الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

توازن القوى في ظل الأزمة السورية بقلم سليم عبد السلام ماضي

تاريخ النشر : 2015-12-01
توازن القوى في ظل الأزمة السورية بقلم سليم عبد السلام ماضي
توازن القوى في ظل الأزمة السورية

يكتسب توازن القوى الدولية أهمية كبيرة لدى المهتمين بدراسة العلاقات السياسية الدولية أو السياسة الخارجية للدول، لما لها من دور هام في تحقيق الاستقرار على الساحة الدولية، ويعطي مدلولات على طبيعة التوجهات السياسية المسيطرة على العالم، كما يحدد طبيعة التحالفات السياسية بين الدول تبعاً للقوى المسيطرة، ويشترط في توازن القوى وجود عدد من الأطراف المتعادلة نسبياً بحيث لا يقل عن طرفين في أي وقت، وإلا انحصرت عناصر القوى في طرف واحد، وبالتالي انعدمت حالة التوازن، كما كان سائداً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم.

وفي ظل الأزمة السورية ظهرت على الساحة الدولية بشكل واضح وكبير توازنات قوى جديدة، وقد تجلت عناصر هذه القوى ومفاعيلها في معسكرين: يقف في المعسكر الأول على المستوى الدولي الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وعلى المستوى الإقليمي تركيا وإلى حد ما إسرائيل، ويقف في المعسكر الآخر على المستوى الدولي روسيا والصين، وعلى المستوى الإقليمي إيران والعراق. ويقف إلى جانب كل معسكر مجموعة من الدول الداعمة والمؤيدة لموقف هذا المعسكر أو ذاك.

لقد دخلت الأزمة  السورية عامها الخامس دون ظهور بوادر في الأفق توحي بقرب انتهائها رغم ما توصلت إليه الأطراف مؤخراً في اجتماع فينا حول المشروع الذي وضعه المبعوث الاممي دي ميستورا لحل الأزمة السورية, وإن ما يفسر تعقيدات الأزمة السورية وإطالة أمدها هو أن الأزمة السورية لم تعد سورية فقط بل أصبحت أزمة إقليمية دولية بسبب تقاطع مصالح العديد من القوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة، وبما أن سورية ليست دولة نفطية لتفسير الصراع من زاوية الاستيلاء على النفط، فإن الصراع في سورية اتخذ مساراً آخر نحو إعادة ترتيب التوازنات الدولية والإقليمية.

لم تأخذ أزمة من الأزمات شكلاً واضحاً في تقسيم القوى الدولية والإقليمية والوقوف بقوى وحزم دون تراجع أو تقهقر في مواقفها كما هو الحال في الأزمة السورية. ويعود ذلك لاعتبارات ومصالح كل دولة والتي يمكن تصنيفها كما يلي:

إن تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة الأمريكية من جهة، وإخفاقها في العراق وأفغانستان من جهة أخرى، جعلها غير قادرة على التورط بأعمال عسكرية مباشرة. وبالتالي اتبعت واشنطن إستراتيجية دفع النظام للانهيار من الداخل، عبر الضغط السياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية وفرض العقوبات، وإعطاء دور كبير للدول الإقليمية والعربية وخاصة تركيا والسعودية، وذلك بهدف إطالة أمد الأزمة حتى تأكل النيران كلاً من المعارضة والنظام وتؤدي إلى سقوط الدولة وانهيارها، فالولايات المتحدة تريد لسورية أن تصبح كيانات على أساس طائفي تنفيذاً لسياسية مشروع الشرق الأوسط الكبير.

وهي أي الولايات المتحدة من أجل تمرير ذلك تعمل في معالجتها للأزمة السورية ضمن محددات تتمثل في تكريس ثنائية الهوية المدنية في مقابلة الإسلامية، والسنة مقابلة الشيعة، وتهدف أيضاً إلى ضرب المحور الإيراني المعارض لسياساتها في المنطقة، كما تعمل على ضرب المصالح الروسية وتقويض مواقعها في الشرق الأوسط، مما يعني أن جبهة المواجهة مع الغرب سوف تقترب من الحدود الروسية في منطقة القوقاز، وجمهوريات آسيا الوسطى التي تعد مجالاً حيوياً طبيعياً لروسيا

وهذا الموقف تشترك فيه إلى جانب الولايات المتحدة إسرائيل التي ترى أن البديل عن النظام السوري الحالي الذي حافظ على استقرار حدودها الشمالية لمدة ثلاث عقود، قد يكون الأسوء على أمن واستقرار الجبهة الشمالية لها، فقد تسيطر جماعات متطرفة على الحدود معها، الأمر الذي يجعل تلك الجبهة أكثر سخونة واضطراباً، فإن السيناريو المفضل في هذه الحالة لإسرائيل هو الدمار الكامل لسورية بكل مكوناتها.

أما روسيا فتعتبر أن ما يجري في سورية هو صراع بين حليفها الاستراتيجي النظام السوري والجماعات الإسلامية المتشددة التي عانت منها روسيا سابقاً في الشيشان وأفغانستان وداغستان وغيرها، والتي تخشى روسيا في حالة سيطرة الجماعات الإسلامية المتشددة على سورية سوف ينعكس ذلك على التوجه التكفيري في تلك المناطق (منطقة القوقاز) مما سينعكس على أوضاعها الداخلية. وترى روسيا أن هذا يجري بدعم سري من القوى الدولية والإقليمية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، وتعتبر روسيا أن هذه الدول تستغل الأزمة السورية بهدف:

تنصيب حكومة موالية للغرب، وإنهاء حكم الأسد الذي لا يربطه مع الغرب وحلف الناتو أي شراكة أو اتفاقيات أمنية أو تعاون. وضرب المحور الإيراني وتقديم إيران عدو جديد للمنطقة بدلاً من إسرائيل. وبذلك تجد تركيا نفسها اللاعب الوحيد المسيطر على المنطقة خاصة بعد دعمها للإسلام السياسي في الثورات العربية، وتشديد الحصار على روسيا وعزلها عن متنفسها الأخير في منطقة الشرق الأوسط.

لقد أرادت القوى الغربية التخلص من القوى الإسلامية المتشددة بحرقها في المستنقع السوري، لكن مع تنامي وتغول هذه القوى وضرباتها الانعكاسية خارج مناطق تقوقعها والتي أثرت على الأمن القومي الدولي بشكل عام والأوروبي بشكل خاص، أدى ذلك إلى خلط الأوراق والدفع باتجاه تقوية الموقف الروسي من الأزمة، واتجاه بعض الدول وخاصة فرنسا التي تأثرت بشدة جراء عمليات هذه الجماعات على أراضيها لعقد اتفاقيات شراكة أمنية وعسكرية لمحاربة هذه الجماعات، بل أن الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت تخشى على أمنها ومصالحها من هذه الجماعات توجهت صوب التنسيق مع روسيا التي من المحتمل أن تقود حملة دولية ضد الجماعات المتشددة.

قد تدفع تنامي الجماعات المتشددة القوى الدولية إلى إعادة رسم الاصطفافات والتوازنات الدولية والإقليمية بما يخدم مصالحها، ومن المحتمل أن تخرج روسيا وإيران والنظام السوري من الأزمة السورية أكثر استفادة من المعسكر الآخر الذي ستكون أكبر الخاسرين فيه هي تركيا التي خسرت علاقاتها مع سورية جراء إسقاط الطائرة الحربية الروسية ودعهما اللوجستي لتنظيم داعش بشكل سري، ومن ثم أمريكيا وبعض دول الخليج العربي، كما أن هذه الجماعات المتشددة ستكون سبب في التعجيل بحل الأزمة ضمن الرؤية الروسية، والتي تقوم على الحوار بين جميع أطراف الصراع مع بقاء نظام الأسد دون إقصاء أحد من المشهد السياسي السوري. وهو ما ستبينه الأيام القادمة.

 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف