قالت: تزوجْ
إياد الرجوب
- تزوجْ، أرجوكَ أن تنهي الحكاية.
- ما لزوم هذا الكلام؟
- أرهقني حبكَ.
- أنا لم أتعب بعد.
- أنا أرفع الراية البيضاء.
- أنا من ينهي الحكاية، فهيئي نفسك لجولات وجولات.
- إذًا سأموت.
- لن أسمح.
- ها هو السم حاضر.
- جربي، فلن تفلحي، وحدي أنا سمك القاتل.
- إذًا تزوجْ... لأجلي.
- هل تشيرين لواحدة بعينها.
- أي واحدة... ... ... أو تزوجني.
- أنت لا، ولكن سأفكر في أخرى.
- أرجوك عجّلْ، فلا وقت عندي كي أموت، أرحني منك، عنوستي حلّت.
- سأفكر، لكني لا أعِد.
- وماذا تنتظر؟ حبيبي، آن لك أن تتزوج.
- سأحاول.
عشر سنوات وما زال يقول إنه يريد مواصفاته الخاصة لزوجته التي ينتظر لقاءها.
- أي مواصفات تريد؟
- أريد واحدة بمواصفاتك أنت، لكن لا أريدك.
- أرهقتني ألغازك وأحاجيك.
- هذا هو الذي أريده.
- ماذا تريد؟
- أريد واحدة تفك ألغازي ولا ترهق.
- عشر سنوات ولا تريدني أن أرهق؟
- حتى لو كانت ألف عام.
حديثهما لم ينته يوما، وجها لوجه، أو على الهاتف، ولم يمل أي منهما الآخر، أذان الفجر وحده ما كان يذكرهما بضرورة النوم قبل أن تدب الحركة في الأمكنة، كانا يناقشان الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفلكية، والغالب دائما نظريات كل منهما الفلسفية عن الكون والحياة، اختلفا حول الإيمان كثيرا، لكنهما لم يدخلا في سياق المألوف، وهذا ما كان يعمق حوارهما ويجعل خلافهما نوعا من التفاهم.
لا يقدران على الفراق، ولا يستطيعان الاتصال. عشر سنوات من الحب ولا أمل، لا شيء حولهما يمنع زواجهما، التعقيد كامن فيهما، لا أحد يمنعهما من العيش معا في غرفة واحدة، وكان لهما ذلك عدة مرات ولأيام عدة، كانت أياما للتعارف في كل شيء، لكنهما لم يتفقا، فظل كل منهما في سريره ولم يقترب تجاه نصفه الآخر، أخذا عهدا على نفسيهما ألا يتصلا إلا إذا قررا الزواج، فقط هي قبلة واحدة في الليلة الأولى اعتبراها ذبلة الخطوبة، والمرة الوحيدة التي منحته فيها صدرها تغلب عليها بتهديده إياها بالفراق.
كانت دائما تغريه، لا لم تكن تتعمد الإغراء، فهي كتلة إغراء متحركة، لا تحتاج لبذل أي جهد، جلوسها أمامه إغراء بحد ذاته، هي الأنثى الوحيدة التي لا تدخل المطبخ إلا بعد استحمام وتسريح شعر ولبس أروع الثياب، فتراها لوحة تتحرك ما بين زوايا المطبخ، كانت تعد الطعام وكأنها تمارس هوايتها في الرسم، لوحةٌ تعدّ لوحة، تقدمه له بأشهى طبق، وتجلس أمامه هادئة بعد أن تدير اسطوانة أغنيته المفضلة، فيجد نفسه في جنة عدن.
هي ليست كالنساء، ملاك نزل من السماء وتفرّد في الأرض.
عشر سنوات من الحب، وفي كل عام يكتشف كل منهما جديدا في نصفه الآخر، يوم ميلادهما واحد. وبعد التقائهما صارا يحتفلان به معا.
في عيد ميلادهما للسنة الأولى قال لها: عطرك يأسرني، قالت: بسماتك تجذبني.
في الثاني قال: صوتك يدفئني، قالت: أنفاسك تسقيني.
في الثالث قال: شعرك يبهرني، قالت: أفكارك تغريني.
في الرابع قال: عنقك يصرعني، قالت: جنونك يجرفني.
في الخامس قال: شفتاك ناعمتان، قالت: من ندى اللسان.
في السادس قال: نهداك ثائران، قالت: من أمن المكان.
في السابع قال: جسدك حصن موصود، قالت: مفتاحه عندك مرصود.
في الثامن قال: قلبك قلبُ ملك، قالت: هو لك.
في التاسع قال: لا تقتربي، قالت: سمعا وطاعة، لكن لن أبتعد.
وفي هذا اليوم لم يقل شيئا، فقالت: تزوج، أرجوك أن تنهي الحكاية.
إياد الرجوب
- تزوجْ، أرجوكَ أن تنهي الحكاية.
- ما لزوم هذا الكلام؟
- أرهقني حبكَ.
- أنا لم أتعب بعد.
- أنا أرفع الراية البيضاء.
- أنا من ينهي الحكاية، فهيئي نفسك لجولات وجولات.
- إذًا سأموت.
- لن أسمح.
- ها هو السم حاضر.
- جربي، فلن تفلحي، وحدي أنا سمك القاتل.
- إذًا تزوجْ... لأجلي.
- هل تشيرين لواحدة بعينها.
- أي واحدة... ... ... أو تزوجني.
- أنت لا، ولكن سأفكر في أخرى.
- أرجوك عجّلْ، فلا وقت عندي كي أموت، أرحني منك، عنوستي حلّت.
- سأفكر، لكني لا أعِد.
- وماذا تنتظر؟ حبيبي، آن لك أن تتزوج.
- سأحاول.
عشر سنوات وما زال يقول إنه يريد مواصفاته الخاصة لزوجته التي ينتظر لقاءها.
- أي مواصفات تريد؟
- أريد واحدة بمواصفاتك أنت، لكن لا أريدك.
- أرهقتني ألغازك وأحاجيك.
- هذا هو الذي أريده.
- ماذا تريد؟
- أريد واحدة تفك ألغازي ولا ترهق.
- عشر سنوات ولا تريدني أن أرهق؟
- حتى لو كانت ألف عام.
حديثهما لم ينته يوما، وجها لوجه، أو على الهاتف، ولم يمل أي منهما الآخر، أذان الفجر وحده ما كان يذكرهما بضرورة النوم قبل أن تدب الحركة في الأمكنة، كانا يناقشان الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفلكية، والغالب دائما نظريات كل منهما الفلسفية عن الكون والحياة، اختلفا حول الإيمان كثيرا، لكنهما لم يدخلا في سياق المألوف، وهذا ما كان يعمق حوارهما ويجعل خلافهما نوعا من التفاهم.
لا يقدران على الفراق، ولا يستطيعان الاتصال. عشر سنوات من الحب ولا أمل، لا شيء حولهما يمنع زواجهما، التعقيد كامن فيهما، لا أحد يمنعهما من العيش معا في غرفة واحدة، وكان لهما ذلك عدة مرات ولأيام عدة، كانت أياما للتعارف في كل شيء، لكنهما لم يتفقا، فظل كل منهما في سريره ولم يقترب تجاه نصفه الآخر، أخذا عهدا على نفسيهما ألا يتصلا إلا إذا قررا الزواج، فقط هي قبلة واحدة في الليلة الأولى اعتبراها ذبلة الخطوبة، والمرة الوحيدة التي منحته فيها صدرها تغلب عليها بتهديده إياها بالفراق.
كانت دائما تغريه، لا لم تكن تتعمد الإغراء، فهي كتلة إغراء متحركة، لا تحتاج لبذل أي جهد، جلوسها أمامه إغراء بحد ذاته، هي الأنثى الوحيدة التي لا تدخل المطبخ إلا بعد استحمام وتسريح شعر ولبس أروع الثياب، فتراها لوحة تتحرك ما بين زوايا المطبخ، كانت تعد الطعام وكأنها تمارس هوايتها في الرسم، لوحةٌ تعدّ لوحة، تقدمه له بأشهى طبق، وتجلس أمامه هادئة بعد أن تدير اسطوانة أغنيته المفضلة، فيجد نفسه في جنة عدن.
هي ليست كالنساء، ملاك نزل من السماء وتفرّد في الأرض.
عشر سنوات من الحب، وفي كل عام يكتشف كل منهما جديدا في نصفه الآخر، يوم ميلادهما واحد. وبعد التقائهما صارا يحتفلان به معا.
في عيد ميلادهما للسنة الأولى قال لها: عطرك يأسرني، قالت: بسماتك تجذبني.
في الثاني قال: صوتك يدفئني، قالت: أنفاسك تسقيني.
في الثالث قال: شعرك يبهرني، قالت: أفكارك تغريني.
في الرابع قال: عنقك يصرعني، قالت: جنونك يجرفني.
في الخامس قال: شفتاك ناعمتان، قالت: من ندى اللسان.
في السادس قال: نهداك ثائران، قالت: من أمن المكان.
في السابع قال: جسدك حصن موصود، قالت: مفتاحه عندك مرصود.
في الثامن قال: قلبك قلبُ ملك، قالت: هو لك.
في التاسع قال: لا تقتربي، قالت: سمعا وطاعة، لكن لن أبتعد.
وفي هذا اليوم لم يقل شيئا، فقالت: تزوج، أرجوك أن تنهي الحكاية.