الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كلنا في العنف هم بقلم: تميم منصور

تاريخ النشر : 2016-05-04
كلنا في العنف همُ

تميم منصور

لا تكاد تغرب شمس نهار وينبلج فجر ليل تقريباً ، الا وتقع جريمة أو أكثر في وسطنا العربي ، وإذا لم تكن جريمة قتل الا أنها ترتدي زياً من أزياء مظاهر العنف التي أصبحت مألوفة بسبب هذا الكم العدواني من العنف ، أصبحت أجسامنا ونفوسنا ومعنوياتنا متخمة من الجراح الملموسة وغير الملموسة ، جراج نازفة بالدماء ، وأخرى تنزف الألم والقلق والحزن والخوف واليأس . أصبح المواطن العربي يشعر بأن العنف جزءاً من حياته ، وقرباناً من القرابين الأسطورية التي تلاحقه في ليله ونهاره ، أنه ضريبة جديدة ، ندفعها من رصيد انسانيتنا واستقرارنا ، لأنه أصبح يهدد أمننا اليومي ، إن عجزنا أمام هذا الوبأ الاجتماعي زاد من غربتنا داخل حاراتنا وبيوتنا ، لقد شوه نمط حياتنا ، وجعل خصومنا الذين يتربصون بنا يشمتون من جبال القلق التي تجثم فوق صدورنا .

رحى القتل والاغتيالات واطلاق النار  لا تتوقف عن الدوران ، تطحن في دورانها الصالح والطالح ، الأمن والأمان فخلال أسبوع واحد سقط أربعة ضحايا ، هذا باستثناء من أصيبوا بجراح ، وباستثناء ضحايا حوادث الطرق من المواطنين العرب ، وحوادث العمل ، العنف أصبح هماً على الجميع ، في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة ، ففي الوقت الذي كان فيه عشرات الألوف من المواطنين العرب يشاركون بتشييع آخر ضحايا طواحين العنف ، ارتاد الشواطيء والأحراش والباركات والمنتزهات ما يقارب المليوني يهودي من مواطني الدولة ، الملفت للنظر أنه بعد وقوع كل جريمة ، ترفع المؤسسة الحاكمة في الدولة رأسها كي تخبرنا بانها موجودة ،فتتكرر التصريحات والاقتراحات والاتهامات للمواطنين العرب ، بأنهم لا يتعاونوا مع الشرطة ، لا تكتف بعشرات الألوف من اعوانها ، تريد تدجين غالبية المواطنين العرب ، لكن أجهزة الشرطة تخجل من الاعتراف بأن مدننا وقرانا تعيش في حالة الفوضى والفلتان ، وأن قانون الغاب يتواجد بين ايادي عصابات المافيا ، وعصابات الابتزاز التي أصبحت تتدخل في الشؤون الحياتية للكثير من البيوت ، الى درجة التدخل في الطلاق والزواج وتقسيم الأرث بين أبناء العائلة الواحدة .

بعد وقوع كل جريمة تعود الاجتهادات والاقتراحات من قبل أوساط الشرطة ووزارة الداخلية بهدف امتصاص غضب المواطنين العرب ، يرافق ذلك نصب حلقات الردح والتجريح ضد المواطنين العرب من قبل وسائل الاعلام المختلفة ، وكل من يتابع هذا الحوار الفج يعتقد بأن الحديث لا يدور عن مواطنين في الدولة ، لقد شبهت بعض الصحف العبرية أن ما حدث في كفر مندا لا يختلف عن المواجهات التي كانت تحدث بين القبائل العربية في الجاهلية .

جميع الاقتراحات التي قدمت حتى الآن غير ملموسة ، وغير واقعية ، ظاهرها يعتمد على طابع القوة دون طرح حلول جذرية ، حلول لها علاقة بتغيير وتحسين سلوكيات الكثير من المسؤولين عن هذا العنف ، بعد انتهاء مهمة قائد الشرطة السابق ، سارع نتنياهو الى تعيين قائد جديد للشرطة من أصل يمني ، الشق الأخير من أسمه عربي " روني الشيخ " رغم أن أياديه ملطخة بدماء أحد قادة حماس المبحوح ، فقد كان هذا القائد الجديد المسؤول المباشر عن اغتيال المبحوح ( أشكره ) في دبي ، قبل فترة وجيزة .

كل من عرف هذا القائد من المواطنين العرب ، لم يسبشر خيراً عن تعينه لأنه ينضح بالعنصرية ، وقد عرف نفسه بسرعة عندما أعلن في مدينة ايلات امام جمع من اليهود ، بأن العرب لا يحترمون ولا يقدسون الأحياء ، بل يقدسون الموتى ، عكس رؤية اليهود للحياة ، كيف يمكن لمثل هذا القائد ان يأخذ جانب المصداقية والحد في معالجة حالة العنف في الوسط العربي ، لقد سارع الى تقديم اقتراح بتجنيد أكبر عدد من المسلمين في سلك الشرطة ، هدف هذا الاقتراح هو اثارة النعرات الطائفية بين المواطنين ، لأنه طالب بتجنيد المسلمين بشكل خاص ، كما اقترح بفتح مراكز جديدة للشرطة في القرى والمدن العربية ، مع العلم ان المدن والقرى العربية التي يتواجد بها مراكز للشرطة تعاني من ظاهرة العنف أكثر من غيرها ، لأن الشرطة فيها لا تكافح العنف ، ولا تتعاون مع المواطنين ، بل تتعامل معهم بفوقية وصلف وبأساليب عنيفة .

قبل أسبوع تقريباً ، قرر روني الشيخ إقامة وحدة خاصة من رجال الشرطة العرب ، على ان يكون قائدها عربي ، هذا يذكرنا بالفصيل الذي أنشأته بريطانيا أثناء الثورة الفلسطينية عام 1936- 1939 ، وكان جميع افراده من المواطنين العرب  لضرب العرب ببعضهم البعض، هذا الأسلوب هو عودة للأسلوب الذي استعملته حكومات حزب العمل الصهيوني ، اقامة دوائر عربية في العديد من المؤسسات ، مثل نقابة المعلمين ، والهستدروت وغيرها .

أن هذا الاقتراح ما هو الا هروب من مسؤولية مكافحة العنف في الوسط العربي لأن رجال الشرطة العرب لن يكونوا أفضل من زملائهم اليهود في مكافحة العنف ، الهدف من إقامة هذه الوحدة ، أولاً كي تكون بوابة للتجنيد والخدمة المدنية ، وثانياً لتحميلها مسؤولية فشل مكافحة العنف في الوسط العربي .

ان تقصير الشرطة لا يعفي المواطنين العرب من مسؤولية تفشي ظاهرة العنف ، لأننا نعرف بأن الشرطة جزء من سياسة التمييز القومي في تعاملها مع العرب ، نحن من وجهة نظر المؤسسة الحاكمة ، المدعومة من قطاع كبير من اليهود ، لا نختلف عن أية فئة واقعة تحت الاحتلال ، لكنه احتلال مغطى بعباءة مدنية وليست عسكرية .

العنف لا يقاوم بمضاعفة عدد دوريات الشرطة داخل مدننا وقرانا ، مقاومة العنف بحاجة الى تخطيط علمي تربوي ، ثقافي ، اقتصادي ، لا يمكن التخفيف من العنف في ظل هذا التراكم السكاني في مدننا وقرانا ، كل اسرة تحولت الى حمولة ، وكل حمولة قسمت الى حمائل ، لها قادتها ودورها في اثبات وجودها داخل مجتمع مأزوم من الفقر والبطالة والجهل والفراغ الفكري والفني والسياسي .

كيف لا تتولد مظاهر العنف داخل اسرة يقطع ولي أمرها كل يوم عشرات الكيلو مترات للوصول الى عمله ، هناك عمال من الجليل الأعلى يعملون في اشدود وريشون لتسيون  وحتى ايلات ، يعودون الى بيوتهم يومياً ، هذا القهر العمالي يعتبر عاملاً ضاغطاً على الأعصاب والأسرة.

في نفس الوقت علينا الاعتراف بأن الكثيرين من بيننا لديهم مخزوناً من الجينات النائمة من العنف ، وهذه الجينات قابلة للتكاثر وتتجدد ، بسبب الطروف الاقتصادية الصعبة وعدم وجود أطر شبابية تحمي شبابنا وتفجر طاقاتهم ، ونتساءل عن الوسائل والبرامج والنشاطات والفعاليات والملاعب والنوادي والمؤسسات  التي وفرتها البلديات والسلطات المحلية .

 علينا أن لا ننكر بأن مجتمعنا مجتمعاً عشائرياً ، رغم البيوت والفيلات العصرية والسيارات الفارهة ، أن مجتمعنا بنيته عشائرية قابلة للإنفجار في أي لحظة ، وما زال شعار( أن على أبن عمي ، وأنا وأبن عمي على الغريب ) يحيا بيننا  والمصيبة أن الغريب لا يكون غريباً بل يكون جاره ، أو ساكناً في بلده ويعيشون في ذات الهم وذات الجرح وذات التمييز  .

المؤسف أصبحنا نعيش في ظروف هشة ، يابسة ، قابلة للحريق في كل لحظة ، فقط ننتظر عود ثقاب صغير .. ثم تشتغل غابات العلاقات والتآخي والجيرة .

يقال أن أحد السحرة وضع مسحوق الجنون في بئر ..فشربوا أهل القرية ..و اصيبوا جميعهم بالجنون ، وبقي الساحر يسخر منهم .. ونحن اصبنا بجنون العنف والمجتمع اليهودي يسخر منا ويسهر الليالي يحكي حكاية عنفنا .. اليست كفر مندا حالة تستحق السخرية .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف