مات سامر !
مثل طفل كما عرفته ترجل من كتاب القراءة وترك رباب ومات !
وقد لا يعرف معظمكم سامر عبد الرحمن الذي مات امس في ريعان الشباب على سرير مستشفى في الامارات ، ولكن لهذا الربيع الفلسطيني الذي هو سامر قصته التي جعلتني طيلة ليلة امس احدق في موت هذا الشاب الذي يشبه شائعة كاذبة انتظرت كل الليل من ينفي حدوثها !
سامر صديق طفولة بناتي في قبرص ، يوم كانت قبرص عاصمة الاعلام الفلسطيني بعد رحيلنا عن بيروت بعد الغزو الاسرائيلي في 82 ، هو الابن البكر مع شقيقة له لصديقنا محمد عبد الرحمن الباحث في مركز الابحاث الفلسطيني حين انتقل من بيروت الى قبرص ، وجمعتنا وقتها الزمالة والقرابة الاسرية امتزجت بها طفولة سامر مع طفولة بناتي في السنوات الطويلة التي امضيناها معا في نيقوسيا العاصمة القبرصية ، ورب طفل لك يلده غيرك كان سامر يكبر مع بناتي عاما بعد عام ، وكثيرا ما كنت اقول لصديقي محمد : لأول مرة ارى طفلا بملامح رجل كان طفلا وقورا في عينيه قنوط زاهد ، وهدوء السكينة ،
يلعب بأناقة النبلاء ، ويعبر عن طفولته بحكمة في غير اوانها ! مضت سنوات طويلة بعد ان غادرنا قبرص وتشتتنا في كل في مكان ، الى التقيت سامر في دبي منذ سنوات في زيارة لبنتي هناك ، ووجدت سامر الطفل الذي كان بملامح رجل وقد صار شابا بملامح طفل ، قليل الكلام كثير الابتسام يرد عليك بتهذيب ابتسامة ، ويعترض بعينين مغمضتين تحاولان اخفاء خجل مكتسب من وقار مبكر !
مات سامر
بكت بنتي على التلفون وهي تخبرني امس من دبي ! اغلقت التلفون ولم اقل لها شيئا ، وتركتني احدق طيلة ليلة امس بموت طفولة كبرت امام عيوني ، وحكاية قصت حكايتها
في حكايتنا الفلسطينية المدججة بالمنافي حين يولد اللاجئون ويكبرون في بلاد غير بلادهم ، ويموتون في بلاد غير بلادهم ، وسامر الفلسطيني يولد ويكبر ويموت بعيدا عن الشجرة في الجليل ، ونوزع قبورنا على المنافي
ونجمع دموعنا في الفيس بوك لنبكي في بوست رحيل هذا الربيع الفلسطيني المبكر الذي اسمه سامر عبد الرحمن !