الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نهضة تونس وفصل الدعوي والسياسي – الخلفية والمألات بقلم:د. منصور عباس

تاريخ النشر : 2016-05-25
اتخذت حركة النهضة التونسية قرارها غير المفاجئ بفصل العمل السياسي الحزبي المنظم عن العمل الدعوي المؤسسي المنظم، وذلك خلال مؤتمرها الاخير الذي أعاد ايضا انتخاب الشيخ الدكتور راشد الغنوشي رئيسا للحركة.
يحسب لحركة النهضة التونسية ان سياق فصل التنظيم السياسي الحزبي عن العمل والتنظيم الدعوي التبليغي، جاء في سياق بناء الدولة التونسية المدنية الديمقراطية ما بعد ثورات الربيع العربي. وقد حسمت النهضة التونسية خيارها الاستراتيجي باتجاه بناء دولة تونسية وطنية مدنية وديمقراطية، الاسلام دينها الرسمي كما جاء في دستورها الجديد.
لقد تعاقد التونسيون جميعا على دستور للبلاد، يؤسس لخيار الدولة المدنية ويقيد نشاط الأحزاب في جانب العمل السياسي ويفتح آفاقا واسعة لعمل منظمات المجتمع المدني ومنها منظمات العمل الاسلامي الدعوي والخيري والثقافي.
تباينت مواقف المراقبين داخل تونس وخارجها ازاء خطوة النهضة التونسية فمن مرحب او مشكك ام شامت او غير راضٍ، ولكل اسبابه وحساباته. وهنا نسأل سؤالين أساسيين متعلقين بالموضوع. لماذا تُطالَب الحركات الإسلامية بفصل الدعوي عن السياسي؟ ولماذا تمسكت الحركات الإسلامية حتى الان بدمج الدعوي والسياسي تنظيميا؟
يمكن تلخيص الإجابة على السؤال الأول في ثلاث نقاط أساسية، أولها الادعاء ان الخطاب الإسلامي السياسي يستغل الرصيد الديني عند الناس، ويحاول التأثير على مواقفهم السياسية بناء على عناوين وشعارات دينية لها مفاعيلها في وجدان الناس، وليس بناء على مشروع سياسي يتبعه برنامج عمل. مثال ذلك شعار "الإسلام هو الحل"، فهل فعلا ما تقدمه الحركات السياسية الإسلامية من مشاريع وبرامج هو فعلا انعكاس للإسلام أم هو قراءة خاصة لجماعة من المسلمين.
الادعاء الثاني يتهم الحركات الإسلامية باستغلال الإمكانات والموارد الخيرية في التأثير على خيارات الناس، كلجان الزكاة والاغاثة والمؤسسات الصحية والتعليمية وغيرها.
الادعاء الثالث يتهم أيضا الحركات الإسلامية باستغلال المنابر الدينية كالمساجد للتأثير على خيارات الناس السياسية بالذات.
ترد الحركات الإسلامية على هذه الادعاءات بان السلطة الحاكمة في البلاد العربية وما يتبع لها من قوى سياسية تستغل نفس أدوات التأثير الدينية وبصورة فجة أكثر وتضيف اليها وسائل الترهيب فضلا عن الترغيب والرشا والمال السياسي الفاسد.
للإجابة على السؤال الثاني نبين خلفية الموضوع المتعلق بطبيعة التنظيمات الإسلامية المعاصرة وفي اي سياق تاريخي وفكري تكونت. واخص هنا الحديث عن التجربة المصرية، فمن رحمها الفكري والمنهجي ولدت معظم الحركات التي تنتمي للمدرسة الاخوانية الوسطية.
نعلم ان انطلاق الحركة الاسلامية بصيغتها الحديثة على يد الامام الشهيد حسن البنّا رحمه الله، جاء في سياق إلغاء الخلافة الاسلامية الجامعة بعد الحرب العالمية الأولى، ووقوع كل الأمصار الاسلامية تحت سلطة الاستعمار الغربي، وبالتالي يمكن ان نقول ان الحركة الاسلامية نشأت في ظل غياب الدولة الاسلامية الجامعة وفي ظل غياب الدولة القطرية الوطنية، ولذلك لا ابالغ ان قلت ان هياكل الحركة الاسلامية التنظيمية والإدارية تشبه الى حد بعيد هياكل الدولة الحديثة.
من جهة اخرى، انعكست محاولات التوجهات الليبرالية بدايات القرن العشرين في رسم حدود جديدة للدين الاسلامي داخل المساجد والزوايا والحيز الشخصي، انعكست هذه المحاولات على فكر الامام البنّا الذي دعا الى فهم شامل للإسلام ، ورفض تجزئته او حصره في الحيّز الشخصي ، فالإسلام كما قال نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة وثروة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء، وقد حرص الامام البنّا ان يتجسد هذا الفهم الشامل للإسلام في واقع التنظيم والعمل ، فعرف "جماعة الاخوان المسلمين" أنها دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية ثقافية وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية.
لا ادعي ان الفكر العلماني هو من أنتج الفكر الاسلامي الشمولي تنظيميا -فهذا منبعه من الاسلام نفسه اي من نصوص القران والسنة- ولكن ادعي ان ترجمة الفهم الشمولي للإسلام الى تنظيم إسلامي شمولي تأثر بتوجه العلمانيين والليبراليين نحو رسم حدود الدين داخل الحيّز الشخصي ودور العبادة.
لا أنسى ايضا ان اذكر ان تأميم الأزهر الشريف بعد ثورة الضباط الاحرار، كرس لفكرة سيطرة الدولة على الدين ولتسخيره لأهواء الحكام الجدد ومصالحهم، مما زاد في قناعة الحركة الاسلامية بضرورة إيجاد البديل الشامل فكرا وتنظيما.
يجدر بنا ايضا ان نسأل، كيف لحركة رفضت وجود الأحزاب في اول مشوارها، ان ينتهي امتدادها الى حزب سياسي بمعزل عن باقي مرافق العمل الاسلامي؟
والجواب مرة اخرى في السياق التاريخي لنشأة الفكرة والتنظيم الحركي الإخواني، لقد عايش الامام البنّا أحزابا عملت تحت وصاية الملك والاستعمار البريطاني ولم تقدم بديلا اسلاميا ولا وطنيا حقيقيا للحالة، وأمعنت في خيار الاندماج في الحضارة الغربية والتنكر لميراث الامة وتاريخها ودينها.
تلخيصا أقول لقد فصلت حركة النهضة العمل الدعوي عن العمل السياسي داخل التنظيم الواحد ، ولكنها لم تلغ او تتنكر لأي منهما، وستشهد المرحلة القادمة على تبعات هذا القرار.
يقول البعض ان النهضة ستخسر نقاط القوة وأدوات التأثير المستمدة من الجانب الدعوي، وقد نكتشف لاحقا ان النهضة -الحزب السياسي - قد كسبت بانفتاحها السياسي على قطاعات جديدة في المجتمع التونسي ، وايضاً النهضة -التنظيمات الدعوية والخيرية- قد كسبت ايضا بنزعها لأعباء العمل الحزبي عن كاهل الدعاة، وكذلك بانفتاحها الدعوي والخيري على قطاعات المجتمع التونسي ، وفي الحالتين فان تونس ستكون هي الفائز الأكبر .
أظن ان تجربتنا الاسلامية في الداخل الفلسطيني تتقاطع مع التجربة التونسية في جوانب، وتتمايز عنها في جوانب أخرى ولكن اترك الحديث عن ذلك لمناسبة اخرى قريبة ان شاء الله.

د. منصور عباس
الأربعاء 2552016
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف