الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ريتّا طانوس كيروز بقلم: حسين أحمد سليم

تاريخ النشر : 2015-11-30
ريتّا طانوس كيروز بقلم: حسين أحمد سليم
ريتّا طانوس كيروز
فنّانة تشكيليّة لبنانيّة بقاعيّة من دير الأحمر غربي بعلبك...
ترسم معاناة العيش و قهر الواقع في مجتمع عصرنة الحضارة...

بقلم: حسين أحمد سليم

مقدّمة:
ريتّا طانوس كيروز، الفنّانة التّشكيليّة اللبنانيّة، التي ناقشت و نالت مؤخّرا شهادة الماستر البحثي في الفنّ و علوم الفنّ، بمقاربة تأويليّة، للأزمات و الحوافز الإبداعيّة لدى فان جوخ، من المعهد العالي للدّكتوراه بالجامعة اللبنانيّة في سنّ الفيل، و بإمتياز... تعيش أنسنتها برهافة و شفافيّة، شعورا صادقا بمعاناة واقع الحياة في مجتمع عصرنة الحضارة، حيث سادت المادّة و تحجّر معها كلّ شيء، بعدما بادت معالم الأنسنة و تشوّهت الأخلاقيات و تلوّثت رفعة المناقبيات بأمراض العصر الخبيثة... بحيث غدت كيروز، تتفاعل فنّيّا و تشكيليّا و إبداعيّا مع مرحلتها الحياتيّة الحالية، لتتمحور في نتاجاتها الفنّيّة التّشكيليّة رسما و نحتا، حول تعاظم حركة فعل المعاناة الإنسانيّة، السّائدة بشكل عام في واقع أوضاعنا العامّة، بيئيّا و مجتمعيّا و تعاملا... و على الصّعد المحلّيّة و الإقليميّة و العالميّة...

الفنّانة الأمّ:
إنّها تعيش بمصداقيّة وفاء و إخلاص الإنسانة و المرأة الأمّ في كلّ توصيفاتها، و تحمل تكليفها في مسؤوليّاتها الملقاة على عاتقها، كنصف فاعل بجدارة في مسارات و خضمّ الحياة، بالتّساوي حكمة و عدلا وإنصافا و تماثلا مع مثيلها و قرينها الرّجل طوني كيروز... ريتّا، فنّانة مرهفة، تتحسّس أوضاع المجتمع الحالي، و تستشعر بشفافيّة أحاسيسها و عمق تفكّرها و وعي ذاتها، تداعيات الاوضاع المأساوية المُعاشة، و مدى تاثيراتها السلبيّة على حياة الفرد و الجماعة و البيئة و المجتمع، سيّما الطّبقة الفقيرة، و خاصّة فيما يعلّق بالطّفل و الطّفولة، و حياة المرأة في بيئتها القرويّة و الرّيفيّة و المدنيّة، و أوضاع الرّجل في مجتمع الثّورة الرّقميّة في كلّ شيء، و بالتّالي واقع الطّبيعة الذي يتسارع نحو الأسوأ... فكلّ ما في هذه الحياة على كوكب الأرض له معاناته، و كلّ في هذه العصرنة، يعاني و يعيش الغربة بطريقته الخاصّة، تحت عبء ثقيل يرزح تحته من حدب و صوب...

الرّؤى:
الفنّانة ريتّا طانوس كيروز، التي إمتطت صهوة الفنّ التّشكيلي رسما و نحتا، و خملت تكليفها الإنساني بجدارة، لتساهم في صناعة الحضارة الثّقافيّة الفنّيّة اللبنانيّة، تدريسا مهنيّا و جامعيّا... ولجت حركة فعل التّعبير للمعاناة البشريّة و الإنسانيّة، عبر ترميز تشكيلاتها الفنّيّة، برؤى بصريّة و مشهديّات فنّيّة، تكتنز بكلّ الأبعاد المفاهميّة التّعبيريّة... بحيث إنعتقت في أسلوبها الفنّي المستحدث من قيود الأشكال المعهودة، مقتنعة بما لا يقبل الجدل، أنّ التّعبير الفنّي عن الحزن العميق لمأساة ما أو حدث ما، ليس بالضرورة دمعة، و التّوصيف الفنّي للألم العميق في الكينونة الإنسانيّة من جرّاء فعل إجراميّ ما، ليس بالضرورة دماء... فمعالم الأسى و الحزن تكمن في عناصر و تفاصيل فنّيّة دقيقة، لا يستطيع عيشها بأحاسيس صادقة و لا يشعره بها إلاّ من يجيد فعل التّفكّر و الإستقراء و التّفرّس فالتّمعّن والإستماع، ثمّ الإقدام على حركة التّطبيق العملي بإجراءات تقنيّة فنّيّة تشكيليّة مغايرة و لافتة... و هو ديدبان و مسار الفنّانة التّشكيليّة اللبنانيّة ريتّا طانوس كيروز...

السّمات:
هي: ريتا طانوس كيروز، من مواليد بلدة ديرالأحمر للعام 1974 للميلاد. تقيم في الحازمية - طريق الشام...
تحمل ديبلوما في الدّراسات العليا – تربية فنية ( إختصاص فنون تشكيليّة) من دار المعلّمين والمعلّمات. و ديبلوم دراسات عليا في الرّسم والتّصوير، كلّيّة الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانيّة - الفرع الثاني. و ماستر عملي، إختصاص فنون تشكيلّيّة من الجامعة اللبنانيّة. و ماستر نظري في الفنّ وعلوم الفنّ من الجامعة اللبنانيّة. و هي في صدد التّحضير لنيل شهادة الدّكتوراه في الفنّ وعلوم الفنّ في المعهد العالي للدّكتوراه في الآداب و العلوم الإنسانية و الاجتماعية في سنّ الفيل...
تمارس عملها كأستاذة تربية فنّيّة في المدرسة الرّسميّة. و أستاذة في المعهد الفنّي الصّناعي لمادة قواعدالمنظور وفنون الرّسم. و أستاذة تربية فنّيّة للمرحلة الثّانويّة في ثانويّة الغبيري، و أستاذة في الجامعة اللبنانيّة، كلية الصحافة والإعلام لمادّة فنون الرّسم...
المعارض الفرديّة و المشاركات:
في العام 2005 للميلاد، ضمن فعاليّات مهرجانات بعلبك. و في الأعوام: 2008-2010- 2013- جمعية الفنّانين اللبنانيين للرّسم و النّحت. و في الأعوام: 2011-2014-2015- في قصر الأونيسكو. و في العام 2012- La Maison du Sommelier فرن الشباك. و في العام: 2012- اوتيل ومنتجع الريفييرا، بيروت... و لها أعمال فنّيّة مختلفة في: النّحت، التّجهيز والتّركيب، تصميم المجوهرات والسّاعات، و شعارات لبعض المؤسّسات...
أهمّ المراحل:
أ‌- المرحلة التّمهيديّة:
بدأت مسيرتها منذ العام 1997 للميلاد و حتّى 2003 منه، كمرحلة دراسيّة و تطبيقيّة للمفاهيم الفنّيّة، بادئة بأعمال المدرسة الكلاسّيكيّة... و عمدت إلى غعادة صياغة بعض الأعمال التّشكيليّة بأسلوبها الفنّي الخاصّ، في محاولة تجريبيّة للتّمكّن من إستعمال المادّة بشكلها الفنّي الصّحيح، و قامت بتأليف بعض الأعمال الفنّيّة، التي تعتمد بشكل خاصّ على أسس و قواعد المنظور و فنّياته التّشكيليّة... بحيث كانت هذه المرحلة لها أهمّيّتها في سياق مسيرتها الفنّيّة، و رغم أنّها لا تمتلك الكثير من صور أهمّ الأعمال التي و زّعتها على البعض، فإنّ تلك المرحلة مكّنتها من إجادة قواعد الرّسم الأساسيّة و هي مرحلة ما قبل الدّراسة الجامعيّة التّخصّصيّة...
ب - مرحلة الدّراسة الجامعيّة:
قضتها الفنّانة كيروز ردحا زمنيّا محدودا في الجامعة اللبنانيّة، مُكبّة على البحث و الدّراسة، و القراءات المكثّفة في شتّى أنواع و مسارات الفنون عبر مراحل زمانها السّالف و الحاضر، بحيث صوّبت توجّهها الفنّي، نحو أسلوب آخر في صياغة اللوحة، و في رؤيتها لفهم الفنون الحديثة... بحيث منحتها هذه المرحلة الدّراسيّة الجامعيّة من مساراتها الفنّيّة، أفقا أوسع في المدى التّصوّري للفنّ، و تجلّت لها وضوحا في الرّؤية من ناحية إرتباط الفنّ الوثيق بالمجتمع عبر حقب التّاريخ البشري، و مدى كيفية تأثّره و تأثيره بالمجتمع على أكثر من صعيد أيضا... لتنتهي هذه المرحلة، بإنتهاء الدّراسة الجامعيّة في السّنة الرّابعة منها، حيث نالت شهادة ديبلوم دراسات عليا في الرّسم و التّصوير، و تتهيّأ لولوج عالم فنّي فعلي و تشكيلي واقعي، على أنقاض العالم النّظري و الإفتراضي ...
ج - مرحلة الماستر:
كانت مرحلة دراسة الماستر، للفنّانة التّشكيليّة ريتّا طانوس كيروز، المرحلة الموسومة بالأهمّ في سياق دراستها الجامعيّة البحثيّة، بحيث صوّبت مجدّدا توجّهها الفنّي، نحو البعد الآخر في سبر أغوار ماورائيات مرئيات و مشهديّات اللوحات الفنّيّة و التّشكيليّة، و تحديث ثقافتها و بلورة أفكارها بشكل عام... و كانت مفصليّة، كما حدّثتنا كيروز، و قوّمت مسارها الفنّي في مسيرة حياتها. فأدركت للمرّة الأولى، أنّها لم تكن تعرف إلاّ القليل في مجالها الفنّي و لا تُحيط إلاّ ببعض المعرفة في فلسفة التّشكيل، و أنّ الكثير من الوعي الفنّي و العرفان التّشكيلي و الإبداعي، لا زال ينقصها، لتكتنز ذاتيّا بما يكفيها للخلق و الإبداع أكثر، و لكيّ تُثقل فنّيّا بمفاهيم و رؤى أوسع إحاطة بمطاوي الفنون، و هذا كان دافعها الأقوى و الأهمّ، للبحث في كل ما وقع تحت بصرها، فكانت نهمة على متابعة القراءة و مثابرة على البحث... حتّى أنّها أعادت النّظر في الكثير من أعمالها الفنّيّة، التي أنجزتها في السّنوات الأولى من دراستها. و كانت النتيجة أنّها قامت بتمزيق الكثير من اللوحات التي رسمتها سابقا، و أعادت رسمها و صياغتها بأسلوب مغاير لما كانت عليه، مواكبة لتطوّر مفاهيمها الفنّيّة... و كانت نقطة تحوّل جذريّة في أسلوبها الفنّي و في نظرتها لمعظم الأمور من وجهة نظر فنّيّة و مفهوم تشكيلي ...

د - مرحلة ما بعد الدّراسة:
خلال لقائنا بالفنّانة التّشكيليّة ريتّا طانوس كيروز في دارتها بالحازميّة، شرحت لنا كيف بدأ ت هذه المرحلة، بشبه حالة من الخوف، إستمرّت لبعض الوقت، فالأساتذة الذين كانوا يواكبونها لم يعودوا معها، ليصوّبوا خطاها، أو ليعطوا بعض النّصح و التّوجيه. و هذه الفترة لم تستمرّ طويلا، بحيث خلال فترة سنة، و إذ بها تشعر أنّ الخوف قد زال و حلّ مكانه نوع من الثّقة بالنّفس، فبدأت الأفكار بالتّهافت و أصبح بوسعها أن تنجز أكثر من عمل فنّي في اليوم الواحد، و بكل ثقة و دون أيّ تردّد، إنّها الحاجة إلى التّعبير عن أعماقها بالأسلوب الذي تجيده، و يصبح إنتاج العمل الفني لديها، حاجة ماسّة و ليس مجرّد هواية... و ينتفي حسنا بضرورة الإرضاء أيّ إرضاء الآخر، و يصبح الهدف هو إرضاء الذّات أولا و آحرا، أرضي الآخر أم لا...

هـ - المرحلة الحاليّة:
حدّثتنا الفنّانة التّشكيليّة ريتّا طانوس كيروز عن مرحلتها الفنّيّة التّشكيليّة الحالية، و في ظِلّ هذا الضغط العام و القهر العصريّ... بحيث تتمحور في نتاجاتها الفنّيّة و رسوماتها و حتّى بعض منحوتاتها، حول معالم و مطاوي المعاناة الإنسانيّة التي نعاني منها جميعا و بشكل عام... و هي في أعمالها الفنّيّة التّشكيليّة، تحاول أن تواكب حركات أفعال المجتمع الحالي، و تلقي الضّوء من خلال اللون و الشّكل على تداعيات الأوضاع المأساويّة السّائدة في أكثر من مكان، و مدى تاثيرها السّلبي على حياة الفرد و الجماعة و المجتمع، خاصّة الطّبقة الفقيرة... و الفنّانة التّشكيليّة ريتّا طانوس كيروز تولي في إبداعاتها و رسوماتها، الطفل، و المرأة، و الطّبيعة، و الرجل، بحيث ترى من وجهة رؤاها الإنسانيّة أنّ لكلّ منهم معاناته إنّما بطريقته الخاصّة...
و الفنّانة كيروز لا تعبّر عن المعاناة بشكلها التّقليدي المعهود، فالحزن العميق ليس بالضّرورة ترقرق دمعة تعتصرها العين الباكية حزنا و ألما، و الألم ليس بالضّرورة دماء تنذف أو تراق أو تسيل لسبب أو لآخر. فالأسى يكمن في تفاصيل دقيقة، و لا يشعر به إلاّ من يجيد فعل التّفكّر و التّمعّن و الإستماع و الأنسنة الشّاملة قداسة و طهارة...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف