الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

من ساء خلقه عذَّب نفسه ..بقلم: د. حنا عيسى

تاريخ النشر : 2016-05-04
من ساء خلقه عذَّب نفسه ..بقلم: د. حنا عيسى
من ساء خلقه عذَّب نفسه ...
بقلم: د. حنا عيسى

أستاذ القانون الدولي

صلاحُ أمرِكَ للأخلاقِ مرجعُه … فقوِّم النفسَ بالأخلاقِ تَسْتَقِمِ

والنفسُ من خيرِها في خيرِ عافيةٍ … والنفسُ من شَرِّها في مرتع وخمِ

  (أحمد شوقي) 

 
عوضاً عن أن تكون التأثيرات الخارجية القانونية والعرفية مقاداً لنا فقد اهتم المسيح بوضع القيم الأخلاقية والأدبية في الإنسان والتي أحياها في كل منا. وهذه القيم الموجودة في أعماقنا لم نكتسبها بواسطة التأثيرات الخارجية وإنما بحياة يستطيع الإنسان أن يعيشها "بمحبة الله ومحبة القريب ومحبة الذات" "أحبوا بعضكم بعضا" (يوحنا 13;34 ) هذه هي القوة التي تمكننا أن نتجاوب مع أعماق ضميرنا.

محبة الله تمكننا أن نفهم أهدافه السامية، وعندما يمارس أفراد أزواج وجماعات هذه المحبة الشاملة فهناك يستطيع الإنسان أن يرى التباين في الحياة. بقدر ما يعيش الكل ذلك فبأكثر قدر تبدو عدم أهمية القواعد الخارجية الدنيوية بتفاصيلها.

على الرغم من ذلك وعلى سبيل المثال إن "الوصايا العشرة" من العهد القديم لا تعتبر قديمة وإنما لا تزال حاضرة اليوم بتأثيرها فينا. الوصايا العشرة لا تخضع للقواعد النموذجية وإنما تتجاوب مع تفاصيل التطور الحضاري. النبي موسى كان قد أوحي له بقيم أخلاقية عالية المستوى ولكنه على ما يظهر قدم ذلك إلى شعبه غير البالغ فكرياً بأسلوب مبسط ليسهل عليه فهمه. تلك القيم الأخلاقية الأساسية موجودة نفسها في المسيحية واليهودية وفي الإسلام، وهناك قواعد وأسس مماثلة لها في جميع الديانات الأخرى، حيث تبين ذلك في: "الإعلان المنبثق عن البرلمان للأديان العالمية بعلم الأخلاق.

 كيان الموضوع يدور حول ما يلي: معاملة الإنسان للآخرين كما يريد هو أن يعامل من الآخرين ؛ معنى ذلك عدم إلحاق الضرر بالآخرين وإنما تقديم المساعدة للغير. إن ذلك ضرورة مصيرية في حياة الإنسان"فالإنسان يحصد ما قد زرع" (الرسالة إلى أهل غلاطية 6,7 ; 2.كورنثس 9,6 ) أهم المقاييس في حياتنا في العصر الحاضرهي كما ورد في صلات "أبانا الذي في السماوات" – " ليأتي ملكوتك" ( متى 6 )، وكما وعظ المسيح في عظة الجبل "الودعاء يملكون ملكوت الأرض".

وبمعنى آخر هناك عدة وجهات نظر تنتج عن ما ذكرنا سابقاً وهي ضرورية جداً في مختلف مراحل كياننا الحياتي. إن الأخلاقيات في عظة الجبل تعتبرها بعض العقائد المسيحية وحتى لو كان ذلك غير صحيح بأنها "نزاهة أخلاق" فقط. وهي في الواقع لا تعطي مقياساً اوتوماتيكياً لتصرفاتنا كمثلاً على ذلك، فهي لا توصي بإتخاذ قرارات سياسية معينة؛ ولكن ممكن إعتبارها جدولاً لذلك. وحيث هناك علاقات مشتركة بين البشر فهي تقود الفرد إلى الشعور بالمسؤولية المتبادلة في الحياة الاجتماعية المشتركة "نزاهة الأخلاق" هذه المطلوبة في خاصة حياة كل منا،لا يجب علينا أن نتوقعها أوتوماتيكياً في كل فرد منا، وهذا بالذات ما كان ممكن أن أراد المسيح أن يقوله.

كل فرد منا مسؤول عن قسم من ما يحدث في هذا الكون، وحصته هذه لا يستطيع أن يحملها للغير فيما إذا أخطأ بتصرفاته. إن اتهام الآخرين بالذنب ليس هو غالباً جدير بالصواب، كما هو مألوف عادة في النزاع القانوني. وأيضاً هناك مجموعات وغيرها يقومون بأعمال مفروضة عليهم إيجابية أو سلبية من خلال "حقل علمهم" الذي يمثلونه فهم يحملون أيضا مسؤولية إضافية. فبذلك يحتاجون جميعهم إلى ما يسمى بالقوانين الأخلاقية (كما هو موجود في قوانين الشرف المهنية). بالإضافة إلى الأخلاقيات الفردية فالمجتمع بحاجة إلى "الأخلاقيات البناءة". تطبيق القوانين بحذافيرها فقط لا يستطيع أن يحل وحده محل ما ذكرناه سابقاً.

فالوصايا من النبي موسى هي، " أنا الرب إلهك، لا تعبد اله غيري إلى جانبي. ولاتحلف باسم الله بالباطل. وقدّس يوم الرب/ يوم السبت. و أكرم أباك وأمّك (فيطول عمرك في الأرض التي وهبك الله إياها، ولا تقتل/لا تجني على أحد. لا تزني. ولا تسرق. ولا تشتهي بيت قريبك، ولا تشتهي إمرأة قريبك، خدمه، خادماته، عجله، حماره، كل ما يملكه قريبك. و لا تشهد بالزور ضدّ قريبك. ولا تكذب".

والأسس الأخلاقيّة في القرآن الكريم، "لا تجعل مع الله إلهاً آخر. يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله. وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً. ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله. ولا تقربوا الزنى. والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءاً بما كسبا نكالاً من الله. فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فأن الله يتوب عليه. يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين".

والأسس الأخلاقيّة العالميّة هي الحوار حول التفاهم الديني، وبما يتعلق "بالأسس الأخلاقيّة العالميّة" لم يدور حول ألوهيّة الأديان المختلفة، وإنّما كان الهدف بما يتعلق بالبوذيّة على سبيل المثال الوصول بالاعتراف الإجماعي "كآخر الحقائق الواقعيّة" بأن هناك يوجد شيئاً آخر في ما وراء الحقائق الماديّة.

والأسس الأخلاقيّة العالميّة هي الإلتزام بالتراث الحضاري في التخلي عن العنف وإحترام الحياة بشكل عام، والإلتزام بالتراث الحضاري في الإعتراف بالمساواة بين علاقة الرجل بالإمرأة (وضد التصرّف الهدام في العلاقات الجنسيّة)، والإلتزام بالتراث الحضاري في مضمار التعاضد والتعاون المشترك للوصول إلى العدالة في الأنظمة الإقتصاديّة العالميّة، والإلتزام بالتراث الحضاري في إطار التسامح والعيش المشترك بأمان.


"إذا أردت أن تعرف أخلاق رجل فضع في يده سلطة ثم انظر كيف يتصرف"

(ألبرتو مورافيا) 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف