنه أن يُجابه رجعية مستشرية في عقل شخص بعمر والده و يكن له بعض الإحترام ...
صراعه الذي استمر لسنة و نصف مع رفيقته و معشوقته في وجه الرجعية لأجل الحب قد قُتل ، قُتل بسلاحٍ صدىء ، إسمه العادات و التقاليد ، و التمييز بين المواطن و المهاجر ، إنه التعصب الأعمى ، الذي لن يزول عن تلك الفئة الضالة من المجتمع حتى و إن كانوا من حملة شهادات الطب و الهندسة و أعلى المراتب التعليمية ، فالرجعية ستبقى رجعية لطالما لم يتحرر من تحتها بإرادتهم ...


بقلم: تامر سلامة " أبو جيفارا"
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف