الأخبار
تصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونس
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حسن الباش ..الباحث عن الفقراء بقلم خليل الصمادي

تاريخ النشر : 2016-04-30
حسن الباش ..الباحث عن الفقراء بقلم خليل الصمادي
حسن الباش / الباحث عن الفقراء
خليل الصمادي / الرياض
عرفت القضية الفلسطينية كثيرا من الشعراء والأدباء والكتاب ولم أقف أي منهم لم تؤرقه القضية فتناولها في أدبه وشعره وكل حياته، وحتى أنك تجد الكثير منهم حركه شعره وأدبه فخاض ميادين الجهاد والنضال كما قرأنا في سيرة نوح إبراهيم وعبد الرحيم محمود وعلي فودة وغسان كنفاني وناجي العلي ولما خبت المقاومة ضد العدو المحتلة ولا سيما ممن هم خارج البلاد أي فلسطينيي الشتات توجه المناضلون منهم إلى مواقع أخرى يقدمون خدمات لشعبهم الفلسطيني كل حسب قدرته.
ومن هؤلاء المرحوم الدكتور حسن مصطفى الباش الأديب والشاعر والباحث والمتعمق في تاريخ الصراع العربي اليهودي وفي مقارنة الأديان وقبل الولوج في عالم حسن الباش الخيري لا بد من تسليط الضوء على وضعه الأكاديمي
ولد في طيرة حيفا عام 1947. خرج من الطيرة وهو لا يعي من الدنيا شيئا وحطت به الرحال منذ عام 1954 في مخيم اليرموك وفي شارع القدس بالتحديد بالقرب من مركز الأونروا لتوزيع المؤمن ،في الطريق المؤدي إلى مقبرة الشهداء وإلى الشرق من جامع فلسطين وإلى الجنوب منه شارع الشهيد إحسان كم الماز السوري الشركسي الذي روت دماؤه أرض فلسطين ففي هذه البيئة ذات المسميات الوطنية نشأ حسن الباش ونشأت معه الأخلاق الطيبة التي عرفها الجميع ، تابع دراسته الابتدائية والإعدادية ثم الثانوية في دمشق وحصل على الإجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق في العام 1973. عمل في مجال التعليم لمدة طويلة، ثم ترك التعليم ليعمل في الصحافة وليتفرغ للكتابة فقد ترك أكثر من أربعين مؤلفا أذكر منها : ديوانه الشعري الأول "من الجرح يبتدئ البرق» 1978، ثم "مسافر وزادي معي" / دمشق 1983 وانتقل من الشعر إلى التراث الفلسطيني فكتب في الأغاني الشعبية وفي المواويل وغيرها ثم انتقل إلى الدراسات الأكاديمية المعمقة فأبدع فيها وأصدر عشرات الكتب منها : القرآن والتوراة أين يتفقان وأين يلتقيان / الكتاب والتوراة / موقف الإسلام من السحر والعرافة / منهج التعارف الإنساني في الإسلام / العقيدة النصرانية بين القرآن والإنجيل / القدس بين رؤيتين / الإنسان في ميزان الإسلام/ زحف العنصرية ومواجهة الإسلام.... وغيرها من المؤلفات
حصل على الدكتوراه من السودان ومارس التدريس الجامعي في مجمع أبي النور الذي كان يشرف عليه مفتي الجمهورية الشيخ أحمد كفتارو واختص في مقارنة الأديان وكتب عشرات المقالات فيها ونشرها في مجلات الجهاد الإسلامي حيث كان مشرفا على القسم الثقافي فيها من مجلة الجهاد إلى المجاهد وإلى الإسراء وإلى الخيرية وغيرها
وأما نشاطه الخيري فهو لازمه طيلة حياته فمذ أن وعى على الدنيا فبالرغم من نشأته في بيئة فقيرة ومتواضعة فقد جعلته يحس بالآخرين ويمسح الدموع عنهم وتوج ذلك بعد حصار المخيم فعمل في لجان منكوبي مخيم اليرموك إذ كان مشرفا على جمعية القدس الخيرية وكان بنفسه يشرف على توزيع المساعدات وإدخالها للمخيم إذ كان مقره في منطقة الزاهرة القريبة من المخيم ويقوم بتسجيل أسماء المحتاجين والاتصال بهم كلما تسنى له الحصول على مساعدات خيرية هذا بالنسبة للفارين من أتون المعارك للخارج، أما الذين حوصروا بالمخيم فقد كان يبذل كل ما يستطيع تقديمه لهم مرة من قرب جامع البشير ومرة من سيدي قداد ومرة من بيت سحم ومرة من ببيلا وهكذا .
ترجع معرفتي به قبل أربعين عاما ونيف يوم كنت طالبا في الصف الثاني ثانوي وذلك عام 1974 إذ كان في صفي الصديق عبد الرحمن الباش فزرت عبد الرحمن مرة فعرفني على شقيقه الأكبر حسن الذي كان يكبرنا بعشر سنوات وكان قد تخرج حديثا من قسم اللغة العربية بجامعة دمشق فوجدت فيه الشاب الطموح المثقف الحريص على تعليم أبناء شعبه فأخذ يحثنا على المثابرة والاجتهاد وتقديم المساعدة الدراسية لنا إن احتجنا ، ودارت الأيام وكان لنا مكتبة بشارع لوبية فحضر عندنا حاملا عددا من مؤلفاته لعرضها في واجهة المحل ونزلنا عند رغبته وعرضت كتبه أمام الناس وتوالت إصداراته العديدة وكنا نتابعها باستمرار لما تحمله من هموم القضية ، أذكر مرة أنه قد زارنا الشاعر حسن البحيري فأحببت أن يكون معنا حسن الباش فيومها لم يكن وقتها الجولات وحتى الهواتف الأرضية كانت محدودة فركبت الدراجة وتوجهت إلى منزل حسن كي أدعوه عندنا ففرح كثيرا واستقل دراجته أيضا وانطلقنا لبيتنا الذي وصلناه بعد ربع ساعة حيث حلا اللقاء بين الحسنين ابني طيرة حيفا ، وتوالت بعدها اللقاءات في الندوات الفكرية والثقافية حتى رجعت بعد خبر وفاته أحصر ذهني عن آخر مرة التقيته فأسعفني دفتر ذكرياتي ففتشت به فوجدت ضالتي بما كتبته في يوم الأحد 19 /1/ 2014 أي قبل سنتين ونيف قرأت فيه : نزلت مع صديقي أوس إلى أطراف المخيم وزرنا الدكتور حسن الباش في مقره بجمعية القدس الخيرية بالزاهرة وقد كان متفانيا في عمله يستلم دفاتر العائلات ليسجل لهذا ويرشد هذا ويسلم هذه بطانية وتلك كرتونة ...خرجنا معه إلى دوار البطيخة وهناك رأيت شقيقه صديق القديم عبد الرحمن الباش فسلمت عليه، كان حسن مهموما بسبب كيفة إدخال ربطات الخبز للمخيم حيث إن الاشتباكات حالت دون ذلك .
هذه آخر ذكرياتي مع الرجل الطيب .
وخلال تلك الفترة تعرفت أيضا إلى شقيقه أحمد الذي برع في أدب العودة فكتب عشرات المقالات في اختصاصه وأنتج العديد من المواد الأرشيفية عن القرى الفلسطينية المهجرة والمدمرة كما أنه أجرى عشرات المقابلات مع من تبقى من رجال فلسطين الشاهدين على النكبة أرجو ألا تكون قد ضاعت كما ضاع المخيم ، كما تعرفت قبل الخروج من المخيم على نجله الطيب وسام الباش الذي كان يعمل صحفيا في بيت فلسطين للشعر وفي مجلة العودة فأثرى المواقع الفلسطينية والمنتديات بمواد إعلامية رائعة.
رحل حسن الباش الرجل الطيب العالم العامل،الذي لم يغتر بشهادته العلمية ولم يكتف بلقب باحث في الشأن الفلسطيني بل نزل الميدان وأضحى بالفعل باحثا عن الفقراء والمساكين يواسيهم ويكفكف الدمع عنهم ويمسح أحزانهم وكم تمنى أن يعود مع شعبه إلى المخيم بعد محنته ويقضي ما تبقى من عمره في بيته ، ولكنه عاد إليه مسجى ليدفن في المقبرة القريبة من ملاعب صباه..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف