الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تحت شعار القيم الإنسانية والديمقراطية يقتلونا بقلم مُنال زيدان

تاريخ النشر : 2015-11-29
تحت شعار القيم الإنسانية والديمقراطية يقتلونا بقلم مُنال زيدان
تحت شعار القيم الإنسانية والديمقراطية يقتلونا
يخطفك العذاب أحيانا وأنت في ذروة النشوة، من حيث تدري ولا تدري، نتيجة موقف أو مشهد أو صورة وحتى وأنت تقرأ رواية أو قصيدة، يحملك الوجع إلى صقيع التخدر والتجمد ويربك كل حياتك، وأنت لا تعلم لماذا تأثرت، لكونك لست جزء من المشهد المؤلم، ولا علاقة لك به لا من قريب ولا بعيد، وتسأل نفسك لماذا أنا الذي أنتبه وأشاهد هذه الدراما التي كل نصوصها تراجديا، أم أن الصدفة قادرة على هز بدننا وإيقاظ مشاعرنا وإحساسنا نحو الطرف الآخر والثقب الصغير من هذه الحياة.
فيخطفك الفضول كما يخطف النوم الحياة منك للنبش لمعرفة الأسباب والدوافع والتفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة لهذا المشهد والموقف، وبكل بساطة تكتشف أن رجل عربي أنسان كان متزوج وله بنت وولد، وكان سعيد جدا في حياته معهم، ويحبهم حبا عظيم، وفي لحظة غدر من الزمن حين يغدر القدر ويلتقى مع الجهل والتعصب الديني أو السياسي أو الطائفي تكون الفاجعة، مثلما حدث مع هذا الانسان الرجل،عندما ذهبت زوجته مصطحبة أبنائها للترفيه عنهم إلى حديقة الحيوانات والتنزه برفقتهم، وفي الطريق وسط الضحك والفرح والسعادة والبراءة ودون سابق انذار، يقتحم شارع الحديقة إنتحاري ويفجر نفسه وسط المدنيين، فيقتل النساء والأطفال ويغتال بجهله الحياة وروح الحياة ومن بين القتلى عائلة هذا الرجل، فيغتال وينفى الحياة بكل ما فيها من جمال خلقي وروحاني، ولكنه لم يستطع أن يغتال انسانيتة ووجع وحزن وخسارة هذا الرجل، في صقيع دفء صوت وصورة وحضور عائلته الذين كانوا بالامس بين أحضانه، فتحول هزيج حياته وموسيقاه الطربية الى لحن وغناء حزين، وربيعه إلى خريف أصفر عاري من كل أخضر، وسيعود لأول مرة إلى البيت الذي كانوا ينتظرونه فيه فارغ من أي نكهة ولذة وسعادة، تنتظره الذكرى المؤلمة والبيت المظلم والوحدة وبعض الصور المتجمدة على الجدران لعائلته، لتزيد من حسرته وألمه وقهره، ويبكى وحيدا وقد يموت مفجوعا،هنا في نفس البيت الذي كان في الأمس جنته وفيه حوريته وفلذة كبده فراشاته أطفاله، يظرف دموعه طوعا وهو يري الحياة تعلن أنساحبها من جسده، ولا تترك له سوى ألم الذكرى وماضي يفوح بالحنين والشجون والشغنفة، والسؤال الذي جوابه عند الشخص القاتل الذي اغتال حياة عائلته وحياته...لماذا وكيف ومتى وربما ولو..اسئلة تحمله إلى ما وراء الريح وما وراء الموت، يسرح بخياله ويهيم الى أبعد من حدود البحار واليابسة للبحث عن الجواب، ولن تنقذه من هذا الجنون إلا بعض الذكري وبعض الصور المعلقة في قلبه ووجدانه وجدرانه، ولن تهزم دموعه وحسرة قلبه إلا صلابة إيمانه ورجولته ولكن الأهم إنسانيته التي هي سبب كل معاناته، تحت ضغط الذكرى المتكررة في كل ثانية.
