الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أديب 73 بقلم:محمود شاهين

تاريخ النشر : 2016-05-05
أديب 73 بقلم:محمود شاهين
أديب 73

أديب في الجنة (73)

 * الخالق بين التنزيه والتشبيه وقوانين الخلق !

بعيدا عن الملكة نور السماء الغارقة في محبتها وفرحتها بسحب السماوات والحورية ملكة الجمال التي أحضرتها له مع وصيفتيها ، اقترح الملك لقمان على الإمبراطور أن يذهبا في نزهة جبلية ، لتشوق الملك إلى الجبال حيث عاش طفولته في ضواحي القدس سارحا مع قطيع أغنام .اصطحبه الإمبراطور إلى أعلى قمة جبليه مطلة على هضاب وجبال تكسوها الأشجار المختلفة ، فيما ذهبت الإمبراطورة إلى الملكة نور السماء لتملأ عينيها من حسن سحب السماوات وحورياته .

وهما يجلسان إلى جذع شجرة بطم عملاقة كانت تشرئب بأغصانها وترسلها في كافة الإتجاهات ،سأل الإمبراطور الملك في محاولة لتوضيح واستيعاب ما سبق وأن تطرق إليه :

- فهمت من جلالتك أن القائم بالخلق موجود في الخلق نفسه وأن وجوده مشروط ببقاء الخلق ، فإذا ما انتفى الخلق انتفى وجوده ، إذ في هذه الحال لن يكون هناك إلا العدم ويستحيل أن يكون ثمة وجود في العدم .

- كلام سليم جلالتك .

- وفي الإمكان القول أن الهيولى البدئية التي بدأ بها الخلق منذ أربعة عشر مليارعام  ما تزال تخلق نفسها بنفسها لنفسها وتطور نفسها بنفسها دون أن تصل إلى كمال ما تطمح إليه .

- صحيح .

- ألا تظن جلالتك أن لديها تصورا لهذا الكمال ؟

- ممكن أن يكون تصورا غير مجلو أو غير متضح ، فالكمال المطلق ليس من السهل تخيله . فلا أظن أن الشكل الحالي للإنسان سيتوقف على ما هو عليه إضافة إلى النظم الإجتماعية والكيانات التي أوجدها التي ما تزال بعيدة كل البعد عن أي كمال .

- أليس في الإمكان تنزيه القائم بالخلق عن الخلق نفسه ؟

- لقد نزهته بعض المعتقدات حين اعتبرته إلها ، بل واعتبرت أن في مقدوره أن يبقى وحده دون خلق لو أراد ذلك ، كأن يبقى جالسا على عرشه السماوي !

- وجلالتك ؟

- أنا لم أنزهة إلا مجازا بمفردة لغوية استعرتها من لغة بشرية هي الخالق أو الله دون أن أجزم أنه يعتبر نفسه إلها . يمكن أنه يعتبر نفسه خالقا . إذا كان الوجود مكونا من مادة وطاقة فليس في الإمكان عزل المادة عن الطاقة أو العكس ، والخالق ليس خارج المادة والطاقة ،المادة بكل تجلياتها والطاقة بكل ما هو مدرك منها وما هو غير مدرك حتى اليوم من قبل العقل البشري .

- ماذا يمكن أن تكون الطاقة غير المدركة حتى اليوم من قبل البشر ؟

- في الغالب هناك أكثر من طاقة لكن الأهم هو طاقة الخلق ، فهي لم ولن تكتشف بسهولة ، لأن ما تم نسج خيوطه المعقدة خلال أربعة عشر مليارا من الأعوام قد يحتاج إلى مليارات الأعوام لاكتشافه . هناك طاقة اكتشفها العلماء تسري في الكون كله وتحيط بالأجسام كلها لكنهم لم يكتشفوا ماهيتها . اعتبرتها أنا طاقة الخلق.

- هل المعتقدات التي رأت أن للخالق - إذا جاز التعبير- عرشا قد شبهته بكائن ما أو قدمت تصورا له ؟

- بعضها شبهه بالإنسان !

- وجلالتك بماذا تشبهه ؟

- بالوجود كله وما فيه ، فهو كل شيء وكل شيء هو ! ولا يجوز لشيء بعينه أو كائن بعينه أن يقول أنه القائم بالخلق أو أنه الخالق . فالجميع خالق والجميع مخلوق . من هنا يأتي تكامل عملية الخلق بين الخالق والمخلوق أو بين الطاقة والمادة . فكل كائن بحد ذاته يقوم بعملية خلق ذاتية مقررة له موظفا طاقة الخلق السارية فيه ، كالعنكبوت الذي يقوم ببناء عشه ونسج خيوط شبكته بغاية الدقة .

- وماذا عن وجود العنكبوت بحد ذاته كيف نشأ ، وكيف نشأت كائنات ضارة وكائنات نافعة ، وكيف يمكن أن يكون الخالق في كائنات ضارة وكائنات نافعة ؟

أدرك الملك أن الإمبراطور بدأ يدخل في الأسئلة المعقدة التي أعجزت العقل البشري ! قال بعض لحظة تفكير :

- سأبدأ بإجابة جلالتك من الآخر،وبطرح السؤال التالي ؟

- ألا يتكون العنكبوت من مادة وطاقة ؟

- بلى !

- وألم أقل أنا أن الخالق مادة وطاقة ؟ طاقة تتمظهر وتتجلى  في مادة ، ومادة تتحول إلى طاقة ، أو ينتج عنها طاقة ؟

- صحيح !

- إذن لماذا لا يكون الخالق موجودا في العنكبوت كما هو في كل شيء؟

- وماذا عن النشأة ؟

- تعرف جلالتك كم مليارات الأعوام التي دامت قبل نشوء الحياة ؟

- أجل .

- وتعلم جلالتك أن كل عنصر كيميائي في الطبيعة يتكون من ذرات متشابهة تختلف عن بعضها في عدد جسيمات البروتونات والالكترونات ،وأن ذرات هذه العناصرهي أبسط مكونات الكائن الحي. تشترك جميع الكائنات من البكتيريا إلى الإنسان في ستة عناصر أساسية هي : الكربون ، الهيدروجين ، النيتروجين ، الأكسجين ، الفسفور ، الكبريت . طاقة الخلق أو الخالق إن شئت وضع قوانين ومعادلات لهذه العناصر وغيرها في المادة، أي في التراب أو الأرض بشكل عام . تواجد هذه العناصر يكون بنسب متفاوته في كل مكان . لنأخذ مثلا مجاري المياه في المدن حيث تنشأ كائنات ضارة . فالمعادلة مثلا تنص على أن نسبة كذا من عنصركذا وتفاعله مع عنصركذا، ألخ.. ينشأ عنها خلق ما، ليس بالضرورة أن يكون هذا الخلق معروفا مسبقا أو أن يكون ضارا أو نافعا . القاعدة متعلقة بنسبة العناصر في المادة وتنوعاتها . فنحن نجد أن ثمة فيروسات تظهر وتسبب أمراضا للبشر وتطور نفسها بنفسها وتقاوم حتى الأدوية ،فيضطر الناس إلى البحث عن دواء جديد فعال .. إذن يمكن تلخيص المسألة في أن كل عنصر في الطبيعة قد وضع له عبر مليارات الأعوام قوانين ومعادلات محددة  حسب نسبة ما يحويه من مواد وتفاعله مع عناصر أخرى حسب نسب المواد فيه وتنوعها . ولا شك أن هذه القوانين تتطور وتطور نفسها بنفسها بفعل طاقة الخلق السارية في الكون . ويمكن القول أن التحكم المطلق في نسب المواد في العناصرحتى اليوم غير متوفر، كما أن التحكم في العناصر نفسها غير ممكن نتيجة لما تفرزه الكائنات من مخلفات وبشكل خاص البشر ، حيث تختلط مخلفات قذرة ومواد كيماوية ضارة بالتربة فتلوث البيئة وتنشئ كائنات ضارة .

- هل في الإمكان القول أن التوصل لخلق الكائن الذي جاء منه الإنسان قد تأخر كثيرا مقارنة بخلق الكائنات الحية الأخرى ؟

- أكيد فالإنسان احتاج إلى توفر عناصر كثيرة . الكائن البدائي الأقرب إلى البشر قد لا يتجاوز عمره ستة ملايين عام .

- ماذا لو دخلنا في قوانين ومعادلات التوريث !

- بعد أن يخلق الكائن تدون مورثاته في مادته حتى لا تتم العودة إلى الصفر ، فلولا تدوين المورثات لكان تطور الكائنات أكثر تعقيدا . فكل القوانين والمعادلات الأولى التي خلق منها الكائن الأول تنتقل إلى خلفه ،وخلفه بدوره يكسبها تطورا ،وهكذا ..

- وهكذا تدخلنا جلالتكم في تطور الكائنات كيف تتطور ؟

- تحدثنا لجلالتكم عن الغاية البدائية التي كانت منذ البدء في الهيولى البدئية . والغاية نتاج رغبة ، أو هي بحد ذاتها رغبة ، فكل كائن يحمل في ذاته رغبه لأن يكون أجمل وأرقى وإلا لما ارتقى الإنسان إلى ما هو عليه ولما ارتقى كائن . الكائنات تؤثر في بعضها وتتأثر وحين يرى كائن أن كائنا آخر أجمل منه مثلا يحاول أن يرقى بجماله فيحدث في من يخلفه ، ليس بالضرورة أن يكون واعيا تماما للأمر ، رغم أن المورثات لا تفوت أي رغبات يمكن أن تراود كائنا وهو يتأمل جمال كائن أجمل منه . وقد تسألني جلالتكم . هل تتأثر النباتات بالنباتات والورود بالورود والأشجار بالأشجار وحتى التفاح بفاكهة ما مثلا ؟ أقول : أجل يا عزيزي هذا ما أعتقده ، فكل الكائنات الحية تؤثر بعضها ببعض ، ولولا تلك الرغبات وذلك التأثر لما رأيت هذا التنوع في الخلق ،تأمل الورد ، كل نوع منه يكاد يتفوق على نوع آخر أو أنواع أخرى بجماله. يوجد لدى بعض النساء الحوامل في بعض المجتمعات اعتقاد أن المرأة إذا توحمت ( اشتهت ) شيئا ما قد يترك أثرا يظهر في مولودها. إنها عملية التطور التي لا تتوقف ولن تتوقف إلى ما لا نهاية ، إلى أن تبلغ عملية الخلق كمالا ما قد يحتاج إلى إعادة نظر في قوانين الطبيعة أو الخلق إن شئت .

- جلالتك لا تكاد تميز بين الطبيعة والخالق والخلق !

- هذا صحيح ، فالطبيعة هي الخلق والخالق !

- أشكر جلالتكم . يكفي لهذا اليوم .

****

يتبع
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف