الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

بطاقة بحث عن - والدي - في عيون الذكرى بقلم سفانة بنت ابن الشاطئ

تاريخ النشر : 2016-04-30
بطاقة بحث عن - والدي - في عيون الذكرى بقلم سفانة بنت ابن الشاطئ
أيتها المسافات .. دعيني أحرر مفرداتي من سلاسل الكلمات المنمقة وأعود طفلة تمشي على أسوار الذكريات .. تلتقط من التاريخ أجمل البطولات .. حيث ترسخت أسماء ابطالها في سجل العز وفي عمق الذات

جزائري الحبيبة نعم حبك أدمنته منذ الصغر .. فأدراج ذاكراتي تكتظ فيها الصور .. و دفتر يومياتي ملونة صفحاته بألوان الشوق .. و أحبة حروف أسمائهم لآلئ يزداد بريقها مع مرور الزمن .. و اليوم جمعتنا الذكرى.. لتأخذنا في رحلات من نوع خاص ..

...................

أحاور الذكرى المسافرة إلى أراض بعيدة ..
خلف ذرات من التراب ...
لم أعرفها ولم تعرفني ..
الغصة تستأنس بالصمت ...
أقف عاجزة أمام الحروف الساجدة في محراب الفراق ...
أمواج الدمع تمور...
والأفكار تتشعب بين الدروب المبعثرة ..
وعند تخوم الدهشة تتجمد الدماء في العروق الملتهبة شوقا ...
وبين فراغ المسافات يسكن الضجيج وتنتفض لغة القلق ..
ظل روحك يا والدي الغالي معلقة على أستار روحي ..
فكيف لا يفيض من الكلمات الحنين
و لا تمتلئ كؤوس الفراق بالوجع ..

..............................

ها نحن نلتقي اليوم لــ نعيد تقليم الكلمات فــ تبدو نابضة بالصدق في ثوب شفاف لكنه قاتم و أنيق .. و بعيدا عن ينابيع الصمت التي أغرقتنا بالذهول منذ زمن .. ليتردد صدى الكلمات في عمق النبض.. تعانق الوعود المسجاة في القلب

................................

فــ يا والدي
سَأبْنِــي مــنْ حُبِّــكَ عُشًــا..
وأنْسُــجُ مِــن غُصْــنِ مَجْــدِكَ أفُقًــا..
وأحْفــظُ عَهْــدكَ..
سَأفْــرشُ فــي عَينَيْــكَ الصَّغِيــرَتَيْنِ ..
كُــل أحْلامنَــا البَعِيــدَة عــن فِلسْطيْــن ..
أقْــرَأُ فِيهمَــا أوجَــاع المَنْفَــى ..
ولَيَالِــي الانْتظَــار ..
و أرسم لوحات عز لجزائرنا
فيعرش ياسمين الشام بين الهدبِ
حَلمَــتْ بــكَ يَا أبَتِــي مُقَــل الضُّحَــى فــي كُــلِّ حِيــن..
رَحَلْــتَ..!!
فكَسَــرَتْ الذِّكْــريَات مَــرايَا الإحْسَــاس ..

.........................

الآن أرى الصمت يُطأطئ رأسه في انحناء و تبجيل لذكراك..يمد يده اليمنى يطرق أبواب الأبجدية لتنطلق الكلمات فُرادا و جماعات تصفّ السطور إيذانا بوصف غير إعتيادي لشخصية غير إعتيادية .. أمامها تعجز حتى المشاعرفي ترجمة خلجاتها لصور و معان ..

فقلبي الذي عشقك منذ النبضة الأولى للحياة لم يعتد للآن على غيابك و لا على الحديث عنك و عن أتون هذا الغياب ..و عند عتبات الذكري

يَتَلَعْثَمُ الحَرْفُ المُعتَّقُ بالهَوَى
وَيَفُورُ حُزْنٌ ساقـَهُ نَجْمٌ أفَلْ
فَتَجَذَّرَ الألَمُ المُخَضَّبُ بالوَجَلْ
وَسَبَى مَلامِحَ وجْهِيَ المدفونِ في عبِّ الأمَلْ
وعلى الخدودِ تُجيِّشُ العبَرَاتُ أرْتالَ النَدَمْ
يَتَبَعْثَرُ الحلمُ المَهِيبُ على ضِفَافٍ
تَعْشقُ الوجعَ المُسَافرُ
بين أنفاسِ العَدَمْ
تتسَمَّرُ اللَّقطاتُ في عيني..
على مَرْمَى حُلُمْ
وربيع عمري
يَعْصُرُ الكلماتِ مِنْ صَدْري
فتَخْضَرُّ الجِراحُ..
تَؤُزُّني أَزًّا..
وتَكْتُبُني على نَوافيرِ الأسَى
حُمَّى انْتِظارْ
وِيَلُوذُ بالصَمْتِ القَرارْ..!
يَتسَكّعُ النّزْفُ المُخاتِلُ
في الثنَايَا ضاحكا
ويَهُشُّ قَلْبي
يَرسُمَ العِشْق المُعَوْسَجَ بالدُّموعِ
عَلَى جَدارٍ الإنتظار

...............................


