الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

العالم والعرب بالعام 2000 بقلم:مهند النابلسي

تاريخ النشر : 2016-02-11
العالم والعرب بالعام 2000 بقلم:مهند النابلسي
هدية مطلع العام الجديد 2016:

العالم والعرب بالعام 2000

ذاكرة العرب المثقوبة:

حالنا اليوم كما بالأمس: تفجر الاحتقانات وتكرار الروايات وأصل الحكايات!

وقع بين يدي وانا اجرد مكتبتي بعض أعداد مجلة النقاد الاسبوعية الصادرة (حزيران عام 2000)، والتي تسوق نفسها بشعار "صحافة العرب والعالم في مجلة"...ومن الطريف والمفيد والذكي أن نتأمل موضوعاتها، لأخذ "الدروس والعبر"  ولتوخي الحكمة (فهي ضالة المؤمن، وكذلك لمقارنة "حالنا والعالم" قبل عقد ونصف ومقارنته مع وضعنا المتأزم الحالي، وخاصة ونحن في بداية العام 2016: سأبدأ بجرد العناوين على صفحة الغلاف: طريد الدولة والدين، زعيم بلا زعامة، قصة صعود دكتاتور، قوة نووية ثالثة، ليتني لم اكن عميلا...ووديعة تهدد البنك العربي!

ثم سأختار بعض العناوين  المثيرة للاهتمام لاوضح أن حالنا كعرب لم يتغير  كثيرا عما كان عليه قبل 15 علما بأنه ازداد سؤا وكارثية: الاردن- احتدام ازمة الاخوان، معركة في الكنيست بسبب حزب الله، واشنطن: نهاية الدول المارقة، ثم  واشنطن تخفف العقوبات على بيونغ يانغ، واسرائيل هي ثالث دولة نووية...ثم هناك تقرير مسهب عن اسباب سقوط حكومة "الروابدة" قبل موعدها بعدة أشهر، وتقرير اخباري عن تكاليف نقل انسان الى المريخ التي تصل لحوالي 500 مليار دولار، كما يوجد تقرير يتحدث عن بوتين المهووس بالارهاب، وتفكيره الجاد باعلان روسيا كدولة قائدة بالحرب الشاملة ضد "الارهابيين" على الصعيد العالمي (ربما يفسر ذلك تدخله العسكري المباشر بسوريا حاليا)!

ثم خبر منقول عن صحيفة الليبراسيون الفرنسية بعنوان "العداء للطاقة النووية"، ويتحدث عن قرار ألماني بازالة المفاعلات النووية نظرا لمخاطرها العديدة، وفيه نظرة استبصارية اذا ما تأملنا كارثة محطة "فوكوشيما" اليابانية بعد التسونامي المرعب الذي ضرب اليابان بعد عشرة أعوام تقريبا، (ولا نستطيع ان نفهم اصرار دولة عربية صغيرة كالاردن على بناء مفاعل نووي ضخم فيما تخطط الدول المتقدمة للتخلي عنها لأخطارها الكبيرة المحتملة)، كما تتحدث افتتاحية الجارديان عن ارث "بيل كلينتون"الذي يتوج بفضيحة "مونيكا لوينسكي"، ويتم نسيان "اتفاقية السلام في ايرلندا الشمالية واتفاق دايتون لانهاء الحرب في البوسنة، وهناك تقرير مترجم عن "لوموند" الفرنسية بعنوان: بعد تفككها السياسي والاجتماعي، اوروبا الشرقية تصدر: "الرقيق الأبيض".

ثم تتحدث المجلة عن خمسة سيناريوهات لمستقبل الاردن وكما يلي: استمرار الوضع الراهن (وهذا هو السيناريو الحاصل بلا منافسة)، وقف التحول الديموقراطي وسن قوانين انتخاب جديدة، وصول الاسلاميين للسلطة (بل أنهم تراجعوا بعد خيبات الربيع العربي)، اتحاد كونفدرالي بين الاردن والكيان الفلسطيني الجديد، أما السيناريو الأخير فهو جدلي ويفترض ضعف النفوذ الأمريكي في المنطقة واختلال الكيان الصهيوني الغاصب، مما يتطلب تغييرا جذريا وليس شكليا باتجاه الديموقراطية الحقيقية!

ثم تتوالى العناوين الحساسة المتفرقة مثل: الاردن يفتح ملف الدعم الأجنبي للصحف (وما زال مفتوحا حتى الان)، الشاعر سعدي يوسف ينفي أنه كتب رواية "ذاكرة الجسد" للجزائرية "احلام مستغماني"، ثم اتهام استاذ جامعي مصري بنشر الرذيلة.

في زاوية ملخصات الكتب نلحظ العناوين التالية: مأزق الاسلام السياسي، مقاتلو الحرب الباردة (التي عادت الان تطل بأشباحها)، ثم كتاب "المهزلة الكبيرة" الذي يتحدث عن صعود الرئيس الروسي السابق "بوريس يلتسين" (الانتهازي السكير)، الذي ظهر على متن دبابة أمام قصر البرلمان الروسي في العام 1991 لاخماد "الانقلاب" بقوة النار، ثم بعدد ك.2/2001: الهولوكست اللبناني، النموذج الاقتصادي الآسيوي، أنوار التمرد، قوميو المشرق العربي، عولمة بالجملة، العقل العبقري ويتحدث عن "ميشال فوكو"، ثم "الحرب السرية" الذي يتحدث عن تورط الشركات الأمريكية ضد كوبا، ثم هناك تحليل مختصر لرواية "جبل الروح" التي حققت لصاحبها  الكاتب الصيني "غاو كسينغجيان" جائزة نوبل في العام 2000، حيث يعرض لنا الكاتب، الذي يعمل رساما في الوقت نفسه، "صورا للغابات السوداء والضباب والصخور في المناطق الغربية من الصين، ويبرع كذلك في وصف الحياة في البلدات الصغيرة وعلى الطرق، لكنه يفرط أاحيانا في الغموض"!

ثم هناك تقرير صحفي مسهب يتحدث عن "سيف التكفير يضرب في الاردن " (بدايات الفكر الداعشي الذي نعاني من ويلاته الآن )، ويتناول التقرير اللافت قصائد مختصرة من ثلاثة دواوين شعرية جديدة للشاعر الجدلي المجدد "موسى الحوامدة"، وتحمل هذه القصائد عناوين "يوسف وسبيل وعبد الله"، وأقتبس من ديوان "شجري أعلى": "لم يسقط يوسف في الجب، لم يأكله الذئب، كل القصة رغبة خدام ، او صعلوك في لثم يد الملكة ثم..."يا عبدالله ،من ملكك العربية، من اهداك القرآن واعطاك الكعبة"... كما يوجد تقرير يتحدث أيضا عن رواية يمنية تمس بالذات الالهية!

 وفي زاوية "دليل القارىء الى الكتاب الرديء"  يحلل الكاتب "سيمون نصار" كتاب "رسالة الروح "للكاتب الليبي ابراهيم الكوني، ويعلق  الناقد قائلا "...فلا شيء يجمع بين نصوض الكتاب سوى انها جمعت في كتاب واحد، وثانيا الرداءة التي تبدو واضحة وجلية في معظمها"، ثم يستطرد: "يصور الكوني المرأة على أنها كائن مخلوق للجنس...ونسي المؤلف الكمية الهائلة من النساء اللواتي تركن ملذات الدنيا لأجل العيش بنقاء الفضيلة وصفاتها"، ثم يصف رداءة الكتاب قائلا "...مجموعة هائلة من النصوص والكلمات ليس لها أي معنى حقيقي سوى انها صف مفردات الى جانب بعضها البعض واستهلاك مفرط للحبر".

وفي باب "شركات ورجال" (بعدد شباط لعام 2001) هناك عنوانين هامين: أكبر 500 شركة عربية لا تساوي واحدة متعددة الجنسية، ثم عنوان: الشركات الكبرى لن تمر دون عقاب، ويتحدث عن موجات اندماج الشركات الكبرى خلال العقد الأخير وتداعيات استمرار هذ التوجه على الاقتصاد العالمي، ومنها تعطيل الخطط الدولية لمكافحة البطالة، ودفع التعويضات المالية، والاستغناء عن عمالة مدربة، والتوجه نحو انتاج السلع الاستهلاكية ذات التسويق والعائد السريع، على حساب التطورالتكنولوجي.

وفي زاوية "من هنا وهناك" يوجد العديد من العناوين الطريفة والغريبة: روح للبيع ب400 دولار، عري النساء يخيف العلماء، رجال الجمارك فتشوا رواد أبولو 11، ثم: خنجر الشيخ الأحمر يمنعه من ركوب الطائرة، خسر المدير الرهان فنام في العراء، تجويع الكلاب حتى الموت، المدرسة اكلت اذن السكرتيرة...خفاش بريطانيا يرعب النساء، شح بصره منعه من التهام القطط، ملكة جمال تايلند رجل، ظاهرة الوحم تجبر البريطانيات الحوامل على أكل حذاء رياضة وعيدان ثقاب محروقة والأيس كريم بالخردل...الخ!

  وفي صفحة السينما هناك ملخصات لثلاثة أفلام لافتة: "الموهوب مستر ريبليه" لأنطوني منغيلا، والجزء الثاني من "مهمة مستحيلة" لجون ووو، وفيلم "الميل ألأخضر" حول مآسي الحياة في السجون الأمريكية، ثم بزاوية "الصحة والعلوم": الكافيين يرفع ضغط الدم، امكانية غزو الفضاء بسرعة الضؤ (وهذا ما شهدناه مؤخرا بالجزء السابع من تحفة "حرب  النجوم "السينمائية وأفلام خيال علمي اخرى)، ثم قنابل ذكية لكشف السرطان (وقد بدت تباشير هذه الانجاز الطبي الهام تظهر للوجود العملي)...ثم ماذا يقول العلماء؟ "التدخين يصيب الأطفال بالتهاب السحايا، وخوف طبيب الأسنان علاجه نفسي"، كما يوجد تقرير مختصر عن "مخ ثان" للانسان في معدته ولا يستبعد العلماء أن يكون هذا "المخ المعوي" هوالمسؤول عن خلق ردود الفعال والمشاعر الوجدانية مثل الفرح والحزن والتوتر واليأس!

أما في زاوية "عيون النقاد" فيقول الكاتب "سلمان رشدي" بأن هزيمة طالبان والقضاء عليها يعد نصرا كبيرا للبشرية، كما يعترف المخرج الأمريكي "وودي آلان" بأنه فنان فاشل لا يتقن التمثيل، ويؤكد واقعية وثراء وخيال السينما الاوروبية  مقارنة بالأمريكية...ويقول  القصصي "زكريا تامر" ساخرا: تباهى أحد المغنين بأن المستمعين يصفقون بحماس في ختام كل اغنية يغنيها، ولم يعلم أن تصفيقهم ما هو الا احتفال بانهائها! وينهي"محمد حسين فضل الله" أن التدخين ليس من المفطرات في شهر رمضان، وأنه مثل دخان السيارة ودخان المطبخ وما الى ذلك.

وفي زاوية "كتب عربية": يتم استعراض رواية "حنان الشيخ" (امرأتان على شاطىء البحر)،  ثم يتعمق الروائي الناقد "عبده وازن" بتحليل الرواية "الجريئة" بعنوان "الوشاية الطائفية": الروائية حنان الشيخ تبذل كل شيء لاغراء القارىء "الغربي"!...ثم في صفحة الاقتصاد: وداعا للبنوك الاسلامية: نعم الفائدة حلال حسب فتوى الأزهر "الشبه جماعية"، وأخيرا يتضمن عدد النقاد لتشرين الثاني/2002 خبرا مفاجئا عن امتلاك كوريا الشمالية لقنبلتين نوويتين  بحجم قنبلة "هيروشيما"!

   وننتقل للصفحة الأخيرة التي تتضمن نبذة عن أشهر الراحلين، ومنهم فؤاد ابوحطب رئيس الاتحاد العربي لعلم النفس، الذي بادر بطرح نموذج نظري عالمي في علم النفس المعرفي، ثم  صفحة عن الراحل "اريك ميلكه" الرئيس السابق لاستخبارات ألمانيا الشرقية "الستازي"، الذي تولى ادارة الجهاز منذ انشاؤه بالعام 1957 وحتى سقوط ألمانيا الشرقية، وقد بلغ عدد المخبرين اللذين عملوا لصالح الستازي حوالي المليوني شخص، كما اشتهر الجهاز عالميا بدقة تقاريره في جمع المعلومات وحفظها، علما بأن عملياته الجاسوسية الفعالة قد أدت للاطاحة بالمستشار الألماني الغربي السابق ويللي براندت بالعام 1974، بعد أن تبين ان مدير مكتبه بعمل سرا لمصلحة الستازي وقد زود الجهاز بالخطط الدفاعية السرية لحلف الأطلسي، ولما لم يجدوا تهما واضحة عصرية  ضد "ميلكه" فقد حكمواعليه بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة قتل شرطيين المانيين في العام 1931!

وانهي جولتي الصحفية المثيرة مع هذه المجلة "الشيقة-الممتعة" بمقتطفات من مقالة معبرة  للكاتب السوري "ممدوح عزام"، ظهرت بعدد أيلول لنفس العام 2000: "...ووفقا للوصفة الجديدة فان على الروائي ألا يضع شريرا، ولا ملحد، ولا سارق بنوك في روايته، فالجميع يجب ان يكونوا من الطيبين الخيرين الشجعان المباركين، والجميع من نساء المجتمع الروائي العربي يجب أن يكن من الفاضلات الكريمات سليلات الحسب والنسب"...ثم يستطرد كاتبا: "والغريب أنهم يعترفون بأن في المجتمع فسادا، وسقوطا اخلاقيا، وذمما مباعة وعهرا، ولكنهم يحرمون على الروائي الاشارة الى ذلك وفضحه"، وأعتقد أن الكاتب يبالغ ساخرا، والحقيقة أن الكثير من الروايات العربية العصرية والفائزة بالجوائز والتقدير النقدي الايجابي تحفل بقصص وحكايات هذه الشخصيات "الرديئة" التي يشير اليها الكاتب في مقالته. وبزاوية "الحاضر الغائب" يتحدث الكاتب "محي الدين صبحي" عن ما يسمى "الديموقراطية الاجتماعية" التي تنشأ بفضل وجود "الانتليجينسيا" التي تمارس سلطة تحديث المجتمع، يدفعه للتخلي عن افكاره التقليدية واحلال أفكار اجتماعية متحررة وتقدمية مكانها، دافعة بالمجتمع نحو التغيير، والخروج من الركود والانغلاق الاجتماعي الى التلاحم والتفاهم بين الفئات، في مناخ  من الديموقراطية الثقافية والمؤسسات التنظيمية باتجاه الحراك الاجتماعي التفاعلي...

يؤلمني اننا كعرب لا نتعلم كثيرا من عبر تاريخنا القديم والحديث على حد سواء، بل يبدو وكأننا نصر على اعادة نفس التجارب مهما كانت نتائجها وخيمة وكارثية، وربما تكمن أهم مهام مراكز الأبحاث والدراسات السياسية والاستراتيجية العديدة بتوجيه أصحاب القرار للحذر والحكمة والرشد وتجنب تكرار الأخطاء، فعند مراجعتي لأحد أعداد مجلة "اليوم السابع" الباريسية الصادرة بشهر نيسان لعام 1990 ، أي قبل عشر سنوات من انتهاء الألفية، لاحظت العناوين التالية: نذر الحرب تهب على المنطقة: صدام حسين يرد بقوة على التهديدات الأمريكية والاسرائيلية، الاردن: معركة بين الصحافة والبرلمان (للأسف نلاحظ الآن توافقا غير صحي للعملية الديموقراطية)، الانتفاضة تعانق يوم الأرض، أما الافتتاحية التي كتبها بلال الحسن فتشبه الهجوم الأمريكي المتوقع على العراق بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ثم: اسرائيل تطلق قمرها الثاني للاستطلاع الاستراتيجي، ملخص أول كتاب اسرائيلي عن الانتفاضة الثالثة (وقد فادهم بالتأكيد لتجنب الانتفاضة الرابعة!)،  ثم مقالة لبرهان غليون يتحدث فيها عن محنة اندماج المهاجرين العرب في فرنسا ورفض المجتمع الفرنسي لفكرة الاندماج وما قد يترتب عليه من حقوق مواطنية جديدة للمهاجرين الأجانب، وهم يحصدون الآن نتائج هذا الاقصاء والتهميش باستفحال الارهاب الداخلي، ونقرأ تعليقا لافتا بصفحة المنبر بعنوان: لماذا الاستعجال بدفن الاشتراكية؟ والكل يحصد نتائج هذا الدفن المبكر...ومقال مؤثر لبيار أبي صعب يتطرف فيه لمقولة غاليليه الشهيرة: "بأن التفكير هو افضل انواع التسلية للجنس البشري"، والمؤسف أن ملهيات ووسائل الاتصال والانترنت والموبايل في عصرنا الحالي ربما أضعفت كثيرا صحة هذه المقولة، كما يتضمن العدد حوارا لافتا مع المفكر العراقي حسام الألوسي بعنوان "دراسة التراث العربي كجزء أساسي من فهم فلسفة اليوم"، ثم مقالة فكرية بعنوان "حكماؤنا جعلوا الانسان وسيطا بين الوجود واللغة"، ثم ملخص عن ندوة الفكر العربي والتنوير التي عقدت في صفاقس تونس بعنوان: هل التنوير حركة ملحة في مجتمعاتنا المعاصرة؟" والجواب يتمثل في النتائج الكارثية لما يسمى الربيع العربي التي انطلقت ايضا من تونس...وانهي جولتي الشيقة هنا مع تحليل عميق لفيلم وودي ألن (الجديد- القديم) "جرائم وجنح"(1989) الذي يدين بجرأة ويتعمق في فضائح وخفايا المجتمع اليهودي في بروكلين- نيويورك، والذي يكشف بصراحة عن "عصبوية ولاأخلاقية" بعض وجوه المجتمع اليهودي وتصرفاتهم الشرسة حين تمس الامور المصالح والنفوذ، كما يسلط الأضواء على شخصيته في الفيلم كمخرج خلاق يسير عكس التيار في مجتمع استهلاكي، مما يؤدي لفشله ماليا.

في خاتمة هذه الرحلة الطويلة الشيقة مع المجلات العربية القديمة التي صدرت قبل عقد ونصف وقبل ربع قرن من الزمان انهي بالتساؤل: هل ذاكرتنا العربية "الجمعية" مثقوبة حقا؟ وهل اختلف الوضع كثيرا بعد مرور عقد ونصف (او ربع قرن)، أم تفجرت الاحتقانات وتكررت الحكايات وتاهت الروايات وصدقت او أخطأت التوقعات والاحتمالات؟ أم يبدواننا دخلنا كعرب "بعد عقد ونصف من الزمان" بنفق جديد ظلامي يتضمن القصص "الجديدة-القديمة" المثيرة والكوارث العديدة والمهالك المخيفة وقد أضعنا البوصلة التاريخية الأصيلة، وربما تصلح مقولة "الامام علي" لوصف حالنا البائس "من كثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق"!

مهند النابلسي

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف