السراب
بقلم ذ.رشيد بلفقيه
قرب اليراع من فمه ثم نسم عليه مبعدا قُلامته بعد عملية بري عسيرة ، تبث وضع كرسوع يده على الورقة لكن سطحها الزلق عانده رافضا هذا الاستعلاء ولو لتلك اللحيظات المعدودات ، لذلك حاول أكثر من مرة قبل أن يتمكن من جعل يده تستقر عليه .
تأمل المسافة بين مقدمة القلم و الكاغد المقطب رآها برغم اقتضابها الظاهر ، مسافة يُندر كل ملمتر منها بأنه دغل كثيف النوايا عويص المسالك ، بادرها ككل بوح بالتجهم و بادرته ككل مرة بالعبوس . حاول التقدم أكثر ببطء شديد عبر ذلك الجدار الذي بدأ ينشأ و يعلو من حيث لا يدري ، كلهيب كاسح يلتهم المهادنات التي ربطته طيلة الساعات الماضية بالأمكنة ، كان أبعد ما يكون عن نفسه أقرب ما يكون من صورة دانكشوتية بطلها بريخت الورّاق الذي اختار الهرب من كل الجدارات المجسمة أمامه إلى ذلك الجدار الوحيد المتخيل المشكل من مجرد فراغ و وهم ، علّه يبلغ جنة الابلاغ على خشبة عُجنت لتتحول إلى ورق صقيل . فقط لينفي تُهمة الصمت عن نفسه أمام حشود لا يبصرها سواه .
كانت هناك ايضا قوة معاكسة خفية طفقت تدفع كل طرف في الاتجاه المعاكس مانعة أي اتصال للمداد بالبياض ، حاول مرار و لكن بلا جدوى . أخيرا و بعد أن كاد يفقد الأمل في قدرته على خدش البياض المقدس ، أحس أن ذؤابة القلم تلامس الأسطر المتوازية العصية على الفتح بصعوبة بالغة. التقط أفكاره و استمر في معركته المفتوحة ، لكنه أمام التعب الذي شعر به بدأت مشاريع بوحه تنط حوله مبعثرة لاهية شبه ساخرة وفق فوضاها الخاصة ولم يتمكن بعد هذا من ملاحقتها أو الامساك بها . أمست حركاته مع تقدم الوقت خطوات ثقيلة ، منهكة و ضجرة و بالكاد استطاع المحافظة على مقدمة القلم مستقرة على الورقة مكتفيا بمتابعتها بعينين شاردتين .
سؤال واحد ظل يذرع فكره بوضوح ، كيف سيغدو كاتبا إذا لم يستطع وسط كل هذا الاعوجاج تحريك القلم ليصدر صوتا أنينا حتى أو همهمة .
بقلم ذ.رشيد بلفقيه
قرب اليراع من فمه ثم نسم عليه مبعدا قُلامته بعد عملية بري عسيرة ، تبث وضع كرسوع يده على الورقة لكن سطحها الزلق عانده رافضا هذا الاستعلاء ولو لتلك اللحيظات المعدودات ، لذلك حاول أكثر من مرة قبل أن يتمكن من جعل يده تستقر عليه .
تأمل المسافة بين مقدمة القلم و الكاغد المقطب رآها برغم اقتضابها الظاهر ، مسافة يُندر كل ملمتر منها بأنه دغل كثيف النوايا عويص المسالك ، بادرها ككل بوح بالتجهم و بادرته ككل مرة بالعبوس . حاول التقدم أكثر ببطء شديد عبر ذلك الجدار الذي بدأ ينشأ و يعلو من حيث لا يدري ، كلهيب كاسح يلتهم المهادنات التي ربطته طيلة الساعات الماضية بالأمكنة ، كان أبعد ما يكون عن نفسه أقرب ما يكون من صورة دانكشوتية بطلها بريخت الورّاق الذي اختار الهرب من كل الجدارات المجسمة أمامه إلى ذلك الجدار الوحيد المتخيل المشكل من مجرد فراغ و وهم ، علّه يبلغ جنة الابلاغ على خشبة عُجنت لتتحول إلى ورق صقيل . فقط لينفي تُهمة الصمت عن نفسه أمام حشود لا يبصرها سواه .
كانت هناك ايضا قوة معاكسة خفية طفقت تدفع كل طرف في الاتجاه المعاكس مانعة أي اتصال للمداد بالبياض ، حاول مرار و لكن بلا جدوى . أخيرا و بعد أن كاد يفقد الأمل في قدرته على خدش البياض المقدس ، أحس أن ذؤابة القلم تلامس الأسطر المتوازية العصية على الفتح بصعوبة بالغة. التقط أفكاره و استمر في معركته المفتوحة ، لكنه أمام التعب الذي شعر به بدأت مشاريع بوحه تنط حوله مبعثرة لاهية شبه ساخرة وفق فوضاها الخاصة ولم يتمكن بعد هذا من ملاحقتها أو الامساك بها . أمست حركاته مع تقدم الوقت خطوات ثقيلة ، منهكة و ضجرة و بالكاد استطاع المحافظة على مقدمة القلم مستقرة على الورقة مكتفيا بمتابعتها بعينين شاردتين .
سؤال واحد ظل يذرع فكره بوضوح ، كيف سيغدو كاتبا إذا لم يستطع وسط كل هذا الاعوجاج تحريك القلم ليصدر صوتا أنينا حتى أو همهمة .