فابن الشاطئ الوالد الإنسان .. الشاعر الأستاذ .. المعلم الفاضل و الأب الحنون .. الموجه و القدوة ليس لي و لإخوتي فحسب و الذين تربتوا و ترعرعوا في كنفه بل لمئات الطلاب و الطالبات .. و الشعراء و الشواعر و الأدباء و الأديبات ..

من أين أبدأ ...؟؟
أأتحدث عن لطفه و لباقته و قلبه الكبير الذي يتسع لكل الناس و الذي تحمّل بكبرياء قسوة الزمن و قسوة البعض و ممن أحبهم ..


أم أحدثكم يا سادة عن صفة تكاد تكون حاليا عدوة لأغلب المبدعين أو من يسيرون على طريق الإبداع

هي صفة يكاد لا يعرفها الكثيرين في زمننا وهي " التواضع " نعم لقد كانت هذه الصفة الوجه الحقيقي لشخصية ابن الشاطئ الإنسان بل منصهرة في تفكيره و قناعاته.. و لهذا حدثتكم عنها لأنها ميزة مهمة ومن أهم ميزاته..فكلما كان يعلو نجمه يفاجئك بتواضعه .. ولم يُلحظ يوما أن تغيرت تعاملاته أوعلاقاته و لا تواصله مع الصغير قبل الكبير .. و لهذا تجد محبيه من كل الأعمار و من مختلف الثقافات .. و من كل المستويات ..فمن تدرج على سلم الحياة و عاش مراحلا كثيرة و مستويات مختلفة لا يمكن أن يغيره أي طارئ و لأن " الأصيل لا بد أن تكون شخصيته موشومة بالأصالة "

فكيف يكون مع زوجته و مع أبنائه .. كانت هيبة الوالد تتعاظم يوما بعد يوم وعلى خط موازي يتعاضم حبه في قلوبنا دون أن يمتطي صهوة الصراخ أو التوبيخ بل كان سلاحه دوما اللطف و الرقة و الحنان يحاورنا بهدوء تام وبحب تعكسه عيونه والتي كثيرا ما اغرورقت بالدموع .. لذا كنا من خلال كلماته نتلمس أخطاءنا .. زلاتنا .. و مكامن الضعف فينا .. ومنها نستمد القوة و الكبرياء فهي محفزنا و سلاحنا في مواجهة الحياة .. وأملنا في الاندفاع بعزم في طريق خط لنا بيانه لأنه أقوى سلاح وهو متابعتنا للتحصيل العلمي .. لنحقق أحلامنا قبل أن تتحق أحلامه فينا ..

لم يكن يوما أنانيا كالكثير من الأباء و لا متطلبا .. ولم يكن قانونه العضلات .. و لم يعشق الدكتاتورية رغم الحاجة للتربع على عرشها أحيانا ..بل كان مؤمنا بحرية الرأي ومشجعا لقول الحقيقة .. و محاربا للتزلف ..

لذا حرص على إنشائنا في بيت سمته النقاش و تبادل الآراء مما سهل تشكيل شخصياتنا المتوافقة مع مبادئه و قيمه .. و أهم ركيزة لها الكرامة التي لا يمكن أن نفرط بها مهما جار علينا الزمن أو الأحبة ..
كان قريب منا ومن مشاكلنا و من كل صغيرة و كبيرة تخص حياتنا .. يداوي جراحنا ببلسم حنانه كما يسهر على شفائنا .. فقد اعتاد رحمه الله أن يشارك والدتي بمتابعة أي علاج لنا أثناء المرض.. فكم مرة سهر على وضع كمادات الماء البارد على جبيننا .. وتقديم الدواء لنا في مواعيده أو كوب مشروب ساخن

لذا كان مرض أختي الغالية ميسون عامل كبير في ضعفه ..و انهياره نفسيا .. فكيف بفراقها رحمها الله .. لم تغب عن فكره يوما ولا عن قلمه و لا عن قلبه .. وتشاء الظروف و القدر أن يفرقه بينه و بين زوجته و أغلب أبنائه .. تضحية كبيرة لقلب ابن الشاطئ الوالد ولكنها كانت ضرورية في سبيل المضي قدما في مستقبلنا ..

وكان الفراق المتقطع .. و رحلة الحياة تمضي أيضا .. ليتزوج أغلب أبنائه و يولد أولى أحفاده وهو بعيد عن هالة الفرح .. فقانون الساسة يا سادة ليس له عنوان و لا مشاعر .. كما هو قانون الكرامة ليس لها بديل آخر .. ورغم كل هذا لم ينقطع عنا شريان حبه و حنانه و لا لهفته و كلماته .. فقد طوت المسافات .. و رممت كل شعور بالفقد ..

فكيف لا ننهار يا والدي الحبيب بعد غيابك .. لذا أجدني هنا أبحث عن الكلمات لأتحدث عنك رغم تزاحمها في تجاويف القلب .. فأجدها تبكي شوقا و حنينا .. كيف لا تبكي على فراقك يا أبتي الحروف .. وأنت من علمتنا نجيد تشكيل المعاني و رسم الصور .. و حفرت في دواخلنا كل جميل ..

فالبكاء ليس سلاح الضعفاء بل هو دليل أكبر على حجم الفقد و مقياس الحب .. و نبض القلم

وهنا استذكرمقالا نشر للكاتب الفلسطيني سمير ابو زيد قباطية في دنيا الوطن رد فيه عن نص كتبته بحبر العيون :

"اقتباس"

والد مثل والدك يا سفانه كاتب وشاعر ومناضل ومدرس وصحفي ارفعي رأسك به ولا تحزني لكني ماذا اقول فوالله على مثله تبكي البواكي وحرى بنا ان نحيي ذكرى كل الرجال المخلصين من أجل وطنهم وعلى كل واحد فينا ان يعيدهم الى ذاكرة اجيالنا الحاضرة المغيبة

صحيح انه غيب عن الدنيا بعيدا عن وطنه ومسقط رأسه (الجسير) جنوب فلسطين ، لكنه لم يشعر بهذا البعد يوما لأنه كان يحمل هموم كل بقعة من الوطن العربي تماما كما يحمل هموم فلسطين لقد جسد العالم العربي كله هما فلسطينيا سواء في الصحف أو الاذاعات التي أشرف على الكثير من برامجها أو الصحف والمجلات التي كتب فيها أو أشرف عليها أوالاتحادات التي ساهم في تأسيسها

"انتهي الإقتباس "

وهنا أقول :

أيها السارقون ..
دعوني أعود طفلة تحبو على سجادة القضية
أسقط تارة .. - لا يهم -
فــ بعد كل كبوة لي وقفات مع الشموخ ..

أنثى أنا
لا تؤمن بــ " الإستسلام "
فــ منذ الصرخة الأولى
ولِدَتْ أولى انتفاضاتي
و بذور والدي - رحمه الله - *
كانت كبرياء
و قلم يقصف جدار الصمت
و لا يخشى ..
يعري النذالة و الخيانة
و لا يسأم
روى موهبتي ..
فنما في محبرتي " الكبرياء "

أيها " السارقون .. "
من أنتم ..؟؟؟
أحلامي هي الحقيقة
وهي " المشيمة " التي تربطني بالحياة
وهي " مشروعة "
فــ العودة " حق "
و ليس بــ " قرار "

............................


كيف تستكين أرواحنا و الصور تنهال علينا كشلال مطر .. لــتزيد من الحنين إلى أحب الناس لـــــلوالد رحمه الله من حيث لا ندري
كان حلمه المتخندق بين مفتاح (الدار) ، رحلنا معه إلى ربوع ذلك الحلم المُحق و الذي تعاظم عاما بعد عام حتى وصل حلق السماء .. و غص من مرارة الواقع

و بين أنياب الذكرى نجمة ثامنة أعلقها في سماء الفقد لتضيء سماء الحنين ببعض الكلمات المسجاة في قعر الذات

يـا ساكـن الـروح وهــيَ الآن تُنْتَزَعُ
يَسْري لِفَقْدِكَ فيها الحُزْنُ والفَزَعُ

رَحَلْتَ كالنَّجْمِ عَنْ دُنْيَـا نَثَرْتَ بِهـا
خَيْرَ الفِعالِ.. وَأَنْــتَ العالِمُ الوَرِعُ

أَسْلَمْتُ قَلْبي لِنابِ الحُزْنِ فالْتَهَبَتْ
مَجامِري.. وسَخينُ الدَّمْعِ مُنْدَفِعُ

بالأَمْسِ ساحَ دَمي واليـومَ أنْـتَ، وَلَمْ
تُوَدِّعاني.. وفارَ الجُرْحُ والوَجَعُ

ماذا أقولُ ودفْقُ الحُبِّ غَيَّضَهُ
هَمٌّ تَفيضُ عَلَى أوْداجِهِ البِدَعُ

الشِّعْرُ والنَّثرُ والإعرابُ في كَمَدٍ
مَنْذا سِواكَ لِعِزِّ "الضَّادِ" مُنْتَجَعُ

مِنَّا انتُزِعْـتَ انْتِزاعَ القَلْبِ مِنْ جَـسَـدٍ
أَيَستوي جَسَدٌ والقَلْبُ مُنْتَزَعُ..؟!


* سفانة بنت ابن الشاطئ في الذكرىالثامنة لــ وفاة والدي الشاعر الكبير اسماعيل ابراهيم شتات " ابن الشاطئ "
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف