يولــدُ الإنسـانُ كبيـرَ الثّقـةِ بكـلّ مـن حولـه وما يحيـط بـه الى أن يـدرك شيئـاً فشيئـاً أنّـه يــدور فـي دوّامـة متناقضـات: أقربـاء وغربـاء ، ضحـكٌ وبكـاء، بيـتٌ وشـارع، وطـنٌ وغربـة ، حـلالٌ وحـرام ، مسمـوحٌ وممنـوع...
وكلّـما كبُـرَ تناقصـت ثقتُـه بالأشيـاء، بألعابـه التي تنكسـر بيـن يديـه الطريّتين، بضمّـة أمّـه التي تتحـوّل صفعـةً، بضحكـة أبيه تنقلـبُ عبسـةً، بلطـف أترابـه يصيـر جفـاءً...
ثـمّ يبـدأ باختبـار أوّل سجـون حياتـه، الخوف : الخـوف مـن النّـار، مـن المـاء، مـن الهـواء، مـن البـرد، مـن الحـرّ، مـن النّـاس وأصواتهـم وكذلك مـن ضحكاتهـم...
بعدهـا يحمـل أمتعـة أمانيـه ويباشـر بالتخطيـط لمجـرى حياتـه، يرسـم بثقـة وتصميـم وتأكيـد ما يريـد ومـا لا يريـد، يلـوّن أحلامـه بشتى الألـوان... يشعـر في مرحلـة مـا أنّه قـويٌّ وقـادرٌ على تحقيق كـلّ أمنياته، فيضـربُ بيـدٍ مـن حديـد، يديـر ظهـرَه بأنانيّـة، يرمـي خلفـه مـن أحبّـه ويجـري وراء المجهـول، يعـدُّ نفسـَه النّسـرَ القـويّ فيحلّـق عاليـاً، يتماثل بأهم الشّخصيـات وأقوى الناس... يمشـي، ويمـشي، يركـض، يجـري، يلهـث... وعند كـلّ استراحـة يتوقّـف ليختبـرَ نفسـَـه، يتمهّـل ليسـمعَ توقعـات برجـه، يـدرس احتمالات حظّـه، يهِبُ ثقتَه لمعجـمٍ يعلّـمه مـن يكـون، يعـرّجُ على عرّافـة ومحلّلٍ نفسـي يشـكو لـه خيبـات دربـه... يقضـي العمـرَ كلّـه يفتّـش ويسـأل: هو مـن يكـون، مـن أيـن جـاء، كيـف، لمـاذا، الى أيـن... ويستهويـه أن يختبـرَ نفسـه في أسئلـة وروائزَ واختبـارات راغبـاً بأن يعـرف أكثر عن شخصيّته، مـن يشبـه، مـن هـو، مـا هـو، مـا يحـبّ، أيّـه زهـرة تشبهه، أيّ لـون يمثّلـه، وأيّ فكـر يشغلُـه...
وكلمـا عـرف أكثـر تأكّـد بأنـه لا يعـرف شيئـاً، تتراجـع ثقتَـه بالحيـاة وتتقهقـر آمالُـه على درب تنازلـي... قـد تستمـرّ رحلـة البحـث بفعـل أكسير الأمـل الإنساني، إنّمـا بثقـةٍ متآكلـة يومـاً بعـد يـوم الى أن يصبـح طفـلاً كهـلاً وقـد فقـد الثقـةَ بكـلّ شيء إلاّ بالآتـي... مـا بعـد الحيـاة.
نازك الحلبي يحيى
وكلّـما كبُـرَ تناقصـت ثقتُـه بالأشيـاء، بألعابـه التي تنكسـر بيـن يديـه الطريّتين، بضمّـة أمّـه التي تتحـوّل صفعـةً، بضحكـة أبيه تنقلـبُ عبسـةً، بلطـف أترابـه يصيـر جفـاءً...
ثـمّ يبـدأ باختبـار أوّل سجـون حياتـه، الخوف : الخـوف مـن النّـار، مـن المـاء، مـن الهـواء، مـن البـرد، مـن الحـرّ، مـن النّـاس وأصواتهـم وكذلك مـن ضحكاتهـم...
بعدهـا يحمـل أمتعـة أمانيـه ويباشـر بالتخطيـط لمجـرى حياتـه، يرسـم بثقـة وتصميـم وتأكيـد ما يريـد ومـا لا يريـد، يلـوّن أحلامـه بشتى الألـوان... يشعـر في مرحلـة مـا أنّه قـويٌّ وقـادرٌ على تحقيق كـلّ أمنياته، فيضـربُ بيـدٍ مـن حديـد، يديـر ظهـرَه بأنانيّـة، يرمـي خلفـه مـن أحبّـه ويجـري وراء المجهـول، يعـدُّ نفسـَه النّسـرَ القـويّ فيحلّـق عاليـاً، يتماثل بأهم الشّخصيـات وأقوى الناس... يمشـي، ويمـشي، يركـض، يجـري، يلهـث... وعند كـلّ استراحـة يتوقّـف ليختبـرَ نفسـَـه، يتمهّـل ليسـمعَ توقعـات برجـه، يـدرس احتمالات حظّـه، يهِبُ ثقتَه لمعجـمٍ يعلّـمه مـن يكـون، يعـرّجُ على عرّافـة ومحلّلٍ نفسـي يشـكو لـه خيبـات دربـه... يقضـي العمـرَ كلّـه يفتّـش ويسـأل: هو مـن يكـون، مـن أيـن جـاء، كيـف، لمـاذا، الى أيـن... ويستهويـه أن يختبـرَ نفسـه في أسئلـة وروائزَ واختبـارات راغبـاً بأن يعـرف أكثر عن شخصيّته، مـن يشبـه، مـن هـو، مـا هـو، مـا يحـبّ، أيّـه زهـرة تشبهه، أيّ لـون يمثّلـه، وأيّ فكـر يشغلُـه...
وكلمـا عـرف أكثـر تأكّـد بأنـه لا يعـرف شيئـاً، تتراجـع ثقتَـه بالحيـاة وتتقهقـر آمالُـه على درب تنازلـي... قـد تستمـرّ رحلـة البحـث بفعـل أكسير الأمـل الإنساني، إنّمـا بثقـةٍ متآكلـة يومـاً بعـد يـوم الى أن يصبـح طفـلاً كهـلاً وقـد فقـد الثقـةَ بكـلّ شيء إلاّ بالآتـي... مـا بعـد الحيـاة.
نازك الحلبي يحيى