الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عسّافيو الفنّ و النّحت و الإبداع بقلم: حسين أحمد سليم

تاريخ النشر : 2015-11-30
عسّافيو الفنّ و النّحت و الإبداع بقلم: حسين أحمد سليم
عسّافيو الفنّ و النّحت و الإبداع
عسّاف، منصور، عارف... أشقّاء ثلاث، أخوة فنّانون مبدعون و زملاء نحّاتون متعاونون و متكاملون، من آل عسّاف في مزرعة البصيّل بأعالي الشّوف...

بقلم: حسين أحمد سليم

مقدّمة عامّة:
فنّ النّحت عالم إبداعيّ تشكيليّ، يتجسّد حركة فعل واقعيّ، يولد مع المطرقة و الإزميل و الأكفّ القويّة، و السّواعد المرنة، و الرّؤى الفنّيّة المبدعة... فنّ جميل و ساحر، يبقى و يستمرّ إلى عمر مستقبليّ مديد، يتحدّى تقلّبات الطّبيعة في المكان على مرّ الأزمان... فنّ يثبت وجوده بتصميم السّاكن، إتّصال مباشر و إحتكاك ثوريّ بين البشر و الحجر أو الخشب أو المعدن، و إنغماس ملموس في بنية المادّة، رؤيا من نوع آخر، تحمل المتلقّي ليغوص في عالم العسّافيين، عسّاف و منصور و عارف، الملتصقون في مزرعة البصيّل، جنوبي نبع الصّفا، حيث أقاموا محترفهم النّحتي و متحفهم الفنّي، بجانب بيتهم الحجري التّراثي و الأخضر الصّحّي، بسطحه الذي يموج عشبا أخضرا و جميلا، و في قبوه القديم أقاموا لهم متحفا، تتماهى في رحابه منحوتاتهم الخلاّقة، التي لا ينقصها سوى النّطق، تمثال الفنّان حسن علاء الدين، تمثال المطرب فريد الأطرش و عوده و قلمه و ورقة رموزه الموسيقيّة، و مجسّم إفتراضي لمتحف واسع ما زال قيد الدّرس...

القصّة العسّافيّة:
بدأ العسّافيّون العمل في العام ١٩٨٥ - ١٩٨٦ للميلاد مع والدهم كامل عسّاف في مجال البناء و النّحت الفنّي المعماري و الزّخارف و النّقوش ذات الطّابع التّراثي إلى ان شاءت الأقدار و عادوا و إلتقوا مع جارهم و صديقهم الفنّان التّشكيلي و النّحّات العالمي عارف الرّيّس في العام ١٩٩٣ للميلاد، بعد أن فرّقتهم الظّروف و نفّذوا عدّة أعمال له على الحجر و كان يرشدهم و يوجّههم نحو الفنون التّشكيليّة و ساهم في تثقيفهم فنّيّاً من حيث تعريفهم على مفهوم الضّوء و الكتله في الأعمال النّحتيّة...
إنطلق عسّاف كامل عسّاف في العام ١٩٩٣ للميلاد في تصميم و تشكيل المنحوتات إلى أن نحت أوّل تمثال على الرّخام للفنّان الرّاحل نبيه أبو الحسن (أخوت شانيه) بإرتفاع ٢٢٥سنتم و في العام ١٩٩٤ للميلاد، في نفس العام شارك في معرض بينال الشّارقه و حصل على ميداليّة ذهبيّة و شهادة تقدير على منحوتة السّلام و في العام ١٩٩٥ للميلاد، نحت تمثال الفنّان الرّاحل حسن علاء الدين ( شوشو ) و شارك في عدّة معارض جماعيّة لغاية العام ١٩٩٨ للميلاد، و في العام ١٩٩٩ للميلاد، صمّم عسّاف تمثال وجه الأديب ميخائيل نعيمة و ساعداه أخواه، منصور و عارف في تنفيذ أعمال النّحت على الصّخر الثّابت في الأرض بإرتفاع ٣٤٠ سنتم و أسّسوا محترفا للنّحت في ضيعتهم مزرعة البُصَّيل بالورهانيّة و إنطلقوا في تصميم المنحوتات الجماليّة في الفنّ التّشكيلي و تماثيل لشخصيّات فكريّه و أدبيّة و فنّيّة منتشرة في كافّة المناطق اللبنانيّة و في عدّة جامعات و منها ما هو موجود في مشروعهم المؤلف من محترف للنّحت و متحف داخلي و متحف خارجي من تماثيل على الحجر الوطني و الرّخام الإيطالي و البرونز و صالة عرض منحوتات من الحجر و بيوت قرويّة ذات طابع بيئي و حديقه برّيّة و كافيتريا سوف نفتتح المشروع في الرّبيع القادم لإستقبال الزّوار، أمّا القسم المستقبلي للمشرع سوف يتضمّن غاليري لعرض الأعمال الفنّيّة و مسرح في الهواء الطّلق...

الرّؤى العسّافيّة:
المادّة هي التي تعطي الفكرة، و الحجر هو التّركيبة الخاصّة، و هو محاكاة للجسد... هذا هو الهدف عند آل عسّاف، الأخوة الثّلاثة، هو إحياء الوجوه من جديد بشكل دائم، و كلّ منحوتة من منحوتاتهم هي جزء خاصّ منهم، و الإنسان هو المحرّك و الحافز و الحاضر على الدّوام...

السّمات:
الأخوة: عسّاف و منصور و عارف، موهبة تفتّقت من رحم الفنّ المعماري، و من ممارساته اليوميّة في جبل الشّوف، بدأت واعدة بهم و معهم منذ وعيهم ذواتهم الفنّيّة الإبداعيّة، تفرّدوا بالتّواضع و الأنسنة، و تميزوا بالوفاء لمسارهم الفنّي، متطلّعين إلى المثال الأعلى في رؤاهم البعيدة، يتمحورون بالجدّيّة و الواقعيّة و الكلاسّيكيّة في مسارهم النّحتي، لتتبلور أنفسهم الشّفيفة بالإيمان في الله، تتجلّى في أسرار إبداعاتهم العمليّة المميّزة و المغايرة، و التي تبوح بمكنوناتها لزوّارها في مزرعة البصيّل القريبة من نبع الصّفا و على ضفاف مجرى نهر الدّامور...

الأعمال النّحتيّة:
نفّذوا عدّة أعمال نحتيّة، تشهد لهم في الإبداع النّحتي الواقعي، و منها: تمثال القدّيسة رفقة في بلدة دير القمر الشّوفيّة... و قد نحتوا تمثال الفنّان نبيه أبو الحسن، و الأديب اللبناني المعروف، ميخائيل نعيمة في الشّخروب، و تمثال عارف النّكدي، و تمثال الشّاعر ميشال طراد، و تمثال حسن علاء الدّين المعروف بـ شوشو، و تمثال...

المتحف الحلم:
و هم يبدعون منحوتاتهم، دائما يتراءى لهم الحلم البعيد في إرساء قواعد المحترف الفنّي التّشكيلي لأعمالهم و منحوتاتهم التي تتّسم بالضّخامة... المحترف الإفتراضي الذي يُحاكي خيالهم، يتضمّن أربع بيوت تراثيّة قديمة و مستحدثة و صالة عرض كبيرة من قناطر عقد، و خلف الصّالة مدرّج يقابله مسرح صغير من أجل تكريم الفنّانين أو لتكريم وجوه معروفة... و بالإضافة إلى إقامة أمسيات شعريّة و ندوات و محاضرات ثقافيّة...
هذا و قد أسّس العسّافيون جمعية تحت إسم وجوه أحياء... تهدف بداية دعم المحترف، و تجسيد واقعي لهدفهم من نحت وجوه معروفة، إحياء هذه الوجوه و تجديدها بتماثيل و منحوتات و بشكل دائم... و الحجر هو الذي يحفظ حقّ الإنسان كعمل، و يعيش أكثر، و ذات قيمة فنّيّة كبيرة...

المفهم النّحتي:
العسّافيون الأخوة، يفهمون الإبداع النّحتي من خلال أوجه التّرابط و الإنفصال في فكرة منحوتاتهم الفنّيّة، بحيث يتعمّقون في مسارات الشّخصيّة المنوي عمل منحوتة لها، ليركّزوا على الوجه المشرق فيها، ثقافي فنّي إبداعي، بحيث يرسمون تصوّرا كاريكاتوريّا لكلّ شخصيّة، مشكّلين الخطّ الأبرز الذي سعى إليه في حياته...
و هو ما يتراءى للمحاور لهم، حول مفهومهم للإبداع، بحيث يُسهبون في شرح تعريف الإبداع، و الذي هو خلق الإنسان لشيء خاصّ به و مميّز عن الآخرين، و يفصحون عن بعض أسرار مهنة الفنّ النّحتي، و يتجرّؤون بتقييم أنفسهم، معتبرين أنّ مسار الإبداع في مجال النّحت يلزم صاحبه الوقت الطّويل ليصل لدرجة تصنيفه في مستوى الخلق و الإبداع، و الإبداع يتحقّق عند إقتراب الإنسان لخالقه أكثر...

الفلسفة النّحتيّة العسّافيّة:
العسّافيّون النّحّاتون، يشرحون لنا كيفيّة إختيارهم للعمل النّحتي و مواصفاته، بحيث يختارون للموضوع النّحتي، الذي يتناسب مع مقاييس الكتلة و الأحجام و المادّة الملموسة... و العمل الفنّي يخضع لحركة لا واعية... و كلّ فنّان يتمنّى إعطاء الكلام لعمله، و لكن في الحقيقة الفنّان أكثر حاجة للتّعبير عن نفسه، و ذلك بواسطة المادّة، و هذه الفكرة صعب توضيحها إلاّ بإستمراريّة الإنتاج الفنّي النّحتي المميّز و النّاجح...
و العسّافيّون الفنّانون النّحّاتون، يتعاملون مع المادّة بكلّ تفهّم لمكوّناتها، و لا يشعرون أنّ المادّة تتمرّد عليهم أو تستعصي، بين يديهم و تحت ضربات مطارقهم و نقرات أزاميلهم، لأنّهم يتعاملون مع المادّة بكثير من اللين، و كأنّهم في تعبيرهم مع المادّة من لبنة واحدة... و يشعرون أنّ كلّ منحوتة هي جزء خاصّ منهم، و حين ينظرون إليها فيما بعد الإنتهاء من صناعتها الفنّيّة... و كأنّهم ينظرون إلى ماضيهم الخاصّ، التّراثي و التّاريخي، بحيث يعتقدون أنّ ملامحهم ترقد في العيون الحجريّة... و كلّ مشكلة مع الحجر يمكن حلّها... و النّحّات عليه أن يمتلك الجرأة، الكامنة في قدرته على تصوير إحساسه و أمنياته لنفسه... و هو ما يتميّزون به العسّافيّون الفنّانون النّحّاتون...
هذا و العسّافيّون ينظرون لسلطة المكان في رؤى الفنّان، من زاوية غير المعتادة عند الآخرين، بحيث تختلف السّلطة من مكان إلى آخر... و لكن دائما المكان الذي يلتقي فيه حوار الشّمس مع الظّلّ و النّور، حيث يعملان معا كصحبة دائمة، و كتوازن دائم، كونهما توائم ولدا معا و لم و لن و لا ينفصمان، و لا أفضليّة للظّلّ على الضّوء، و ليس الضّوء ملكا على الظّلّ، و ليس الظّلّ تابعا للضّوء، كحركة دائبة منذ فجر الكينونة الأرضيّة، تناقضيّة توأم متكاملة في دائرة متكاملة...

المدرسة العسّافيّة:
العسّافيّون تدرّبوا على يد والدهم الشّيخ كامل عسّاف، المعماري و النّحّات الذي له إبداعاته الفنّيّة في نماذج العمارة الحجريّة و القصور، بحيث هو المثل الأعلى لهم، و هو الموجّه لعملهم... والدهم الشّيخ كامل عسّاف له خبرة مديدة مع الحجر و نحته، تعود إلى أكثر من خمسين عاما من العمل مع الحجر فهو الموجّه لهم و المرشد لهم لكيفية التّعاطي مع الحجر... بحيث غدت مشاعر الإنسان في رؤاهم تتفاعل ببوتقة واحدة، ليتفجّر الإبداع من قلب الحزن كما من قلب الفرح، و يغدو الملجأ الوحيد لتفتّق هذه العبقريّة هو العمل مع المادّة الصّلبة، الحجر الصّخري أو الرّخامي أو مع المعادن أو الخشب...

الحياة العسّافيّة:
الفنّانون العسّافيّون يعيشون مصداقيّون مع ذواتهم و أنفسهم، يتعاملون بوفاء و إخلاص مع فنونهم النّحتيّة، متعاضدون متكاملون معاً فنّا كما أشقّاءً، و يُتابعون حياتهم بكثير من الطّمأنينة، معتمدين على مسارهم الإبداعي في مجال الفنّ النّحتي...
و الأهمّيّة في مسارت العسّافيين النّحتيّة، هو أن يصل العمل الفنّي، بوجود الإعلام و الفضائيات اليوم، لكلّ فنان يستطيع الوصول إلى العالميّة... فالعالميّة في رؤى العسّافيين ليست طموحهم، و لكن هدفهم الأسمى، أن يحقّقون حلمهم الذي يراود خيالهم و وجدانهم، بدون ضجيج بإنطباع مفرح... و العمل النّاجح يتخطّى كلّ العقبات و كلّ شيء ليصل و يعمّ...

المرأة الملهمة:
نظرة العسّافيين للمرأة من زاوية مسارهم الفنّي، يعتبرونها رمز الإبداع و الخلق... بحيث تعطي الفنّان مخزونا و إندفاعا و تحفيذا نحو فعل الأفضل، و بدونها لا يستطيع عمل إبداعي، لأنها هي سبب إستمرار الوجود... و هنا تكمن الحالة الإبداعيّة للعسّافيين المتأثّرين بوالدتهم الشّيخة، و التي من حنينها و أمومتها يستلهمون الخلق و الإبداع، و هو ما تلمّسناه و أستشعرناه حقيقة واقعيّة، لدى لقائنا معهم و قرينتي في دارتهم و محترفهم و متحفهم في مزرعة البصيّل في محلّة نبع الصّفا بأعالي الشّوف، تحت عيون أشجار الأرز المعمّرة...
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف