مصارحة !! أحمد فتحي الوحيدي
أيام زمان كان لكل شئ قيمة ومعني أكبر ، من الأحداث التي شاهدتها في طفولتي أثناء عودتي من المدرسة و بقت في مخزن الذاكرة هي جنازة أحد الشهداء في المسيرات التي كان يدعو لها الرمز ياسر عرفات في ذكري النكبة وذلك ضمن الجهد الكبير الذي كان يقوم به من أجل نقل رسالة للعالم أجمع و لممارسة حق الشعب الفلسطيني في العودة كان يعلم جيدا أنه لا جدوى لشئ بدون وحدة شعب كانت جنازة ضخمة بكل ما تعنيه الكلمة تجمع كل اطياف وفئات الشعب الفلسطيني يرددون هتافاتهم لفلسطين وللقدس والشهداء وللأسري والجرحى شاهدت فيها لون العلم الفلسطيني وما رأيت فيها الا إسم الوطن شكلت عندي صورة من صور الوحدة الوطنية الحقيقية التي كان يحرص الرمز ياسر عرفات عليها وتمسك فيها لآخر لحظة في حياته ويعلم جيدا ان وحدة أبناء الشعب الفلسطيني وهدفه هو اساس قوتهم في مقاومة الاحتلال وهي عنصر أساسي ورئيسي في متطلبات المواجهة الخارجية وتعاطف دول العالم مع الشعب الفلسطيني وعرف الكوفية والعلم الفلسطيني من خلاله ولا اريد ان اذهب بعيدا عندما غادرت قطاع غزة الي جمهورية مصر عندما يقابلني دكتور مصري او صديق او حتي في اي معاملة ويعلم اني فلسطيني يعبر لي عن حبه للقضية الفلسطينية وحبه لاطفال الحجارة وكوفية الختيار ويردد مقولة ابو عمار على القدس رايحين شهداء بالملايين ، ياجبل ما يهزك ريح ، مع اطلالة سنة 2007 لا أحد كان يعلم انها بداية كابوس سوف يستمر سنوات طويلة يدمر قضيتنا وارضنا وحياتنا وهدفنا في تحرير ارضنا ويشوه صورتنا امام العالم ومع قدوم العام 2008 -2009 أصبحت الصورة واضحة اكثر واستمرت المعاناة والحروب على قطاع غزة وضياع جوهر الوطن الشاب الفلسطيني وعندما بدأ الطبيب والمهندس والمتعلم قبل الجاهل يتجول في الشوارع بحثا عن عمل علمنا جميعا أن هناك كارثة كبيرة ستصيب هذا الوطن وإستمرت المعاناة فكانت سنة 2015 أسوأ بكثير من السنوات التي سبقتها عشر سنوات بطالة وامراض حتى السرطان انتشر بصورة كبيرة والموت المفاجئ للشباب وحصار وحروب حتى الي ما استشهدوا من الاحتلال ذهبوا ضحايا اقتتال داخلي أخشي ان يصبح المواطنين الذين ماتوا بسبب الانقسام وآثاره أكثر من الذين استشهدوا بسبب الاحتلال الاسرائيلي وهنا الموت لا يقتصر علي الوفاة وسلب الروح فقط وإنما ايضا حرمان مريض من تلقي العلاج حرمان طالب من استكمال دراسته في الخارج حرمان شعب بأكمله من أدني متطلبات الحياة الكريمة اللائقة بالإنسانية حتى أصبحنا جميعا جسد بدون روح عشر سنوات حصار وحروب ودمار وامراض وجرائم وتخوين وتشكيك وشتم بَعضُنَا البعض في وسائل الإعلام المختلفة عشر سنوات من أسوأ السنوات التي مرت علي القضية الفلسطينية ونحن مصرون علي الحياة ، وحتي لا تستمر الاستهانة بالقضية الفلسطينية والانبطاح يجب أن تتوفر الإرادة والنية الحقيقية المتمثلة بدعوة الدول العربية الراعية للمصالحة الفلسطينية وعلي رأسها جمهورية مصر العربية لعقد اتفاق المصالحة في قطاع غزة وبذلك نكسر اول سبب من أسباب الإنقسام وهو الحصار لا وقت للتجول في الدول وعقد اللقاءات والانجازات التنظيرية والإعلامية ، المصالحة تحتاج الي إرادة وحكمة وعمل وعقل ويتعين على كل الأطراف دفع كامل الاستحقاقات لتحقيق الوحدة والعودة الى الطريق الواحد ، وبغير ذلك في ظل الظروف المحيطة والمجريات في البلاد العربية سيكون الانهيار الكبير ولن يستطع أحد مداواة الجرح وسيكون الكل نادم حين لا ينفع الندم