فكانت قصته وواقعيته وتراجديا المشهد الدافع وراء التغلب على مآساته وتحويل موت عائلته وغيابهم إلى حضور، إلى حياة وحب وأمل، ليتنفس كفنان وشاعر وعاشق يداعب الذكري كما يداعب الريح أوراق الشجر، أو كما كان يداعب أطفاله وزوجته، فغازل وداعب كل طفل كأنه طفله، بكل حب وشغف ولامس ومسح بكف يديه المرتجفتين شعرهم، لينتصر على طريدة العقل المتحجر والجاهل الذي يمللأ رأس القاتل الذي قتل الفرح من حياته، وليحاصر كل ما قد يأتي فيما بعد على شكل الموت بنفس طريقة موت أطفاله، ليهوي بنا ويخطفنا بإنسانيته الى تراجديا الحياة ومقاومة الموت بالحياة والقتل بالحب والتسامح مع الذات أولا ومن ثم مع الاخرين، كأن ما يقوم به هو اللذة في حضور مَن غيبهم الموت والقاتل، ليعانق روحهم كأنها حاضرة في كل طفل يتنفس الحياة على هذه الارض، فتسري الحياة في جسده المنهك من الحزن والحسرة والتعبد بالبكاء والذكرى، لتسري بعروقنا كهمسة ونسمة شفافة، كشفافة الروح لترتعش أجسادنا بفعل انسانيتنا أمام تراجديا هذا المشهد، كل ذلك كان خلف هذه الابتسامة، خلف هذا الهدوء، خلف هذه الراحة والسعادة والنشوة التي امتاز بها وجهه ، إن حزنه وألم عينيه و كبريائه وبسمته، تعري المشاعر بل وتعري شجون الحياة وقسوتها وتنفخ المرارة بكل حلو وجميل، وتشوه الصورة الساحرة للحياة التي تبث الروح فينا،حين سئلانه وهو يقف وسط الرصيف يقدم الهدايا للأطفال ويمنحهم الحب ويرسم الإبتسامة والسعادة على وجوههم،لماذا تفعل هذا،فيجيب لأنه إنسان وعربي ومسلم،وهذه رسالته للعالم كتعويض عن خسارته،مفادها أنه لا فرق بين أوروبي وعربي وأفريقي وأمريكي واسيوي إلا بالتقوى والحب والتسامح والتصالح،لكننا لا ننتبه إلا متأخرا وكأننا في حالة غيبوبة،لا ننتبه لحجم خسارتنا لإنسانيتنا وأداميتنا إلا بعد فوات الأوان، ولكنها كبيرة جدا للحد الذي لا يتسع لقهرنا وغل صدورنا وبكاءنا ونحن شهود زور أمام مشهد تراجدي إلتقيناه صدفة، وكأن الصدفة أكثر أدامية وأكثر إنسانية من فكرنا وعقلنا أو أنها الجرس الذي يُقرع لمرة واحدة ليذكرنا إننا بشر مهما أختلف عرقنا،وهذا الإنسان العربي لا يختلف عن أي إنسان في أي مكان من هذا العالم مهما أختلف جنسه، فارحموا مَن بالأرض ليرحمكم مَن بالسماء ولكن وقبل كل شيء ارحموا أنفسكم.
في الأمس القريب قتل العشرات في فرنسا،نتيجة عمل إرهابي جبان،استهدف المدنين في المطاعم وفي الملاعب،هذا العمل بلا شك مدان بكل العبارات وبكل الاديان وتشمئز له النفوس،لكن لماذا الدنيا تقوم ولا تقعد والعالم يتحرك بسرعة البرك للرد والبحث عمن قاموا بهذا العمل الجبان؟في حين أنه وقبل الاعتداءات على فرنسا بساعات فقط كان تفجير أخر في لبنان أدى الى عشرات القتلى،ولم نسمع سوى القليل من الأدانات والعالم مَر مرور الكرام على ما جري في لبنان،وهذا يأخذنا للسؤال،لماذا الدم العربي رخيص لهذه الدرجة؟ولماذا العالم الذي يحارب بمرتزقته في سوريا والعراق وليبيا من أجل حقوق الأنسان حسب أدعائهم لم يتحرك لعشرات العمليات الارهابية التي تستهدف العرب والمسلمين؟
الأدهى والأمر أن أطفالنا ونسائنا وشيوخنا يقتلون كل يوم تحت مسميات حقوق الأنسان ومحاربة الارهاب،والسؤال هل حقوق الأنسان ومحاربة الارهاب والديمقراطية ستقتل منا أكثر مما قتلتم لتعلمونا التماشي مع شعاراتكم الإنسانية ألا إنسانية؟حتى الفلسطيني الذي يدافع عن حريته ضد الإحتلال بات إرهابيا،والقاتل والمحتل أمسى ديمقراطي ويمثل القيم الإنسانية،هل هذه قيمكم التي جئتم من كل اصقاع الدنيا لتعلموها للشعب السوري والليبي والمصري والعراقي واللبناني ولكل ما هو عربي ومسلم، يقول لكم لا وكفى ولا يقف ويساند أجندتكم،كما في حالة سورية ونظامها المقاوم الذي لم ولن يرضخ لكم،ودفع فاتورة موقفه العروبي الوطني والقومي من دم الشعب السوري،فهل يعقل أن الامريكي الذي قتل أكثر من 60 مليون هندي ويسحل ويقتل السود حسب بشرتهم سيعلمنا الديمقراطية والقيم الإنسانية،والفرنسي الذي قتل أكثر من مليون جزائري وسحل نساء الجزائر وألقى بهن وهن أحياء من الطائرات، وجرهن مقيدات وراء العربات سيعطينا حرية الرأي والتعبير.
لقد هزكم وجلجلكم وأدمى قلوبكم وإنسانيتكم مشهد ما جري في فرنسا من تفجيرات وقتل،وهذا المشهد يا سادتي يا مَن تتغنون بالديمقراطية وحقوق الإنسان، يتكرر كل يوم في فلسطين وسورية والعراق ولبنان ومصر وتونس، ولكن شكل الموت والقتل مختلف حسب اختلاف اسلوب القتل والقاتل،وحسب قوة ضرباتكم ودعمكم للإرهاب،تحت مسمى الربيع العربي وحقوق الاقليات وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب وإسقاط الأنظمة والتغير والاصلاح.. الخ،فلقد قتلت ديمقراطيتكم وقيمكم أكثر بعشرات المرات بل مئات والاف المرات مما قتلت منا الديكتاتورية العربية والسادية والبيروقراطية وحكوماتنا الطاغية المستبدة،وإذا كان في هذا العالم مَن يضاهي جرائمكم ومجازركم بحق العربي والمسلم فبكل تأكيد هي فقط إسرائيل وقد تتفوق عليكم بعدد وحجم القتل الذي تمارسه يوميا بحق الشعب الفلسطيني.
التراجديا والحزن هنا ليست لهذا الرجل العربي صاحب الرسالة الإنسانية والمقلوم،بل قمة التراجديا والحزن على الحكام، الذين سلموا رقابنا ودولنا وثرواتنا ورخصوا دمنا مقابل السمع والطاعة لأمراء الغرب أمراء الإرهاب والاستعمار،مقابل سلطة لا سلطة لهم عليها،وللأسف شعوبهم تخدر عقلها وفكرها حتى أمسينا وأصبحنا حكام وشعوب نتساوى في العبودية والتبعية، ولكن الأدوار مختلفة،مع بعض الإستثناءات.
بقلم مُنال زيدان :كاتب فلسطيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف