الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

والحدق يفهم ..بقلم:د.محمد جاد الزغبي

تاريخ النشر : 2016-05-05
والحدق يفهم ..بقلم:د.محمد جاد الزغبي
والحدق يفهم .. :D

قبيل تفجر المقاومة الشعبية ضد الإنجليز وفساد حكم الخديو توفيق , ظهرت الثورة العرابية التى كان عرابي نفسه أقل أبطالها بطولة فى الواقع ..

وليس هذا تقليلا من شأنه وشأوه , بقدر ما هو رد الجميل للأبطال الأكثر تأثيرا وكان على رأسهم عبد الله النديم ,

فى ذلك الوقت وبينما كانت مصر منهوبة الخير كعادتها , كانت السياسة الغربية والإنجليزية نجحت فى لعبتها الأثيرة وهى الإلهاء , للدرجة التى دفعت الشعب ليتناحر مع بعضه البعض على عشرات القضايا التافهة وانفتح المجال لكل من هب ودب ليروج ويتاجر بالقضايا الوطنية , بينما استعد الإنجليز لدخول مصر فعليا ..

فماذا فعل العرابيون .؟!

كان أول ما فعلوه هو الإدراك التام أنهم لو اهتموا بالمقاومة العسكرية والجيش وفقط فلن ينجحوا فى دحر الإحتلال قط , ولابد لهم تحت أى ظرف أن يتمكنوا من توحيد الشعب مرة أخرى على أولويات الوطنية ومنع الفوضي العارمة التى تدب فى أركان الناس بحيث يستحيل أن تجد أخوين شقيقين يتفقان على رأى واحد فى أى قضية كبيرة كانت أو صغيرة

وهذا هو أساس كل المصائب التى يحط بكل بلد ضاعت أو على طريق الضياع

ولهذا تصدى عبد الله النديم ورفاقه من المثقفين الكبار لإنشاء أول مجلة مصرية ساخرة جابت الشوارع والقري كان اسمها ( التنكيت والتبكيت )

ويكفيك عبقرية الإسم ودلالته كى تدرك مدى إخلاص النديم وعبقريته فى أن جعل مجلته أشبه بصفعة مدوية على وجوه الناس كى ينتبهوا لما يحاك لهم , بينما هم مشغولون بصراعات الديكة , ولينتبهوا أيضا إلى الشر الذى انزلقوا فيه وهو شر الفرقة والإختلاف , وهو الشر الذى يتصاغر أمامه كل وأى قضية تسبب الخلاف من الأصل !!

وكان النديم فى المجلة يسخر سخرية محرقة من التفاف العوام حول المجالس الشعبية ومجالس الربابة ( التى كانت تقوم بدور الفضائيات فى تلك الأيام عام 1882 )

وتدور الحكايات فيها حول الصراع التاريخى بين أبي زيد الهلالى ودياب بن غانم , وكان يحضر المجلس مئات الفلاحين وينقسمون لفريقين , فريق يؤيد الهلالية بقيادة أبي زيد وفريق يؤيد الزغابة بقيادة دياب بن غانم ( هههههه طبعا لاحظتوا انى زغبي ) ..

المهم ..

كانت الجلسات تبدأ بحكاوى الربابة لتنقلب إلى معركة بالشوم والعصي بين مؤيدى الفريقين , فى نفس الوقت الذى كان فيه الإنجليز والقصر وشركة قناة السويس تمهد الأرض لدخول مصر بافتعال مشكلة دبلوماسية كبيرة مع الحكومة المصرية حيث استغلت بريطانيا حادثة موت حمار مالطى ( أى ينتمى إلى جزيرة مالطة , تقريبا كان الحمار اسمه ريجينى ! )

وذلك إثر معركة شعبية عادية قامت بين صاحب الحمار المالطى وبين أحد المصريين فى الإسكندرية فاستغلت بريطانيا غباء المواطن السكندرى الذى قتل الحمار وضرب صاحبه لتشحذ همتها وهمة جيشها لاحتلال مصر دفاعا عما أسمته فى أيامها ( حقوق الأقليات الأجنبية) ... ( اللى هى دلوقتى اسمها حقوق الإنسان )

وبالفعل مضي المخطط على ما هو عليه حتى ظهر النديم بمجلته التى طرق وصفع فيها المثقفين , ومجالسه التى صفع فيها عوام الناس فى القري بلسانه الحاد وإخلاصه النادر ..

ولأن الله تعالى يعطى المرء بقدر إخلاصه لا بقدر قوته وهمته , ولأن النديم كان فلاحا أصيلا لم يسمح للمصلحة أن تتسلل إلى نضاله بمثقال ذرة , ولأنه عندما إلى العرابيين لم ينتم إلا لأجل فكرة المقاومة , وبالتالى لم ينتم للأشخاص مهما علت مكانتهم ..

لأجل ذلك كله نجح النديم بمفرده وبدون أدوات تقريبا فى قلب المائدة على رءوس البريطانيين والقصر

فجأة نجح النديم فى تحريك الوعى القومى للمصريين بشكل خرافي وأصبح اسمه أسطورة تتردد على كل لسان واجتذب الشعب بعمومه لحركة العرابيين ونجومهم أحمد عرابي والبكباشي محمد عبيد ومحمود سامى البارودى وغيرهم

وبالفعل رفض الشعب رفضا مطلقا قرار الخديو الخائن توفيق بإقالة عرابي واعتباره خارجا على الخلافة العثمانية , ورفضوا كذلك قرار الخليفة العثمانى القابع فى اسطنبول والذى صار إمعة فى يد ( القواعد الأمريكية ) !!..

عفوا أقصد صار إمعة فى أيدى البريطانيين بعد أن انهارت عظمة العثمانيين على يديه

والتف الشعب ودعم الجيش المصري فاقد الإمكانيات وتصدوا للإنجليز فى معركة التل الكبير , تلك المعركة التى يروى عنها الرافعى فى تاريخه أنها كانت معركة إرادة حقيقية لجيش يقوده شعبه لا سلطته ..

ورغم نجاح القوات البريطانية بحداثة تسليحها فى التفوق فى تلك المعركة إلا أن فوزها فى المعركة لم يجلب لها نصرا , لأن جذوة المقاومة التى أشعلها النديم أنبتت بعد ذلك حركة مقاومة هائلة ــ كعادة المصريين أمام الإحتلال ــ فظهر مصطفي كامل ومحمد فريد وبعدهم سعد زغلول ورفاقه بثورة 1919 م , والتى تستند فى نجاحها أساسا لجذوة النديم , والنديم نفسه لم يقع فى قبضة الإحتلال بعد ذلك بل ظل هاربا منهم ينقض عليهم بمقالاته ومقاومته ويعاونه على الهرب كل بيت وكل قرية فى مصر وضواحيها , وظل كذلك لسنوات طوال قبل القبض عليه

واستمرت المعركة سجالا مع البريطانيين والقصر وحكوماته وقد نجحت بالفعل فى أن خرج الجيش البريطانى من مصر والتزم ثكناته فى قناة السويس حتى غادرها فى حركة الجيش عام 1952 م ...

المغزى من تلك القصة هو شيئ واحد ..

أين هو وريث عبد الله النديم الآن ,

أين هى مجلة التنكيت والتبكيت التى تمثل الصفعة التى ينبغي أن تنزل على وجه المختلفين والمتصارعين والحانقين حول معارك , ليس للشعب فيها ناقة ولا جمل ..

معارك بين أصحاب المصالح تدور منذ يناير 2011 وحتى اليوم , ولم يوجد طرف فيها إلا ويدعى الدفاع عن الوطن والدين والشعب !

بينما لم يعان الدين والوطن والشعب إلا منهم !

د/ محمد جاد الزغبي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف