الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

زكريا احمد و الحب الكلثومى الضائع بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2016-05-05
زكريا احمد و الحب الكلثومى الضائع  بقلم:وجيه ندى
زكريا احمد والحب الكلثومى الضائع

وجيـــه نــــدى بحث و تحرير فنى وحياة الشيخ زكريا احمد حسن صقر مرزبانى و الحب الكلثومى ومن طرف واحد - ولد عام 1896 من والد عالم جليل هو الشيخ أحمد حسن الملاحظ في الجامع الأزهر آنذاك. وكان من حفظة القرآن الكريم. ألحقه أبوه بأحد الكتاتيب ثم أصبح طالبا في الأزهر فتزود الولد بمحاسن المعرفة واكتسب لقب الشيخ أي العارف بأسرار الدين الإسلامي الحنيف. وقضى الشيخ زكريا ست سنوات في الأزهر من السادسة إلى الثانية عشرة من عمره وتعلم القراءة والكتابة وأخذ نصيبه من العلم كما أكمل حفظ القرآن الكريم وكانت دروس الفقه والنحو والصرف تدرس آنذاك في أروقة الأزهر. وقد جرت عادة الأزهر وقتئذ أن يحتفل التلاميذ والمشايخ بإنجاز قراءة كل كتاب من كتب التدريس، وكان الاحتفال يجري على الطريقة الآتية: يجلس التلاميذ في حلقة مستديرة ثم ينتخب من بينهم تلميذ مشهود له بإتقان تلاوة القرآن فيتلو ما تيسر ويختتم بذلك الاحتفال. وكان الشيخ زكريا هو المبرز دائما في هذه المناسبات فكم من مرات عديدة قرأ العشر وترنم في تلاوته بصوته الجميل وانتزع إعجاب مشايخه وتلاميذهم. وكان الشيخ زكريا فخورا باستماع الناس لجمال صوته وحسن أدائه. وفي الحقيقة لم يخلق الشيخ زكريا أحمد إلا ليكون مطربا وملحنا وفنانا يتمتع بشهرة كبيرة في العالم العربي. ولذا فان محاولات والده في سبل الدراسة كانت عقيمة وغير مجدية. فحين كان الشيخ زكريا يسمع درس الجغرافيا أو التاريخ أو الفقه لا يعلق بذهنه شيء ولكنه حين يسمع أغنية أو موالا لمرة واحدة كان يحفظ ذلك ويردده في الحال. فكيف العمل إذا ووالد زكريا مصمم على أن يتابع ابنه الدراسة العلمية وزكريا بعيد عن ذلك الاتجاه. والطريف أن الكتب الموسيقية التي كان يشتريها الشيخ زكريا كان يضع لها أغلفة كتب دينية أو لغوية. وقد وضع غلاف ألفية ابن مالك على كتاب مفرح الجنس اللطيف، وعندما سأله والده ذات ليلة عما يدرسه قال له ألفية ابن مالك؛ ولما تبين الوالد كذبه قسا عليه بشدة مما دفع بالولد للهرب من البيت وكرهه الحياة، فخرج من المنزل لا يلوي على شيء وهام على وجهه في الشوارع؛ وبعد أيام قام الأهل والأصدقاء بدور الوسيط بين الولد ووالده وعاد الشيخ زكريا إلى منزل والده، فقام الوالد بنصيحته وتوجيهه وقلبه يتقطع أسى وحسرة على ولده الذي ينحرف عن طريق العلم والإيمان فقال: "يا بني الفن لا يوكل عيشا، وهاهو عبده الحمولي سلطان الطرب مات ولم يترك لولده ما يتعلم به، وهاهو محمد عثمان سيد من غنى وسيد من لحن وسيد من أحيى حفلات الطرب لم يجد أهله في بيته ساعة موته تكاليف الجنازة التي ستنقله إلى دنيا الخلود، وهاهو محمد سالم العجوز الذي عاش أكثر منمائة عام والدنيا تصفق له والذهب يجري بين يديه لم يتمكن في بعض الأحيان من دفع ثمن الدواء الذي لا يتجاوز بضعة قروش، فأقلع يا بني عن فكرة الفن وعد إلى دراستك راشدا لتؤمن مستقبلك على أحسن وجه وأسلم حال". ولكن أين مكان النصيحة من فكر زكريا والفن قد طغى على نفسه وروحه وسائر حواسه. ولم تكن حالة هذا الفنان في تلك الفترة من حياته هادئة ولا مستقرة ولا ناعمة فقد ماتت والدته وتزوج والده وكانت الزوجة الجديدة بالرغم من تظاهرها بالعطف على زكريا تكيد له المكائد وتسود صفحته عند والده. وأخيرا استسلم الوالد للأمر الواقع وسار الشيخ زكريا في طريق الفن علنا فكان يزور المسارح والأجواق ليسمع ويتعلم كل ما يسمعه. وقد هيأ له القدر اجتماعا بالموسيقار الشيخ درويش الحريري الذي أحب تلميذه زكريا وأفاض عليه مما وهبه الله من فنون وعلوم ومعرفة من هذا الفن الجميل. وأول دروسه كانت ألحان المولد النبوي وما تحتويه من تقلبات الأنغام وتنقلات الأوزان فبرع في تلقيها وأدائها واشتهر بها وقدم الشيخ درويش لزكريا خدمة لا تقدر بثمن وذلك عندما ألحقه ببطانة الشيخ علي محمود الذي كان إلى جانب معرفته الموسيقية وفن قراءة القرآن من هواة الأذان والتسابيح والاستغاثات التي تتلى قبل الفجر في المسجد الحسيني، وكانت تؤدى على نهج خاص ونغمات معينة: فنغمة يوم السبت كانت العشاق، ويوم الأحد الحجاز، أما يوم الاثنين فنغمته السيكاه إذا كان أول اثنين من الشهر، وبياتي إذا كان ثاني اثنين، وحجاز إذا كان ثالثه، وشورى على جهار كار إذا كان رابع أو خامس أيام الاثنين، ويوم الثلاثاء سيكاه، والأربعاء جهار كاه، والخميس راست، والجمعة بياتي. وتلقى الشيخ زكريا عن الشيخ إبراهيم المغربي أصول تركيب الألحان وعلم النغمات وضروب الإيقاع، كما تلقى عن الشيخ محمود عبد الرحيم المسلوب الموشحات العربية، وحفظ أيضا أدوار عبده الحمولي ومحمد عثمان وإبراهيم القباني، ثم تعلم أصول التدوين الموسيقي وبدأ رؤساء التخوت الغنائية يتهافتون على اكتساب هذا العنصر الجديد في عالم الغناء والطرب. ومن تلك الفرق نذكر فرقة الشيخ أحمد الحمزاوي والملحن الشيخ سيد مرسي والشيخ إسماعيل سكر رئيس قراء قصة المولد في القاهرة والشيخ علي محمود. وهكذا أصبح الشيخ زكريا في بداية الطريق الذي جاهد من أجله موضع إعجاب سائر الأوساط الفنية الموسيقية في القاهرة ,,بعد جهاد طويل ومرير تمكن الشيخ زكريا أحمد من الوصول إلى هدفه ومبتغاه وحصل على المعرفة الفنية الموسيقية بأكمل معانيها. ولكن لكل بداية صعوبات ومشقات لابد لتذليلها من جرأة وإقدام وتضحيات. وقد أحس الشيخ زكريا بأن قوة جديدة أوشكت أن تدفعه إلى الأمام وتأكد أن قدمه في ميدان الفن قد بدأت ترسخ وتثبت وتتحمل الأعاصير، وبدأ يمهد لانطلاقة جديدة تتلاءم وما استفاده في هذه المرحلة من دراسة وتجربة وأخطاء، ولكنه مهما استفاد من هذه الخبرة فهو في الحقيقة في بداية الطريق من حيث سنه وخبرته. لقد لحن الشيخ زكريا خمسا وستين أوبرا وأوبريت، وكان أجمل وأقوى إنتاج هو ما لحنه بين عامي 1924 و1930 فلحن لفرقة علي الكسار "دولة الحظ" في نهاية عام 1924، ولحن في عام 1925 "روايات الغول" و"ناظر الزراعة" و"عثمان ح يخش دنيا" و"الطنبورة" و"الخالة الأميركانية" و"ابن الرجا". وفي 1926 لحن روايات: "28 يوم" و"أنوار" و"آخر المودة" و"نادي السمر" و"أبو زعيزع" و"الوارث" و"حكيم الزمان". وكان كل هذا لفرقة علي الكسار، كما لحن لفرقة زكي عكاشة رواية "علي بابا والأستاذ"، ولحن لفرقة علي الكسار أيضا سنة 1927 "ملكة الجمال" و"قفشتك" و"ابن فرعون" و"زهرة الربيع" و"الساحر أبو فصادة" و"حلم ولا علم" و"السكرتير" و"غاية المنا" و"بدر البدور" و"خمسة مليون"، ولحن لمسرح الريحاني عام 1928 "ياسمينة" ثم "البلابل"، ولحن لفرقة الكسار "الكنوز". وفي عامي 1929 و1930 لحن لفرقة الكسار أيضا "العروسة" و"العيلة" و"مين فيهم" و"ما فيش منها" و"ابن الاومباشي" و"طاحونة الهوا" و"ملكة الغابة". ولفرقة صالح عبد الحي "لحن قاضي الغرام" و"عيد البشاير" و"الهادي". وقد تضمنت هذه الروايات ما يزيد على خمسمائة لحن بلغ أكثرها قمة النجاح والشهرة. أما ألحان الشيخ زكريا للأدوار المصرية والقصائد والطقاطيق فقد بلغ في هذه الألوان قمة الإجادة والإبداع، وكانت خطواته الأولى في ميدان الأدوار: "يا قلبي كان مالك" (راست) و"هو ده يخلص من الله" (زنجران) و"ايمتى الهوى يجي سوا" (هزام). ويذكر أحد أصدقاء الشيخ زكريا واسمه ماهر فرج عن قصة دور "هو ده يخلص من الله" أن زكريا قضى ثلاثة أشهر وهو يعد هذا اللحن؛ وكان يقضي ساعات طويلة من الفجر إلى مغرب اليوم التالي سارحاً في أجواء هذا اللحن. وحدث أن انتابه المرض أكثر من مرة في هذه الأشهر الثلاثة، ولكنه كان يتجلد ويستمر في التلحين. وعندما انتهى منه وأصبح راضيا عنه ذهب به إلى أم كلثوم وانتقل اللحن من قمة التلحين إلى قمة الأصوات الساحرة صوت أم كلثوم. وفي الحقيقة أن هذا الدور كان حدثا فنيا رائعا تحدثت عنه الصحف المصرية والعربية أياما طويلة لأنه كان تطويرا للأغنية العربية في مطلع القرن العشرين.

ودور زكريا في الألحان الخفيفة الطقاطيق كان رائعا. ونذكر من هذه الألحان الأغنية من نغم الشورى "قالوا لي ايمتى قلبك يطيب" و"العزول فايق ورايق". ثم من أغانيه الحديثة "الورد جميل" على أن هذه الأغنية غنتها أم كلثوم بصوتها الفاتن ثم غناها زكريا وشتان بين الصوتين على أن بعضا من الجمهور المستمع أثنى على أداء الشيخ زكريا على الرغم من بساطة صوته لأنه حينما غناها كان يتحسس بألفاظها ومعانيها وكلماتها كلمة كلمة. لقد استطاع زكريا أن يهز مشاعر سامعيه بأدائه تلك الأغنية بذلك الإبداع الذي استأثر به هذا الفنان الموهوب الأمر الذي يترجم مشاعر زكريا وانفعالاته في مجال إبداعه. توفي هذا الفنان الكبير في القاهرة 14 فبراير 1961 ودفن فيها وكان في حياته رسولا أمينا لفنه وعلمه ومعرفته. وقلما يجود الزمان بأمثال هؤلاء العباقرة على الأمة العربية. إن حياتهم بالنسبة لجمهورهم كذكرى وعبرة للذين يسلكون مسلكهم في طريقهم الصعب الطويل وجهادهم الفني الصحيح رحمه الله واسكنه فسيح جناته بحث وتحرير فنى وجيـــه نــــدى
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف