الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الشباب مفتاح الوحدة وحراس الحلم بقلم : رائد محمد الدبعي

تاريخ النشر : 2016-02-13
الشباب مفتاح الوحدة وحراس الحلم بقلم : رائد محمد الدبعي
الشباب مفتاح الوحدة وحراس الحلم

بقلم : رائد محمد الدبعي

       ساهم  انبثاق الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية عام 1987 في إعادة توزيع البنى المجتمعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ أن انطلاق الإنتفاضة من مخيمات قطاع غزة، وامتدادها لتشمل مختلف الأراضي المحتلة قد منح الطبقات الشعبية  الشابة في المخيمات والقرى والمدن زخما كبيرا، ومكنها من قيادة دفة الصراع مع الإحتلال بشكل عقلاني وحكيم، وزعزع البنى التقليدية للمجتمع، فعلى الرغم العثرات  التي واكبت بعض محطاتها، إلا أن القيادة الوطنية الموحدة نجحت بتحديد علاقة المواطنين بالإحتلال، القائمة على  العصيان والتمرد، وشكلت  بياناتها المختلفة، وتعميماتها للمواطنين، دستور الإنتفاضة، وموجه حراكها الذي تنوع  بين إعلان الإضرابات، والمقاطعة الإقتصادية، والعصيان المدني، والإمتناع عن دفع الضرائب للمحتل، والإستقالة الجماعية من الوزارات، باستثناء الصحة والتعليم، والزراعة في حواكير البيوت، بدلا  عن بضائع الإحتلال،  كما نظمت القوى الشعبية العلاقة البينية بين الفصائل  والقوى على الساحة الفلسطينية، والتي تميزت ما بين مد وجزر، وبخاصة بعد تأسيس حركة حماس، التي امتنعت عن الإنضمام  للقيادة الوطنية الموحدة، مع الإبقاء على التواصل بحدوده الدنيا معها، بالإضافة إلى أن الإنتفاضة قد خلقت تحالفا وثيقا بين المثقفين، وقادة الرأي من جهة، والطبقة الفقيرة من المناضلين في المخيمات والقرى والمدن من جهة أخرى، مما منحها بعدا قوميا، وجمعيا، من خلال اتساع قاعدتها الجماهيرية، ومشاركة مختلف قطاعات الشعب بها، كل في مجاله، وحدود إمكانياته، ففي حين شكلت الطبقة الفقيرة في المخيمات والأحياء طليعة المواجهة، فقدت شكلت النخب الثقافية والإعلامية، والأكاديمية، صوت الإنتفاضة للعالم الخارجي، ولسانها المعبر عن تطلعاتها للنخب الغربية، أو جسرا للتواصل بينها وبين القيادة في تونس،  كما أنها سلطت الضوء على قطاع غزة، باعتبارها مشعلة لشرارتها، قبيل امتدادها لكامل الأراضي المحتلة، وأعادت تشكيل صورة المخيم في المخيلة الجمعية الفلسطينية، من عنوانا للنكبة والبؤس والشقاء، إلى قلاعا للمقاومة والتمرد ورفض الاحتلال،

       إلا أن تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994،  كان له تأثيراته الإجتماعية العميقة، والتي ساهمت  من جديد في إعادة توزيع القوى داخل المجتمع الفلسطيني، وتصدع دور  الطبقات الشعبية والشباب من مسرح الأحداث إلى هامشها، إذ أن وجود سلطة تحظى بقبول دولي، وشرعية قانونية، واحتكار استخدام العنف المشروع، معظم قيادتها عائدة من المنفى،  أدى لتراجع كبير لدور الطبقات الشعبية، وشباب الإنتفاضة ، ولبروز تحالفات جديدة بين رأس المال والسلطة، واحتكار النظام لبعض مفاصل  الإقتصاد، سعيا نحو الإستقرار والسيطرة، بحيث تحول معظم نشطاء الإنتفاضة في المخيمات والقرى والأحياء، إلى ركيزة أساسية لاستقرار النظام الجديد، وتثبيت ركائزه،  من خلال انخراطهم في أجهزة الأمن، وتفويضهم باحتكار استخدام القوة ضد المناوئين للمشروع الجديد، والمعارضين له، وذلك من خلال منحهم بعض السلطات الرمزية، والمتمثلة بحمل السلاح، وتفويضهم باستخدام العنف الشرعي ضد المعارضين، وهو الأمر الذي أسهم في تحول قادة  الإنتفاضة إلى أفراد في أجهزة الأمن المقيدة بشبكات الولاء والطاعة والإنضباط للنظام الجديد، باستثناء بعض الحالات الفردية التي استطاعت النفاذ إلى موقع القيادة، مما أسهم في تراجع دور الجامعات، و والنقابات المهنية والعمالية ,وغيرها، والتي شكلت  مصنعا لقدح الأفكار، ومنارة لتوجيه الرأي العام وقيادة المواجهة، ودور المفكرين، والأكاديميين، والمثقفين، والكتّاب، وإلى تردي  هوامش دور الطبقة الوسطى في صناعة  القرار، لصالح طبقة رأسمالية  متنفذة، تمتلك استثمارات عابرة للحدود والقارات، مقابل طبقة فقيرة تشكل السواد الأعظم من المجتمع، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع حركة فتح، نتيجة لانعدام هوامش التمييز بين مؤسسات الحركة والسلطة .

      يماثل نموذج  حركة حماس في قطاع غزة أسلوب منظمة التحرير في نظرتها لدور الشباب، فيما تتمايز أساليب كل منهما، ففي حين استخدمت منظمة التحرير رمزية  القيادة التاريخية، والإرث النضالي العميق، ووحدانية التمثيل، والإعتراف الدولي، واحتكار استخدام العنف، لإطباق سيطرتها على شباب الإنتفاضة الأولى، فقدت نفذت حماس من خلال احتكار الفضاء الديني  وقدرتها على فرض  أنماط تدين تخدم مصالحها السياسية في المجتمع، إذ استخدمت الخطاب الديني  للتأثير على  سلوك البسطاء من المواطنين، من خلال تأسيسها لشبكة  من الجمعيات الخيرية، والنوادي الرياضية التي جذبت من خلالها آلاف الأطفال، الذين ما لبثوا أن شكلوا قوة حماس الضاربة في القطاع مستقبلا، والحلقات النسوية، والمؤسسات الإعلامية، في الوطن وخارجه، ومن خلال استثمار دورها كذراع فلسطيني للإخوان المسلمين،  واستغلالها لكبوات السلطة الوطنية، من خلال شبكاتها الممتدة في الوطن، ولا سيما المساجد التي استثمرتها الحركة بشكل كبير، في ظل غياب منافسة حقيقية لها في هذا الميدان، وفي ظل المرونة التي منحتها السلطة الجديدة لحركة حماس في هذا الشأن، مما أتاح  لها تجنيد شريحة واسعة من الشباب، وتعبئتهم بما يخدم مصالحها الحزبية،  من خلال توظيف  الدين لتحقيق غايات سياسية، ، وإعادة قولبة الأحداث، من خلال اسقاط  روايات، وفتاوى في غير سياقها المكاني والزماني، لإثارة نوازع الفرقة والإحتراب، التي تخدم مصالح قيادة الحركة، وهو الأمر الذي مكنها من استخدام هؤلاء الشباب كوقود يحرق ويحترق، لإدامة الإنقسام، والحفاظ على مكاسب قيادتها، إذ كان الشباب هم ركيزة حماس الأساسية في سيطرتها العسكرية على قطاع غزة  عام 2007، وهم كذلك ضمانتها لاستمرار إطباق قبضتها عليه، من خلال انخراطهم في ميلشياتها المسلحة،  فعلى الرغم من تقديم حماس لعدد من وجوهها الشابة إلى مواقع قيادية كأعضاء في البرلمان، أو ناطقين باسمها، إلا أن ذلك لا يتجاوز حدود الخطوات التكتيكية، الهادفة إلى  تجميل صورة الحركة  وإحكام سيطرتها على الشباب.

       يعلم طرفي الإنقسام جيدا، كما يعلم ممثلي  مختلف فصائل العمل الوطني والإسلاموي في الوطن أن إنهاءه  وتوحيد الجهود نحو العدو المشترك، المتمثل بالاحتلال، وقطعان مستوطنينه، من خلال الالتفاف حول برنامج نضالي مقاوم، سيعيد ترتيب القوى داخل المجتمع مرة أخرى، وسيزعزع البناء التقليدي الذي تم إستحداثه بعد اوسلو، وبعد انقلاب حركة حماس في قطاع غزة،  وسيعيد الشباب إلى صدارة المشهد من جديد، وسيمنح القوى الحية من مثقفين، وكتّاب، وأصحاب رأي، وإعلاميين، دورا قياديا في المجتمع، وهو الأمر الذي يواجه بضراوة من مختلف القوى المسيطرة، ليس فقط طرفي الإنقسام الرئيسيين، إنما يمتد إلى باقي  القوى التي تصف نفسها بالتقدمية والديمقراطية، فيما تضع الشباب على هامش أولوياتها،وبرامجها العملية منذ سنوات .

      لا يمكن اقتباس مناظير  ومنهجيات الماضي لتحقيق المصالحة، وحان الوقت لكي يأخذ الشباب دوره في جهود المصالحة والقرار، ولتصويب المشهد من جديد، فلم يعد من الممكن تجاوز دور الشباب،  الذين كانوا ضحايا الإنقسام، وأدواته، وطلائع الإنتفاضات المتتالية، وحراس نارها واستمرارها، بدمائهم، وسني عمرهم، وهو الأمر الذي يحتم إيمان الشباب بدورهم أولا، وثقة القيادة بهم ثانيا،  وتجاوزهم مقاعد المشاهدين والأنصار، إلى صفوف المؤثرين واللاعبين، والقادرين على إحراز الأهداف،  كونهم حراس للوطن، قبل  النظام، وأنصارا للقضية قبل الحزب، تماما كما كانت روحية انتفاضة الحجارة العظيمة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف