الأخبار
نتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيرانيالجيش الإسرائيلي: صفارات الانذار دوت 720 مرة جراء الهجوم الإيرانيالحرس الثوري الإيراني يحذر الولايات المتحدة
2024/4/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

على عتبات العام السادس عشر، حول الأسر والأسير بقلم الأسير وائل الجاغوب

تاريخ النشر : 2016-05-06
على عتبات العام السادس عشر، حول الأسر والأسير
بقلم الأسير المناضل وائل الجاغوب

 ان التجربة الإعتقالية تُعتبر امتداد للتجربة النضالية الفلسطينية وجزء حيوي وهام منه، تجربة فردية وجماعية تميزها، يرتبط بظروفها وحالة المواجهة التي تتم في ساحاتها بين السجان والإنسان صاحب القضية "المناضل" وتشمل التجربة مستويات متعددة من النضال الجماعي، الدفاع عن الحقوق، ومواجهة السياسات الموجهة ضد كل الأسرى، إلى المستوى الذاتي، الذي يخص كل انسان ويتعرض له، وكيفية التعامل معه والتأقلم والإستيعاب، الزمن وفلسفته، وشكل تعامل كل اسير معه، وفهمه له ومستوى الإرتباط خلف الجدران والقدرة على البقاء والتواصل والمتابعة قدر المستطاع ، الحيز العام والشخصي، واختلال توازنه، وإدراك مساحة الخصوصية.

إن الأسر تجربة حياة، تحدي وقدرة على الإحتمال تلامس حدود الصبر بأعمق معانيها، وقهر يومي، شعور بالعجز أحياناً، والإحباط من فقدان الأشياء لمعانيها ومن مبررات الوجود وإنطلاق معنوي، مقاومة، إنه واقع يعج بالتناقض، الأشياء ونقيضها، إمتداد إجتماعي وسياسي، لواقع سياسي وإجتماعي وطني عام يأخذ صبغة خصوصية واقع الأسر ففهي هذه الخصوصية كمناضل لا يمكن لك ان تستقيل او تستنكف او تعتبر ان الأمر لا يعنيك فهذا ترف لا يمكن ان تحصل عليه، واقع دون خيارات، وإن اعتقدتها قائمة، المفروضة فلا خيارات.

مع دخولي في العام السادس عشر داخل الأسر، احاول مرة اخرى أن أطل وبشكل مكثف على التجربة والواقع والحال، وتسجيل خلاصات حول تحديات وأفكار، هي نتاج تفاعل وجهد ومشاركة جماعية، حوارات وآراء وتجارب حية، محاولة ان نسجل تحديات الإنسان الأسير اليومية (الزمان والمكان، العلاقة مع الخارج، التأقلم الأولي مع الأسر، التمرد، الحرية، .. وغيرها).

الأسير بين الزمان والمكان

اذا كان الزمان هو عبارة اصطدام متتالي للأحداث، فإن للزمان تجلياته ومظاهره، صغيراً يكبر، إنجازات وإخفاقات، واقع يتغير، مكان يتطور، أحداث تشير لك ان الزمان يتحرك داخل الأسر، لا صغير يكبر ولا بناء يشيد ولا مكان تختلف ملامحه، ولا مؤشرات إختلاف تظهر، سوى مشاهدة الأسرى لأنفسهم، للغزو الأبيض للشعر او ما تبقى منه، ومفاجآت تتعلق بالصغير الذي كبر خارج الأسر ولم نتعامل معه أنه كبر، والمكان الذي أصبح غير المكان الذي تعرفه، وقيم كانت وذهبت، مفاهيم غادرات، وأنماط سلوك جديدة، وجيل آخر مختلف تتعرف عليه داخل الجدران.

يرافق الزمان الأسير من يبقى خلال بداية اعتقاله مهتماً بما يحدث خارج هذا الواقع، اهتمام بكل التفاصيل، وتمسك بألا يبتعد، تنتسع الفترة ويبدأ الإنشداد للواقع الجديد في الأسر، وتتباعد المسافات والإهتمامات ويفقد الانشداد لما هو خارج الجدران، ليتم بمعايير اللحظات الأخيرة قبل الإعتقال وتبدأ رحلة المقاومة الأولى للأسير بأن يبقى على حالة تواصل يحافظ على ان لا ينحصر داخل جدران الأسر، ان لا يسكنه السجن، وهنا يصبح للقراءة والكتابة والتواصل بالرسائل دوراً وقيمة تحافظ على علاقاتك وارتباطاته قدر المستطاع.

الشعور والإهتمام والتصورات

يغدو الأسير أكثر حساسية وجهد وتأثر مع تقدم السنوات داخل الأسر، وتترك بعض الأمور التي تعتبر تفاصيل التي قد تكون هي دون قيمة خارج الأسر، أثراً مهماً عليها، (ألرسالة، السؤال، الإهتمام، المتابعة).

امور قد تكون مجرد تفاصيل لكنها تحمل معنى في إطار واقع مختلف، انها تؤكد على الوجود وتمثل للأسير رسالة هامة تتعلق ببقاءه  واستمرار وجوده، وعدم قدرة الأسر على تغييبه، وبذات الوقت يلعب التصور المبني عن الواقع خارج الجدران اهمية لدى الأسير، فهو غالباً ما يكون إيجابي وغير واقعي، ويتجاوز قساوة الحياة، ليغدو هذا التصرف صدمة لدى الأسير المحرر الأول، ويعد كل تصور صدمة أخرى.

وعي ذلك وإدراك المسافة بين ما هو قائم وما نريد ان نصبوا يجعل الإنسان الأسير أكثر تحصيناً.

المعاني حين تفقد المعنى

ان الوجود في الأسر يحمل معنى، وداخل الأسر هنالك قيم ومفاهيم تتضمن معاني تتصارع وأخرى، فالأنتماء، الجماعية، التضحية، الإلتزام، الحرية، كمفهوم شامل، المصلحة العامة، العدو المسلكية الثورية، الإعداد للمناضلين داخل الأسر، قيم ومفاهيم تحمل معاني ممارستها، والقناعة بها باتت في خطر مع تفشي الأنانية واللاانتماء والحسابات الشخصية، والفرز المناطقي، وانخفاض مستوى الإستعدادية والإهتمامات، وتمظهر الإنقسام السياسي بأشكال عدة داخل الأسر، والإنشداد للحرية الشخصية دون فهمها وربطها بما هو آعم وآشمل.

مفاهيم وقيمة ملتبسة، وأشياء تقسم المعنى تجعل الأسير متأثراً بما يحدث في الخارج، وتجعل الأسر موقع يحدد هدفيته،  فالقادم الجديد يحمل تصوراً عن الأسر أيضاً، يجده معاكساً، ليس تلك الأكاديمية الثورية ومجتمع العدالة النسبية والمساواة، فهذه المعاني تعرضت لهزة ولم تتقدم، وبقي هنالك الكثير من الأسرى حملة الراية وهنا تأثير الخارج على ما هو داخل الجدران، لتبدو الأخيرة حلقة من حلقات الإستهداف للمشروع الوطني.

المقاربات

تطوير الطقوس، العادات، التقاليد لتتلائم داخل غرفة الأسر، أحد ميزات حالة المقاومة ان تحدث مقاربة للأسر مع الخارج، يعني ان تٌبقي نفسك في حالة تواصل، أن تٌبقي على عادات محددة تلائمها وواقع مظلم، تؤكد من خلالها على بقائك، احدى مظاهره التأكيد على ذلك، أن تشكل حالة دعم ومساندة في الأفراح، ومشاركة في الأطراح، تؤكد على وجودك، وعزلك ونقلك عن واقعك، ان تحاول بناء طقوس يومية، تقاربها كما كان، تحفظ ذاكرتك، ان تسعى لإنشاء اكاديمية تعليمية داخل الأسر، يعني ان توصل رسالة بأنك مستمر ولا يمكن اعاقتك، تقارب الكثير من الأمور وتحاول ان تسحبها داخل واقع الأسر، لا تسير كما تريد بعض الأمور التفصيلية خارجاً، بعض الامور التفصيلية خارجه، تبدو جوهرية لكنك تحاول.

القهر: السياسة اليومية الثابتة

القهر تشعره بالعجز، بعدم القدرة احياناً على ان تكون بجانب عائلتك حين حاجتك، ان لا تستطيع ان تساعد زميلك، ان لا تتمكن من احتضان ابنك، ان تُمنع من رؤية عائلتك، ان يتم زجك بالزنازين، ان يتم فصلك عن اصدقائك ورفاقك، ان لا تستطيع المشاركة في هبات الصمود خارج الجدران، ان ترى طفلة غارقة بدمائها، ان لا تتمكن كما تريد من مساعدة الأسرى الأطفال والنساء الأسيرات، ان ترى معاناة الأسرى المرضى، ان لا تتمكن من إحداث خرق وتغيير، ولا تمتلك سوى المقاومة، وقهرك كذلك من أبسط الأشياء إلى اعقدها.

فكر المقاومة اليومية

لتبقى انسان لا تتشيئ، لتحافظ على فكرة، نهج خياراتي، استحقاق ذلك كبير، فإلتقاط المواقف بما يتحقق عليها من استحقاق، بما تعنيه، تمثله، تشكله، بما تعبر عنه، وما تهدف له وما تقدمه كرسالة، ان تحافظ على المسليكة الثورية قيم ومفاهيم وأنماط، ان تبقى تدير معاركك يومياً، ان تعمل لتطوير واقع، ان تحافظ على كل أسير جديد، ان تدافع عن حقك كإنسان مناضل من أجل الحرية، ان تتواصل، تكتب، تقرأ، تعمل، ان تبقي على فكر الثورة ومنهجها، ان تدافع عن انسانيتك ضد محاولة تشويهها، وترفض كل اصطفاف، أن تؤمن بقدرتك على التأثير والتغيير، ان لا تُدجن ولا تمرر هدفية الإحتلال من الأسر، هذه تشكل حالة مقاومة واشتباك يومي.

التغيير والتأثير

الابتعاد عن الواقع، يجعلك حالم احياناً، لكن من غير العالم سوى الحالمين الفاعلين المؤمنين بقوة الفكر المقترن بالعمل.

اشكالية الأسير كثيراً ما تكون عدم القدرة على الإنتقال من دائرة المتفاعل إلى الفاعل، فالشأن السياسي وعدم القدرة على الإنتقال من حالة التأثر إلى التأثير، إرتباطاً بعوامل عدة، الإستياء من الحال السياسي وعدم القدرة على الإنجاز على المستوى الوطني يشعرها الأسير، فهو يدفع الثمن ويريد ان يرى ويلمس الإنجاز يتراكم، لكنن يقع كثيراً تحت تأثير الخطاب السياسي والثقافي التبريري، فلا يجير قوة حضوره ومكانته المعنوية ولا يحافظ على نوع من الاستقلالية النسبية، التي يمكن ان تكون ذات فائدة على المستوى الوطني، فلم نستطع كأسرى ان نؤثر منذ صدور وصياغة وثيقة الوفاق، ولم ندعم جدياً بإتجاه انهاء الانقسام الذي تشكل وتدرج في واقعنا، ولم نتمكن من ان نقدم قوة مثال كما يجب، وهذه احدى اضعف تحديات الدور الذي يجب ان نمثله.

أكثر وأعمق من كنتينة

ان يُختزل الأسير إلى مجرد راتب وكنتين جديد، الحرية أثمن بكثير، لكن إلتفاف الثقافة السائدة تربط معايير مادية تتعامل وكل الأشياء، وهذا ما أثر على واقعنا كأسرى ومازال، ليغدو الحديث والتواصل والطلب، ينحسب هذا الجانب، فنحن اكبر من كنتين والإهتمام والعمل يجب ان يتجاوز ذلك.

العجز عن صياغة استراتيجيات عمل من أجل قضية الأسرى لا يحل مكانه الحال، وتعثر المشروع الوطني لا يتم استنهاضه بالمال، وعدم القدرة على تقديم اجابات لا يحل مكانه المال، وتخريب واقعنا عن طريق المال السياسي لهو سمة هذا العصر، ونحن نحاول نهتم بذلك.

الثقافة إلى الوراء

انجاز الأسرى الأخير، كان القدرة على ادخال التعليم الإكاديمي، وهذا تحسن نوعي، ولكن حضور الثقافة داخل الأسر تراجع، ولم تعتد ايضاً على رأس سلم اولويات المؤسسات أيضاً، ان تدعم بالكتب، بالدراسات، ان تعمل على رعاية دورات، ان تشبك الاسرى بالحياة الثقافية، ان تدعم مؤسسات ومراكز ثقافية نحو التفاعل والاسرى وحثهم على المشاركة في ورشات عمل ثقافية سياسية، ان توفر اصدرات حديثة، فالثقافة بالاسر وخارجه باتت اهتمام ثانوي.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف