الأخبار
علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقطأبو ردينة: الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل لا يقودان لوقف الحرب على غزة
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المبادرة الفرنسية ،،، هل تنفلت السهام من اقواسها ؟!بقلم حسن مليحات

تاريخ النشر : 2016-05-05
المبادرة الفرنسية ،،، هل تنفلت السهام من اقواسها ؟!
بقلم حسن مليحات      
كاتب وباحث فلسطيني 

بعد الكثير من مؤتمرات السلام والمبادرات السياسية الخاصة بالقضية الفلسطينية والتي امتدت الى ما يقارب 23 عاما والتي لم يحصد منها الشعب الفلسطيني الا مزيدا من الويل والثبور وعظائم الأمور ومزيدا من خيبات الأمل والدمار والاستيلاء من قبل الاحتلال على الارض بالأستيطان والتهويد وممارسة سياسية الأبارتهيد والتمييز العنصري بشكل بشع ووحشي وتدنيس المقدسات بشكل  متواتر  في أستفزاز واضح وعلني لمشاعر الفلسطينين وممارسة سياسة الغطرسة والتعنت والفاشية والتنكر المطلق للحقوق الفلسطينية  في وقت يعتقد فيه الاحتلال خطأ بتاريخية الفرصة ومواءمة الوضع 
لتحقيق اهدافه واستمرار ارتكابه الجرائم ضد شعبنا بعيدا عن المحاسبة والمساءلة مما جعلها غير معنيه بالأستجابة لأي جهود دولية للاعتراف بالحقوق الفلسطينية                                                                                                           
وفي أعقاب الفشل الذريع لمحاولات وزير الخارجية الامريكي جون كيري التوسط لأتفاق سلام أسرائيلي فلسطيني والذي لم يلعب دورا نزيها ومحايدا لأن الأدراة الامريكية لم تكن في يوما من الايام راعيا محايدا  بل كانت منحازة لأسرائيل حيث ان المفاوضات المباشرة او غير المباشرة برعاية امريكية او برعاية اللجنة الرباعية لم تؤدي الى اية نتائج بل ازداد الأسيتطان وازدادت جرائم الاحتلال                                                                                                         
وفي ظل المتغيرات الاقليمية التي تعصف بالمنطقة والتي أثرت وبشكل سلبي على مستقبل القضية الفلسطينية وتراجع دورها واعادتها الى المربع الأول سيما وان ما يسمى بالثورات العربية كان لها الدور الاكبر في ذلك بعد ان كان للدول العربية اهتمام بالقضية الفلسطينية تلخص في مبادرة السلام العربية والتي رفضتها اسرائيل ولم يعد العرب يطرحونها في الوقت الحالي بسبب أنشغالهم بما تشهده بلدانهم من حروب داحس والغبراء والفوضى العارمة التي لا علاقة لها بتطلعات وامال شعوبهم الوطنية                                                                                                            
في خضم هذه الأحدات جاءت المبادرة الفرنسية للسلام في الشرق الأوسط في اطار عزم وتصميم فرنسا على طرحها في أجتماع وزارء الخارجية الذي دعت الية الحكومة الفرنسية والذي من المفترض ان يعقد في باريس في 30 من ايار /مايو الجاري بحضور وزراء خارجية عشرون دولة تضم كل من الأتحاد الاوروبي والأمم المتحدة بالأضافة الى روسيا والولايات المتحدة الامريكية ودول عربية ودون حضور فلسطين واسرائيل  ، والهدف من المبادرة الفرنسية هو خلق أئتلاف دولي واسع لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس افكار المبادرة الفرنسية  والتي تنص على العودة الى حدود العام 1967 بين اسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة وأن تكون القدس عاصمة للدولتين وتحديد مدة عامين كحد أقصى أمام المفاوضات للتوصل الى اتفاق نهائي ومواكبة دولية للعملية السلمية مع ترك المفاوضات لأسرائيل والفلسطينين مع التأكيد بأن المبادرة الفرنسية ليست لصنع السلام بل لدفع الاطراف لتصنع السلام بنفسها  ، وأن يتم رعاية المفاوضات من مجموعة دولية تضم دول عربية والاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي                                  

من الواضح من خلال بنود المبادرة الفرنسية أن الدعوة لأستئناف المفاوضات قد خلت من أية شروط مسبقة والحرص كل الحرص على عدم فرض أية املاءات دولية على اسرائيل وهو ما يشكل تلبية للموقف الأسرائيلي الذي يرفض وقف الأستيطان في القدس والضفة الغربية وبالمقابل تحدثت المبادرة الفرنسية بعبارات فضفاضة عن الحقوق الوطنية الفلسطينية وكرست الاحتلال الاسرائيلي من خلال دعوتها جعل المدينة المقدسة عاصمة للدولتين الاسرائيلية والفلسطينية فهي لم توضح مفهوم ومضمون الدولة الفلسطينية  ما أذا كانت دولة ذات سيادة ام مقيدة ومكبلة بالشروط الاسرائيلية  التي تفرغها من أي محتوى سيادي ، وقد جاءت المبادرة الفرنسية لتحقيق جملة من الاهداف على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وهي احتواء حالة الاحتقان والغضب الفلسطيني من جراء تصاعد وتيرة الاستيطان الاسرائيلي والمصحوب بالقمع والأذلال اليومي على الحواجز الاسرائيلية وسياسية الأبارتهيد والتمييز                                                  
 العنصري وبالتالي العمل على تنفيس حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني والحليولة دون انفجار الوضع في ظل تقارير تتحدث عن أحتمالات اندلاع أنتفاضة فلسطينية جديدة ،والألتفاف على تنامي المقاطعة الاوروبية غير الرسمية لمنتوجات المستوطنات في الضفة الغربية والقدس وأعادة تلميع صورة اسرائيل على الصعيد الدولي لأجهاض التقرير الدولي الصادر عن مجلس حقوق الانسان والذي يتهم الجيش الاسرائيلي بارتكاب مجارز في غزة وتوفير ظروف مواتية لمواصلة اسرائيل سياساتها في قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية وفرض سياسة الامر الواقع على الارض في ظل المفاوضات التي  ستجري بدون شروط مسبقة والتوصل الى اتفاق نهائي يحقق مجمل اهدافها                           
وهنا تثور عدة تساؤلات :- لماذا جاءت فرنسا بهذه المبادرة ؟ وما هي أفق نجاح المبادرة الفرنسية ؟ ولماذا ترفض اسرائيل المبادرة الفرنسية ؟وما هي خيارات القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بعد فشل المبادرة الفرنسية ؟ 

لقد جاءت فرنسا بهذه المبادرة لأسباب عدة منها أسباب خاصة بها تتمثل في محاولتها لأيجاد موطيء قدم لها في المنطقة من خلال هذه المبادرة وبشكل مخالف لباقي الدول العظمى التي تضع أقدامها في المنطقة عبر السلاح بحجة محاربة داعش ودعم المعارضة السورية ،اما الأسباب الاخرى فتتمثل في أن العملية السلمية بين الفلسطينين والاسرائيلين تشهد حالة من الجمود بعد فشل محاولات الأدراة الامريكية المتعددة في التوصل لأتفاق سلام بين الاسرائيلين والفلسطينين وكذلك بسبب تعنت الحكومة الاسرائيلية الرافضة لكل المحاولات التي من شأنها اعادة الطرفين الى مائدة المفاوضات، كما ان الهبة الجماهيرية في الضفة الغربية والقدس لها دور كبير في استنفار المجتمع الدولي للتحرك لأيجاد حل للقضية الفلسطينية خوفا من اأن ينفلت السهم من القوس وحرصا منها على عدم أنفلات الأمور وخروجها عن السيطرة الامر الذي سيدخل المنطقة برمتها في دوامة من العنف يصعب احتوائها                                                    

يدرك عقلاء السياسية جيدا بأن المبادرة الفرنسية بقيت فرنسية ولم تتحول الى أوروبية لذلك فهي غير جادة وليست قادرة على أحداث اختراق بل تسير نحو التحلل والاضمحلال لأن فرنسا عاجزة عن أحداث تغير جوهري في مسار القضية وهي لا تملك أدوات الضغط على الحكومة الاسرائيلية لذلك سوف تستسمر في الهبوط في أسس المبادرة لاسترضاء الحكومة الأسرائيلية ، ومن المعروف بأن بعض الدول الاوروبية الفاعلة التي تحاول الحضور العالمي من باب أستغلال الاجواء السياسية الساخنة الولوج الى ساحة الحراك لا تستطيع الخروج عن مبدأ حل الدولتين الامريكي ولكنها لا تلبث ان تتعثر وتسقط أمام حقيقة التناقض الجوهري ما بين مضمون حل الدولتين  ورؤية الحكومة الاسرائيلية المتطرفة الرافضة لأي أنتقاص من السيادة اليهودية على فلسطين                                                                    
كما أن نجاح المبادرة الفرنسية مرتبط بمجموعة من العوامل منها وجود أرادة دولية حقيقة لأنهاء ملف الصراع بما في ذلك موقف أوروبي موحد من المبادرة وموقف أمريكي داعم ومتحمس ومشاركة فاعلة من الاعضاء الدائميين في مجلس الامن الدولي بمن فيهم الروس ووجود دعم عربي حقيقي يصل الى مستوى ربط مستقبل علاقات الدول العربية مع المجموعة الدولية بمدى التقدم في حل الصراع  وأخيرا وجود وضع فلسطيني داخلي مشجع ورغبة اسرائيلية او على الاقل ادراك اسرائيلي بأن أفشال المبادرة الفرنسية سيترتب عليه ثمن تدفعه اسرائيل في النهاية          
أن الحكومة الاسرائيلية تعاني من حالة من  الأفلاس السياسي والأخلاقي وتعمل على المراوغة من أجل كسب الوقت لفرض أمر واقع على الأرض مع تماديها في التوسع الأستيطاني في الضفة الغربية والقدس ، ومن جهة أخرى فهي لا تريد أن تتدخل أي دولة أخرى في العملية السلمية غير الولايات المتحدة الامريكية التي ترعاها منذ أتفاق اوسلو المشؤوم  لذلك فقد عارضت الحكومة الاسرائيلية بشدة المبادرة الفرنسية وعقد مؤتمر دولي لأعادة أطلاق المفاوضات  وعرضت بدلا منه الاستئناف الفوري للمفاوضات الثنائية بدون شروط مسبقة ويكمن السبب في رفض الحكومة الاسرائيلية للمبادرة الفرنسية بأن الحكومة الاسرائيلية لا تريد بأن يكون هناك سابقة بأن تجري المفاوضات تحت أشراف او رعاية دولية تجنبا لأية قيود او التزامات وهي تحرص بأن يكون الوسيط فقط الراعي الامريكي كما أنه لا يوجد في أجندة الحكومة الاسرائيلية المتشددة أولوية لاجراء مفاوضات والتوصل لأتفاق مع السلطة الفلسطينية  حول قضايا الوضع النهائي وأنما الاولوية لاستغلال ظروف الفوضى في الدول العربية والأمعان في أستكمال تهويد القدس المحتلة لتكون عاصمة موحدة للدولة اليهودية                                                                                                                   
ازاء حالة الرفض الاسرائيلي للمبادرة الفرنسية وفي ظل أنعدام الأفق السياسي للعملية السملية فانه من المرجح ان يبدأ الحراك الفلسطيني للرد على الرفض الاسرائيلي للمبادرة من خلال توقيع عدة معاهدات دولية والانضمام لمنظمات دولية بحكم حصول فلسطين على صفة دولة مراقب في الامم المتحدة ،  بيد أن الجانب الفلسطيني لا يريد أن يظهر بموقف يفهم منه أفشال المخطط الفرنسي لحل الصراع على أمل أن يحقق مستقبلا مكاسب سياسية في هذا الشأن من خلال ايفاء فرنسا بعهدها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 والذي جاء على لسان وزير خارجية فرنسا السابق لوران فابيوس قبل أن يعدل عنه وزير خارجية فرنسا الحالي  الذي   صرح بأن فرنسا لن تقدم على خطوة الاعتراف بعد فشل المخطط الفرنسي             
لقد أضحى من الواضح بالنسبة للشعب الفلسطيني بأنه لا يمكن التعويل والمراهنه على خيار المفاوضات البائس في ظل اختلال موازين القوى لذلك بات من الضرورة بمكان على المستوى الفلسطيني أن يتم تبني استراتيجية نضالية ووطنية بدلية تركز على خيار المقاومة وتصعيدة المقاومة الشعبية وحركة المقاطعة وذلك بالتوازي مع أنهاء حالة الانقسام البغيض بين جناحي الوطن والتوجه الى مجلس الأمن ومطالبته بأصدار قرار يدين الاستيطان والتنفيذ الفوري لقرارات المجلس المركزي خاصة ما يتعلق بوقف التنسيق الأمني ومطالبة فرنسا بتنفيذ وعدها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ردا على الموقف الاسرائيلي                                         
مما سبق نخلص الى القول بأن فشل المبادرة الفرنسية لا يعني نهاية الجهود الدولية لحل الصراع وأنما تدل بوضوح بأن هناك قلقي دولي مشترك من أن الطريق المسدود للمفاوضات من شأنه أن يفلت السهام من اقواسها وأن يضع حدا لأمكانية  تحقيق حل الدولتين على الارض  والذي في حال عدم تحققه سيؤدي  الى مزيد من الصراع ومزيد من سفك الدماء بين الطرفين  ، لذلك بات من الضروري اعادة الزخم للقضية الفلسطينية سياسيا وجماهيريا من خلال جهد عربي شامل وجهد فلسطيني يتحرك بجدية للضغط على اسرائيل في المنظمات الدولية ، حيث أن تراجع القضية الفلسطينية  في الاولويات العربية اما أن يدخل القضية في دائرة النسيان او قد يجبر الشعب الفلسطيني على تفجير الموقف برمته .     
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف