الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

وداعاً غابيتو..بقلم : محمود حسونة

تاريخ النشر : 2016-04-28
وداعاً غابيتو..بقلم : محمود حسونة
في الذكرى الثانية لرحيل غبراييل غارسيا ماركيز.
وداعاً غبراييل غارسيا ماركيز ، وداعاً يا أكبر كولومبي في التاريخ .
(هناك دوماً يوم الغد ، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل ، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبكم ، وأنني لن أنساكم أبداً)
حياة كثيفة غنية مشبوبة بحب الإنسان للإنسان إلى حد تثويره ، كثمن شريف لنضال إنساني تاريخي ، ما أجملك غابيتو وأنت تقاوم بالحب حتى آخر لحظة ، وتمضي وأنت توزع الورد والحب ، رغم الدم الناعم النازف من ثقب أحدثه الحب في قلبك الرهيف ، وأنت تقاوم الكره وتغازل القلوب ، إذن فأنت شهيد !!
غبرائيل : ( حافظ بقربك على من تحب ، اهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم ، أحببهم واعتني بهم ، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل : أفهمك ، سامحني ، من فضلك ، شكراً لك ، وكل كلمات الحب التي تعرفه)
شكرا غبراييل غارسيا ماركيز، لم يكن لك أن تكتب هذا الجميل ، إلا لأنك تحب الإنسان حتى وأنت في رعشة الرحيل الأخيرة .
أما أنا فأقول إياك أن تسأل من تحب إن كان يحبك ، لأن الحب يكون بلا ثمن ، فالحب هبة مدفوعة من الأعماق ، فهذا فعل الحبِّ الحقيقي ، ولا معنى له بغير هذا ، وإلا يصبح الحب قيمة تبادلية ، لا قيمة إنسانية ، الحب تدفق طوعي بلا خوف وجبن ، ودورنا أن نحب دائما بلا مقابل .
غبراييل : ( يا إلهي… إذا كان مقدراً لي أن أعيش وقتاً أطول، لما تركت يوماً واحد يمر دون أن أقول للناس أنني أحبهم ، أحبهم جميعاً ، لما تركت رجلاً واحداً أو امرأة إلا وأقنعته أنه المفضل عندي ، كنت عشت عاشقاً للحب )
لا تجبن في البوح بالحب والتصريح عنه ، فالخشية من البوح بالحب تعذب الروح ، ولا تعتقد أن الحب للأنثى فقط ، فأنت بذلك تحشر الحب في زاوية ضيقة بمنظور شهواني مراهق ، فهو أشمل مما تظن ، فالحياة تجود بسحرها بالحب لكل الناس ، لا تتردد في الحب للجميع ، فالحب حزمة واحدة إذا تفككت بهت وضاع سحرها ، لقد خلقه الله ليظل مشبوبا أبداً ، إن كنت توافقني فدع الكره ، وانطلق في براح الحب بلا حواجز ولا حدود .
غبراييل : ( آه لو منحني الله قطعة أخرى من الحياة لكنت كتبت أحقادي على قطع الثلج وانتظرت طلوع الشمس كي تذيبها ) سلام لك غبراييل ، هنا بالتحديد قيمة الإنسان المتسامح ، كل لحظة هي الفرصة الأخيرة للحب ، ونزع الحقد إذن ، لا ندري أنا و أنت متى يتم الاغتيال المباغت ! ولا أحد يثق بمجيء غده ، لكن الغد آتٍ رغما عنّا بالتأكيد ، فلتكن وصيتك الأخيرة لمن تحب أن يحيا بحبك المتقد حتى بعد الرحيل ، لتمض مطمئنا وأنت تعانقه وتقبّل وجنتيه الخجلى ، وسيشكرك كثيرا على الذخيرة النبيلة التي وهبتها لمواجهة الشرور .
غبراييل : ( الغد يأتي دائماً، والحياة تعطينا فرصة لكي نفعل الأشياء بطريقة أفضل )
المثرثرون كثيرون ، ما أكثرهم وأكثر كلامهم ، لكني لا أصمت حين يتكلمون ، لا أصمت إلا لمن كانوا مثلك محبين وعشاقا للإنسان وثوارا ، أما أولئك المثرثرون فيولدون صغاراً وينتهون صغارا ، أما أنت غبراييل فتموت ثائرا لا ممددا ، ألم تقل ؟ : ( لو وهبني الله حياة أطول لكان من المحتمل ألا أقول كل ما أفكر فيه، لكنني بالقطع كنت سأفكر في كل ما أقوله ، كنت سأقيّم الأشياء ليس وفقاً لقيمتها المادية، بل وفقاً لما تنطوي عليه من معان ) أنا أشعر بشعورك أيها الإنسان ، واسمح لي أن أكون مثلك غبراييل غارسيا ماركيز، إنّ الحياة منذ الولادة وحتى الرحيل هي ثورة ، ثورة حب وعمل ، على الكره وطواغيت المال الذين لا يألفون إلا بريق النقد ، ولا يستمتعون بلحن الطبيعة ، بل بسحق الإنسان و تسلق أجساد الفقراء ، علمهم يا غبراييل معنى الحب الدافئ للإنسان ، ما أشجعك وأنت تقاوم وتقول لهم ولنا !! لماذا نفعل ذلك ؟؟ ( لو كنت مخطئاً وكان اليوم هو فرصتي الأخيرة فإنني أقول كم أحبك ، ولن أنساكم أبداً ، ما من أحد، شاباً كان أو مسناً ، واثق من مجيء الغد ، لذلك لا أقلّ من أن تتحرك ، لأنه إذا لم يأت الغد ، فإنك بلا شك سوف تندم كثيراً على اليوم الذي كان لديك فيه متسع كي تقول أحبك ، لن تبتسم لأن تأخذ حضناً أو قبلة أو تحقق رغبة أخيرة لمن تحب )
ولأن أحدا لا يعرف لحظة الفراق ، التي لا تستأذن فلنحب بعضنا طوال الوقت ، فقد يسمح لنا ذلك بحراسة الروح ( عبّر عمّا تشعر به دائماً ، افعل ما تفكر فيه.. لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائماً ، لكنت احتضنتك بقوة ، ولطلبت من الله أن يجعلني حارساً لروحك )
لا يمكنني إلا أقول مثلك ، لكل الناس أحبكم جميعاً ، لكنني أرفض الاستسلام المهين للطواغيت والمتجبرين الصغار ، الذين لا يسمعون الأنين ، ويصنعون الموت ولا يطيقون الحرية للآخرين ، لست أدري ربما أقولها بقوة لأنني لست مثلك في معركة الموت ، ولكنني أعتقد أن ما أ قوله صحيحاً ، لذا يجب أن أقوله : علمهم حين يموت الحب يموت القلب ، ليصبح حضور الإنسان جثمان ، ما أكثر موتى الأحياء ، فالموت في الجشع و الحقد .
(كنت سأثبت لكل البشر أنهم مخطئون لو ظنوا أنهم يتوقفون عن الحب عندما يتقدمون في السن ، في حين أنهم في الحقيقة لا يتقدمون في السن إلا عندما يتوقفون عن الحب)
كم هو وضيعٍ من يلتهم أكوام الأكل ، ويتضخم حتى يتقيأ آدميته ، هؤلاء لن يخلفوا للإنسانية سوى الحقد و الفقر، لا يليق بي أن أشتم أحداً في حضرة رحيلك الأبدي ، لكن عذرا جبرائيل ، ولأنهم كانوا أحد أسباب رحيلك : استمعوا أيها الصغار : أنتم ستهرمون سريعا ، وستموتون ضعفاء ، لأنكم أردتم ذلك ، ترتعشوا أمام لحظة العز ، بل تقايضونها بأوجاع الناس ، غبراييل :( لو أن الله أهداني بعض الوقت لأعيشه ، كنت سأرتدي البسيط من الثياب ، كنت سأتمدد في الشمس تاركاً جسدي مكشوفاً بل وروحي أيضاً
كنت سأنام أقل ، وأحلم أكثر في كل دقيقة نغمض فيها عيوننا نفقد ستين ثانية من النور ، كنت سأسير بينما يتوقف الآخرون ، أظل يقظاً بينما يخلد الآخرون للنوم ، كنت سأستمع بينما يتكلم الآخرون)
سيد غابرييل غارسيا ماركيز ، أيها الكولومبي العظيم ، سأتذكرك في يقظتي ومنامي ، في منامي حتى لا أهدر ساعات النوم بلا ذكراك ، فأخسر جزء كبيرا من زمني المتاح ، ليتني لا أنام لأبقى مشتعلا ، فأنا أكره وقت الانطفاء ، والزمن المهدور حتى في الأكل !! وكم أسأل موتا عاصفا ، لا موتا هادئا ممددا على الفرش ، ولو أكسبني الله قطعة أخرى من الزمن ، سأظل أقاوم لتسلق الجبل ، كلما اقتربت من القمة امتد الجبل ، نرتفع معه وعليه إلى اللانهائي والأبدي ، أرتفع فيمتد الجبل ، كم هو شامخ من يتسلق الجبل ، فهذه روح النضال ، فلن أسمح للموت بأن يقتصّ مني دون ذلك ، اغفر لي إلهي الجبار .
( كم من الأشياء تعلمتها منك أيها الإنسان ، تعلمت أننا جميعا نريد أن نعيش في قمة الجبل ، دون أن ندرك أن السعادة الحقيقية تكمن في تسلق هذا الجبل ، تعلمت أنه ليس من حق الإنسان أن ينظر إلى الآخر، من أعلى إلى أسفل ، إلا إذا كان يساعده على النهوض ، تعلمت منك هذه الأشياء الكثيرة )
دفء الإنسانية لن ينطفئ بفراقك ، ستبقى للأبد نورا تضيء ، ونارا للدفء من صقيع الظلم المتفشي ، صحيح أنك خرجت من باب الدنيا ، لكن خروجك لتفتح بابا آخر ، فمثلك لا يموت ، ناضلت وأنت تصعد الجبل الممتد ، تمكنت من الصعود واستمتعت ، فيما الآخرون يعمهون في حظائرهم البهيمية ، فالموت الحقيقي في التملق و السكوت .
( لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار ، فاطلب من الله القوة والحكمة للتعبير عنها وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك ) أما نحن فسنبقى مصرّين على رسالتك ننقلها إلى الباقين ، لتساعدهم على تسلق جبلك الذي ذكرت ، كيف ومتى و أين ؟؟ كلما صعدنا خطوة ، لثمنا روحك التي سترافقنا ، بدلا من نظريات الجشعين المتسلقين ، أسياد الموت والقتل الرخيص .( قل دائماً ما تشعر به وافعل ما تفكّر فيه)
( كنت سأمنح الطفل الصغير أجنحة وأتركه يتعلم وحده الطيران )
سلام لك يا سيد غبراييل غارسيا ماركيز .
بقلم : محمود حسونة ( أبو فيصل)
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف