الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تسويق الخطاب الاسلاموي بقلم بكر ابوبكر

تاريخ النشر : 2016-02-10
تسويق الخطاب الاسلاموي بقلم بكر ابوبكر
تسويق الخطاب الاسلاموي

بكر أبوبكر

تعمد التنظيمات (المؤسسات والجماعات والشركات والأحزاب..)عامة لتسويق خطابها، إذ لا يكفي أن يتم توليد فكرة ما، ثم إنتاج الخطاب المصاحب لها عبر بثه أوكتابته ثم يُحبَس في كتاب في مكتبة أو درج ، بل يرتبط ذلك بآليات النشر والتعميم بغرض الإقناع من (دعوة) او تبشير ودعاية وترويج وتسويق بأساليب قد تكون مشروعة، وقد لا تكون كذلك.

 يشير د. هاني المنيعي إلى أن "تسويق الأفكار" يتضمن نقل ونشر القناعات بأسلوب تسويقي علمي، وحسب آخرين فهو يمر بعملية الابتكار للفكرة ثم تحصينها والإيمان بها ليسيرإلى مرحلة الانطلاق بالوسائل الإعلامية و الدعائية المختلفة، وعليه تنتشر الفكرة إلا انها قد تتغير أو تتطور مع متغيرات الفكر والزمن وحاجات الناس، أما حين تجمد ولا تواكب فإنها تخسر، وقد تندثر أوتتفسح إلى أفكار عدة .

 في عمليات التسويق للفكرة التي قد تأخذ عند التنظيمات الشمولية المغلقة العقلية معنى (الغزو) لعقول الآخرين بما يعني الاقتحام القسري للعقول، فإن الكلمة والصورة والحلم و"الوهم" لهما الدور الرئيس، كما أن بلورة الرأي عبر الأسانيد والحجج والمنطق أواستثارة العواطف لأمر هام في الترويج والتسويق عامة (أكان التجاري أم السياسي أو المذهبي).

 يستخدم الاسلامويون مجموعة من "القطعيات" ليضربوا النظريات المخالفة لهم ويشوهونها، ويثيرون من حولها "الشبهات" عبر وسائل العرض البارع وتحريف الكلام وفنون الخطابة.

ونحن في فلسطين لسنا ببعيدين إطلاقا عن الوقوع تحت طائلة التسويق الذي نساهم به بإرادتنا أحيانا من خلال نقل الأساطير التراثية والخرافات بعيدا عن صحيح المنقول من النص وبعيدا عن إعمال العقل.

 

الطريق الأسهل لتسويق المضامين

إن أسهل طريقة في المجتمعات العربية والاسلامية  لتسويق (مضامين) الفكرة وخاصة من قبل الاسلامويين على تياراتهم المتعددة اليوم هي:

1. تقديس الخطاب (أنظر حول نظرية الوهم المقدس) وما فيه من خلط مقصود بين الديني الحزبي والفكري السياسي.

2. استخدام رموز التقديس والمشابَهَة، بالأعلام والشعارات،وأيضا من خلال التشبّه بعصر الصحابة في الملبس واللحية وبعض التصرفات الشكلية الأخرى التي قد تبهر بسطاء الناس فيخلطون بين حقيقة الفعل المخالف ووهم الرمز.

3. استنفار الموروث: من عادات وقيم، وإن عفا عليها الزمن وبرز في مقابلها وعي ومفاهيم جديدة.

4. إشباع الآمال والأحلام: كحلم "الشهادة في سبيل الله" الذي يتحول للشهادة في سبيل الحزب أو الدعوة أو في سبيل الفكر الخطأ، أو نصرة للقائد .

5. دغدغة مشاعر البطولة لدى الفرد ليدافع عن دينه أو مذهبه كما يقول د. محمد الغامدي   حيث تتم استثارة مشاعر الحميّة المذهبية من قبل التيارات الاسلاموية سواء الشيعية المتطرفة (نصرة للمذهب الشيعي وحماية قبور آل البيت) أو السنية المتطرفة أمثال داعش (نصرة لأهل السنة) أو الاخوان المسلمين (نصرة الاسلام وفق "فهم" الاخوان).

6.  كما يضيف د. الغامدي مشيرا لرغبة الشباب في الخروج عن النسق أنها تعد عاملاً حافزاً،ومؤهِلا لتقبل أي مضامين اجتماعية او فكرية مختلفة، لا سيما وأن خطاب الاسلامويين  يعطي الانطباع للفئات المستهدفة وخاصة الشباب أنهم بانضمامهم لحزبهم وأهدافه الكبرى (ينشغلون بمشاغل كبيرة) تؤدي لفاعلية واحترام ودور أكبر في المحيط.

 

 

آليات الاستقطاب والتسويق النفسي

 

في الاستخدام للآليات تتخذ التنظيمات السياسية عامة وسائل محددة الهدف منها "الحشد" نحو الفكرة والتنظيم، والحشد مطلوب لكن الأصل هو  "البناء" حول الفكرة بمعنى تكوين النواة الصلبة بما يُحسِن الاستثمار أو الاستخدام بحسب أهداف جهة التسويق أوالاستقطاب والدعوة .

تستخدم التيارات الاسلاموية المنابر في المساجد والمدارس والجامعات ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصة لترويج أفكارها وتسويقها مستعينة بقيادات (إسلامية) تبدو بعيدة عن الفكر الحزبي، وأحيانا شباب ملتفين حول الفكرة وليسوا بالضرورة من صلب (التنظيم)، وهنا يأتي دور "التوظيف والاستخدام" لهدف مخالف لما قد يريده الشخص المستَخدَم.

 

وفي (الآليات ) 3 خطوات الخطوة الأولى: هي "الهز والتحفيز والاستبدال" والتي يتبعها عند نجاحها خطوة "التطويع"، ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة "الاستخدام والتوظيف" وفي الخطوة الأولى بإمكاننا الاشارة لسبع نقاط.

 

1.     آلية هز القناعات : فأنت في مجتمع مقرف مليء بالخطايا والإباحية والابتعاد عن دين الله فهو جاهلي (كافرأو مرتد أو..) والدليل .... من القرآن والسنة كما يفهمونها ويطوعونها، ومن كتب التراث .

2.     آلية الإشعار بالذنب: فأنت مقصّر ولا تفعل شيئاً لدينك أو ربك أو مذهبك، فيرى الشخص الواقع تحت سيطرة "وهم قداسة" اللحية والجلباب وافتراض أن في أمثال هؤلاء ينطقون الحق دوما فلا يأتيهم الباطل لا من بيد أيديهم ولا من خلفهم، يشعرانه ذليل أو خجِل إن لم ينصاع لهم .

3.     آلية تحفيز الواجب إذ ينتبه الشخص بعد كل ذلك، وعبر "تكرار"هذه الآلية أن بإمكانه أن يفعل شيئا ولو على الأقل بالانتماء لهذا التنظيم، أو دعمه ولو على توتيرأو الفيسبوك، أو قد يصل لدرجة الموت في سبيله .

4.     خطاب مشاعر الحميّة والنجدة والنُصرة للدين و (لأهل السنة مثلاً في العراق من قبل داعش ) وأنه يدافع عن الشريعة وتطبيقها، ما يترابط مع تحفيز الواجب.

5.     تأتي عملية استثارة (المأمول ) أو المحلوم به أو ما هو في الحقيقة فيه الكثير من الكذب أو "الوهم" كخطوة لاحقة لما سبق، فأنت بقيامك بالواجب أكان بحده الأدنى أو الأقصى ستجد أمامك جنة الخلافة الأرضية (عبر الواقع الافتراضي في الشابكة (=الانترنت)، أو في داخل الحزب المغلق على المؤمنين، أو بالهجرة عن المجتمع، أو مؤخراً في دولة الخلافة بالموصل) كما تنظرك الحوريات ال 72 في الجنة ان قتلت في سبيل الخليفة أو الدعوة .

6.     تقنية إبدالية الرموز: وهي تقنية مستخدمة من قبل التنظيمات الاسلاموية لغرض إحداث أثر كبير ووقع أكبر من خلالها، فالشعار والعيش فيه قد يحل محل الحقيقة ، كما أن إظهار الرموز والصور والتفخيمات والشارات وأحياناً بعض الانجازات كأنها دلائل وبشائر النصر النهائي يعد تقنية ناجحة (انظر نظرية وعاء الآلهة) .

7.     في الخطوة الأولى ب"الهز وتحفيز الآمال" يصبح المجتمع البديل جاهزاً في الصورة المرسومة عبر الاعلام والتسويق لأنه يظهر "الحزب مقابل المجتمع" بشكل كامل.

 

أما الخطوة الثانية في الآليات التسويقية للأحزاب هذه فهي التطويع التنظيمي، والتجهيز لتنفيذ الأوامر (يقول عمر التلمساني : كنت بين يدي الإمام حسن البنا كالميت بين يدي المغسل) ويتأتى ذلك عبر الإخضاع الكلي في أدبيات التنظيم عبر التشديد على الطاعة العمياء للأمير والبيعة له وللدعوة (وليس للإسلام-أنظر قسم الاخوان المسلمين كمثال) ثم القيام بتدجين هؤلاء عبر مخيمات أو معسكرات مغلقة لا تبقى في العقل أي مساحة يستطيع من خلالها أن يتنفس خارج مادة التسويق التي أزاحت ثم حلت مكان أي شيء آخر كليا.

 ينتقل التنظيم للخطوة الثالثة: وهي "الاستخدام والتوظيف" الإرادي أو اللارادي، إلى الدرجة التي ينتخب فيها الشخص المستهدَف القائمة الطلابية (الاسلامية) حتى لو كان هو في سلوكه كما يعتقد لا يماثلهم فهو ينظف نفسه بمثل هذا الفعل الإبدالي، أو قد يتمادى غيره فينضم "للجنّة" في التنظيم، او يفجّر نفسه ضد الكفار والمرتدين وأصحاب الأهواء ليستشد في سبيل الله (ما هو  نمط التطويع الذهني في دولة الحشاشين في التاريخ الإسلامي)

 

عقدة العدد واستهداف الشباب

 

لا يمكن أن نفهم أن يتكاثر عدد المنتمين لتنظيم "الدولة الاسلامية" في العام 2015 إلى 30 الفا (التقديرات الاستخبارية الامريكية، والسورية في المرصد السوري من 15- 20 -30 ألف) من المقاتلين، في حين أن كل المقاتلين "المجاهدين الاجانب" الذين دخلوا أفغانستان (1979 – 1989 ) من الخارج، لم يتجاوزا العشرة آلاف رغم الدعم والشرعية العربية والإسلامية، والدعم الدولي الذي صاحب تلك الحرب إلا بالقدرة على استخدام الآليات المذكورة، وفي ظل تفوق واضح من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي عمد من خلالها المؤثرون في الوعي من "الدعاة" الى إحداث الشرخ في فضاءات المستهدفين، وعملا دؤوبا لجسر الهوة بين الماضي (سيصبح المستقبل) المأمول والواقع المعاكس عبر هذا التنظيم أو ذاك ، ومن هنا استطاع تنظيم "الدولة الإسلامية" كنموذج صارخ في يوم واحد من عام 2014 أن يغرد على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي على الشابكة (=انترنت) مالايقل عن 40 ألف تغريده ، بل وأن يشكل قاعدة استقطابه ممثلة بالشباب من سن 18 – 28 عاما وهم الأكثر التصاقا بوسائل التواصل الاجتماعي، بينما المقارنة مع الاستقطاب لافغانستان أن أولئك "المجاهدين" الأجانب كانوا من سن 30 عاما فما فوق .

 

أدوات الاستقطاب

بلا شك كما ذكرنا أن (أدوات) الاستقطاب في التنظيمات الاسلاموية تبدأ بالمسجد ثم المؤسسة أو المجمع الإسلامي (مجمع قد يضم مسجد ومستوصف ومكتبة ومدرسة ما أمكنهم)، أومن خلايا المؤسسات والجمعيات الأهلية، وعبر اختراق الوزارات ومؤسسات الدولة عبر الدعوة للصلاة أو القيم كبداية للجذب، كما يعتمدون على القيادات الاسلامية غير الحزبية المؤمنة أي ليست المنتمية لهم بالضرورة، ولكنها المؤيدة على قاعدة أن كله اسلامي.

 تشكل أداة الاتصال الفردي والمباشر بين أعضاء هذه التنظيمات والآخرين عبر اللقاءات والجلسات أداة هامة داخل البلد او باللقاءات المشتركة في أي مؤتمر أو لقاء منظم.

 يقوم "العائدون" من مناطق سيطرة (الدولة الاسلامية) أيضا بتشكيل جدار حماية ودعاية واستقطاب في بلادهم للدولة (داعش)،(وفيما سبق قام العائدون من أفغانستان بنفس الدور، كما الحال مع الخارجين من مدارس السجون).

 يمكننا أن نرى رابعا في عوامل الجذب المادية عاملا هاما كما تفعل "حماس" في قطاع غزة من فلسطين عبر إعطاء الأدوار أو اطلاق الألقاب والمسميات أو عبر توزيع المراكز والأموال والتزويج بسهولة.

في المقابل يتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي كأداة تسويق واستقطاب كما ذكرنا لا سيما أن نشر الصورة الجاذبة عن أي تنظيم هو الهدف، وتشويه صورة الخصم (دعاية حماس على فضائياتها تصر على شيطنة الآخر كليا ونقاءها اللامع ، وداعش كمثال تظهر تيسيرات الزواج والحياة العادية في مناطقها مقابل جرائم الأسد والنظام العراقي وتشعل في الأذهان حتمية النصر (بتكرار الصور التي تظهر العظمة والقوة) لاحقا للجهاد لهزيمة الكفار ) .

إن أهم أهداف الدعاية والترويج أو التسويق للفكرة عامة – ومنها في التنظيمات الاسلاموية تخصصا.

-         اظهار المصداقية للأنصار أولا .

-         جلب ثقة الجمهور واستقطابه ضمن فئات لا سيما بتكرار بث ما يعتقدونه مشاهد الانتصار والفتوحات أو الحياة العادية أو العيش بوئام داخل الحزب. 

-         إظهار القوة والقدرة على السيطرة عبر الأشرطة والمقاطع المرئية المختلفة لتدلل على أنها باقية ولا تنكسر(وفي الاخوان المسلمين تأتي آليات إظهار القوة من خلال الصمود في المحنة=السجن، ما هو ابتلاء من الله، وصولا للتمكين الحتمي) .

-         استخدام رموز خاصة، ومقابلها هدم رموز قائمة (داعش حطمت تمثال المتنبي والمعري ...، وترفض العلم الفلسطيني )

-         إظهار (فتوة) وشبابية التنظيم عبر صور الاطفال والمراهقين المدججين بالسلاح، أو القارئين الحافظين للقرآن، أو  إظهار  أن القائد الأول فتي (مثال البغدادي مقابل الظواهري)، أو عبر ناطقين اعلاميين شباب كما تفعل حماس وغيرها .

-         اظهار دور النساء واستغلالهن (انظر كتيب مهام الأخت في ساحة المعركة لداعش)

إن أهمية التصدي للفكر المتطرف وإنهائه تأتي من القدرة على بناء منظومة فكرية منفتحة منظومة فكرية تجعل من النص القرآني مرجعا أصيلا، ومن العقل منارة في التفسير والتأويل بعيدا عن الخرافات والاوهام التي علقت بكتب تراثنا الكثيرة، والتي إن لم نقم بتنقيحها وغربلتها، فإن بوابة الاقتباس الخطر والسهل تظل مفتوحة لنسخ مبررات الاحداث في مكان وزمان سالف لإعادة انتاجه في مكان وزمان آخر ما لا علاقة له لا بالاسلام ولا بقيمة العقل المأمورين من الله سبحانه وتعالى باستخدامه.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف