الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الدكتور كلوفيس مقصود.. الغائب الحاضر بقلم:وليد الكيلاني

تاريخ النشر : 2016-05-23
الدكتور كلوفيس مقصود.. الغائب الحاضر

وليد الكيلاني

غاب عنا الدكتور كلوفيس ولكنه عن القلوب ما رحل. فسيبقى في قلوب وعقول محبيه نورا وسراجا للإنسانية وداعية للعدل والسلام وشمعة عروبية لا تنطفئ. نعم سيكون حاضرا بيننا وإن غاب عنا فإنه الغائب الحاضر.

أول ما التقيت بالدكتور كلوفيس مقصود كان عام  1959 حيث كنت طالبا في السنة الثالثة بكلية  تجارة عين شمس بالقاهرة وزار الكلية الدكتور كلوفيس ليقدم ندوة سياسية عن الوحدة بين مصر وسوريا.ولا أزال أذكر جملة كلها حكمة قالها لنا. إن ما هو أهم من الوحده هو المحافظة عليها .المرة الثانية التقيت بالدكتور كلوفيس عام 1999 في واشنطن العاصمة وكان برفقة زوجته المناضلة الرائعة المرحومة الدكتورة هالة سلام ، وذكرته بندوة  القاهره فقال لي بخفة دمه المعتادة وبديهته الحاضرة "وليد ما تعيدها بعدين بعرفوا أديش عمري".أطلعت كلوفيس على أشعاري وأبدى إعجابا شديدا بها وكنت أرسل له قصائدي الجديدة وفي حالات محدودة اتصل به تلفونيا وكان دائم الاهتمام ويقدم لي ملاحظاته. وقد أرسل لي رسالة عندما بدأ الربيع العربي يعكس إتجاهاته وقال لي أدعوك أن تنتبه لما يجري وتتأمل مواقفك وتأخذ الحذر. وكنت دائما أتابع مقالاته الرائعة على موقع "مركز الحوار" . وعند رحيل الشاعر الكبير سميح القاسم تم في صندوق القدس بواشنطن العاصمة إقامة ندوة في ذكرى سميح وكان على رأس المتكلمين كلوفيس وكعادته تكلم في الصميم عن الوطن والعروبة وفلسطين . ولما أتى دوري ألقيت قصيدة أرثي بها سميح القاسم. وعندما انتهيت ضمني كلوفيس وقال لي معلقا نعم يجب أن لا نفقد الأمل فقضايانا تمتد للأجيال. لقد كان المرحوم الدكتور كلوفيس إنسانا رائعا لم يكن طائفيا أو مذهبيا بل كان عروبيا في إطار إنساني متسامح . لم تفارقه القضية الفلسطينية ولم يفارقها. ولم يتخل في يوم عن مبادئه.وكان دائما إيجابيا واقعيا يحفز الهمم ويحلل المواجع.

بعد أن رجعت إلى  تكساس من الندوة تفاعلت مع كلمات أستاذي الدكتور كلوفيس وخاصة في ما يتعلق بأنه يجب أن لا نيأس وأخذت في كتابة قصيدة بالعربية والإنجليزية وعنوانها "اليأس عدو الإنسان والحب طريق                                                    “Despair is the Enemy of Humankind ,Love is the way to God”         الرحمن

وراجعت النص باللغة الإنجليزية الشاعرة المعرفة نيومي شهاب وهي شاعرة قديرة ومشهورة عالميا. وكان والد نيومي المرحوم عزيز شهاب صديقا عزيزا علي  وكان صحفيا  وكاتبا مشهورا . وأصله من قرية سنجل القريبة من القدس وقد نقلت نيومي حياة الريف الفلسطيني الى قصص الأطفال بعد أن زارت سنجل وتعرفت على جدتها ،حيث كتبت قصة ستي وقصة حبيبي من القصص المشهورة في أدب الأطفال في الولايات المتحدة.

طلبت نيومي مني أن أرسل قصيدة اليأس عدو الإنسان الى قداسة البابا فرنسيس وإلى  الرئيس جيمي كارتر ففعلت .وجائني بعد فترة جواب جيد وتعليق جميل من كل منهما. وجاء في رسالة الفاتيكان أن قداسة البابا يقدر مشاعرك المخلصة ألتي أدت إلى هذا الإنتاج الفكري المدروس ويؤكد لك أنه سيذكرك في صلواته ويقدم لك بركاته. هذه الكلمات والبركات يستحقها ملهمي وأستاذي وحبيي الذي أوحى كلامه لي بالقصيدة والذي  يطلب منا أن نرفض اليأس . وقد كتبت القصيدة وكلماته ترن في أذني. إنني أرى صورته دائما أمام عيوني فليباركك الله ويرحمك يا دكتور كلوفيس يا أخي الكبير ومرشدي وحبيب الإنسانية . أنت يا شعلة لم تهدأ ولن تنطفئ لأنها ستظل مضيئة في قلوبنا.

كــلوفيس يا شعلــة للحــق والعـــدلِ

قـد غـبت عـنا ولكن أنت في الـمـقلِ

أوصـيتنـا دائـمــا بـالصـبر والأمــلِ

يا مرشدي يا ملهمي أرثيك يا بطلي

هـذي فـلـسطين قـد لـفتـك بـالـعـلـم

سانــدتها دائـمــا بالـفكـر والقــلــم

دافــعت عـن حـقـها دومـا ولـم تــنــم

ونـصـرتــها واثــبا فـي هــيئة الأمــم

أهدي إلـيك من الأقــصى جراحـاتـي

ومن كنائس القدس يا كلوفـيس آهاتي

فأنت مني وفـي روحي وفـي ذاتــي

أنــت الشريك لأحـزاني  ومأساتـي

علمتنا كـيف نـحمي الـحق بالعمــلِ

وأن نـيل الأمـاني لــيس بـالسهـــلِ

وأن فـرقـتنا تـقـضي عــلى الأمــلِ

تحـيتي لـك يا عـمـلاق يـا  أصـلـي

 

 

www.assafir.com

تاريخ المقال: 20-05-2016

كلوفيس مقصود أفق ساطع

ميشال اده

منذ أيام معدودات، في 15 أيار الجاري، باغتنا اللبناني الماروني كلوفيس مقصود بمفارقة الحياة.
إنه اليوم الذي تقع فيه ذكرى تقسيم فلسطين عام 1947. فيا لغرابة هذا القدر الذي لم نشهد فواجعه القتّالة إلا في المسرح الإغريقي القديم!
لقد مشينا يومها في التظاهرة ذاتها من أجل فلسطين ضد تقسيمها. مثلما كنا معاً في خمسينيات القرن المنصرم نتلمّس قضية فلسطين بكونها القضية المركزية. فإسرائيل الوليدة لن تكتفي بقسم من فلسطين، ولا حتى بكل فلسطين ما دام لبنان حياً بصيغته الكيانية القائمة جوهرياً على التنوّع الديني والتعدد الثقافي. أي بصيغة التنوّع ذاته الذي كانت فلسطين، هي الأخرى، تتسم به.
كلوفيس مقصود، اللبناني، وجد في القضية الفلسطينية جوهر القضايا العربية بعامة. رأى إلى العروبة بإحيائها ضالته المنشودة، مستنداً إلى ذلك، وبالتأكيد، إلى الريادة اللبنانية في إطلاق النهضة العربية التي بزغت في بيروت، لتشعّ أنوارها كذلك في مصر وسوريا والعراق وحتى في بلدان المغرب على أيدي الرواد اللبنانيين، المسيحيي الديانة بغالبيتهم. أجل، في لبنان، وُلدت يقظة جديدة، عربية، لا دينية ولا عرقية، تحررت من نير التتريك الطوراني، وأرست نهضة أدبية فكرية، علمية، تعليمية أكاديمية، حديثة.
لقد ذهب هذا المفكر النيّر كلوفيس مقصود إلى حد اعتبار القضية الفلسطينية اختزالاً مكثفاً لتلك العروبة المستنيرة، النهضوية. وكان الرسول الجوّال الداعي إليها في دنيا العرب، لا سيما في الدول التي ارتفعت فيها مقولات التحرر العربي والوحدة العربية وشعاراتهما. وفي هذا المضمار، اصطدم بالعديد من الممارسات والوقائع والمواقف التي تناقض الشعارات المرفوعة. صُدم لكنه لم ييأس.
ثابر على متابعة المحاولات، والمبادرات، في المواقع المختلفة، ممثلاً لجامعة الدول العربية، جوالاً داعية لا يستكين من أجل القضايا العربية. لم يدع منبراً أكاديمياً أو فكرياً، أو سياسياً، إلا واعتلاه من أجل فلسطين التي ظلت في يقينه وفي كفاحيته قضية القضايا.
عروبته ظلت حصانته، متشبثاً بها أفقاً اعتبره الأوحد الممكن، أقله لبقاء العرب في التاريخ، فيما بدأ يعاين إخراجهم المنهجي منه، وحتى من غير بطء، على أيدي الأنظمة الأحادية وعسسها، وهي هي التي هندست انقلاباتها العسكرية، وتأبيد حكمها المطلق، باسم القضية الفلسطينية. لقد استغرب أحد كبار القادة العرب أن يكون مقصود «شيخ العروبة» وهو يحمل هذا الاسم. لم يأبه كلوفيس، بل ثابر على الحلم مؤكداً ما ذهب إليه شكسبير في واحدة من تراجيدياته: «إننا نشبه أحلامنا أكثر ممّا نشبه الوقائع المحدقة بنا».
وهذا حتى بعدما أُسقط في يديه، فحمل رحاله ليحطّها بعيداً عمّا أسماه الشهيد المفكر الكبير كمال جنبلاط «السجن العربي الكبير»، بعدما أسقط في يديه هو الآخر. وكان على وثيق المعرفة به، بل شاركه لفترة، العمل الفكري الكفاحي في مطلع حيوية هذا الرجل اللبناني التاريخي الحضور في لبنان وفي دنيا العرب، وحتى الأبعد منها كذلك.
في الولايات المتحدة الأميركية استقرّ كلوفيس مقصود. لم يتخلّ عن اقتناعاته ولا عن حلمه بالأخص. وظل من موقعه الأكاديمي اللامع يرفع لواء القضية الفلسطينية.
هو وهي صنوان لا يفترقان. هوية واحدة. هي ذاتها الهوية التي قال فيها محمود درويش وجعه الفلسطيني العميق العميق، بعدما حطّ رحاله هو الآخر في بيروت مؤْثراً الإقامة فيها على مصر وسوريا وغيرها من بلدان الأشقاء؛ ومنشداً على رؤوس الأشهاد: «بيروت نجمتنا الوحيدة، بيروت خيمتنا الأخيرة...».
لست أدري ما إذا كان راحلنا الكبير كلوفيس مقصود قد اغتبط بهذا الوجع الفلسطيني الحر. لكنني على ثقة تامة بأنه ودّعنا، وبقلبه ودماغه، يقين قاطع بأن الهوية فعل تغيير. فعل مستقبلي أكثر مما هو فعل ماض. كلوفيس مقصود فلسطيني أبداً. مستقبليّ أبداً. رغم كل الانتكاسات والخيبات التي تُسأل عنها أصلاً السلطات والقيادات العربية، بما فيها القيادات الفلسطينية، والحالية منها بالأخص، وبكل ما تثابر عليه من تواطؤ ومن استسلام. لكن هذا كله، لم يلغِ القضية الفلسطينية. لن يقوى على إلغائها. رهان كلوفيس مقصود لم يكن على هذه القيادات أصلاً، لا سيما بعدما أدرك معدنها وهواجسها المتشبثة بكراسي الحكم، مستقوية إلى ذلك بالمتاجرة بهذه القضية.
هذه القضية باقية لبّ المشكلة، ولبّ الصراع. فأبناء الشعب الفلسطيني، أطفاله بخاصة وأبناؤه، هم من يحملون الراية انتفاضة تلو انتفاضة تلو انتفاضة، وإن بالحجارة والسكاكين، يتابعون مسيرة أجداد أجدادهم، وآبائهم، ويتعلمون أكثر فأكثر كيف ينضجونها، وكيف يبنون زعزعة هذا الكيان الصهيوني لَبِنَةً لبنة، جيلاً بعد جيل. من هذا النبع الذي لا ينضب ارتوى حلم كلوفيس مقصود. ولم يتقاعد.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف