الأخـــلاق وأرض الـنـفــاق
بــقـــلـم / حــســــن زايـــــــــد
حملة أخلاقنا التي أطلقت في مصر ، وتدعو إلي قيم : (الإحساس بالآخر - الإحسان - الإنصاف - البساطة - التسامح - التعاون - الحب – الرحمة – الطموح - المبادرة) . ويشارك فيها عدد من رموز المجتمع ، ومجموعات من الشباب ، مستهدفة إعادة الإعتبار إلي الأخلاق في المجتمع . وترتكز الحملة علي شقين أو جانبين : الأول دعائي إعلامي عن طريق وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل التواصل الإجتماعي علي الشبكة العنكبوتية . الثاني عن طريق الأنشطة الميدانية التي يقوم بها الشباب في جميع المحافظات بعد تدريبهم بمعرفة وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة أجيال مصر لتنمية الشباب والنشء . هذه الحملة رغم ارتباطها بعناصر إخوانية تسعي للولوج من الأبواب الخلفية ، وقد أثير حولها لغط واسع ، خاصة أن إحدي الوزارات راعية لهذه الحملة ، في حاجة إلي دراسة وإعادة النظر من جانب أجهوة الدولة ، حتي لا تمثل إختراقاً من أي جهة من الجهات للمجتمع المصري ، إذ لا خير في خير يعقبه شر ، ولا شر في شر يعقبه خير. وقد لفت نظري أن هذا العنصر الإخواني في معرض الدفاع ـ لا شعوريا ـ عن نفسه ، لإزالة المخاوف التي قد تطرق أبواب النفوس فتعيد فتح الملفات المسكوت عنها ، ذهب إلي القول بأن الحملة اجتماعية وليست دينية . ولا أدري علي أي أساس أقام هذا الفاصل بين الأخلاق والدين . ثم زاد علي ذلك بقوله : أنها مجانية . وهنا أيضاً يثور تساؤل حول المجانية : مجانية لمن ؟ . هل هي خدمة مجانية يجري تقديمها للمجتمع بلا مقابل ؟ . هذا مفهوم . ولكن تُري هل هي كذلك بالنسبة للمنظمين والقائمين علي هذه الحملة ؟ . أي أن تكلفتها تساوي صفر بالنسبة لهؤلاء ، هل هذا متصور ؟ . بالقطع لا ، فستكون هناك إعلانات ومطبوعات وحملات وندوات وفيديوهات وأنشطة ، وكل ذلك في حاجة إلي تمويل . وهنا يحق لنا التساؤل عن الهدف والغاية التي تقف وراء هذه الحملة . فالحملة بالقطع ـ من وجهة نظري ـ ليست هي السبيل لإعادة الإعتبار لمنظومة القيم الأخلاقية التي كانت حاكمة للمجتمع المصري إلي عهد قريب ، وما زالت قائمة ، وإن أصابها بعض التآكل . وما أشبه الليلة بالبارحة ، فقد سبق للكاتب المبدع يوسف السباعي أن تناول هذه القضية من خلال روايته أرض النفاق . وقد جري معالجة هذه الرواية من خلال عمل سينمائي ، بطولة فؤاد المهندس . حيث كان عبد الرحيم الزرقاني يدير حانوتاً لبيع الأخلاق في شكل كبسولات ، وكان حقل العمل لهذه الكبسولات هو فؤاد المهندس . وقد كان التأثير الأخلاقي لهذه الكبسولات مفتعلاً ومؤقتاً . مفتعلاً لصدوره عن عوامل لا إرادية دخيلة . ومؤقتاً لعلة محدودية المادة الفعالة ومدي تأثيرها الزمني . وما ينطبق علي كبسولات أرض النفاق ، ينطبق كذلك علي كبسولات حملة أخلاقنا . فقضية الأخلاق ومنظومة القيم التي تنتظمها أعقد وأعمق بكثير من ذلك التبسيط الذي يعد تبسيطاً مخلاً إلي حد كبير ، ولن يعالج ما أصابها من خلل مجرد حملة . وهل معني ذلك أنني أدعو إلي التخلي عن هذه الحملة لمجرد أنها لن تحل المعضلة ؟ . بالقطع لا ، فهي علي الأقل قد نبهت من غفل منا عن هذه القضية الخطرة ، وذلك المنزلق الخطر الذي ننزلق إليه جميعاً ، وأفضل أن نشعل شمعة بدلاً من أن نلعن الظلام ، شريطة أن يحدث التزاوج الفعلي ما بين القول والفعل لدي الداعين لهذه الحملة حتي لا نفقد المصداقية المطلوبة ، وأن تكون هناك ثقة رابطة بين هؤلاء والهيئة الإجتماعية التي يدعونها ، وأن تضمن الدولة تذليل ما يعترض التنفيذ من معوقات ، وأن تلتزم بما يلزم ذلك من متطلبات ، وأن نغسل أنفسنا ومجتمعنا من أدران النفاق ، وأن نغسل أرضنا من النفاق لاستحالة زرع الأخلاق في أرض النفاق . وأن نعالج ذلك الفصام الحاد في الشخصية المصرية ما بين القول والفعل ، حتي يتحدا في صورة عمل حقيقي علي أرض الواقع . فهل إلي ذلك من سبيل ؟ .
حــســـــــن زايـــــــــــد
بــقـــلـم / حــســــن زايـــــــــد
حملة أخلاقنا التي أطلقت في مصر ، وتدعو إلي قيم : (الإحساس بالآخر - الإحسان - الإنصاف - البساطة - التسامح - التعاون - الحب – الرحمة – الطموح - المبادرة) . ويشارك فيها عدد من رموز المجتمع ، ومجموعات من الشباب ، مستهدفة إعادة الإعتبار إلي الأخلاق في المجتمع . وترتكز الحملة علي شقين أو جانبين : الأول دعائي إعلامي عن طريق وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ووسائل التواصل الإجتماعي علي الشبكة العنكبوتية . الثاني عن طريق الأنشطة الميدانية التي يقوم بها الشباب في جميع المحافظات بعد تدريبهم بمعرفة وزارة الشباب والرياضة ومؤسسة أجيال مصر لتنمية الشباب والنشء . هذه الحملة رغم ارتباطها بعناصر إخوانية تسعي للولوج من الأبواب الخلفية ، وقد أثير حولها لغط واسع ، خاصة أن إحدي الوزارات راعية لهذه الحملة ، في حاجة إلي دراسة وإعادة النظر من جانب أجهوة الدولة ، حتي لا تمثل إختراقاً من أي جهة من الجهات للمجتمع المصري ، إذ لا خير في خير يعقبه شر ، ولا شر في شر يعقبه خير. وقد لفت نظري أن هذا العنصر الإخواني في معرض الدفاع ـ لا شعوريا ـ عن نفسه ، لإزالة المخاوف التي قد تطرق أبواب النفوس فتعيد فتح الملفات المسكوت عنها ، ذهب إلي القول بأن الحملة اجتماعية وليست دينية . ولا أدري علي أي أساس أقام هذا الفاصل بين الأخلاق والدين . ثم زاد علي ذلك بقوله : أنها مجانية . وهنا أيضاً يثور تساؤل حول المجانية : مجانية لمن ؟ . هل هي خدمة مجانية يجري تقديمها للمجتمع بلا مقابل ؟ . هذا مفهوم . ولكن تُري هل هي كذلك بالنسبة للمنظمين والقائمين علي هذه الحملة ؟ . أي أن تكلفتها تساوي صفر بالنسبة لهؤلاء ، هل هذا متصور ؟ . بالقطع لا ، فستكون هناك إعلانات ومطبوعات وحملات وندوات وفيديوهات وأنشطة ، وكل ذلك في حاجة إلي تمويل . وهنا يحق لنا التساؤل عن الهدف والغاية التي تقف وراء هذه الحملة . فالحملة بالقطع ـ من وجهة نظري ـ ليست هي السبيل لإعادة الإعتبار لمنظومة القيم الأخلاقية التي كانت حاكمة للمجتمع المصري إلي عهد قريب ، وما زالت قائمة ، وإن أصابها بعض التآكل . وما أشبه الليلة بالبارحة ، فقد سبق للكاتب المبدع يوسف السباعي أن تناول هذه القضية من خلال روايته أرض النفاق . وقد جري معالجة هذه الرواية من خلال عمل سينمائي ، بطولة فؤاد المهندس . حيث كان عبد الرحيم الزرقاني يدير حانوتاً لبيع الأخلاق في شكل كبسولات ، وكان حقل العمل لهذه الكبسولات هو فؤاد المهندس . وقد كان التأثير الأخلاقي لهذه الكبسولات مفتعلاً ومؤقتاً . مفتعلاً لصدوره عن عوامل لا إرادية دخيلة . ومؤقتاً لعلة محدودية المادة الفعالة ومدي تأثيرها الزمني . وما ينطبق علي كبسولات أرض النفاق ، ينطبق كذلك علي كبسولات حملة أخلاقنا . فقضية الأخلاق ومنظومة القيم التي تنتظمها أعقد وأعمق بكثير من ذلك التبسيط الذي يعد تبسيطاً مخلاً إلي حد كبير ، ولن يعالج ما أصابها من خلل مجرد حملة . وهل معني ذلك أنني أدعو إلي التخلي عن هذه الحملة لمجرد أنها لن تحل المعضلة ؟ . بالقطع لا ، فهي علي الأقل قد نبهت من غفل منا عن هذه القضية الخطرة ، وذلك المنزلق الخطر الذي ننزلق إليه جميعاً ، وأفضل أن نشعل شمعة بدلاً من أن نلعن الظلام ، شريطة أن يحدث التزاوج الفعلي ما بين القول والفعل لدي الداعين لهذه الحملة حتي لا نفقد المصداقية المطلوبة ، وأن تكون هناك ثقة رابطة بين هؤلاء والهيئة الإجتماعية التي يدعونها ، وأن تضمن الدولة تذليل ما يعترض التنفيذ من معوقات ، وأن تلتزم بما يلزم ذلك من متطلبات ، وأن نغسل أنفسنا ومجتمعنا من أدران النفاق ، وأن نغسل أرضنا من النفاق لاستحالة زرع الأخلاق في أرض النفاق . وأن نعالج ذلك الفصام الحاد في الشخصية المصرية ما بين القول والفعل ، حتي يتحدا في صورة عمل حقيقي علي أرض الواقع . فهل إلي ذلك من سبيل ؟ .
حــســـــــن زايـــــــــــد