مشروع دستور سوريا " الروسي " بقلم : حماد صبح
كان غريبا من ناحية مبدئية خالصة أن تضع روسيا مشروع دستور جديد لسوريا " المستقبلية " . وضع الدستور مسألة ، بل مسئولية سيادية تقوم بها الدولة حسب هويتها الوطنية ، ولم يحدث خلاف ذلك إلا في حالات الدول المستعمرة استعمارا مباشرا حين تُمنح شكلا من أشكال الحكم الذاتي . وسوريا مع سوء حالها ما زالت دولة ذات سيادة وهوية وطنية كاملة ، ومشاركة روسيا إلى جانبها في الحرب الحالية ، وتوسطها بينها وبين أطراف الحرب الأخرى لا يبرران أن تضع مشروع دستور مستقبلي للبلاد . ولا ندرك كيف وافقت الحكومة السورية أصلا على قيام روسيا بذلك ، واعتراضها على عدد من بنود مسودة الدستور قد يلمح إلى أنها أجبرت من جانب روسيا عليه . ومن البنود التي تعترض عليها الحكومة السورية بند حذف صفة " العربية " من الاسم الرسمي الحالي للدولة السورية ( الجمهورية العربية السورية ) ليصبح ( الجمهورية السورية ) . والحذف له مغزاه الخطير لنفيه لعروبة سوريا ؛ ف " العربية " في الاسم الحالي تبين ماهية سوريا ، وهي أنها عربية الهوية ، أما " السورية " فهي بيان للإقليم . وسار على نفس النهج الدلالي اللغوي اسم ليبيا في عهدها الجمهوري ، فسميت " الجمهورية العربية الليبية " ، وحافظت التسمية الثانية على نفس الدلالة ، فجاءت " الجمهورية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية " ، وقلبت مصر الترتيب في اسمها الحالي ( جمهورية مصر العربية ) ، فقدمت الإقليم ( مصر ) على صفة " العربية " . إذن تقديم " العربية " على " السورية " في اسم الدولة السورية الحالي مقصود لتحديد هويتها العربية الحقيقية ، وحذفه خطير لما فيه من استهداف مريب لتلك الهوية . ماذا تريد روسيا من حذفه ؟! أقرب تفسير للواقع أنها تريد إرضاء أكراد سوريا وبعدهم سائر أكراد المنطقة تشفيا من تركيا التي تختصم معها في سوريا ، وتضاعف اختصامها معها بعد إسقاط تركيا طائرة روسية في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 . والاختصام الحالي ربما ما كان لينفجر بكل هذه القوة لولا خلفيات من الحروب بين روسيا القيصرية والخلافة العثمانية أورثت العلاقة بين الدولتين شكوكا خفية في نوايا كل دولة نحو الأخرى ، وأيقظتها نزعة أردوغان العثمانية الجديدة ، وهذه الخلافات جاهزة للتفجر في القوقاز وفي آسيا الوسطى بدولها ذات العرقية التركية ، وقد لا يكون الخلاف في سوريا سوى بداية لها . والأسئلة التي ينبغي أن تقف أمامها روسيا هي : هل يوجب إرضاء الأكراد الذين يشكلون أقل من 10 % من سكان سوريا العرب حذف صفة من اسم الدولة الرسمي تبين هويتها الحقيقية مثلما تجسدها الأغلبية العربية ؟ وهل تقدم روسيا هنا مصالحها الأقل أهمية على مصالح سوريا المصيرية ؟ وهل تعي خطورة هذا التقديم على مصداقيتها في المنطقة العربية ، وما في الشك في تلك المصداقية من إضرار بمصالحها الذاتية على المدى البعيد ؟ حمى الشعب العربي في سوريا هويته العربية بالدم والوعي تاريخا طويلا ، وتمسك دائما بتلك الهوية تمسكا صادقا صلبا في كل ما يتصل به : في اسم الدولة الرسمي ، وفي اسم الحزب الحاكم ، وفي اسم الجيش ، وفي استعمال العربية في كل مؤسساته التعليمية ، وهو لا يمكن أن يتخلى عن هذه الهوية الآن بضغط من صديق أو بضغط من عدو ، وواجب قومي على كل عربي أن يقف في صفه ؛ لأنه خط الدفاع الأخير عن كل ما هو عربي ، ولنتذكر قول جورج صيدح : إن العروبة يا بلابلها * روح على كف الفتى ودم .
983
كان غريبا من ناحية مبدئية خالصة أن تضع روسيا مشروع دستور جديد لسوريا " المستقبلية " . وضع الدستور مسألة ، بل مسئولية سيادية تقوم بها الدولة حسب هويتها الوطنية ، ولم يحدث خلاف ذلك إلا في حالات الدول المستعمرة استعمارا مباشرا حين تُمنح شكلا من أشكال الحكم الذاتي . وسوريا مع سوء حالها ما زالت دولة ذات سيادة وهوية وطنية كاملة ، ومشاركة روسيا إلى جانبها في الحرب الحالية ، وتوسطها بينها وبين أطراف الحرب الأخرى لا يبرران أن تضع مشروع دستور مستقبلي للبلاد . ولا ندرك كيف وافقت الحكومة السورية أصلا على قيام روسيا بذلك ، واعتراضها على عدد من بنود مسودة الدستور قد يلمح إلى أنها أجبرت من جانب روسيا عليه . ومن البنود التي تعترض عليها الحكومة السورية بند حذف صفة " العربية " من الاسم الرسمي الحالي للدولة السورية ( الجمهورية العربية السورية ) ليصبح ( الجمهورية السورية ) . والحذف له مغزاه الخطير لنفيه لعروبة سوريا ؛ ف " العربية " في الاسم الحالي تبين ماهية سوريا ، وهي أنها عربية الهوية ، أما " السورية " فهي بيان للإقليم . وسار على نفس النهج الدلالي اللغوي اسم ليبيا في عهدها الجمهوري ، فسميت " الجمهورية العربية الليبية " ، وحافظت التسمية الثانية على نفس الدلالة ، فجاءت " الجمهورية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية " ، وقلبت مصر الترتيب في اسمها الحالي ( جمهورية مصر العربية ) ، فقدمت الإقليم ( مصر ) على صفة " العربية " . إذن تقديم " العربية " على " السورية " في اسم الدولة السورية الحالي مقصود لتحديد هويتها العربية الحقيقية ، وحذفه خطير لما فيه من استهداف مريب لتلك الهوية . ماذا تريد روسيا من حذفه ؟! أقرب تفسير للواقع أنها تريد إرضاء أكراد سوريا وبعدهم سائر أكراد المنطقة تشفيا من تركيا التي تختصم معها في سوريا ، وتضاعف اختصامها معها بعد إسقاط تركيا طائرة روسية في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 . والاختصام الحالي ربما ما كان لينفجر بكل هذه القوة لولا خلفيات من الحروب بين روسيا القيصرية والخلافة العثمانية أورثت العلاقة بين الدولتين شكوكا خفية في نوايا كل دولة نحو الأخرى ، وأيقظتها نزعة أردوغان العثمانية الجديدة ، وهذه الخلافات جاهزة للتفجر في القوقاز وفي آسيا الوسطى بدولها ذات العرقية التركية ، وقد لا يكون الخلاف في سوريا سوى بداية لها . والأسئلة التي ينبغي أن تقف أمامها روسيا هي : هل يوجب إرضاء الأكراد الذين يشكلون أقل من 10 % من سكان سوريا العرب حذف صفة من اسم الدولة الرسمي تبين هويتها الحقيقية مثلما تجسدها الأغلبية العربية ؟ وهل تقدم روسيا هنا مصالحها الأقل أهمية على مصالح سوريا المصيرية ؟ وهل تعي خطورة هذا التقديم على مصداقيتها في المنطقة العربية ، وما في الشك في تلك المصداقية من إضرار بمصالحها الذاتية على المدى البعيد ؟ حمى الشعب العربي في سوريا هويته العربية بالدم والوعي تاريخا طويلا ، وتمسك دائما بتلك الهوية تمسكا صادقا صلبا في كل ما يتصل به : في اسم الدولة الرسمي ، وفي اسم الحزب الحاكم ، وفي اسم الجيش ، وفي استعمال العربية في كل مؤسساته التعليمية ، وهو لا يمكن أن يتخلى عن هذه الهوية الآن بضغط من صديق أو بضغط من عدو ، وواجب قومي على كل عربي أن يقف في صفه ؛ لأنه خط الدفاع الأخير عن كل ما هو عربي ، ولنتذكر قول جورج صيدح : إن العروبة يا بلابلها * روح على كف الفتى ودم .
983