الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الـحـزب الـشـيـوعـي الـمصـري ...في دائرة الضوء بقلم: د. سامي عطا حسن الجيتاوي

تاريخ النشر : 2015-12-06
الـحـزب الـشـيـوعـي الـمصـري ...في دائرة الضوء
تمثل الحركة الشيوعية المصرية ، حالة فريدة فيما شهدته من تعرجات وانكسارات لا تتفق مع الازدهار اللافت الذي اتصفت به الحركة الشيوعية المصرية العلنية فيما بعد ، إلى أن قامت السلطات بِحَلها ، وتعقبها ، واعتقال كوادرها ، ومصادرة ممتلكاتها . غير أن بقايا هذه الحركة ظلت تعمل كجزر منفصلة ومبعثرة لسنوات طويلة ، تحت وطأة مطاردات لم تتوقف .
بدايات الحركة الشيوعية المصرية : تأسست الحركة الـشيوعية فـي مـصـر سنة 1920- 1921م تقـريبا ... و كان مؤسسها اليهودي الـبارز ( جوزيف روزنتال ) ... الذي هاجر وابنته شارلوت إلى مصر عام1892 م قادمين من روسيا، محملين بالأفكار الشيوعية ، وقد استطاع رزونتال تنظيم أول نقابة لعمال السجائر في مصر، ثم تمكن من تأسيس اتحاد نقابات العمال المصريين، واستطاع في العام نفسه ضم عدد من المصريين إلى هذه النقابات أمثال : محمود حسني العرابي، ومحمد عبد الله عنان ، وعلي العناني، وسلامة موسى .. ثم كون أول حزب شيوعي مصري برئاسته ،تحت اسم :
1- الحزب الشيوعي المصري سنة 1920م ، وانضم هذا الحزب إلى الكمنتيرن الدولي للأحزاب الشيوعية.. وكان الحزب الشيوعي المصري- خلال العشرينات- نشيطا وسط العمال المصريين، لكن الحكومة مارست العنف ضده وألقت القبض على أعضائه، حتى توقف عن النشاط في نهاية العشرينات.. وكان هذا الحزب الشيوعي يضم مجموعات مختلفة الأفكار والخلفيات.. وقـد كان للحزب الشيوعي اليهودي فـي فلسطيـن دورٌ هامٌ فـي توجيه وقـيادة نشـاط الشـيوعيين فـي مصر ... والذي كانت غالبيته العظمى من اليهود حـتى سنة (1937-1938م )... أمثال : إبرام كاتي ، وهليل زانبرج ، وزاسلافسكي ، وستوكاندر ، وكلهم من اليهود الروس ..ثم فصل الأخيران ومعهما روزينتال من الحزب ، وإن كانت ابنته " شارلوت " قد ظلت عضوا قياديا في صفوف الحزب .. وحضر " أفيجيدور " إلى مصر تحت اسم : " قسطنطين فايس " وهو الاسم الذي عرف به في دوائر البوليس والنيابة والقضاء ، وكان قد ذهب إلى فلسطين عام 1918م لتنظيم الحزب الشيوعي فيها .. واسم " أفيجيدور " الأصلي هو : بهيل كوسى ، ولد عام 1892م بأوكرانيا ثم جاء إلى مصر عام 1922م ، وهاجر إلى الولايات المتحدة ، والتحق بالفيلق اليهودي الذي كان قيد التأليف ، ثم جاء إلى مصر عام 1924م ، وشكل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري .. ثم تزوج " شارلوت " ابنة " روزينتال " التي أقامت بمنزل والدها في الاسكندرية ، بينما واصل " أفيجيدور " طريقه إلى القاهرة ، وأقام مع " مستر بولاك " وهو موظف بمحلات مورمز ، وشرع في إعادة تنظيم الحزب ، فانظم إليه بعض المصريين أمثال : عبد السيميع الغنيمي الموظف بوزارة المعارف ، وشعبان حافط العامل بمطبعة النظام وآخرون . ويتضمن برنامج الحزب عدة نقاط ، من أهمها :-
أ‌- تغيير النظام الملكي وإقامة الجمهورية الديمقراطية الوطنية .
ب‌- إلغاء اعتبار الدين الإسلامي دين الدولة ، والتأكيد على علمانيتها . ..؟!؟!؟!
ت‌- حق الشعب السوداني في الانفصال عن مصر. ..؟!
ث‌- تحرير الفلاحين من عبودية كبار الملاك وإعطائهم أراضيهم وتطبيق مبدأ " الأرض لم يفلحها "
ج‌- ربط النضال المصري ضد الإمبريالية البريطانية والأمريكية بنضال المعسكر العالمي الذي يقوده الاتحاد السوفييتي . .؟!
2- اتحاد أنصار السلام : وكان بزعامة اليهودي السويسري ـ بول جاكو دي كومب ـ، الذي انشأه في عام 1935 م ، وكان حركة معادية للفاشية ، فانشـق بـعـض الشيوعيين اليهود فـي مصر عـن هذا التنـظيم الشيـوعي الـمسمى بـ ( اتحاد أنصار السـلام ) و يُرجع راؤول كورييل أسـباب الانشـقاق إلى أن زعـيمه كان يـخاف من أي تحرك و يخـشى الظهور بأي مـظهر ماركسي ... ثم يقول : " فخرجنا و بدأنا فـي تكوين مجموعات صغيرة تدرس الماركسية "، و يكمل اليهودي ـ هنري كورييل زعيم الحزب ـ القصة قائلا : ( و في سنة 1937- 1938م ) بدأت الاتصال بآخرين ... فاتصلت بـ ( جورج بواتيه) و بـ ( راؤول كورييل- أخي ) و ( مارسيل إسرائيل ) و آخرين ...
3- الاتحاد الوطني الديمقراطي: بدأ ( مارسيل إسرائيل ) بتأسيس الحزب مع نفر مـن المصرييـن منهم : الـدكـتور فؤاد الأهواني ، و محمد نصر الدين ، وكان مدرسا في كلية البـوليس، واتخذ الاتحاد الديمقـراطي مقراً علنيا له في العمارة رقم (1) شارع سكة الفضل وقبل أن نتخذ هذا المـقر ، وعلى الفور بـدأ الاتحاد الديمقراطي فـي نشاط واسع .. و هذا هو الفـرق بيننا و بين المجموعة الأخرى أي : اتحاد أنصار السلام هـم كانوا خائفين بيـنـما انطـلقنا فـي نشـاط ماركسي واسع النطاق ) .ثم أخذ يذكر بعض أسماء من تعاونوا معه في تأسيس الاتحاد الوطني الديمقراطي.. أمثال : ساندروروكة ... و هـو يهودي إيطالي و يصفه بأنه لعب دوراً هاماً في الحركة المناهضة للفاشية في مصر ... وكذلك : ريمون أجيون ، ومدموزيل استرا ستون ، ومدموزيل هنرييت آرييه ، وعزرا هراري و جميعهم من اليهود...؟! ثم يـقـول كورييـل : و قد اتصل بنا مندوبنا من السفارة البريطانية اسمه : مستر جودوين !! وطلب منا أن ينسق الاتحاد الديمقراطي معهم ؟! ( أي مع السفارة البـريطانية !!) وتحدثت معه كـثيرا عن أهمية توحيد القوى الديمقراطية ) ..؟؟!! ثم يقول الدكتور رفعت السعيد : وكان من ضمن قادة هذا الاتحاد كذلك اليهودي : هليل شوارتز الذي كان يعارض تمصير قيادة الحزب ... ويرى أن التمصير شعار شوفيني ... وأنه لا فرق بين مصري وأجنبي في صفوف حركة أممية الأهداف ... بينما كان مارسيل إسرائيل وهو من قادة الاتحاد يقول بالتمصير ... بل يتشدد في ذلك إلى درجة منع الأجانب من المشاركة بأي دور قيادي في الحركة ) وما يرويه – هنري كورييل- كذلك أن الخلاف كان على أشده مع – مارسيل إسرائيل– الذي كان يرى ضرورة التركيز في الهجوم على الدين ... وعلى رموزه ... بينما كان غيره يرى غير ذلك...وما لبث هذا –الاتحاد الديموقراطي– ان انشطر انشطارا سرطانيا إلى ثلاثة منظمات شيوعية:-
4- منظمة تحرير الشعب: (1939- 1940م ) بزعامة اليهودي: مارسيل إسرائيل.وانضم إليه كل من : تحسين المصري ، وأسعد حليم(وكان الساعد الأيمن لمارسيل إسرائيل ) ، وحسين كاظم ..؟! وفوزي جرجس ، وأبو بكر سيف النصر ، وصلاح أبو سيف ، المخرج السينمائي ، وعبد الرحمن الشرقاوي ، ونعمان عاشور ، وسعيد خيال ، وأنور كامل ، وأسماء حليم ، وابراهيم سعد الدين ، وفتحي الرملي وآخرون .
5- الحركة المصريه للتحرر الوطني( 1943م) ( حمتو ) بزعامة اليهودي:هنري كورييل وضمت عددا كبيرا من مشاهير الحركة الشيوعية في مصر، وشهيراتها أمثال : ماري روزنتال. (( ماري روزنتال...ولدت سنة ١٩٣١ م عن أب يهودي. وأم ايطالية ، انضمت ماري إلى منظمة (حدتو )الشيوعية والتقت بسعد كامل في حركة (حدتو) كذلك . وبعد زواجهما مباشرة ، غيرت اسمها إلى نائلة ، واصبح اسمها (نائلة كامل)، وبعد زواجهما مباشرة. عملا كصحفيين، نائلة كامل في مجلة حواء من ١٩٦٤ الى ١٩٩٨م .؟! وسعد كامل في عدة صحف ومجلات مصرية منها مجلة الكاتب؟؟ ( التي كاننت تملكها أسرة هراري اليهودية ..) وعند وفاتها عام ( 2012م ) نشر النعي بالجرائد المصرية كالتالي :[[ شيعت يوم السبت 16 / 6 / 2012م جنازة المناضلة الكاتبة الصحفية نائلة كامل (ماري روزنتال ) ابنة إيلي روزنتال ، ولياندرا كارداريللي حرم المرحوم المفكر المناضل سعد كامل ، والدة نادية( وهي مخرجة الأفلام التسجيلية المصرية نادية كامل ، ودينا زوجة أحمد عزمي، وجدة : نبيل علي شعث ، والطفل آدم أحمد عزمي ، وشقيقة البيرتو روزنتال ، زوج ايلينا، وعمة أندريا ، وزوجة شقيق المرحوم جمال كامل ، زوج المرحومة خيرية حمدي ، وجميلة كامل حرم المرحوم دكتور علي الراعي .!! وعز الدين كامل زوج بهيرة شفيق ، وقريبة ونسيبة عائلات كاردار يللي ، وروزنتال وكامل ، وشعث ، وعزمي، ورضوان ، ومراد ، وشوقي،والراعي ،وحمدي ،والعزاء بالحامدية الشاذلية ؟! غدا الثلاثاء: 19 – 6 - 2012م ]] ))
6- منظمة الآيسكرا – أي الشرارة– ،( 1943م ) بزعامة اليهودي: هليل شوارتز. وانضم إليه كل من : عبد المعبود الجبيلي ، وعبد الرحمن الناصر ، وشهدي عطية ..وآخرون . أما الاتحاد الديموقراطي فقد انتهى وجوده ، وحل محله ناد جديد سمي بـ : المركز الثقافي الاجتماعي؟! وكان يمارس نشاطه بإدارة ثلاث من اليهود وهم: توماس بلاموتس – يوناني الجنسية– ، وسلامون سليم سدني ، وعزرا هراري .. ثم اتحدت فيما بعد كل من منظمة (تحرير الشعب) وأجنحة من منظمة (الآيسكرا) تحت اسم :
7- (الطليعة الشعبية للتحرر – طشت ): -التي اشتهرت أيضا باسم : الفجر الجديد ، وذلك عام 1945م . وكانت بزعامة كل من : اليهودي يوسف درويش ، واليهودي صادق سعد( كان اسمه : صادق سعد ، ثم أضاف إليه اسم : أحمد للتعمية ) ، واليهودي ريمون دويك ، واليهودي يوسف المدرك ، وانضم إليهم كل من : محمود العسكري ، ورشدي صالح ، وسيف يوسف ، وطه سعد عثمان وآخرون . ثم تحولت إلى منظمة الديموقراطية الشعبية عام 1949م ، بعد أن انضمت إليها حركة تحرير الشعب، ثم طليعة العمال في بداية الخمسينيات، ثم حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري عام 1957م . والحركة الوطنية للتحرر الوطني: ويرمز لها بـ (حدتو) وكان ذلك في يوليو 1947م ، ثم تشكلت لجنة مركزية ضمت إلى جوار : هنري كورييل ، وهليل شوارتز، وداود ناحــوم ، ونحوم منشه ، وإيمي ستون ، نفراً من المصريين أمثال : لطفي الخولي، ورفعت السعيد ، ومحمد شطا، وشهدي عطية الشافعي، وعبد المعبود الجبيلي، وعبد الرحمن الناصر، وآخرون . [[[ ملاحظة : تبرأ رفعت السعيد من الماركسية ، حينما أعلن التجمع القطيعة مع الاشتراكية في برنامجه الشهير الذي أعقب انهيار الاتحاد السوفيتي ، ثم في 1999 م حينما انكشفت الحقيقة القائلة بأن ثلاثة علي الأقل من أعضاء لجنة سكرتارية الحزب الشيوعي المصري علي اتصال باليهود ، كما يسري الأمر نفسه علي معظم أعضاء اللجنة المركزية ، وثبت أن كثيراً من القيادات يتلقون تمويلا من منظمات صهيونية ؟! ومراكز تابعة للامبريالية ؟! ويعتبر بهيج نصار ، وصلاح عدلي ، وفريدة النقاش ، الأكثر شهرة في هذا المجال. وعلى إثر ذلك أعلن بعض شرفاء لجنة السكرتارية واللجنة المركزية حل الحزب ، ولكن تلك المعلومات لا يتداولها أي فرد كان ولم تذكر إلا في مصادر قليلة (محمد سيد أحمد ، وعطية الصيرفي)....أما رفعت السعيد فيعترف في ذكرياته أنه وأثناء عمله في مجلس السلام العالمي كان أول من رتب للقاءات بين فلسطيني المفاوضات والصهاينة ..!!! ولكنه لم ينبس ببنت شفة عن علاقته وبعض أعضاء لجنة السكرتارية بمجموعة روما " ( اليهوديان : شحاتة هارون ..ويوسف حزان") ولم يذكر لنا أبدا حقيقة حل الحزب علي شاكلة معلمه خالد محيي الدين الذي كنت حتى وقت قريب أعتبره قدوة يجب أن تُحتذى ، ولكن الحقيقة أقوى من كل الأكاذيب ، خاصة حين تكون باتساع ثقب الأوزون فحينما قرأت تبريره لموقف شيوعيي الموجة الثانية من التقسيم ، وقتها فقط عرفت كيف حدث الزواج بين الشيوعي المصري والصهيونية ، وقتها فقط عرفت من أنتج أمثال : صلاح عدلي . ومن يقرأ رفعت السعيد ونوافذ شريف حتاتة المفتوحة يظن أن كورييل نبي من الأنبياء ، بل إن البعض قد يضعه في مكانة لينين. ... ولكن حين تقرا مذكرات كورييل نفسه والتي قدمها محمد يوسف الجندي (وهو للأمانة لم يقدمها كشفا للحقيقة ولكنه قدمها في إطار صراع وسخ مع بعض تلامذة كورييل) .. وكذا مقال الشيوعي المحترم إبراهيم البدراوي("شذرات من سجل هنري كورييل) يدرك أن ذلك الكورييل عميل صهيوني رفيع المستوى ، ولعب دوراً غاية في القذارة هو وإخوته اليهود ، كي تصل الشيوعية المصرية إلى ما هي عليه الآن من التشرذم والتفكك. وعلى يدي كورييل تتلمذ محمد يوسف الجندي ، وخالد محي الدين ، ورفعت السعيد ، وشريف حتاتة. ومن لا يرى هنري كورييل في نبيل زكي، وفريدة النقاش ، وحسين عبد الرازق ، ورفعت السعيد ، وصلاح عدلي، فهو أعمى أو كذاب. وموقف هنري كورييل من التقسيم ( أي تقسيم فلسطين ) هو بالكربون موقف خالد محي الدين. وموقف لطفي الخولي من أوسلو هو امتداد للموقف الكورييلي من التقسيم. ولكن رفعت السعيد لا يرى ذلك ، هو فقط يرى أن شهدي عطية أخطأ حين تكتل وانقسم عن حدتو. لا أحد يرى أن يهود الحركة الثانية ظلوا على اتصال بالحركة الثالثة ، وظلوا يعتبرون أنفسهم فرع الحركة المصرية في أوروبا . لقد استطاعت البرجوازية أن تزيف تاريخ مصر وجندت رفعت السعيد وإخوته من الصهاينة الآكلين الشاربين علي موائد التمويل الأجنبي، كي يزيفوا تاريخ الحركة الشيوعية ، ولكن لأن الشيوعية هي الحقيقة.؟! فلا رفعت ولا إخوته الصهاينة سينا لون منها..]] ( انظر : مقال الشيوعي : راجي مهدي : عن الحركة الشيوعية المصرية – موقع الحوار المتمدن ]]]
وكانت هناك صلات حميمة بين هنري كورييل ورجال الهاجاناة المجندين في الفيلق اليهودي أثناء الحرب العالمية الثانية، والذين كانوا بمصر، وكان يتحسر في سيرته الذاتية لأن الإنجليز لا يشركونهم في المهام القتالية حتى لا يكتسبوا خبرة عسكرية . تأسست هذه الحركة الشيوعية - كما أسلفنا - بصفتها امتداداً للحركة المصرية للتحرر الوطني(حمتو) على يد هنري كورييل اليهودي الإيطالي المتمصر سنة 1947م ، وذلك من انضام (حمتو )مع تنظيم شيوعي آخر هو الشرارة (إيسكرا)، وقد شارك كورييل أيضاً في تأسيس الحركة السودانية للتحرر الوطني (حستو) وكانت هذه الحركات هي التي نشأ منها اليسار المصري فيما بعد (الحزب الشيوعي 1975م وحزب التجمع 1976م) واليسار السوداني(الحزب الشيوعي) ، وكان من قادة هذه الأحزاب (خالد محي الدين، ورفعت السعيد ، وعبد الخالق محجوب ، وفاروق أبو عيسى وغيرهم) أعضاء في تنظيمات حمتو وحدتو وحستو ، ورغم الحضور اليهودي الكبير في تأسيس الحركة الشيوعية المصرية، فإنها تركت بصمة واضحة في الحياة السياسية اليسارية المصرية ، وانتقلت قيادتها فيما بعد إلى أيدي المصريين. ويروى على لسان المستشرق الفرنسي الماركسي الشهير مكسيم رودنسون (1915-2004 م) قوله: إن هنري كورييل كان سطحياً في فهمه للماركسية، وإن قدراته التنظيمية أكبر من معرفته النظرية، ومن المواقف الشهيرة للحركة الديمقراطية (حدتو) دعوتها لتأسيس اتحاد عمال مصر ولتأميم قناة السويس، وتعرض قادتها للاعتقال مراراً قبل ثورة يوليو- تموز 1952م وبعدها ، رغم كونهم من المشاركين الأساسيين في الثورة ومجلس قيادتها، ثم انضم قسم من حدتو إلى تنظيم الرئيس جمال عبد الناصر الطليعي ، وفضل بعضهم الاستقلال باسم التيار الثوري لحدتو ، وبعد هزيمة 1967م عاد الجميع ضمن التنظيم الشيوعي المستقل، ثم تأسس الحزب الشيوعي وحزب التجمع كما سبق ذكره. ولكن الحركة عانت من الانقسام بين تنظيميها الرئيسين: حمتو ...وآيسكرا ، وتنظيمات أصغر منذ بداية تأسيسها سنة 1947م بسبب قضايا حيوية مثل دور الأجانب فيها ، وقضية فلسطين ، وترتيب الأولويات بين العمل الجماهيري والإعداد الداخلي للحركة ، وترتيب الأولويات بين القضايا الاجتماعية والقضية الوطنية وهي معاداة الاستعمار، وكان موقف حركة حدتو هو الحفاظ على القيادة الأجنبية المتمصرة ، وإعطاء الأولوية للعمل الجماهيري على إعداد الكوادر ، والاهتمام بالقضية الوطنية ، وهي معاداة الاستعمار أكثر من القضايا الاجتماعية، وفي نفس الوقت تأييد تقسيم فلسطين، وكانت هذه هي مواقف مجموعة حمتو (الحركة المصرية للتحرر الوطني) داخل الحركة الديمقراطية وظل تنظيم الحركة المصرية (حمتو) هو المهيمن على خليفته الحركة الديمقراطية (حدتو) ومحتفظاً بالاسم الجديد، وكان لموقف الحركة الشيوعية الموافق في معظمه على تقسيم فلسطين بالإضافة إلى كثرة القيادات الأجنبية في التنظيمات الشيوعية، أثرهما في إضعاف الموقف الجماهيري للشيوعيين المصريين. ومنذ سنة 1946م اشتركت حدتو في أنشطتها مع الشباب الوفدي وشباب الطليعة الوفدية، وقد ساندت الحركة حزب الوفد في انتخابات سنة 1950م التي التقت فيها مصالح الحزب مع مصالح بريطانيا والملك لإجرائها ، ثم عادت صحيفة حدتو لتصف حكم مصطفى النحاس في أغسطس- آب 1951م بأنه”بريطاني”، وأصبحت الحركة تحرص على إبراز انتقادات الطليعة الوفدية للحكومة الوفدية ، وصدامها مع شرطة الحكومة، وطالبت صحيفة الحركة “الوفديين الأحرار” بتطهير الوفد من “طغمة الرأسماليين وأذناب الاستعمار”. ساند هنري كورييل الثورة الجزائرية وشارك في تأسيس عدد من التنظيمات المعادية للاستعمار حول العالم لاسيما إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وقبضت عليه الاستخبارات الفرنسية سنة 1960م لتأييده كفاح الجزائر ؟؟ ولكن مواقفه تجاه الكيان الصهيوني كانت لا تنسجم مع معاداة الاستعمار. واستناداً إلى أوراق كورييل يقول الدكتور رءوف عباس : إن له اتجاهات صهيونية، و يقول الدكتور عباس: إن كورييل كان يحتفظ بصلات حميمة مع رجال الهاجاناة ، ويتحسر في سيرته الذاتية على عدم منح الإنجليز إياهم خبرة عسكرية (ضد شعب فلسطين؟)، وبحجة إجراء الحوار بين العرب والصهاينة كان ينسق مع قيادات الإرهاب الصهيوني من رجال الهاجاناة والأرغون ، لإشراك العناصر “المحبة للسلام” من الصقور الذين يجب أن يشتركوا في هذا الحوار، وأن لا يقتصر ذلك على الحمائم وحدهم ، وكانت صلات كورييل بالإسرائيليين واضحة تماماً ، ولا فرق بين وضوحها مع الصقور ووضوحها مع الحمائم، وإنه شارك بصفته همزة وصل بين صهاينة كانوا محبوسين في مصر سنة 1957م في قضايا تجسسية، والكيان الصهيوني ، وإنه كان مهتماً بفتح حوار بين نظام الثورة المصرية 1952م والكيان الصهيوني، سعياً وراء إبرام سلام بين البلدين يدعم وجود إسرائيل في المنطقة” ، كما حاول إقناع الصهاينة بمساندة كفاح الشعب الجزائري لتقوم الجزائر بعد الاستقلال بتسويق ( السلام العربي -اليهودي )، وهو ما رفضه الصهاينة اعتماداً على مصالحهم مع الإمبريالية الفرنسية. . غير أن مستقبل إسرائيل كان يلح على ضميره السياسي” كما يقول الدكتور عباس ، ويدلل على ذلك بمحاولاته فتح القنوات الحوارية العربية الصهيونية ، والتي بدأت بين اليسار الصهيوني وأعضاء قدامى في الحركة الديمقراطية (حدتو) ، بالتنسيق مع القيادة المصرية بعد حرب 1967م، ثم أصبح الحوار بين أنصار السلام الصهاينة ومنظمة التحرير (1976م) ، واشترك في هذه المحاولات قيادات لاحقة في حزب التجمع الوحدوي، وكانت لقاءات ممثل القيادة الفلسطينية عصام السرطاوي مع حركة السلام الصهيونية من ضمن هذه المحاولات . ولم يمض أقل من عام على قيام منظمة (حدتو) حتى بدأت التكتلات والانقسامات داخل المنظمة... مما أدى بها إلى الانحسار .. وكان أول انشقاق حصل هو انشقاق ما سمي بـ : 9 - التكتل الثوري : وهو تكتل (سيف) –(وهو الاسم الحركي لأنور عبد الملك) وسليمان (وهو الاسم الحركي لشهدي عطية الشافعي) وذلك نتيجة للخلافات المستمرة بين: هنري كورييل وهليل شوارتز .. ولتحكمهم في التنظيم من خلال (لجنة الرقابة الحزبية) التي اشتهرت في (حدتو) باسم (كوكو) والتي كان لها عين في كل قسم من أقسام الحزب ، وتتابع حركة الأعضاء وأفكارهم وكانت اللجنة مكونة من (يوسف حزّان، وتحسين المصري من (ح.م) ، وأحمد فؤاد، وأرمان بريسي من (آيسكرا) وقد وصف محمد سيد أحمد هذا التكتل الثوري بقوله (لقد اتبع التكتل الثوري أسلوباً مغامراً في سرقة المطابع !! والأجهزة الفنية والمكتبات)...؟! ووصفه –البير آرييه- بقوله (وما لاحظته على التكتل الثوري انه ركز أساساً على الهجوم الشخصي وتجريح كل أشخاص القيادة..؟ كذلك فان التكتل الثوري ركز على كشف كل أسرار التنظيم وإباحة الاتصالات الجانبية ، وإباحة التكتلات بحجة أن –لينين– تكتل ... وبرروا السرقات التي مارسوها بقصص انتزعوها من تاريخ الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي!! ومع تصاعد عمليات السطو على أجهزة التنظيم لجأت القيادة إلى نفس الأسلوب ، فقام كورييل بنفسه على رأس مجموعة من سلاح الطيران!! بملابسهم الرسمية بمهاجمة شقة في عمارة الإيموبيليا الشهيرة التي كانت مقراً للجهاز الفني للتكتل الثوري، واستعادوا ما بها من أجهزة.( انظر : تاريخ المنظمات اليسارية المصرية : ص 418 ) وكانت قيادة (التكتل الثوري) الأساس من أربعة أشخاص وهم: شهدي عطية الشافعي (سليمان) وأنور عبد الملك (سيف) ، وسعد زهران، وحسين الغمري ومعهم عدد آخر من الكوادر أمثال: عبد المنعم الغزالي، وميشيل عبد السيد، ومحمد سيد أحمد ، والهام سيف النصر، وتوفيق حداد، ونقولا ورد، وحسين كامل ... وانتشر التكتل الثوري سريعا كبالون يتضخم بقوة دفع كبيرة، وما لبث أن انفجر ومات بالسكتة القلبية . ولم تلبث حمى الانشقاق أن انتقلت لقيادة (حدتو) نفسها ... حيث انشقت إلى تيارين متصارعين تزعم الأول: هنري كورييل (واسمة الحركي يونس) وسمي تيارهم بـ :
10 - اليونسية : وكان يضم من القيادة كلا من: كمال شعبان، وعبد الخالق محجوب (الذي أصبح زعيما للحزب الشيوعي السوداني – حستو- فيما بعد ... وأعدمته السلطات السودانية) وسيد سليمان رفاعي، وكمال عبد الحليم ، وأحمد حمروش - أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار في مصر ؟!! وكلهم من (ح.م) مضافاً إليهم (إيمي ستون) وكانت من (آيسكرا). أما التيار الثاني: فقد تزعمه –عبد المعبود الجبيلي واسمه الحركي (عادل) فسمي تيارهم باسم :
11- العادليون: وضم كلا من: عبد الرحمن الناصر، وعبد المنعم ابراهيم، وعدلي جرجس، ومحمد حمزة، ومحمد شطا، وآخرون ... أما (هليل شوارتز) واسمه الحركي(شندي) ففضل أن يلعب دوراً مستقلاً ... واستمر الصراع واتخذ مداه ، فكانت تكتلات جديدة أخرى مثل:
12 - صوت المعارضة: وتكونت قيادة صوت المعارضة من اليهودية : أوديت حزّان ، وزوجها سيدني سلامون ، وعبد الواحد بصيلة، ثم انضم إليهم بعض بقايا التكتل الثوري وبعض أقسام الطلبة والنساء أمثال: سعد الطويل ، ومنير الطويل! وتوفيق حداد، ومحمد سيد أحمد ، وكريم الخرادلي ، وعنايات المنيري ، وفاطمة زكي ، وآخرون .. وقد وصف –البير آربيه- أعضاء هذا التكتل بأنهم: (تجاهلوا واقع مصر تماماً ، واكتفوا بالنقل من تاريخ الحزب الاشتراكي الديموقراطي الروسي).
13 - نحو منظمة بلشفية (ن.م.ب): وهم بالأساس مجموعة من الطلبة انشقوا عن الحزب وهم: ميشيل كامل، ومصطفى أمين ، وأحمد شوقي الخطيب ، وعبد الستار الطويلة ، وسعد رحمي ، والهام سيف النصر ، وعبد الغفار خلاف ، ومعهم مجموعة من اليهود ... وقد وصفهم – د. رفعت السعيد- بقوله: (وكانت- ن.م.ب – قمة التطرف الصبياني لعناصر البرجوازية التي تواجدت بكثرة غير محدودة في صفوف منظمة شيوعية سرية). وانضمت بعد ذلك إلى صوت المعارضة .
14 - حدتو العمالية الثورية (حدتو – ع . ث): ومعظم أفراد هذا التنظيم من بقايا منظمة (الآيسكرا) وكانوا بزعامة- مارسيل إسرائيل- وتبعه كل من: أحمد شوقي الخطيب، وعبد المعبود الجبيلي، وأحمد شكري سالم، ولطيفة الزيات، وحمدي أبو العلا، وانجي أفلاطون، وأحمد فؤاد، وماركس كوهين ، وطريف عبد الله ، وعبد الرحمن الناصر وفوزي حبشي ، وعدد محدود من العمال. ولم تمارس (حدتو –ع . ث)عملها طويلا ، إذ سرعان ما ألقت السلطات القبض على معظم قادتها ، فسرت موجة هروب الكوادر إلى الخارج ، مما حدا بمن تبقى من قيادة (حدتو – ع . ث) كمارسيل إسرائيل ، السعي لتوحيد المنظمات المختلفة على أساس تكوين لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر تأسيسي لتوحيد الحزب ، ولكن يد السلطات امتدت إلى القوى المحركة لأعضاء اللجنة التحضيرية ، وألقت القبض على ( مارسيل إسرائيل ) وهو المحرك الأساس لهذا التنظيم ، فتفرق أعضاء اللجنة ، واتجهت بقايا (حدتو– ع . ث)إلى الوحدة مع: (نحو حزب شيوعي – ن . ح. ش ) : وكانت هذه المنظمة نتيجة لتجمع عدد من بقايا ( ع. ن ) و ( ن. ح . ش ) ومجموعة ( المطبعة ) ، وهي المجموعة التي كانت تشرف على الجهاز الفني الأساس لمنظمة ( حدتو ) ، وبقايا آيسكرا ، ومن أعضائها : مصطفى طيبة ، ومصطفى الهنيدي ، وعبد الفتاح الهنيدي ، وموريس يوسف ، وغيرهم . وقد تربع ( هليل شوارتز– شندي ) على عرش قيادة هذه المنظمة المسماة اختصارا ( ن . ح . ش . م – نحشم) ، إلى أن ألقي القبض عليه في 14 مارس سنة 1950م ، فتضاءل وجود هذه المنظمة ، وانتهت إلى مجموعة محدودة العدد والتأثير .
15 - المنظمة الشيوعية المصرية : ( م . ش . م ) : ولدت هذه المنظمة نتيجة لاتحاد منظمتين شيوعيتين هما : ( نحو منظمة بلشفية – ن. م . ب ) و( صوت المعارضة ) ، وعقدوا مؤتمرا في 28 ديسمبر سنة 1948م ، واستمر أربعة أيام ، وانتخبوا بالإجماع قيادة المنظمة أربعة أشخاص وهم : أوديت حزان ، وزوجها سيدني سلامون ، وفاطمة زكي ، وميشيل كامل .. وعندما ألقي القبض على ميشيل كامل ، حل محله : محمد سيد أحمد . وقد اشتدت سيطرة ( أوديت ) على هذه المنظمة ، فلم تلبث أن طردت من القيادة كلا من : فاطمة زكي ، ثم محمد سيد أحمد ، ثم انتهت هذه المنظمة بعد أن ألقت السلطات القبض على : أوديت ، وسلامون سدني ، ثم أفرجت السلطات المصرية عنهما فيما بعد . وهنا يقول محمد سيد أحمد : وما لبثت ( أوديت ) بعد الإفراج عنها أن تورطت في بعض العلاقات المشبوهة ..!؟( انظر : تاريخ المنظمات اليسارية المصرية : ص 488 ) . وفي نهايات سنة 1949م بدأ الشيوعيون بتكوين تجمع جديد ، إذ جاء للقاهرة شخص يدعى (سعيد ..؟! ) – ولعله اسم مستعار – وادعى أنه مكلف من قبل الحزب الشيوعي الفرنسي !!؟ بتأسيس حزب شيوعي مصري !!؟ فاتحدت مجموعة صغيرة من التكتل الثوري : ( داود عزيز ، وسعد زهران ) ، ومجموعة صغيرة كانت تعمل بالإسكندرية يتزعمها : مصطفى طيبة ، مع فلول مجموعة المطبعة ، وأعلنوا في أول يناير سنة 1950م تأسيس منظمة جديدة أسموها : 16 - الحزب الشيوعي المصري( الراية ) : ، والذي اصطلحوا على تسميته في صفوف الحركة الشيوعية في مصر باسم : مجموعة الراية ، إيماء إلى جريدته ( راية الشعب ) .وضمت كلا من : فؤاد مرسي ، وسعد زهران ، وداود عزيز ، ومصطفى طيبة ، وآخرون ((ضمت الأحزاب الشيوعية في مصر عدداً غير قليل من المصريين – وقد ذكرنا بعضا منهم - ، أمثال : شهدي عطية ( وذكرنا ما فعل به هنري كورييل لانشقاقه عن حدتو إذ وشى به للسلطات ) ، كمال عبدالحليم، أنور عبد الملك، أحمد حمروش، أحمد رشدي صالح، عبد العظيم أنيس، علي الراعي، عبد المعبود الجبيلي، عبد الرحمن الشرقاوي، عبد الرحمن الخميسي، صلاح حافظ، نعمان عاشور، يوسف إدريس، محمد النبوي، محمد يوسف الجندي، نبيل الهلالي، شريف حتاته، جمال غالي، مصطفي كامل منيب، مصطفي سويف، مصطفي طيبة، ابراهيم عبدالحليم، أحمد الرفاعي، زكي مراد، أبوسيف يوسف، داوود عزيز، أسعد حليم، محمود أمين العالم، محمود توفيق، محمد سيد أحمد، عبد المنعم الغزالي، ابراهيم المناسترلي، عبد المنعم شتلة، مصطفي هيكل، عبد العزيز بيومي، حمدي عبد الجواد، سعد رحمة، ابراهيم عامر، سعد زهران، حلمي ياسين، محمد خليل قاسم، مبارك عبده فضل، جمال النجاري، عدلي جرجس، فوزي جرجس، يوسف درويش، فؤاد حبشي، فخري لبيب، فوزي حبشي، وظريف عبد الله ، وموسى كاظم ، وهو شقيق السيدة تحية كاظم زوجة جمال عبدالناصر(كما في صفحة سودانيزاونلاين) ، بالإضافة إلي عدد آخر من القيادات والكوادر.... كما ضم الحزب مجموعة من الكوادر النسائية ، مثل : إنجي أفلاطون، لطيفة الزيـات، حكمت الغـزالي، فاطمة زكي، صفية فهمي، ثريا سعيد أدهم، وداد متري، إحسان سعيد أدهم وأخريات. وكانت هناك أيضا قيادات عمالية مثل أحمد طه، طه سعد عثمان، محمد علي عامر، محمد شطا، محمود العسكري، ويوسف المدرك وغيرهم. كما تميز نشاط الشيوعيين المصريين خاصة حدتو بوجود مجموعة من الفنانين والأدباء وضعوا بصماتهم في المجالات الثقافية والفنية في مصر. ونذكر هنا أسماء بعض الأدباء والفنانين الذين ارتبطوا بمكتب الأدباء والفنانين التابع لحدتو وهم: حسن فؤاد، وحسن التلمساني، وجمال السجيني، وجمال كامل، ، وزهدي، وصلاح حافظ، وصلاح جاهين، وعبد الرحمن الخميسي، وعبد الرحمن الشرقاوي، وعبد المنعم القصاص، وعبد الغني أبوالعينين، وفؤاد حداد، ويوسف إدريس. وكان كمال عبد الحليم هو المسؤول عن ذلك المكتب. فلا خلاف في انضمام عدد لا بأس به من المصريين للأحزاب الشيوعية المصرية ، إنما كانت قيادة السفينة بيد اليهود .)) ثم أعادت – حدتو – تنظيم صفوفها بحيث أصبحت من جديد كبرى التظيمات الشيوعية في مصر وهناك تنظيمات ومنظمات وفروع أخرى ، وأكتفي بما ألقيته من أضواء على الأصول الخبيثة لهذا الحزب اليهودي الكريه .. وأترك للقارىء الكريم حرية الاستنتاج وقراءة ما بين السطور.. وكل هذه الانشقاقات التي كانت تحدث في الحركة الشيوعية ،ما كانت تحدث إلا ليركز الشيوعيون اهتمامهم على قضايا هامشية تنظيمية ، ويتركوا القضية الأم التي تشغل العرب والمسلمين ، أعني قضية فلسطين المحتلة التي يغتصبها اليهود الغزاة ، فليتصارعوا حول النظرية الشيوعية ،وأدبياتها ، ليتجاهلوا ما يجري على أرض الواقع من احتلال لفلسطين (انظر : تاريخ المنظمات اليسارية المصرية : ص 244- 245 . وانظر : محمد أبو الغار : يهود مصر من الازدهار إلى الشتات- ص 240 -280. بتصرف )
هنري كورييل في الميزان :
هو سليل أسرة يهودية ثرية ولد في القاهرة لأسرة يهودية مصرية ذات جذور إيطالية .. أسس العام 1943م حركة التحرر الوطني المصري ( ح..م.ت. - و حمتو)) (HAMETU) التي أصبحت في 1947م الحركة الديموقراطية للتحرر الوطني ( حدتو) (M.D.L.N). الذي رأسه وكان من أعضائه (ماري روزنيئال) و (مارسيل ليون) ، و (إيلي شوارتز) صهر (موشيه ديان) (قائد جيش الكيان المغتصب في حرب 1967م),كما أنه هو وشليل شوارتز كانا من مؤسسي الحزب الشيوعى السودانى. في ذات الفتره الزمنيه شارك في تاسيس الحركه السودانيه للتحرر الوطني ( حستو) و تطور لاحقا للحزب الشيوعي السوداني. كان الحزب السوداني يضم اسماء شاركت في الحياه السياسيه السودانيه مثل : عبد الخالق محجوب، أحمد سليمان فاروق أبو عيسى، التيجاني الطيب . لعبت الحركه الديمقراطيه للتحرر الوطني حدتو دورا كبيرا في الاحداث السياسيه المصريه السابقه لثوره يوليه ١٩٥٢م وشارك اعضاؤها في ثوره يوليو والذين كان من بينهم : خالد محي الدين ، احمد حمروش ، عثمان فوزي.؟؟ شاركت حدتو في وجود كورييل ثم لاحقا بعد غيابه في أحداث كبيره كاللجنه الوطنيه للطلبه والعمال عام ١٩٤٦م كالدعوه لتكوين اتحاد عمال مصر ، و كادخال مفاهيم جديده للفن و الثقافه في مصر.. في 1976م . إقترح هنري كوريل إجراء اتصالات بين ممثلين من الفلسطينيين والإسرائيليين والاعتراف المتبادل ببعضهما البعض.؟!!! وحدثت بالفعل عدة لقاءات منظمة بين الطرفين عرفت لاحقا باسم : " لقاءات باريس .. وضمت : عصام سرطاوي ، ويوري أفنيري ..وماتياهو بيلد عضو المجلس الإسرائيلي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. اغتيل هنري كوريل في باريس في 4 مايو 1978م، حيث عثر عليه مضرجا بالدماء في مصعد منزله في باريس..
ربما لا تعرف الأجيال الجديدة- من شيوعيين وغيرهم - شيئا عن هذا الرجل ، وربما لم تسمع به ، ولكنه رجل مهم للغاية بالنسبة للكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين المحتلة ، فقد قدم لهذا الكيان خدمة تفوق ما قدمه الإرهابي الهالك مناحم بيجن وغيره .
وهنري كورييل (1914 - 1978م ) ، يهودي مصري – كما أسلفنا - ، ينتسب إلى عائلة كورييل ، إحدى العائلات اليهودية القليلة التي كانت تتحكم في الاقتصاد المصري في مطالع القرن العشرين مع عائلات أخرى مثل : داود عدس ، وموصيري ، ورولو (ومنها الصحفي الفرنسي المشهور إريك رولو – وهو في الواقع يهودي اسكندراني كان اسمه : إلياهو روفول ..؟!) ، وحزان ؛ وعمر أفندي ، وانتسب كثير من شبابها إلى الحركة الشيوعية .. والده دانيال نسيم كورييل كان من أكبر المرابين اليهود في مصر ، ويعد هنري أبو الشيوعيين المصريين ، وقد أسس أهم حزب شيوعي في مصر ( حدتو) ، وكانت كراهيته للإسلام لا توصف ، وقد ورّثها لخلفائه وأتباعه وأصدقائه من الساسة والمسئولين في مصر ، وقد اغتيل في مصعد بيته في باريس ودفن في( مقبرة بيير لاشز )، وهي أكبر وأشهر مقابر باريس . قُبض عليه مرارا في الاعتقالات التي شملت مجموعات الشيوعيين المصريين، ويحمل كورييل الجنسية الفرنسية إلى جانب الجنسية المصرية ، هاجر من مصر في عام1950م إلى فرنسا ، وهناك أسس مع عدد من الشيوعيين اليهود المصريين مجموعة عرفت باسم " مجموعة روما " ، وأسس بعدها منظمة سميت " تضامن " بدعوى زائفة وهي مساندة منظمات التحرر من الاستعمار في العالم الثالث ، وقد عمل هنري كورييل في شبكة جينسون التي ساندت جبهة التحرير الوطني الجزائرية في حرب استقلال الجزائر (1945-1962م)، بهدف أن تكون الجزائر بعد الاستقلال أول دولة عربية تقيم علاقات سلام مع الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ..
أنفق أموالا كثيرة على تأسيس المنظمات اليسارية في مصر وخارجها ، وخصص مرتبات شهرية ثابتة للكادر المحترف عملا بنظرية لينين (إن الثورة لا يعد لها في أوقات الفراغ)، فلابد من ثوريين محترفين يدبرون أمرها. من أين جاء كورييل بهذه الأموال الكثيرة التي أنفقها على الكادر الحزبي، وعلى إصدار المجلات العلنية والسرية، وتغطية نفقات الإدارة وغيرها؟ ونقول :" إن هذا التمويل كان مصدره الصهيونية العالمية... وتنسب إليه تلك المأساة التي أنهت حياة كادر شيوعي كبير يدعى شهدي عطية الشافعي ، بحكم تغلغله في جهاز الأمن المصري وقدرته على الاختراق والتجنيد ، وكان طرفا مهما في العمل مع رءوس الصهيونية الذين كانوا يقيمون بمصر ، وقيل إن له دورا في هزيمة 1967م حين نصح عبد الناصر بالصبر وتلقي الضربة الأولى . ودوراً في تهيئة السادات للذهاب إلى القدس ...
نشأة هنري كورييل: ولد هنري كورييل في سنة 1914م بحي الزمالك الأرستقراطي بالقاهرة، من أبوين يهوديين يحملان الجنسية الإيطالية، وينحدر من عائلة ثرية، وحصل على الجنسية المصرية سنة1935 م ، وتعلم في مدرسة الجيزويت الكاثولكية، ولم يكن يجيد العربية ، وكان أبوه مرابيا، ويملك قصرا منيفا ، علاوة على حديقة غناء تضم أشجاراً يانعة ، وأحواض الزهور ذات الألوان الجميلة... تتخللها الممرات المصممة على الطريقة الفرنسية، هذا علاوة على غرف الخدم وجراجات السيارات"...
وكان أبوه ضريراً فقد بصره في الثالثة من عمره، وتزوج يهودية تنصرت سراً، تدعى زفير بيهار. ونشأ هنري في كنف هذه الأسرة، ودرس الحقوق، وعهد إليه أبوه بتحرير عقود الرهن والمراباة.
بنات الليل والوعي السياسي:انطلق الفتى المدلل ، هنري كورييل في مصاحبة الفتيات الماجنات، وقضى معظم وقته متسكعا في مواخير القاهرة ، يدعو أصحابه لمصاحبته للمواخير والبارات، بحجة أن بنات الليل يمثلن للبرجوازيين أقصر الطرق لتحقيق الوعي السياسي !؟ وقد أصيب هنري كورييل بمرض صدري جراء إدمان السهر والسُّكْر، فأرسله أبوه إلى فرنسا ليستشفي منه. وهناك التقى بشقيقه راؤول الذي عرفه على الماركسية ، وألحقه بخلاياها التنظيمية . وعاد هنري إلى مصر مع انطلاق الحرب العالمية الثانية، مواصلا نشاطه الماركسي بإصدار مجلة سميت(دون كيشوت ) ( انظر : د. محمد وقيع الله : من الأسرار الغامضة في حياة مؤسس الحزب الشيوعي السوداني( هنري كورييل ) ) و حينما صدر قرار تقسيم فلسطين ، وموافقة المنظمات الشيوعية عليه . قاد " شهدي عطية الشافعي" و"أنور عبدالملك" انقساما . وقاد " زكي مراد" انقساما آخر. وقاد "عبدالعظيم أنيس" و"عبد المعبود الجبيلي" انقساما ثالثا . وكانت الانقسامات الثلاثة بسبب رفضهم لقرار التقسيم... وكانت منظمات الحزب الشيوعي تؤيده .
لكن انقساما رابعا تم بقيادة " أوديت حزان" و " ميشيل كامل" . واتخذ مواقف شديدة التطرف خلف قناع طبقي دون اعتراض على موضوع التقسيم . وقد وصفه أحد كوادره وهو "محمد سيدأحمد" بأنه كان يهدف في الجوهر حماية " حدتو" من الاندثار في ظل موجة الرفض العاتية لموقفها .
أما منظمة " حزب العمال والفلاحين " وسكرتيرها العام " اليهودي ريمون دويك " التي كانت بدورها تحت سيطرة القيادات اليهودية ، فقد أيدت التقسيم على أساس أن " اليهود شعب ، وبالتالي فقد انطلقوا من المقولة الصهيونية " أرض بلا شعب لشعب بلا أرض "
دوره في تعذيب الشيوعي شهدي عطية وتذويبه بحمض الكبريت:
كان شهدي عطية الشافعي من أبرز كوادر الحركة الشيوعية المصرية ، وتتلخص قصة الشافعي في أنه انزعج لشدة سيطرة اليهود على حركة (حدتو)، وأكثر من مناقشة هذا الأمر مع هنري كورييل من دون جدوى، فانشق مع خمس من مؤيديه من حدتو، وأصدر نشرة ينتقدها فيها، وأسس حركة جديدة اسمها (التيار الجديد).. يقول الدكتور كفافي:" يبدو أن هنري كورييل كان وراء القبض عليه والمشاركين في هذه القضية، لعلاقته ببعض عناصر البوليس". ومعروف أن شهدي قد عذب تعذيبا بشعا في المعتقل، ومات تحت التعذيب، وقد اتضح فيما بعد أن جثمانه قد أذيب بحِمض الكبريتيك . هنا أم درمان: نجحت منظمة (حدتو) في استقطاب أنصار لها من أبناء مصر والسودان، وأقنعت شيوعيي السودان برفض مبدأ الوحدة مع مصر..؟!! " فتم فصل القسم السوداني عن الحركة المصرية ، ليُكَوِّن الحركة السودانية للتحرر الوطني(حستو) ، التي كانت نواة الحزب الشيوعي السوداني، وكان الموقف من السودان (أول سباحة ضد التيار) على حد تعبير هنري كورييل، وخصوصا أن جميع القوى السياسية في مصر تطالب بوحدة وادي النيل تحت التاج المصري، ويضيف هنري كورييل أن موقفه من فلسطين كان أيضا سباحة ضد التيار......وقد أصر هنري كورييل أن يقيم للنوبيين قسما خاصا في تنظيم الحركة المصرية للتحرر الوطني، وهو موقف عنصري ليس له أي تفسير آخر. كما أقام للسودانيين تنظيمهم الخاص، وأنشأ لهم مجلة (هنا أم درمان) بقصد فصلهم عن مصر. ومما هو ثابت في تاريخ الحركة الشيوعية إن هنري كورييل أنفق أموالا كثيرة على تأسيس المنظمات اليسارية، وخصص مرتبات شهرية ثابتة للكادر المحترف عملا بنظرية لينين (إن الثورة لا يُعَدُّ لها في أوقات الفراغ).. فلابد من ثوريين محترفين يدبرون أمرها. وكما يقول الدكتور كفافي فقد كان كورييل يدفع لـِ :" كوادره التي كانت توصم بالمرتزقة "( قال الاستاذ : راجي مهدي : في مقال له تحت عنوان : عن الحركة الشيوعية المصرية ( موقع الحوار المتمدن ) : وثبت أن كثيرا من القيادات الشيوعية ، يتلقون تمويلا من منظمات صهيونية ، ومراكز تابعة للإمبريالية ، ويعتبر : بهيج نصار ، وصلاح على ، وفريدة النقاش ، الأكثر شهرة في هذا المجال . )
اقتحام المجتمع البرجوازي: تهيأ للشيوعي اليهودي هنري كورييل- بما له من مكانة اجتماعية ومال وفير - أن يقتحم بعض أوساط المجتمع المصري البرجوازي المتفسخ:" وذاكرة حي الزمالك وحي المعادي ما زالت تسترجع الماضي، حيث كانت تسكن الفتاة المثقفة أسماء البقلي، التي كانت تتكلم الفرنسية كإحدى بناتها. وكانت هذه الفتاة هي كريمة الأميرلاي محمد بك البقلي، مدير سجن محكمة الاستئناف، وكانت أسماء هي السند القوي والمعنوي لهنري ، خلال كفاحه ومغامراته ، وصولاته وجولاته في خلال عقد الأربعينيات لتجنيد الشباب المصري...وكانت أسماء هي زوجة أسعد حليم، ، وهو الساعد الأيمن لمارسيل إسرائيل، رئيس منظمة الشعب الشيوعية، وكان الأدهى من ذلك أن هنري كان يتردد على منزل القائمقام البقلي في المعادي على فترات، حيث كان يقابله بفيض من كرم الضيافة. والغريب أن هنري لم يقابل هذا الكرم من جانب المصريين إلا بالخيانة والدس ، وتأليب المجتمع بعضه على بعض، هذا كله بقصد التمهيد لإقامة دولة الكيان اليهودي ... ".
اختراق الثورة المصرية: ويزعم الشيوعيون المصريون أنهم لعبوا دوراً هاماً في نشاط الضباط الأحرار ؟؟!! فكان خالد محيي الدين يحرر معظم المنشورات للضباط الأحرار 1950 ـ 1951 م ..(المنشور الأول كتبه خالد محيي الدين ، وجمال منصور في فبراير 1950م ، وبرنامج الضباط الأحرار كتبه أحمد فؤاد ، وخالد محيي الدين ووافق عليه جمال عبد الناصر) .
وقد تم طبع أول منشور للضباط الأحرار لدى شخص مدني كان صديقاً لأحد الضباط الأحرار ، ثم ما لبث تنظيم الضباط الأحرار أن اعتمد على ( حدتو ) اعتماداً كاملاً في طبع كل منشوراته ونشراته . تم طبع هذه البيانات بالجهاز المركزي للطباعة الخاص بحدتو ، وكان مُخبأ بكوبري القبة . وكان مسئول الاتصال بين الجهاز وتنظيم الضباط الأحرار كهربائياً أرمني الأصل ، والغريب في الأمر أن البوليس المصري قد داهم مقر هذا الجهاز عقب ثورة يوليو بقليل ، وقد أودع جهاز الرونيو الذي كان يستخدم في طبع المواد في متحف الثورة( انظر : تاريخ المنظمات اليسارية المصرية : ص 244- 245 . وانظر : محمد أبو الغار : يهود مصر من الازدهار إلى الشتات- ص 240 -280. بتصرف) !. ويزعمون أن هنري كورييل تمكن من اختراق الحركيين الثوريين حتى في قطاع الجيش وعلى رأسهم جمال عبد الناصر الذي كان يَنضم لبعض خلايا كورييل ، ويحمل الاسم الحركي)موريس)..؟؟!! وقد اطمأن هؤلاء الحركيون الثوريون المصريون لهذا الصهيوني المتلفع بالشعارات الماركسية، رغم أن السفارة السوفيتية في القاهرة لم تثق فيه أبدا..
وذكرت الشيوعية ( حنان رمضان ) أن قيام حركة يوليو أثارت اضطرابا ملحوظا ومواقف متباعدة من التأييد والمعارضة ، ويمكن إجمال الانقسام في الآراء على النحو التالي :
أولها : اتجاه التأييد : كانت (حدتو )أول تنظيم يصدر منشورا بتأييد حركة الجيش واعتبارها حركة وطنية ، فيذكر أحدهم أنه بمجرد أن أذيع بيانها الرسمي الساعة السادسة صباحا ، كان في موقعه الساعة السابعة والنصف يوزع منشورا لتأييد سلطة يوليو .. ويرى آخر أن الشيوعي يوسف صديق ( من الضباط الأحرار ) عضوٌ في حدتو ، ولعب دورا حاسما في نجاح حركة الجيش . كما ساهمت حدتو في وضع برنامج الضباط الأحرار وطبع منشوراتهم . ولكن بدأ التحول بعد أحداث " كفر الدوار " ثم إعلان حل الأحزاب ، ومنذ عام 1953م كان شعار إسقاط الديكتاتورية العسكرية ، والصدام مع سلطة يوليو ... أما الاتجاه الثاني : اتجاه الرفض : ويضم رأي التنظيمات الأخرى وعلى رأسها : الحزب الشيوعي المصري ( الراية ) ، وطليعة العمال ، والنجم الأحمر ، ونواة الحزب الشيوعي المصري ، وطليعة الشيوعيين المصريين ، وطليعة الشعب الديموقراطية ... وغيرها رأوا هؤلاء جميعا أن هذه المجموعة عصابة فاشية وديكتاتورية .. ثم تقول : وأكدت جميع التنظيمات – بعد مؤتمر باندونج – أن سلطة يوليو حكم وطني ..)!! (( انظر :حنان رمضان ، شيوعيون في نصف قرن ، من العشرينات إلى 1965م )) وكان الصحفي المصري الشهير محمد حسنين هيكل يقدم حديثًا مساءً كل خميس بقناة الجزيرة، وفي حديثه مساء الخميس 15 من يونيو 2006م قال بأن الشيوعيين المصريين كانوا الأبعد عن ثورة يوليو ... فرد عليه مجموعة من الشيوعيين وغيرهم .. منهم الدكتور أحمد القصير ، فقال : [ وقد أخطأ هيكل خطأ جسيما وتجنى على التاريخ عندما زعم أن الشيوعيين المصريين كانوا الأبعد عن ثورة يوليو وأن حركتهم ولدت ميتة. فلا يمكن للتاريخ أن يغفل أن حدتو، وهي التنظيم الشيوعي الأكبر والأكثر تأثيرا، كانت الشريك الأساسي في ثورة 23 يوليو 1952 م شئنا أم أبينا. وبدأت تلك الشراكة من بداية تشكيل تنظيم الضباط الأحرار ومشاركة خالد محيي الدين مع عبد الناصر في تأسيس ذلك التنظيم مع عدد ضئيل جدا من زملائهم الضباط. كما قام خالد محي الدين بالاشتراك مع القاضي أحمد فؤاد بصياغة برنامج تنظيم الضباط الأحرار الذي أقرته قيادة التنظيم. ولا بد من التنويه بأن أحمد فؤاد كان في ذلك الحين مسؤولا عن التثقيف بلجنة قسم الجيش التابعة لحدتو والتي كان أحمد حمروش مسؤولها السياسي بينما كان شوقي فهمي حسين، وهو صُول بسلاح الطيران، مسؤولها التنظيمي.. وشاركت حدتو أيضا في كتابة منشورات الضباط الأحرار وطباعتها وتوزيعها. وكان أحمد فؤاد يأخذ موافقة عبد الناصر علي المنشورات التي يكتبها أعضاء حدتو قبل طباعتها وتوزيعها. كما شاركت بدور رئيسي في عملية تنفيذ الثورة أو حركة الجيش حسبما كانت تسمى في البداية. ومن المعلومات المعروفة جيدا أن يوسف صديق عضو حدتو هو الذي قام بالدور الأساسي عند التنفيذ ، حيث قام بالاستيلاء علي قيادة الجيش. كما تولي أحمد حمروش الذي كان عضوا باللجنة المركزية لحدتو ، مسؤولية السيطرة علي حامية الإسكندرية بتكليف من عبد الناصر. ] دور هنري كورييل في نكبة يونيو - حزيران :
لقد أصبح هنري كورييل أداة التضليل الكبرى لعبد الناصر. إذ دأب على توصيل الرسائل المريبة إلى عبد الناصر، تلك الرسائل التي ورطته في المآزق التاريخية وأخطرها مأزق الهزيمة الكبرى في يونيو 1967م:" وعلى إثر المفاوضات التي كانت تجري بسرية شديدة بين القيادة المصرية وإسرائيل، وكانت الولايات المتحدة تمثل المرسال أو حلقة الاتصال، وكان هنري ضليعا فيها ... والتي توصي جمال عبد الناصر بضبط النفس وأن يصبر ويتلقى الضربة الأولى تمهيدا للجلوس إلى طاولة المفاوضات ... ( انظر : من الأسرار الغامضة في حياة مؤسس الحزب الشيوعي السوداني ، الشيوعي اليهودي الإيطالي المتمصر هنري كورييل-للكاتب السوداني : د. محمد وقيع الله. )
دور هنري كورييل في عقد مواثيق كامب ديفيد:
ولكن الأعجب من ذلك ولا عجب في هذه العوالم السياسية الوالغة في الخيانة أن هنري كورييل واصل نشاطه جهوده في جر القيادة المصرية إلى المحادثات مع إسرائيل...وبدأت سريا الاتصالات لعقد السلام مع إسرائيل، وكانت ثمرتها التي ظهرت على السطح مباحثات أو مبادرة روجرز ... فبدأت الاتصالات والمراسلات عبر فرنسا، وبالتحديد العاصمة باريس حيث يقيم هنري لحشد القوى المحبة للسلام .. وأنصار السلام .. وجماعة السلام الآن .. في إسرائيل وكل جماعات الحمائم. وبالفعل أسفر هذا الكم الهائل من الاتصالات - فيما بين تل أبيب وباريس والرباط والقاهرة _ أن سافر حسن التهامي إلى الرباط، وأحمد حمروش إلى باريس".
وقد كلف أحمد حمروش بالاتصال بالشيوعي الصهيوني هنري كورييل، وكأنما لم يكن لكورييل أي دور سابق في توريط النظام المصري في هزيمة يونيو. وقد نقل الكاتب السزداني عن الشيوعي أحمد حمروش أنه لمس خلال لقائه بكورييل استعداده لوضع طاقته وخبرته في خدمة مصر وشعبها.. وهي الخدمة التي تكللت بتكبيل مصر بمواثيق كامب ديفيد مع إسرائيل. و بالاتصالات التي جرت بين اليهود الغزاة والفلسطينيين عام 1976م، للاعتراف المتبادل ، وعرفت لاحقا باسم " لقاءات باريس "( انظر : من الأسرار الغامضة في حياة مؤسس الحزب الشيوعي السوداني، الشيوعي اليهودي الإيطالي المتمصر هنري كورييل ، للكاتب السوداني : د. محمد وقيع الله . و:أ.د حلمي محمد القاعود : هنري كورييل بسطو على ميدان التحرير .) .
مساعدة عبده دهب حسنين:
وشاء هنري كورييل أن يزيد دائرة نشاطه الشيوعي في مصر، ولذلك الغرض استأجر:" جريدة الشعوب من صاحبها عبده دهب؟؟ الذي تعرف عليه هنري من خلال بعض الشغالين والخدم النوبيين الذين كانوا يعملون بقصر والده، وعن طريق عبده دهب أقام صلات متينة مع بعض الطلبة والعمال السودانيين في مصر". وقد قدم عبده دهب مساعدة كبيرة لكورييل في التجسس على الحكومة المصرية عن طريق بعض النوبيين الذين كانوا يعملون في خدمة أحمد حسنين باشا، رئيس الديوان الملكي..؟! .
طرد كورييل من مصر:
ومع اطراد نجاحات كورييل في الاستقطاب والتجنيد والاختراق ، أصبح أكثر جرأة وإقداما، وقل حذره من متابعة الشرطة له ، وأخذ يتلاقى مع بعض رؤوس الصهيونية الذين كانوا يقيمون بمصر...بدأت السلطات المصرية تتنبه إلى تلك اللقاءات، وألقت القبض على بعض الصهاينة المتعاونين مع كورييل ، وزجت بهم في السجون، ثم أفرج عنهم تنفيذا لشروط هدنة رودس، على أن يغادر الشيوعيون اليهود أرض مصر إلى إسرائيل.
ومع أن كورييل علق على ذلك قائلا : إن شيوعيي مصر اليهود قد أدوا دورهم التاريخي على الوجه الأكمل، إلا أنه رفض ضمن ثلاثة شيوعيين يهود أن يخرجوا من مصر ((الآخران هما : جو ماتلون، وشحاتة هارون )(... توفي شحاتة هارون في منتصف مارس 2001 م ، وهو أحد الشخصيات البارزة في التاريخ المعاصر لليسار المصري بشكل عام، والحركة الشيوعية المصرية بشكل خاص. ومن اللافت للنظر أن شحاتة هارون اليهودي المصري المنتمي تاريخياً للتيار الشيوعي قد طلب في وصيته استقدام حاخام من فرنسا للصلاة عليه..؟! ).
وكان كورييل مصمما على أن يبقى بمصر لينشئ بها فرعا لمنظمة السلام العالمية، وكان يظن أن الحركة الصهيونية قادرة على قهر الحكومة المصرية وإجبارها على إبقائه بمصر، ولكن ألغي جواز سفره : وتم نقله في عربة مصفحة إلى محطة مصر للسكة الحديد (باب الحديد)، ومنها تم نقله بالقطار المتجه إلى بورسعيد في سرية بالغة ... حيث أجبر على مغادرة البلاد على ظهر الباخرة سوريناتو بعد أن زوده قنصل إيطاليا في بورسعيد - بالتنسيق مع السلطات المصرية - بوثيقة سفر إلى إسرائيل". ومن إسرائيل غادر إلى فرنسا.
مجموعة روما - بباريس: وهناك لحقت به في باريس مجموعة الشيوعيين المصريين اليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل، فقد أحسوا بالغربة فيها وهم أبناء الثقافة الفرنسية، وكذلك لأنهم قدروا أن ".. وجودهم في فرنسا يتيح لهم صلات متواصلة مع مصر". وهكذا تجمعوا حول هنري كورييل وكونوا في عام 1951م ما سمي بمجموعة روما من خمسين شيوعيا مصريا تحت قيادة كورييل وزوجته ، وأصدروا نشرة (أخبار مصر) باللغة الفرنسية، وخصصوا مساعدات مالية لحركة حدتو بمصر ، مع مواصلة توجيهها آيديولوجيا وسياسيا. واتصلت مراسلات هنري كورييل ومجموعة روما بباريس بالحركة الشيوعية المصرية ، وكوادر حركة حدتو ، فكان يتراسل مع بدر (سيد رفاعي) و (محمد شطا) وعاكف )محمد خليل قاسم). كما كان على اتصال دائم مع الحركة الشيوعية السودانية من خلال (راشد - عبد الخالق محجوب(". " وكان يعطي توجيهاته وملاحظاته إلى زوجته، التي كانت بدورها تكتبها على الآلة الكاتبة باللغة الفرنسية ... وتحتفظ بها في الأرشيف الخاص بمجموعة روما، وكانت تقوم مرة ثانية بكتابتها بالحبر السري لكي ترسل إلى مصر مع أحد كوادر (حدتو)، أو مع أحد الأفراد الذين يوثق بهم من بين المسافرين إلى مصر، أو مع رسل يوفدون خصيصا لهذه المهمة مثل جويس بلو، وهي يهودية، والدها من أصل روماني، وأمها من أصل تونسي، أقامت أسرتها في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر، والتي كان هنري يحملها رسائل خاصة لحدتو في الفترة اللاحقة، واستمرت تعمل في خط الاتصال (بوسطجي) فيما بين القاهرة وباريس، ثم ما لبثت أن وقعت في أيدي البوليس في عام 1954م وقضت عدة أشهر بسجن القلعة، ثم أفرج عنها النظام فيما بعد بضغوط دولية". وربما محلية أيضا. ومن الجهات التي كانت تصلها تلك الرسائل المشبوهة الكادر الماركسي المشهور أحمد حمروش – أحد الضباط الأحرار - ، و خالد محي الدين، زعيم حزب التجمع السابق، وكانت الرسائل تصلهما عن طريق اليهودية ديدرا فوزي، ".. كريمة داود عدس، المليونير المصري والصهيوني الكبير، والذي كان يساعد اللوبي الصهيوني في مصر، وكان صديقا عزيزا لهنري كورييل ووالده دانييال كورييل وكانت ديدرا من ناحيتها صديقة ورفيقة وفية لهنري كورييل قبل زواجه من روزيت".
وهكذا ظل كورييل يواصل توجيهه لشيوعيي مصر حتى على هذا المستوى القيادي الأعلى. وفي مرحلة لاحقة قام بتوجيه خالد محي الدين لكي يصالح عبد الناصر بعد فترة خصام معه. وعن هذا يقول خالد محي الدين في كتابه (الآن أتكلم) ".. أبديت ترددي وتحدثت عن الكرامة والمبادئ والديمقراطية المفتقدة، واستمر كورييل يجادلني بهدوء وصبر لا ينفد، أكد لي أن المبادئ التي تحقق مصلحة الوطن والشعوب ، أن تكون في مصر وليس في جنيف، وأن تكون إلى جانب عبد الناصر، تشد من أزره وتحمسه وتسانده في اتجاهه الجديد، وأن تعزز من هذا الاتجاه في وجه المعادين له.. وأخيرا أبديت اقتناعا، وعدت إلى جنيف ، وأنا في ذهني كلمات أول رسالة أبعث بها إلى عبد الناصر منذ سفري إلى المنفى. وفي الطريق سألت نفسي: كيف عرف كورييل عنواني؟.. وبعدها عرفت أنه حصل على العنوان من ثروت عكاشة، فقد كان على علاقة وثيقة به".
وفي باريس أسس كورييل " منظمة تضامن" بحجة مساعدة حركات التحرر الوطني !. وعندما اندلعت ثورة الجزائر قام " كورييل" ومجموعته في باريس بنشاط واسع لتأييدها . بما في ذلك جمع تبرعات مالية لدعم الثوار. وقد سجن " كورييل" لهذا السبب لمدة عامين. وقد علل في مذكراته هذا الموقف بأن الدافع وراءه هو " أن يقوم قادة الثورة الجزائرية بعد انتصارها بالضغط على جمال عبد الناصر لكي يعترف بإسرائيل "!! . وقد علل " كورييل " في مذكراته عدم رحيله " لإسرائيل " للإقامة فيها بعد طرده من مصر: بأنه حريص على أن لا يؤدي ذلك إلى قطع علاقات التواصل مع مصر . وهذا الأمر بدوره لا يحتاج إلى تعليق كذلك !!. ذلك أن " كورييل " كان بحكم قدراته كان يستطيع الحصول على مواقع سياسية هامة جدا في " الكيان الصهيوني" بجانب " بن جوريون" و" موسى شاريت " و" ليفي أشكول" و " مناحم بيجين" وغيرهم من مؤسسي الكيان . ولكنه رأى أهمية فائقة في خدمة الكيان من خارجه بدوره الذي لعبه حتى هلاكه.... ومن فرنسا ظل " كورييل" على تواصل بمجموعته في مصر عبر رسائل وتقارير كان يضمنها تعليماته – كماأسلفنا - ، وتنصَبُّ كلها على ضرورة الاعتراف بـإسرائيل " وإقامة السلام معها . هذه الرسائل التي كانت تبدأ بكلمة " الرفاق" تواصلت حتى أثناء " فترة حل " المنظمات الشيوعية التي بدأت منذ عام 1964م واستمرت حتى بداية بناء الحزب الجديد عام 1971 م الذي تم الإعلان عنه عام 1975م ولم يتم الكشف عن هذه الرسائل السرية سوى عام 1999 م عندما ارتأت مجموعته في مصر وخلفائه في باريس أن الظروف قد تهيأت للكشف عن المستور. وقد قام " محمد يوسف الجندي" بنشر بعضها في كتابه الذي يحمل عنوان : [هنري كورييل : من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط . ] وتضمن الكتاب عددا من الرسائل والتقارير ( في الفترة ما بين أعوام 1953م حتى 1975 م فقط . وما خفي كان أعظم . خصوصا بعد عام 1975 م وزيارة السادات للقدس..؟ وسوف أعرض لمقتطفات قليلة من هذا الكتاب الخطير . لعلها تزيل الالتباسات التي تحيط بهذا الشخص وتخفي حقيقته . ففي صفحات حررتها مجموعته في باريس ( تعبر عن موقفه) من كل من : وعد بلفور وحرب فلسطين عام 1948 م يرد في صفحات 12 و 14 ما يلي: " وفي 2 نوفمبر 1945 اليوم العالمي لإعلان وعد بلفور الذي وعد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين . وجد الانجليز والحكومات المصرية الفرصة جيدة لخلق حركة لحرف الأنظار لنسيان المطالب الوطنية المصرية . وعن طريق المنظمات الموالية للفاشية خصوصا الإخوان المسلمين نظموا في القاهرة مظاهرة معادية لليهود فهاجموا الحي اليهودي ، ودمروا معبدا يهوديا .... وساندت حملة واسعة من الصحافة هذه المظاهرات . وقرر الشيوعيون المصريون وأساسا الحركة المصرية للتحرر الوطني أن يعارضوا علنا هذا التوجه ....".و" بينت الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني أنه لا يجب السير وراء القادة الرجعيين العرب . وأن إعلان الحرب هو الوقوع في فخ لعبة الاستعمار البريطاني الذي يرمي الى الحفاظ على سيطرته".
كما تضمن نداءً وجهه يوسف حلمي أحد العناصر البارزة في مجموعة " كورييل" إلى شعب إسرائيل منتقدا مشاركة الجيش المصري في حرب 1948م فيقول ص63 من الكتاب:" ألم يكن عجيبا أن يخرج جيش من بلاده إلى خارج حدوده ليحارب من لم يمسه بسوء تاركا وراءه جيوشا أجنبية تحتل صميم بلاده وتحمي مصالح الاستغلاليين الأجانب ؟!! "
وفي بيان من " حدتو" صدر في ديسمبر 1947 م حول قرار زعماء الحكومات العربية بمساندة الفلسطينيين لمنع اليهود من إحتلال فلسطين ، يقول في ص 19:" أمام هذه الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية يرى الاستعمار والرجعية ألا مخرج لهما منها سوى إشعال حرب العنصرية في الشرق العربي ، تلهي الشعوب عن أهدافها الوطنية ومطالبها الاقتصادية والاجتماعية وتحول أنظارها عن العهود الحاضرة المعادية للديمقراطية ، وقد وجدوا في فلسطين نقطة البدء لتحقيق هذه السياسة الإجرامية... .
في ضوء هذه الحقائق نستطيع أن نفهم البيان الذي أصدره رؤساء الحكومات العربية ، إنه يرمي إلى وقف تيار الحركات الوطنية الصاعدة ، وتحويل حربنا الوطنية المقدسة ضد الاستعمار إلى حرب عنصرية دينية تدعم مركز الاستعمار ، إنه يرمي إلى صرف أنظار الجماهير الكادحة عن الكفاح ، إنه يرمي إلى تحويل أنظار المعارضة الوطنية الديمقراطية عن العهود الرجعية الحاكمة في الشرق العربي وعن مؤامراتها لتكتيله في كتلة استراتيجية خاضعة للاستعمار ".
وفي مذكرة حول العلاقات بين إسرائيل والبلاد العربية . ( أغسطس 1953م ) ص 26 يقول : " إن العلاقات الحالية بين البلاد العربية وإسرائيل هي عقبة كأداء في طريق التحرر الوطني للشعوب العربية .إن العلاقات الحالية تسمح في الواقع للإمبرياليين وعملائهم في البلاد العربية أن ينظموا استفزازات لحرف الشعوب العربية عن النضال لتحررها . إن مغامرة 1948م ، الذي كان ذلك هو أحد أهدافها الرئيسية ، يمكن أن تتكرر في أي لحظة ".ثم في صفحة 28 من الكتاب وفي نفس ذات المذكرة يقول :
" تريد الطبقات الحاكمة العربية الحفاظ على الوضع الحالي للدفاع عن مصالحها الطبقية الأنانية ويتلخص الوضع الحالي في نقطتين أساسيتين: وجود توتر ووجود حصار اقتصادي. والحفاظ على هذا الوضع يفيد الطبقات الحاكمة . وقد رأينا بالفعل كيف أن وجود التوتر يسمح للطبقات الحاكمة بحرف انتباه الجماهير. والحصار لا يقدم بأي حال المساعدة للاجئين العرب. انه يمثل خوف الرأسماليين المحليين العاجزين والفاسدين في مواجهة المنافسة الإسرائيلية . والحصار يسمح أيضا للرأسماليين وفي مقدمتهم الرأسماليين المصريين للاحتفاظ بأسواق البلاد العربية..."ويقول في نفس الصفحة :" السلطة الحالية في مصر تسير على نفس سياسة السلطة التي سبقتها :إن السلطة الحالية التي استفادت من المساندة الشعبية لتثبيت سلطتها ووعدت بتغيير السياسة. ولكن منطق موقفها المعادي للشعب يجعلها تتبع نفس سياسة أسلافها.". وفي نفس المذكرة يهاجم العرب . ثم يطالب بعلاقات صداقة مع إسرائيل ويؤكد حقها في الوجود فيقول في صفحتي 38 و39 : " ولكن نضالنا من أجل إقامة علاقات صداقة مع الشعب اليهودي ( والعرب في إسرائيل) ؟! لا يعني تقليل نضالنا ضد الصهيونية ، وإنما يتطلب على العكس تقوية هذا النضال . فهذا النضال وحده سيمنع من الخلط بين حق الأمة اليهودية في إسرائيل أن تقيم دولتها المستقلة." .؟؟!! وفي عام 1957م يرسل تقريرا بعنوان " في سبيل نضال متواصل من أجل السلام " يحث جماعته السرية في حدتو التي يسميها النواة الأكثر ثورية على العمل ، ويقول في صفحتي 48 و49 :" من الواضح أنه إذا لم نناضل للدعاية لمواقفنا والدفاع عنها، فسيؤدي ذلك إلى أن نترك للطبقات السائدة أن تفرض مواقفها، ويعني أن نترك للطبقات السائدة المبادرة ، والقيادة في هذا المجال ، ويعني ترك الموقف المستقل للبروليتاريا ، ويعني جعل البروليتاريا في ذيل البورجوازية ".ثم يعاود هجومه على العرب ..فيقول في صفحة 88 من الكتاب في هجوم على التقدميين العرب خصوصا في سوريا ولبنان :"- إن أحد الأفكار السائدة اليوم والتي تنشرها الأوساط الرجعية العربية والتي تجد لها صدى واسعا عند التقدميين العرب وخصوصا في سوريا ولبنان هي أن الوضع يفرض على إسرائيل تضحيات هائلة ، بينما لن تعاني البلاد العربية إلا أقل القليل . إن إسرائيل هي التي تعاني من الحصار الإقتصادي ، ومن إغلاق قناة السويس ، وتكلف المصاريف العسكرية عبئا ضخما. وبالتحديد كل هذه العوامل ستؤدي إلى انهيار دولة إسرائيل ، ولهذا فان عقد سلام – ولا يهم أي سلام في الواقع – لا يمكن إلا أن يفيد إسرائيل الذي ستستخدمه لاكتساح أسواق الشرق الأوسط ..؟! وأولئك الذين يدافعون عن وجهة النظر هذه ، يفكرون في نهاية الأمر مباشرة أو غير مباشرة، أنه يجب مواصلة الحرب ضد إسرائيل حتى تدمير هذه الدولة .إن أحد مبادئنا الأساسية هو الاعتراف بحق تقرير المصير لكل الشعوب. وإن قرار التقسيم الذي اتخذته هيئة الأمم المتحدة عام 1947 م كان قائما على هذا المبدأ .". وفي صفحة 93 من الكتاب يقول : "إن علينا أن ندين بشدة كل الاستفزازات العسكرية التي ستلجأ إليها بالتأكيد حكومات إسرائيل . أما من ناحيتنا فيجب أن تطالب بوقف إرسال الفدائيين إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، ووقف إرسال المخربين والإرهابيين لأن أعمالهم ليس لها بالقطع أي فائدة !!؟؟ إلا إثارة النزاعات الحالية ، ومساعدة حكومة بن جوريون على تحريض شعب إسرائيل أنه لا فائدة من انتظار السلام من البلدان العربية .. وفي رسالة خاصة بعمل منظمة تضامن. معنونة : بـ اعتبارات حول القضية الفلسطينية. مؤرخة في يناير 1967 م(ص105 من الكتاب) . يقول " كورييل" : اننا ننطلق من الحق المقدس والغير قابل للتقادم للجماعات القومية في الوجود القومي. ولهذا فإننا نعترف بحق إسرائيل في الوجود القومي، ولكن يجب في مقابله الاعتراف بنفس الحق لعرب فلسطين "..!!
و يقول " في صفحات 129 و 130 و131 من الكتاب :" عندما نتحدث عن السلام وعن " الحل السياسي للأزمة " هناك من يطالب بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 5 يونيو 1967 . م ، يجب أن نفهم أن الجانب الإسرائيلي لا يمكن أن يقبل ذلك . من الضروري أن ندرك أن الجماهير الإسرائيلية عاشت وسواس الإبادة ، وهو وسواس لم تتوقف الدعاية العربية المحمومة عن ممارستها وأكدتها كثيراً ببعض تصريحات القادة العرب ، ويجب أيضا أن يكون مفهوما لدينا أنه إذا كانت البلاد العربية تعتبر أحداث يونيو 1967 م" عدوانا إسرائيليا " فان الرأي العام الإسرائيلي كله ( باستثناء الحزب الشيوعي " ركاح") يعتبرونها حربا دفاعية ضد عدوان عربي جرى إعداده أخيرا فإنني أعتقد أن هذه المقتطفات توضح بجلاء أكثر من أي شئ آخر ، حقيقة " هنري كورييل" الصهيوني حتى النخاع . ورغم أن ما أوردته حرفيا لا يحتاج إلى شرح أو توضيح أو تعليق . .. ومع ذلك فإنني أرى من الضروري أن أختم هذه الصفحات بالقول : إن الحركة الصهيونية خطرة للغاية ، تدرك الأهمية الإستراتيجية الفائقة لمصر ، لذا فان اختراق مصر هو هدف استراتيجي صهيوني ...إنها لم تكن محض صدفة مسألة تحول أعداد كبيرة من اليهود الذين كانوا يعيشون في مصر ،( وعلى وجه الخصوص أبناء المليونيرات اليهود: داود عدس ، وموصيري ، ورولو ، وحزان ، وهراري ) إلى الشيوعية عشية اغتصاب فلسطين . إذ استهدف هذا الأمر العمل على اختراق جدار الرفض الشعبي لغرس هذا الكيان، والتغلغل داخل نسيج الحركة الشعبية .لقد تسبب هذا الاختراق في إهدار نضالات آلاف من العمال والفلاحين والمثقفين والطلاب الذين أعطوا لقضية الشيوعية كل حياتهم .إن ما أورده " كورييل " يفيد من ناحية أخرى أنه لا فرق بين يمين صهيوني ويسار صهيوني ...فهُما وجهان لعملة واحدة ..إنه ينبغي أن نكف عن تصديق ادعاءات كثير من اليهود بأنهم ليسوا صهاينة ، والتي يرددها للأسف كثير من العرب . فمعيار تحديد من هو الصهيوني ، ومن هو غير الصهيوني تتحدد بالموقف من الكيان الصهيوني اللقيط " إسرائيل " . فجوهر الصهيونية قائم على الادعاء بأنه توجد أمة يهودية ( شعب يهودي ) ، وبالتالي ضرورة أن يكون لهم وطن ، وهذه عملية تضليل . إن هذا الكيان أخطر واقعة استعمارية قامت على اغتصاب وطن ، وذلك بعد انتهاء ما سمي في العصر الحديث " المسألة اليهودية" والمطالبة بضرورة حلها . لقد أقيم هذا الكيان العنصري الاستعماري بعد هزيمة النازية ، - وهي آخر من اضطهدَ اليهود - ، على أرض وفي منطقة لم يضطهد أصحابها اليهود، بل أكرموا وفادتهم، بعد تعرضهم للطرد والإبادة في مختلف البلدان الأوروبية ، وبالتالي فإن كل من يقول بشرعية الكيان فهو صهيوني مهما أنكر .
((( عمليات طرد اليهود من أوروبا : فى عام 1210م عقد اجتماع كنائسى عرف باسم "إجتماع لاترين الرابع" ، واتخذ رجال الكنيسة الكاثوليكية قرارات هامة لوقف النشاط اليهودى المريب والحد من نشاطهم الخطير فى مجالات التجارة والصناعة وخاصة فى فرنسا وانجلترا وأسبانيا وإيطاليا ويوغوسلافيا وغيرها ... وفى عام 1215م أصدر البابا أنوسنت الثالث بابا روما أمراً يحتم على اليهود أن يضعوا شارات تميزهم عن بقية المواطنين وبذلك يمكن الحذر منهم. وفى عام 1306م أصدر ملك فرنسا فيليب الأول أمراً ملكياً بطرد اليهود من جميع الأراضى الفرنسية وفى عام 1394م كانت فرنسا خالية تماماً من اليهود وبذلك أصبحت فرنسا ثانى دولة أوربية تتخلص من اليهود . وعن تواصل مشاكل اليهود فى أوروبا يشير المؤلف إلى إلقاء اليهود ميكروبات فى آبار المياه ومصادرها فى ألمانيا مما أدى لانتشار وباء الطاعون عام 1350م فقام الألمان بعمليات انتقامية ضدهم وفتكوا بمجموعات من الرجال والنساء والأطفال وفر الباقون منهم إلى خارج ألمانيا تاركين البلاد غارقة فى مشاكل اقتصادية ومالية واجتماعية .. وفى تشيكوسلوفاكيا أصدرت الحكومة التشيكية أمراً بطرد اليهود عام 1380م .. ثم حاول بعضهم العودة سراً عام 1562م مما شجع الملكة مارى تريزا إلى إصدار أمر بطردهم من البلاد عام 1744م . وفى عام 1420م . صدّق الملك البريخت الخامس ملك النمسا على أمر بطرد اليهود من البلاد. وفى عام 1424م قام ملك هولندا بطرد اليهود .. وفى أسبانيا أصدر فرناندو أمراً بطرد اليهود عام 1492م ونتيجة ذلك هاجرت 70 ألف أسرة يهودية إلى البرتغال والمغرب.. واستشرت الفوضى والفساد والانحلال فى البرتغال فتم طردهم منها عام 1498م . كما طرد اليهود من إيطاليا عام 1540م.. وفتحت بولندا أبوابها لاستقبال اليهود المطرودين من دول أوروبا كما استقبلتهم أيضاً دول الإمبراطورية العثمانية ودول شمال أفريقيا وخاصة المغرب. ( انظر:كتاب العميد كامل الشرقاوى تحت عنوان "الحقيقة المرة : كيف قامت دولة إسرائيل؟)))
إن كورييل الذي لم يذكر إطلاقا اغتصاب فلسطين بالقوة ، والذي اعتبر أن لليهود حق تاريخي لا يسقط بالتقادم . قد قدم للكيان الصهيوني خدمات وبذل جهوداً لا تقل عما قدمه وبذله مؤسسو الكيان وعلى رأسهم: بن جوريون .. وبيجن .. وشامير وغيرهم من بقية القطيع ، وأنه قدم ذلك من موقع الصهيوني المتعصب الذي انتحل صفة الشيوعي كذبا . فالشيوعي الذي يرفض اغتصاب الرأسمالي لجزء من قيمة قوة عمل العامل . كما يرفض الاستعمار... لابد أن برفض هذا الكيان ، لا أن يعطي كل حياته والى آخر لحظة فيها لدعمه .إن جهود " كورييل " وجهت لتكوين مجموعات تابعة له ، وشديدة الخطر ، إذ لم يقتصر الأمر على مصر وحدها ، وإنما– ودون أي مبالغة – على المستوى العالمي أيضا ، واستخدم في ذلك الإمكانيات الصهيونية الهائلة في اختراق حركات التحرر الوطني في العالم خصوصا في آسيا وإفريقيا عبر ما يسمى " منظمة تضامن " . إن أفكارهم قد نمت وتوالدت في مصر، وتبنتها بعض الثورات الفلسطينية ، وتمثل خطراً شديداً يتحتم اكتشافها وفضحها . ومقاومتها بكل السبل .
نهاية كورييل: إن هذا الكتاب عن هنري كورييل هو مع بساطة تكوينه إلا أنه ملخص جيد لسيرة هنري كورييل، ويتعرض لأهم نواحي الضرر البالغة التي ألحقها هذا الشيوعي الصهيوني بمستقبل العالم العربي. وبذلك قد تغني قراءة هذا الكتاب عن الكتب الأخرى التي صدرت عن كورييل. وأما الجزء القليل الذي لم يشأ مؤلف هذا الكتاب أن يتعرض إليه، فهو كيف ولماذا اغتيل هنري كورييل بشقته بباريس بعد وقت قليل من عقد القوم لاتفاقيات كامب ديفيد، التي عمل هو من وراء الستار على التمهيد لعقدها، . وقضية اغتيال كورييل( في مصعد شقته حيث وجد غارقا بدمائه ..؟! ) ما تزال تجتهد في معرفة أسرارها كتابات شتى تصدر حينا بعد حين. و هناك من يرى أن نهايته كانت القتل على أيدي المخابرات الإسرائيلية عام1978م لشروعه في كتابة مذكراته التي وجدت مبعثرة ، سحبت منها ملازم و فصول معينة ، و تركت الفصول الأخرى .. ليموت سره معه .. وقد صدرت عدة كتب تكشف عن أسرار الحياة الغامضة للزعيم الشيوعي اليهودي الإيطالي المتمصر هنري كورييل، الذي كان أحد أقدم وأهم من أسسوا الخلايا الشيوعية بين أبناء الشعبين المصري والسوداني. فقد كان وراء تأسيس أهم الحركات الماركسية، كالحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، والحركة السودانية للتحرر الوطني(حستو)، وغيرهما من الحركات الماركسية التي تلفعت بالأردية الوطنية ، والتي أخفت ولاءاتها الصهيونية إلى حين. وتتلمذ على يديه بعض أبرز قادة الحركات الشيوعية العربية : كعبد الخالق محجوب، وأحمد حمروش، وخالد محي الدين.. وغيرهم .وقد صدرت عدة كتب عن حياة – هنري كورييل - وأهمها هي : ( أوراق هنري كورييل) من تأليف الدكتور رؤوف عباس،و( هنري كورييل: رجل من طراز فريد ) من تأليف جيل بيرو، و(هنري كورييل: الأسطورة والوجه الآخر) من تأليف أحد محبيه من اليساريين المصريين، وهو الأستاذ حسين كفافي، وقد اقتبس معظم معلوماته من الكتابين السابقين ، ومحمد يوسف الجندي (هنري كورييل من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط ) ، وإبراهيم البدراوي ( شذرات من سجل هنري كورييل ) ....ٍ إضافة إلى كتاب هنري كورييل نفسه الموسوم بـ : ( من أجل سلام عادل في الشرق الأوسط ، ط1، 1999م ،) وغيرها .
الحركة الشيوعية في مصر وموقفها من القضية الفلسطينية
1- لم تشذ الحركة الشيوعية في مصر عن بقية الأحزاب الشيوعية في تقديم المبررات الفكرية والسياسية لتأييد قيام دولة يهودية ..وشجب الحرب ، والدعوة للصلح، واقرأ معي هذه المبررات التي تفتق عنها تفكيرها المريض .!
1- ففي 20 /12 /1947 حملت نشرة الوعي السرية التي يصدرها الحزب الشيوعي في عددها السابق بحثاً بعنوان : المشكلة الفلسطينية .... وتحدد فيه الموقف الفكري للشيوعيين من القضية الفلسطينية جاء فيه : ( يرجع فهم الواقع الحالي لفلسطين من تطور اليهود فيها ونموهم كأمة جديدة ، فالحالة الجديدة في فلسطين لم تكن نتيجة لبحث الوطنية لدى اليهود في العالم كما تدعي خطأً الصهيونية ، بل كانت نتيجة لمولد وطني جاء على أثر تجمع عوامل تاريخية متعددة أدت الى جعل يهود فلسطين أمة ، وإذا قلنا أمة .. وجب أن نعترف بحق تقرير المصير واذا قلنا حق تقرير المصير.. فمعنى ذلك : تخويل الأمة حق الانفصال.. فاذا اعترفنا بحقيقة تكوين اليهود في فلسطين كأمة فلا يمكن أن ننكر عليهم حق الانفصال عن الامة العربية ، وتكوين دولة يهودية في جزء من البلاد ..؟؟)
2 - وفي 29/7/1948م أصدرت الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني ( حدتو ) وهي المنظمة الشيوعية التي يرأسها( اليهودي هنري كورييل ) بيانا رسمياً يحدد فيه موقف حزبه من قضية فلسطين، ومن الحرب الدائرة وأسبابها، وقد استهل البيان بقوله : ( أيها المواطنون كافحوا من أجل حريتكم المسلوبة من أجل تحرير وطنكم من الاستعمار والخونة ، كافحوا من أجل حياة انسانية حرة سعيدة من أجل تحرير الشرق العربي من الاستعمار ثم يقول البيان : إن الاستعمار البريطاني المجرم هو الذي خلق مشكلة فلسطين ... فليس من المعقول أن نرسل قواتنا الى فلسطين ونترك أوطاننا رازحة تحت أقدام القوات الاستعمارية، وليس من المعقول أن نرسل قواتنا لمحاربة اليهود في فلسطين ، بينما نترك فلسطين بأسرها تحت أقدام القوات البريطانية .. ولَكَم خيبت الحكومات العربية آمال الشعوب ، فأمرت الجيوش العربية بالتحرك ، لا لتحرير الشرق العربي من الاستعمار ، ولكن لإثارة حرب دينية عنصرية في فلسطين !؟
وتساءلت الشعوب .. !! لماذا كل هذا التغاضي عن الاستعمار ، وهذا الحماس للحرب الدينية !! لماذا تُكبَت الحركات الوطنية ، ومطالب الشعب الاقتصادية ، وفي نفس الوقت تشجع الحرب الدينية في فلسطين ؟!
ثم ينتهي البيان بدعوة حارة لمقاومة الحرب ضد اليهود فيقول : ( أيها المواطنون تنبهوا .. استيقظوا لمؤامرات الاستعمار وحلفائه الخونة !! واحذروا الوقوع في دعايتهم الآثمة .. المضللة .. التي تستهدف حرفكم عن طريق الكفاح ، وتحويل صراعكم الوطني الى صراع عنصري عقيم !! إن هذه الحرب العنصرية حرب ظالمة ، يوجهها الاستعمار والخونة ضد مصالح العرب !؟ ) فالحرب في فلسطين ضد الاغتصاب اليهودي .. حرب عنصرية دينية .. أي حرب تعصبية رجعية هكذا وبهذا الأسلوب الرخيص طمس الشيوعيون في مصر جوهر النضال من أجل فلسطين ... وجعلوا الكفاح ضد اليهود عملاً رجعياً .. وليس لنا أن نناقش هذا التآمر الفكري المتعمد ... والذي تفوح منه رائحة التآمر الوضيع على المصير العربي .
وفي افتتاحية بعنوان ( فلسطين ... الحرب التي أملاها الاستعمار !) كتبت نشرة ( صوت البروليتاريا ) لسان إحدى المنظمات الشيوعية المصرية في عددها الثاني تشرين الثاني سنة 1948 تحدد فيها موقفها من قضية فلسطين والحرب الدائرة فيها .. وأسبابها .. وتعطي توجيهاتها بهذا الصدد فقالت : ( مقدمة : في 15 مايو 1948م غزت الجيوش العربية فلسطين .. وهناك حرب قائمة في الشرق الاوسط منذ سبعة شهور .. ولكننا إذا درسنا هذه الحرب بتعمق .. لوجدنا أنها ليست مجرد حرب عنصرية :
1- لقد أملى الاستعمار البريطاني هذه الحرب وأعد لها منذ سنين طويلة ، ليدافع عن مركزه في الشرق الاوسط .
2- إن هذه الحرب تخدم البرجوازية العربية بكبت البروليتاريا الصاعدة والتقدمية .
3- إن هذه الحرب هي واحدة من مصادر الحرائق الكثيرة التي تشعلها الرجعية العالمية ؟! وذلك بهدف خلق ترسانات من بعض المناطق التي يريدون استخدامها كنقاط للهجوم على الاتحاد السوفييتي ؟!!
4- وأخيرا ... فإن هذه الحرب موجهة اليوم ضد الخطر الذي تحتلة البروليتاريااليهودية الثورية !!في فلسطين . (انظر : الحكم دروزة : الشيوعية المحلية ومعركة العرب القومية ، ص 294. )
وتستمر النشرة في بيان وجهة نظرها وتوجيهاتها لأعضائها فتقول تحت عنوان : (الحرب الموجهة ضد البروليتاريا اليهودية ) ما نصه : ( إن البروليتاريا المصرية يجب أن تتحد مع البروليتاريا اليهودية ..ضد العدو المشترك ... ضد الاستعمار !؟ وهذا هو السبب في أن الحرب في فلسطين هي ضد مصالح الشعب على العموم ، وضد مصالح البروليتاريا المصرية على الاخص ) . لا أعتقد أن هناك خائنا يتباهى بخيانته بوقاحة كما يفعل الشيوعيون المصريون...!! فلا إخاء بين البروليتاري العربي ، والبروليتاري اليهودي ما دام يقيم في دولة الكيان الغاصب ( إسرائيل ) ..ثم تضيف النشرة قائلة : ( فإلى جانب حق تقرير المصير الذي نعترف به لليهود .. فماذا ننصحهم أن يعملوا ؟ ماهو خطنا بالنسبة لهم ؟ إنه التقسيم . إن التقدميين يرسمون خطهم على أساس اعتبارات المبادىء ومصلحة البروليتاريا وحركتها التقدمية ! وإن اليهود اليوم يكونوا شعبا ديمقراطيا ؟! وتزداد سيطرتهم على حكومتهم يوماً بعد يوم ... في حين أن الحكومة العربية في فلسطين فاشية !؟ تعمل خادمةً للاستعمار ؟! وأن القضاء على الدولة اليهودية وإخضاع اليهود لهذه الحكومة العربية معناه القضاء على جزيرةٍ للديمقراطية يمكن أن تكون ذات تأثير حسن على الجزء العربي في فلسطين.. وتلعب دوراً إيجابياً في الشرق الاوسط ؟؟!) ثم تنتقل النشرة الى تحديد واجبات العمال الفلسطينيين والمصريين فتقول :
( أ- اليوم في وسط المعارك في فلسطين ظهرت شرارة .. فمنذ بضعة أيام قرأنا في الجرائد أن جريدة التقدميين العرب .. الاتحاد – ( وهي صحيفة الشيوعيين في فلسطين ) قد طالبت بانسحاب الجيوش العربية من فلسطين .. وهي بذلك قد اتخذت الموقف الصحيح الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي ..؟!إن واجب العمال الفلسطينيين العرب واليهود هو: أولا : تقوية وحدتهم في الكفاح اليومي ضد الاستغلال المشترك في المصنع ... ضد البرجوازية عربية كانت أم يهودية . وستكون هذه الوحدة هي التمهيد للوحدة السياسية ضد العدو المشترك .... أي الاستعمار وضد البرجوازية الفلسطينية .
ب – على البروليتاريا المصرية أن تقوم بواجباتها الدولية بالدفاع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها .
ج - إن على البروليتاريا المصرية أن تنظم نفسها وأن تضغط كقوة سياسية منظمة لترغم البرجوازية المصرية على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية).
إن كل كلمة في هذه النشرة مؤامرة فكرية نضالية على مصير العرب .. وكل سطرٍ فيها يرسم خطاً في الصورة المتكاملة للجريمة القومية التي ساهم في ارتكابها الشيوعين العرب ... والتي ستظل محفورة في جبينهم إلى الأبد .
ففي رأيهم أن كل العالم يتجمع ضد اليهود المساكين !؟ وأن الاستعمار ساعد الحكومات العربية لغزو اليهود وسحق اليهود .. بل هو يتعدى معها على اليهود وأمريكا تخشى الدولة اليهودية الجديدة ؟! وفرنسا ترفض الاعتراف بها ؟! وهذا الثالوث الصليبي الحاقد البغيض الذي يمثل ذروة الحقد على العرب والمسلمين.. وذروة تأييد فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين هو الذي اختاره الشيوعيين العرب ليقولوا إنه يعتدي على اليهود المساكين .. شعب الله المختار ... ويساعد العرب ضدهم . هل تجرأ أحد على سوق هذا الدَّجل المعيب بهذه البساطة ؟
وهل تجرأ إنسان على الاستهزاء بعقول العرب والمسلمين وذكائهم إلى هذه الدرجة ؟ وأن الشعب اليهودي عانى اضهاداً طويلا في فلسطين ...! وممن ؟ من الشعب العربي بالطبع ... هكذا يقول الشيوعيون ، فهم لا يستطيعون أن يسكتوا على اضطهاد اليهود المساكين .. هذا الاضطهاد الذي برز في الغزو اليهودي المنظم المتآمر على فلسطين مع الانتداب البريطاني.. وفي مجازر دير ياسين ..وقبيه.. ونحالين ، وفي العدوان على غزه عام 1955م وفي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م وفي المجازر البشعة التي ارتكبها اليهود في غزة والعريش آنذاك . والشعب اليهودي شعب ديمقراطي ... والدولة اليهودية الغاصبة دولة ذات ملامح اشتراكية ، وهي ستكون جزيرة للديمقراطية في الشرق الأوسط ، ولهذه الصفات التقدمية لدى اليهود تحاربهم الحكومات العربية والاستعمار .. !!
إن في هذه العبارات من التمويه والمغالطة ما لا يخفى؛ فالاستعمار البريطاني لم يتدخل في الشرق الأوسط إلا لمصلحة إسـرائـيل، فهو الذي أصدر وعد بلفور، وفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وخطط بكل ما يـملـك مـن وسائل بتنسيق مع الصهيونية العالمية لإقامة الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة، ولـسـنا ندري أي رجعية عالمية يعني هؤلاء، وقوى الغرب والشرق، اليمين واليسار، أمريكا والاتحاد السوفييتي وأوروبا جمعاء كانت في صف إسرائيل في مؤامرة عالمية استهدفت الوجود العربي الإسلامي في فلسطين.
تُرى لوأردات الحركة اليهودية العالمية في دعاياتها الكاذبة أن تلصق بالعرب أبشع التهم ... هل كان يمكنها أن تقول أكثر مما كانت تقوله نشرات الشيوعين العرب ؟ وهل يمكنها أن تدافع عن الغزو اليهودي التتري الجديد بحماس أكبر من هذا الحماس ؟ بل هل كان يمكن لأي خائن أن يقول : إن النضال ضد اغتصاب جزء من الوطن العربي بالقوة هو ضد مصلحة الشعب العربي .. وضد مصالح العمال والفلاحين ؟ إن هذا الموقف هو أكثر من خيانة عظمى بكثير . هذا باختصار شديد موقف الشيوعيين العرب من قضية فلسطين قبل النكبة وإبانها .
الشيوعيين المصريون بعد النكبة
أما موقفهم بعد النكبة فيتمثل في العمل على تثبيت الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة وتدعيمه وتقويته لكي ينفسح المجال أمام اليهود لتحقيق أهدافهم ... وكلنا يعلم أن هذه الخطوة لن تتحقق الا بطمس قضية فلسطين واستدال الستار عليها نهائيا عن طريق فرض الصلح بين العرب واليهود .. وإن تظاهروا أنهم ضد الصلح مع اليهود ، وضد كامب ديفد .. وضد مشاريع السلام السرابية المطروحة في الساحة العربية .. من خلال مقالات ذيولهم في الصحف اليومية .. وهذا الصلح الذي نادوا به وعملوا من أجله كما تنطق صحفهم ومنشوراتهم ، مضر بالقضية الفلسطينية من عدة نواح ...
فمن الناحية السياسية : سيكون هذا الصلح اعترافا رسميا بشرعية الدولة اليهودية الغاصبة التي قامت في فلسطين العربية .. وبذلك تطمس قضية فلسطين وتنتهي حالة الحرب .. ويقضى على العداء العربي اليهودي وتتوطد اركان اسرائيل بموافقة العرب أنفسهم .
ومن الناحية الاقتصادية : سيؤدي الصلح الى افساح المجال امام الاقتصاد اليهودي لينمو ويزدهر على حساب الاقتصاد العربي .. ويتحقق بذلك هدف اليهود والاستعمار بجعل اسرائيل مصنعاً ضخماً في وسط زراعي متخلف .. فيتحول الوطن العربي بذلك الى سوق واسعة للاقتصاد اليهودي والاستعماري .. يتحكم اليهود عن طريقه بمقدرات الوطن العربي تدريجيا .
اما من الناحية العسكرية : فسيؤدي الصلح الى حالة من الاستقرار السياسي ، والازدهار الاقتصادي ، تمكن إسرائيل من الانصراف الى بناء كيانها داخلياص ، وتدعيم اقتصادها الحربي ، وتقوية جيوشها وتنفيذ برامج الهجرة ، وتحويل اسرائيل الى معسكر حربي كبير ، أو قاعدة عسكرية تنتظر الفرصة الملائمة للانقضاض مرة جديدة ... وتوسيع حدودها على حساب أراضي عربية جديدة ... هذا ما كانت تقصده الحركة الشيوعية من مناداتها بالصلح مع دولة اليهود .. بعد تأيدها المخزي لقيام اسرائيل ، واضفائها صفة الشرعية على الاغتصاب اليهودي . واقرأ معي أخي القارىء سطور هذه المؤامرة من وثائقهم :
1- بعد دخول الجيوش العربية الى فلسطين عينت الامم المتحدة في أيار 1948م الكونت برنادوت ، ليقوم بمهمة الوساطة بين العرب واليهود ...وقدم ( برنادوت ) مشروع التقسيم المعروف باسمه في حزيران 1948م وقد رفض العرب هذا المشروع لاعترافه لليهود بحق قيام دولة في فلسطين ... كذلك رفض اليهود هذا المشروع للتعديلات التي اقترحها بشأن القدس والنقب فهاجم الشيوعيين في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وغيرها مقترحات برنادوت هجوماً عنيفاً لاجحافه بحق اليهود ... وقد عبر الشيوعيون في مصر أحسن تعبير عن هذا الموقف .. فقالت نشرة ( صوت البروليتاريا ) في عددها الثاني بتاريخ نوفمبر سنة 1948م في معرض مناقشتها لمشروع برنا دوت ما نصه : ( إن الاقتراح بجعل حيفا - وهو أهم ميناء في فلسطين ، ومنفذ لأنابيب البترول -ميناءً حراً ... لهو اقتراح موجه في صالح ملوك البترول الأمريكيين ، وفي نفس الوقت يشل اقتصاد الدولة اليهودية .. بحرمانها من هذا الميناء الحيوي ) !!
2- طالب البرنامج الوطني لعام 1950 – 1951م لحركة التحرر الوطني الديمقراطي (حدتو) بتطبيق قرارات التقسيم ، وإنشاء دولة ديمقراطية في فلسطين وفي عام 1952م قامت في مصر حملة تبرعات واسعة للنازحين العرب الذين لجأوا إثر النكبة الى قطاع غزة ، تحت اسم قطار الرحمة ... فعلقت(راية الشعب ) صحيفة إحدى التنظيمات الشيوعية في مصر في عددها ( 31 ) على الحملة بقولها : ( في كلمة ألقاها أحد العسكريين الفاشت من محطة الاذاعة يسب الأحمق شعبنا المكافح فيزعم أن كارثة اللاجئين سُبَّة في جبين الشعب المصري . ويطالبنا تبعاً لذلك بالتبرع لما أسموه قطار الرحمة لإغاثة هؤلاء اللاجئين ، فهل نحن مسؤولون حقاً عن كارثة اللاجئين ؟! إن المسؤولين عن كارثة فلسطين ومحنة اللاجئين هم سادة محمد نجيب نفسه .. وهم الآمرون الناهون في عصابته الفاشية الحاكمة ... ولكن هذه العصابة تزيف التاريخ لكي تحمي سادتها من المستعمرين والرجعيين والخونة !! لكي تفرض المزيد من الأعباء على عاتق الشعب والوطنيين !! أما قطارات الرحمة فلن تحل مشكلة اللاجئين ... الحل الوحيد لمشكلة اللاجئين هو تكوين دولة فلسطين العربية الديمقراطية المستقلة ... وذلك بسحب هذه الجيوش الأجنبية التي تحتل أراضيها .. والكف عن إثارة الأحقاد العنصرية ضد اليهود !!)
3- وكتبت – راية الشعب – جريدة إحدى المنظمات الشيوعية المصرية في 3/11/1953 تقول ( إن حكومة إسرائيل مثل الحكومات العربية الخائنة .. تجعل من فلسطين قرحة لا تندمل ، بل تنزف دائما ... ولكن الشعوب العربية المكافحة .. وشعب إسرائيل المناضل ؟! ينادون بحل مشكلة فلسطين حلاً سلمياً نهائياً .... وإن الوطنيين المصريين يطالبون بالانسحاب فوراً من الجامعة العربية الاستعمارية ، وعقد صلح مع اسرائيل !؟ على أساس اقرار حق اللاجئين العرب في تكوين دولتهم المستقلة ..) تذكروا أن هذا الكلام عن الشعب اليهودي المناضل قد قيل قبل بضعة عشر يوما من الاعتداء الوحشي الذي قام به اليهود على قِبْيَة في 15 تشرين الاول سنة 1953م.
4- أما حركة ( أنصار السلم ) فلم يكن موقفها – باعتبارها منظمة وواجهة للاحزاب الشيوعية.. إلا الموقف المتآمر لهذه الاحزاب . ... ففي مؤتمر شعوب الشرقين الأدنى والأوسط الذي انعقد في بيروت عام 1953م.. رفض المؤتمر اتخاذ قرار بشأن قضية فلسطين ، ورغم أن الشيوعيين في هذا المؤتمر قد بحثوا جميع القضايا العالمية الساخنة آنذاك من أفريقيا حتى فرموزا وفيتنام وجزر الواق واق ... الا أنهم أبوا بحث القضية الفلسطينية !!... وأكثر ما يفضح هذا الموقف الخائن لحركة أنصار السلم تجاه قضية فلسطين ومؤامرة الصلح الخطاب الذي وجهه – يوسف حلمي – رئيس حركة أنصار السلم في مصر ... في 14/11/1955م إلى الزعماء اليهود في فلسطين المحتلة .... والى الرئيس جمال عبد الناصر ... ونشر هذا البيان في الصحف الشيوعية الأجنبية وفيه يقول : (ظلت أبواق الاستعمار وعملائه تبث في رأينا العام مشاعر الكراهية والتعصب وسوء الظن ضد إسرائيل ...وتفعل في إسرائيل مثل ذلك ضدنا ... لإبقاء حالة التوتر قائمة ... بحيث منعت كل تفكير في إمكان تحقيق سلام عادل ... وحل لهذه المشكلة بالطرق السلمية !! فالاستعمار سوف يضع كل عراقيل ممكنة في طريق أي حل سلمي ... لأن إقرار السلام بين الدول العربية وإسرائيل ، سوف يحطم رأس الحربة المصوبة الى ظهورنا والى قلب سياسة الاستقلال الوطني ... ثم يقول البيان : ولكن ماذا بعد ذلك ؟... هل هذا يكفي ؟ إن جعبة الاستعمار لن تخلوا من الحيل والمكائد ... فلماذا لا نقطع رأس الافعى وننتهي ؟ أما كيف نقطعها فتلك هي المسألة ..كما يقول هاملت .... سيقول بعضهم وهم موجودون في معسكرك وحولك ... نلقي باسرائيل في البحر ... ولا شك في انك معي في أن اقل ما يستحقه قائل هذا الهذر أن يموت ضربا بالنعال لا بشيء آخر .. إن اسرائيل قد وجدت وستوجد . ويستحيل القاؤها في البحر !! وإذن ... وهنا يقتضي الموقف بعض الإيضاح : ينبغي أن نفرق تفريقاً دقيقاً بين حكومة إسرائيل .. والعناصر الاستفزازية فيها.. وبين جموع الشعب الذي يستوطن هذه الدولة .. والذي يحمل وحده أعباء هذه الحرب ومهالكها .. والذي يسقط رغماً عنه فريسة للدعاية المسمومة المسلطة عليه ليل نهار.. ! والآن ... كيف السبيل الى التنفيذ ؟ أرايت الاتحاد السوفييتي كيف يرفع شعارات السلام إلى أعلى مكان في سياسته الداخلية والخارجية ؟... أرأيت كيف تنتصر سياسة السلام هذه ؟ وكيف تتراجع سياسة الحرب ؟ لماذا ترفضون دعوة بن غوريون ؟ لماذا لا تخاطبون شعب إسرائيل بكل اللغات شارحين له قضية السلام الحقيقية ؟ .... ثم يضيف البيان قائلا : وأخيراً فإن الحل العملي هو أن تطلبوا عقد مؤتمر دولي مثل مؤتمر جنيف الذي حقق السلام في الهند الصينية ، على أن يضم هذا المؤتمر الدول العربية وإسرائيل ودولا من مؤتمر باندونغ ... فضلا عن الدول الأربع الكبرى . (وهو ما حصل في أوسلو وكامب ديفد .. وغيرها ...وما زال المتحاورون يدورون كثور الساقية ...وفي حلقة مفرغة !! )
فلتخرجوا أيها الناس من السياسة القوقعية التي حبسنا فيها الاستعمار وأصحاب المصالح من شركائه ... فلتطلبوا عقد مؤتمر على نطاق دولي لإقرار السلام في إسرائيل ...! فلتبدو الاستعداد للاعتراف بحقوق الشعب الإسرائيلي في دولته... ! التي لم يفدنا الموقف السلبي منها إلا أن تبقى حكومتها سلاحاً بيد الاستعمار .... ! !
هذا هو رأي أنصار السلم ... المنظمة الواجهة للحركة الشيوعية في القضية الفلسطينية.. إن الخيانة التي تقفز من بين سطورها لا تحتاج الى أي تعليق ... فالشيوعون العرب مأمورون بتنفيذ الخطط الأجنبية !
وقارن هذا البيان بالبيان الذي أصدره ( المحفل الماسوني الوطني المصري الأكبر ) ووجه إلى أهالي فلسطين ... لتتأكدوا من ( وحدة التوجيه اليهودية ) لكل من الماسونيين والشيوعيين ... يقول بيان الماسونيين المصريين : ( يا أهل فلسطين تذكروا أن اليهود هم أخوتكم وأبناء عمومتكم قد ركبوا متن الغربة فأفلحوا ونجحوا ... ثم هم اليوم يطمحون للرجوع اليكم لفائدة وعظمة الوطن المشترك العام ... بما أحرزوه من مال ... وما اكتسبوه من خبرة وعرفان . إن العربي والعبري صنوان ... من شجرة إبراهيم ، أبواهما إسماعيل وإسحاق ... فمتى وضع أحدهما يده في يد الآخر .. انتفعا جميعا بما لديهما من الوسائل المختلفة .... وكان في تعاونهما تمام الخير وكمال البركة باذن الله )(( انظر كتابنا فصل المقال فيما بين العَلمانية والماسونية من الاتصال ص 345 )) ولعل دعاة الاستسلام للعدو اليهودي قد استرشدوا بهذه البيانات لتحقيق الاستسلام للعدو اليهودي ..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف