الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ثورة وجدان بقلم رانيا أونيس

تاريخ النشر : 2015-11-26
تسهو الروح نحوكِ وإليكِ
رعشة قلب وطيش عقل

تهتز لياليه الصاخبة على وقع النساء، بين البارات الفخمة يتنقل، بماله يغدق من يشاء وبعقدة لحم يلقي صنارة البذخ والترف في وجه كل أنثى ويترنح على قسمات ومفاتن كل واحدة منهن، هائم على وجهه دون صحوة إلى غاية بروز الشفق الأحمر لإشراقة الشمس، فيهوي إلى مخدعه بعبق النبيذ وعطور النسوة نائما لا يدري عن التي تشارك مضجعه أمرا.
في بحر النساء غارق ليلا وعلى صداع الخمر يستيقظ صباحا، يعيش وحيدا على تلك الحال فلم يسبق له الزواج، إلى أن جاء اليوم الذي هبت فيه نسمات انشرح لها القلب و أعلنت عن انكسار حياته السابقة، هي سطوة أنثى ارتشف معها الهوى وأنصت لنغمها الفؤاد متورطا.
حريص على أناقته والترف باد على مظهره لا تغفل عنه عين وتستدل أنوف الطامعين إليه، بينما هي التي نشأت في حي فقير بين جدران غرفتين ومطبخ رفقة والدتها وشقيقاها الصغيران، تخلت عن حلمها في أن تصبح معلمة ورمت بحمرة الشفاه ليستقر بها الحال في براثن الشقاء والكد، وحطت الأقدار بها عنده فخبر ما لديها من أنفة وقوة أتت على كبرياءه غفلة.
يستعد لمغادرة غرفته، يقف أمام الشرفة يعدّل من ربطة العنق، يقع بصره على فتاة بزي الخدم، رفعت من فستانها قليلا وأنزلت قدماها في ماء المسبح، فيما تفك ضفيرتها المنسدلة على كتفها الأيمن، في البادئ استغرب وجودها وكاد ينادي على أحد الخدم ليستفسر عن من تكون تلك الفتاة، لتعود به الذاكرة إلى اليوم الذي حدثته فيه الخادمة عن ابنتها. ظل واقفا لدقائق معدودة يراقبها تداعب الماء بساقيها، وتحمل بين يديها كتابا تطالعه، تحسست الساعة على معصمها الأيسر، واستعدت للنهوض فقد اقترب موعد نزول سيدها للإفطار، ترفع عيناها العسليتان نحو غرفته فتراه واقفا يحدق فيها، ترتبك وتسارع إلى تعديل ثيابها وشعرها وتدخل إلى المطبخ.
على ذلك النمط من الحياة قارب الكثيرات من النساء، كن بمثابة مضخات نحيب عاطفي طمعا في ماله، حيث يلقي إليهن حاجتهن فيما يبلغ أقاصي الرغبة والنشوة بالمقابل، لا تهمه أسماءهن ولا يحفظ الوجوه، ولكنه لا ينسى أن يسقي الورود في كل مرة، كعادته يقضي النهار في العمل، ويبحث ليلا عن مرفأ يرسي إليه، غير أن رياح الحياة حملت نحوه حبا اهتز له الحنين، وفاض العشق في هواها، ببساطتها وعفويتها تملكته واهتزت سطوة المال التي يسلها أمام كل أنثى تحاول التقرب منه.
لم يعرف النوم سبيلا إليه، توجه نحو المسبح حيث لمحت عيناه روحا جميلة لا يرتوي أبدا من طلتها التي تتفجر أنوثة، شعرها يكاد يحجب عيناها وثوبها الأبيض الفضفاض يتمايل على خصرها بترانيم النسمات العليلة، تداعب أناملها الكتاب، بين الصفحة والأخرى تتوارى أكثر، لم يحرك ساكنا هذه المرة غدرت به أفكاره حين رآها وتجمدت الحروف في فمه، اقترب منها وجلس إلى جانبها. تفاجئت برؤيته وهمت بالمغادرة، أمسك يدها وطلب منها البقاء. توترت "نهال"، يداها ترتجفان و فقدت التركيز فيما تقرأ.

ألم تسئمي
من ماذا، أتقصد من الكتب؟
كلا، أقصد تحاولين الظهور عنيدة، متماسكة، وجريئة
لا حاجة لي لأن أدعي هكذا أنا، فلا أحتاج تقييما منك أعرف من أكون
هه، و مغرورة أيضا
يمكنك قول ما يحلو لك، لا يهمني خلافا لك أنت
كيف ذلك؟
تبدو معتدا بنفسك، متباهيا بسطوة المال ولكنك تستر أحزانك لكونك وحيدا، لذا تجد في العمل والسهر ملاذا تنفذ إليه لتعويض ما تفقده.
ربما، ما ذكرته صحيح
عملي هنا خادمة لمدة 3 أشهر، جعلني أدرك ذلك، وقد لا يروق لك ما سأقول، لكن عليك أن تعلم أنه مهما بلغ سلطانك وجبروتك فهناك بعض الأشياء التي لا يمكن أن تطالها يداك، ولن تظفر سوى بالتملق والتصنع من الغير، فاللذة ليست في امتلاك ما ترغب بالمال وإنما اللذة تكمن في طريق وصولك وتحقيق ما تريد، أن تسعى، أن تصر إلى غاية أن تصيب هدفك.
على الرغم من صغر سنك، إلا أنك تفاجئينني في كل مرة
تقصد، أنكَ في كل مرة تحاول افتعال الحرائق لتحرقني لكنكَ تُلفح بنارها
تعالت ضحكاتهما في أرجاء المنزل. كلماتها فتحت بابا لرياح عاتية عصفت به واهتز لها، أصابه حضورها فاستكان عنفوانه على وقعها، وخجلت روحه ايما خجل، هي التي جمعت من الأنوثة أنهارا عذبة يهوى الرجل الغرق فيها، و من صلابة و فطنة فكر يهابها الرجال. مهما اختنقت المرأة من ضنك العيش، وسقطت أوراقا خريفية في شوارع مجتمعات رجعية تحكمها عقول مقفلة بأعراف واهية، إلا أنها تجد دائما متنفسا تسكن إليه إذا عزمت على ذلك، فترتفع نخلا بقامتها، وبين أمنيات تتنفسها و خيبات تترصدها إلا أنها تعيش بين هذا وذاك.
في كل مرة حاول فيها "سامر" استفزاز "نهال" بكلامه وتلميحاته، كانت حروب أهلية تنشب بينهما أثناء كل حديث يجمعها، تقرع طبولها تأهبا، يلّوح في عقله الانتصار سيرقص له منتشيا لكن في كل مرة تنفث سمها ردا على احتقاره، فيتجرعه بمرارة منهزم.
شعر بضجيج في صدره، حاول الاقتراب منها لتقبيل ثغرها الباسم، لكنها بخجل ركضت نحو المنزل.

لقد تغيـر سامر، وخفف من سهراته الليلية، ينتظر بفارع الصبر انقضاء اليوم ليتوجه إلى المنزل، فوجود تلك الفتاة أضفى رونقا خاصا وأحدث نغما له رنة في الأرجاء يُطرب له، تنير يومه بطلتها البهية و ترافقه بحلو لسانها و سهام كلامها لكن روحه ترفرف كطائر حر بملاقاتها. فالقدر يقذفه نحوها رويدا رويدا.
تأكد من وجودها تلك الليلة بغرفة المكتبة، فهي إن لفظتها أمواج الحياة القاسية بعيدا عن الدراسة إلا أنها تستلذ بمقاربة الكتب دائما، لمح الغرفة مضاءة من الخارج قبل ولوجه إلى المنزل، بهدوء دون أن يُسمع للباب صرير، وجد "ثورة الوجدان" أمام أحد الرفوف تستطلع عناوين الكتب، لتنتقي واحدا ، بخوف تنتفض حين همس في أذنها" أتودين أن أساعدك في الإختيار"، فاستدارت نحوه مرتعبة، وأوقعت ما كان في حوزتها، لم ترفع عيناها، فنظراته كمين لروحها و أنفاسه العذبة حقل ألغام تدوسه كلما اقترب منها، تاهت"نهال" في رعشة القرب، توردت وجنتاها اضطرابا، بينما "سامر" يراقصها الليلة بين ثنايا كتب خُطت بحروف من ألق، تقص كل أحلامهما وأشواقهما. أسكنها أضلعه واحتواها دون أن تعترض، مطوقا خصرها بساعديه، فيما تداعب نسمات أنفاسه مسمعها التهابا.
أنتِ يا كل الفتنة
رفقا بقلبي يكاد يفنى
ملامحك استوطنت عقلي
نظراتك تربك رجولتي
ضحكاتك تزلزل روحي
يا أنتِ مسكنك القلب والروح
بلغة مجانين الهوى يرسم لوحة فنية من القبل بألوان زاهية ينثرها على أنامل يديها الرقيقة والصغيرة، بين العقل والجنون خطوة، فيزرع قبلا في ذاك الفاه ويقطف ورودا، يدعوها للجنون أكثر فأكثر، تعاقره انتشاءا، فيهوى رافعا شعرها من على العنق ليرضي غرورها، عطر قبلات فاح عبيرها من أسفل الأذن إلى أعلى الكتف، تزداد تمسكا به بكلتا يداها، غادرتها "نهال" القوية وأصبحت جمرة متقدة في أحضانه، تترنح يمينا وشمالا على موسيقى "سامر" الصاخبة فقد ثملت من أول رشفة، قضت الليل بطوله تائهة متناثرة بين يديه، تتعثر وتتبعثر برعشة جسده، فقد سقاها وانسكب ولم يتوقف. للحياة غدر ينطلق كالسهم ويصيبنا على حين غرة عندما نغرق في بحر السعادة. ازدادت تعلقا به، لم تستفق من هيامها إلا عندما استلمت رسالة من ابن خالتها، ضاقت بها السبل، أعدت الكلمات التي ستقول لـ سامر وظلت تراجعها مرارا وتكرار، تحضر في فكرها عندما تكون وحيدة وفي وجوده تتلعثم، أفكار تتزاحم في رأسها و تكدر صفو مزاجها، طرحت بعيدا ولكن لا مناص منها إلا إذا باحت بها، لم يحرك ساكنا ولم ينبس ببنت شفة، استدار قبل أن يمضي موجها كلامه إليها" إما أن تقتربي وإما أن تبتعدي، لا تقفي أبدا في المنتصف.
إن غابت حجبت شمس صباحي
واستوحش ليله من دون قمره
صمت الليل وتلاشت ضحكات شمس الربيع، بقدر ما أحبها يدّعي كرهها فمنها النار والجليد، منذ فراقهما وطيفها الماكر يكنس ذاكرته بعطرها، ويُطل من كاسات شرابه ويغمز له ينتظر أن يعانق حلمه واقعا، ما أدرك أنها تصر على عناق حبيبها ولم تمتنع عنه بفعل التخلي، ولن تقبل بنصف حياة.
يحلّ الأسبوع الثالث، تسلل اليأس إليه لقد غادرت بعطري، وستفوح بعطر غيري.
لكنها ارتسمت فجأة كأول يوم لمحها فيه، جالسة تداعب قداماها الماء في المسبح، ترفع بصرها نحوه و تبعث إليه بقبلة في الهواء، يمسكها بيديه ويرد عليها بأخرى. قد نغدر بأنفسنا، وقد تغدر الحياة بنا في الحب لكن" نهال" ما غدرت.

وإن أطلت ببهاء عنفوانها
لطمته أمواج الهوى مدا وجزرا
غرق في عينيها المجرمتين
تبعثره ألغام ود وتمرد
تملكته روح أنثاه
مخدرة أعصابه و سكرة قلبه
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف