مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
مروان صباح / التسديدة الأولى سُجلت في النمامة ،عندما تدخلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين ، كان قد انشائها الخليجيين عام 1980 م في عهد الملك خالد ، شهد عهده نقلات أخرى نوعية ، في مجال التنمية والأمن وانعكس ذلك إلى رخاء ونهضة في التعليم ، ففي شهر آذار من عام 2011 دخلت قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية الى المنامة بهدف إخماد المظاهرات ، وبالفعل ، كان من ضروري للسعودية على الأقل ، أن تُطمئن أمنها القومي ، الأقرب إليها ، بأن قدرتها على التحرك والتفاعل والتعامل مع أي طارئ ، من ممكن وفي أي وقت ، في متوالية أخرى ،تُسجل السعودية هذه المرة تسديدة ثانية في اليمن ،هي صاعقة ، حيث ، كما يبدو المجلس الأمن السعودي ، قرر على الفور ، أن لا يضيع الفرصة السانحة وبضربة جزاء ، فاجأت الإيرانيون من خلال إمطار حلفاءهم في اليمن بالرصاص الكثيف ، وقد يعيدنا هذا التدخل إلى ماضي عبدالناصر ، أحياناً ، في لبنان من خلال امتداد ذراع مصر السياسي ، وآخر ، بالتدخل العسكري في اليمن ، حيث ، دون أدنى شك ، استطاع الفكر الإستشراقي وعلى مدار المائة عام من الاستيلاء على فلسطين والعراق وجنوب السودان وسوريا الصغرى وتحجيم مصر إلى الحدود الدنيا وتفكيك دولة البترول الأكبر في شمال أفريقيا ، ليبيا ، وبالتالي ، فرضت الوقائع على الملكة السعودية أن تعيد ترتيب البيت العربي بمفردها ، بعد اخراج دول محورية مثل ، العراق وسوريا .
بالتأكيد ، المرحلة تحتاج إلى تبصر وعقلانية في ذروة الجنون الحاصل ، وبهذه البساطة من المفترض ، أن يقود الرياض إلى إتعاظ أكثر بكثير من أي اغتباط في المسألة البحرينية أو اليمينية ، قبل أن تعيد تجارب عبدالناصر المجربة ، ولأنه واجه الرجل العالم والداخل بمفرده ، تماماً ، كما صدام والسودان وفلسطين ، تواجه السعودية اليوم العالم بمفردها ، حتى لو كانت سياستها الخارجية مازالت إلى الآن تجيد التعامل وتحافظ على المعايير الدبلوماسية ، فالولايات المتحدة الأمريكية ، تستخدم عبر رئيسها المحيط ،بدراية عميقة في شؤون العالم ، وهو ذاته الماهر في إدارة الأزمات ،حيث ،يوازن بين مصلحة بلاده وبين القانون الدولي ، فنجد أن إدارة أوباما تميل كل الميل إلى ثقافة تبدأ بالدبلوماسية وتنتهي بالتحالفات قتالية ، قد وضعها بريجنسكي في سياق التعامل الأنسب مع الجمهورية الإيرانية ومن قبلها الشاهية ، على نحو أنها لا تشكل خطر على أمن والمصالح القومية الأمريكية ولا الإسرائيلية ، بل ، من الممكن احتواء طموحاتها عبر تفاهمات مبنية بالأصل على علاقات تاريخية ،مميزة ، وهذا ما أشار له تريتا بارسي أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكيزز ، إشارة خفيفة ،الذين حصلوا على جائزة نوبل من هذه الجامعة ، 38 دارس وعامل وتعد من أهم الجامعات في العالم ، نعم أشار بارسي في كتابه التحالف الغادر ، أن التنافس بين حلفاء السر ، ايران اسرائيل أمريكا ، يقوم على الأقليم والجيواستراتيجي ، وليس الأيدلوجي إطلاقاً ،كما ضللت وتضلل الخطابات والشعارات التعبوية الحماسية ، وهذا يفسر ، عندما قال عمدة باريس ،ولاحقاً ، رئيس فرنسا جاك شيراك ، بأن العالم لن يتأثر اذا امتلكت إيران قنبلة نووية ، يعني ،باختصار شديد ،أن إيران ليست عدو استراتيجي لإسرائيل ولا للولايات المتحدة كما كان حال عبدالناصر وصدام وأفغانستان طالبان ، وبالتالي ،تُعتبر ايران خارج صراع الحضارات في المفهوم الفكري الغربي ، بل ،هناك قاسم مشترك وأيضاً ،هناك جوامع عديدة بين الأطراف الثلاثة ، أكثر بكثير مما يفرقهم .
المسألة تكمن هنا ، أن كلتا الدولتين ، ايران وإسرائيل ، تعتقدان ، وهذا صحيح ،لا يمكن سوى جاهل إنكاره ، أنهما متفوقتين على محيطها العربي ،الذي بالطبع ، ومن المفترض وبعد سقوط دول مثل العراق وسوريا ،وتحيد مصر وإغراقها بالجهل والديون والقسمة الوطنية ،بأن تنظر السعودية والخليج عموماً إلى الواقع بنظرة مختلفة ،حيث ، بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات ،بالطبع ، من خلال نهضة شاملة عنوانها الاعتماد على الذات وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي ، فدولة الإمارات قادرة بمدة زمنية قصيرة أن تتحول إلى مركز تجاري عالمي بمساعدة دول الخليج وضمن سياسة تعتمد على الدعم الكامل من قبل أعضاء المجلس ،في مقابل ، المملكة السعودية تحتاج إلى نهضة شاملة في تصنيع السلاح والبحث العلمي وربط دول قريبة ،من الممكن استثمار أراضيها بالزراعة ، مثل الأردن وتبني العقول العلمية ، العربية ، ودون التحرك إلى ذلك ، ستبقى جميع الدول العربية ، هدف ممكن لقوى متعددة في المنطقة أو العالم ، تستبيح وتتمدد فيها ، كونها تُعتبر جميعها دون استثناء ،خطر أيديولوجي ،لا بد القضاء عليه ،تماماً .
الأيام المقبلة ، سيشهد العالم تغييرات اقتصادية خانقة ، بالطبع ، هناك بلاد ستتأثر من هبوط النفط وسيشكل إرباكاً على سياسة دولتها ، مثل مصر ، وهنا لا بد للرئيس السيسي أن يعي ، حجم خطورة القادم ، لأن ،الاستمرار في ذات العقلية والنهج السابقين ، سيدخل البلد في سياقات ، طبعاً ، ترهق الموازنة العامة للدولة ، كرفع السلع ورفع الكهرباء والماء ، في المقابل ، يمر عامين على انتخابات المصرية الثانية ،بعد ثورة 25 يناير ، وحال الواقع في تراجع ، بل ،اذ ما قورن ،العاميين الأولين للسيسي مع السنة الأولى لحكم عبد الناصر ،سيلاحظ المراقب ،أن هناك اختلاف واسع في التفكير والتدرج الذي اتبعهما في عملية نهوض البلد ، وبالتالي ، تُفسر الوقائع بصراحة ، جذرية الاختلاف في منهجية البناء بين كلا النهجين ، رغم ، أن مرحلة عبد الناصر شهدت حصار وتخاذل عالمي وتحديات كبيرة ، على الأقل ، في وقتها كان الخليج والسعودية على الأخص ، لا ترغب بمساعدته ، وتختلف معه أيدلوجياً ، عكس في يجري مع الرئيس السيسي ، لكن ، انتخابات البرلمانية الأخير ،والتركيبة التى جاءت به الانتخابات ، مدلول ، صريح الدلالة على القادم ، لأن نتائج الانتخابات ،باختصار ،أعادت ماضي السادات ومبارك ، لكن ، على شكل هزلي ، وهذا مؤشر كبير للملكة العربية السعودية ، بأن الاعتماد على مصر كقوة عربية ، كلام لا يقدم ولا يؤخر ، طالما ، المواطن المصري لم يشعر بالتغيير ،بالإضافة ،جميع الدلالات تشير ، أن القادم مجهول بل كارثي .
كانت ومازالت العلاقة ،الإسرائيلية الإيرانية والأمريكية شائكة ، وبالرغم من صفقة ايران غيت ، ودبلوماسية الأبواب الخلفية ، إلا أن ،إسرائيل حاولت ونجحت في تعطيل وشراء الوقت ، بهدف تحديد حجم الاتفاق مع الولايات المتحدة ، خوفاً ، أن يأتي على حسابها في المنطقة ، فاليوم بعد تدمير العراق وسوريا وخلق فوضى عارمة في داخلهما والتي تهدد المحيط برمته ، تسعى إيران ومن خلال القنوات السرية ، مقايضة إسرائيل وتحت إشراف أمريكي روسي ،على نحو التالي ،إعطاءها الوصاية الكاملة على الخليج ، مقابل ،تنازلها عن اذرعتها في منطقة بلاد الشام ووقف الدعم الكامل للمنظمات المسلحة التى تنطوي تحت إمرتها أو أخرى تتلقى دعم بهدف الاستقطاب .
والسلام
كاتب عربي
مروان صباح / التسديدة الأولى سُجلت في النمامة ،عندما تدخلت قوات درع الجزيرة إلى البحرين ، كان قد انشائها الخليجيين عام 1980 م في عهد الملك خالد ، شهد عهده نقلات أخرى نوعية ، في مجال التنمية والأمن وانعكس ذلك إلى رخاء ونهضة في التعليم ، ففي شهر آذار من عام 2011 دخلت قوات درع الجزيرة بقيادة السعودية الى المنامة بهدف إخماد المظاهرات ، وبالفعل ، كان من ضروري للسعودية على الأقل ، أن تُطمئن أمنها القومي ، الأقرب إليها ، بأن قدرتها على التحرك والتفاعل والتعامل مع أي طارئ ، من ممكن وفي أي وقت ، في متوالية أخرى ،تُسجل السعودية هذه المرة تسديدة ثانية في اليمن ،هي صاعقة ، حيث ، كما يبدو المجلس الأمن السعودي ، قرر على الفور ، أن لا يضيع الفرصة السانحة وبضربة جزاء ، فاجأت الإيرانيون من خلال إمطار حلفاءهم في اليمن بالرصاص الكثيف ، وقد يعيدنا هذا التدخل إلى ماضي عبدالناصر ، أحياناً ، في لبنان من خلال امتداد ذراع مصر السياسي ، وآخر ، بالتدخل العسكري في اليمن ، حيث ، دون أدنى شك ، استطاع الفكر الإستشراقي وعلى مدار المائة عام من الاستيلاء على فلسطين والعراق وجنوب السودان وسوريا الصغرى وتحجيم مصر إلى الحدود الدنيا وتفكيك دولة البترول الأكبر في شمال أفريقيا ، ليبيا ، وبالتالي ، فرضت الوقائع على الملكة السعودية أن تعيد ترتيب البيت العربي بمفردها ، بعد اخراج دول محورية مثل ، العراق وسوريا .
بالتأكيد ، المرحلة تحتاج إلى تبصر وعقلانية في ذروة الجنون الحاصل ، وبهذه البساطة من المفترض ، أن يقود الرياض إلى إتعاظ أكثر بكثير من أي اغتباط في المسألة البحرينية أو اليمينية ، قبل أن تعيد تجارب عبدالناصر المجربة ، ولأنه واجه الرجل العالم والداخل بمفرده ، تماماً ، كما صدام والسودان وفلسطين ، تواجه السعودية اليوم العالم بمفردها ، حتى لو كانت سياستها الخارجية مازالت إلى الآن تجيد التعامل وتحافظ على المعايير الدبلوماسية ، فالولايات المتحدة الأمريكية ، تستخدم عبر رئيسها المحيط ،بدراية عميقة في شؤون العالم ، وهو ذاته الماهر في إدارة الأزمات ،حيث ،يوازن بين مصلحة بلاده وبين القانون الدولي ، فنجد أن إدارة أوباما تميل كل الميل إلى ثقافة تبدأ بالدبلوماسية وتنتهي بالتحالفات قتالية ، قد وضعها بريجنسكي في سياق التعامل الأنسب مع الجمهورية الإيرانية ومن قبلها الشاهية ، على نحو أنها لا تشكل خطر على أمن والمصالح القومية الأمريكية ولا الإسرائيلية ، بل ، من الممكن احتواء طموحاتها عبر تفاهمات مبنية بالأصل على علاقات تاريخية ،مميزة ، وهذا ما أشار له تريتا بارسي أستاذ في العلاقات الدولية في جامعة جون هوبكيزز ، إشارة خفيفة ،الذين حصلوا على جائزة نوبل من هذه الجامعة ، 38 دارس وعامل وتعد من أهم الجامعات في العالم ، نعم أشار بارسي في كتابه التحالف الغادر ، أن التنافس بين حلفاء السر ، ايران اسرائيل أمريكا ، يقوم على الأقليم والجيواستراتيجي ، وليس الأيدلوجي إطلاقاً ،كما ضللت وتضلل الخطابات والشعارات التعبوية الحماسية ، وهذا يفسر ، عندما قال عمدة باريس ،ولاحقاً ، رئيس فرنسا جاك شيراك ، بأن العالم لن يتأثر اذا امتلكت إيران قنبلة نووية ، يعني ،باختصار شديد ،أن إيران ليست عدو استراتيجي لإسرائيل ولا للولايات المتحدة كما كان حال عبدالناصر وصدام وأفغانستان طالبان ، وبالتالي ،تُعتبر ايران خارج صراع الحضارات في المفهوم الفكري الغربي ، بل ،هناك قاسم مشترك وأيضاً ،هناك جوامع عديدة بين الأطراف الثلاثة ، أكثر بكثير مما يفرقهم .
المسألة تكمن هنا ، أن كلتا الدولتين ، ايران وإسرائيل ، تعتقدان ، وهذا صحيح ،لا يمكن سوى جاهل إنكاره ، أنهما متفوقتين على محيطها العربي ،الذي بالطبع ، ومن المفترض وبعد سقوط دول مثل العراق وسوريا ،وتحيد مصر وإغراقها بالجهل والديون والقسمة الوطنية ،بأن تنظر السعودية والخليج عموماً إلى الواقع بنظرة مختلفة ،حيث ، بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات ،بالطبع ، من خلال نهضة شاملة عنوانها الاعتماد على الذات وصولاً إلى الاكتفاء الذاتي ، فدولة الإمارات قادرة بمدة زمنية قصيرة أن تتحول إلى مركز تجاري عالمي بمساعدة دول الخليج وضمن سياسة تعتمد على الدعم الكامل من قبل أعضاء المجلس ،في مقابل ، المملكة السعودية تحتاج إلى نهضة شاملة في تصنيع السلاح والبحث العلمي وربط دول قريبة ،من الممكن استثمار أراضيها بالزراعة ، مثل الأردن وتبني العقول العلمية ، العربية ، ودون التحرك إلى ذلك ، ستبقى جميع الدول العربية ، هدف ممكن لقوى متعددة في المنطقة أو العالم ، تستبيح وتتمدد فيها ، كونها تُعتبر جميعها دون استثناء ،خطر أيديولوجي ،لا بد القضاء عليه ،تماماً .
الأيام المقبلة ، سيشهد العالم تغييرات اقتصادية خانقة ، بالطبع ، هناك بلاد ستتأثر من هبوط النفط وسيشكل إرباكاً على سياسة دولتها ، مثل مصر ، وهنا لا بد للرئيس السيسي أن يعي ، حجم خطورة القادم ، لأن ،الاستمرار في ذات العقلية والنهج السابقين ، سيدخل البلد في سياقات ، طبعاً ، ترهق الموازنة العامة للدولة ، كرفع السلع ورفع الكهرباء والماء ، في المقابل ، يمر عامين على انتخابات المصرية الثانية ،بعد ثورة 25 يناير ، وحال الواقع في تراجع ، بل ،اذ ما قورن ،العاميين الأولين للسيسي مع السنة الأولى لحكم عبد الناصر ،سيلاحظ المراقب ،أن هناك اختلاف واسع في التفكير والتدرج الذي اتبعهما في عملية نهوض البلد ، وبالتالي ، تُفسر الوقائع بصراحة ، جذرية الاختلاف في منهجية البناء بين كلا النهجين ، رغم ، أن مرحلة عبد الناصر شهدت حصار وتخاذل عالمي وتحديات كبيرة ، على الأقل ، في وقتها كان الخليج والسعودية على الأخص ، لا ترغب بمساعدته ، وتختلف معه أيدلوجياً ، عكس في يجري مع الرئيس السيسي ، لكن ، انتخابات البرلمانية الأخير ،والتركيبة التى جاءت به الانتخابات ، مدلول ، صريح الدلالة على القادم ، لأن نتائج الانتخابات ،باختصار ،أعادت ماضي السادات ومبارك ، لكن ، على شكل هزلي ، وهذا مؤشر كبير للملكة العربية السعودية ، بأن الاعتماد على مصر كقوة عربية ، كلام لا يقدم ولا يؤخر ، طالما ، المواطن المصري لم يشعر بالتغيير ،بالإضافة ،جميع الدلالات تشير ، أن القادم مجهول بل كارثي .
كانت ومازالت العلاقة ،الإسرائيلية الإيرانية والأمريكية شائكة ، وبالرغم من صفقة ايران غيت ، ودبلوماسية الأبواب الخلفية ، إلا أن ،إسرائيل حاولت ونجحت في تعطيل وشراء الوقت ، بهدف تحديد حجم الاتفاق مع الولايات المتحدة ، خوفاً ، أن يأتي على حسابها في المنطقة ، فاليوم بعد تدمير العراق وسوريا وخلق فوضى عارمة في داخلهما والتي تهدد المحيط برمته ، تسعى إيران ومن خلال القنوات السرية ، مقايضة إسرائيل وتحت إشراف أمريكي روسي ،على نحو التالي ،إعطاءها الوصاية الكاملة على الخليج ، مقابل ،تنازلها عن اذرعتها في منطقة بلاد الشام ووقف الدعم الكامل للمنظمات المسلحة التى تنطوي تحت إمرتها أو أخرى تتلقى دعم بهدف الاستقطاب .
والسلام
كاتب عربي