بلادنا تحلق بعيداً
فاطمة المزروعي
كثيرة هي الدول النفطية التي تستهلك موارد النفط دون تأسيس مشاريع حيوية وطويلة الأمد، والبعض الآخر يطور صناعة النفط نفسها ولم يتمكن من الخروج عنها، وفي المجمل هي صناعة مربحة دون شك، لكنها ليست دائمة، وهي سريعة التأثر بانخفاض أو ارتفاع أسعار النفط.
قادتنا وشيوخنا أدركوا هذا البعد تماماً، وهم على درجة عالية من الوعي بأهمية استغلال موارد النفط في مجالات حيوية تدر المال والاستثمارات لبلادنا بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعار النفط، باعتزاز بالغ قرأت خبراً عن اعتماد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتتضمن 100 مبادرة وطنية في القطاعات التعليمية والصحية والطاقة والنقل والفضاء والمياه، ويصل حجم الاستثمار فيها إلى أكثر من 300 مليار درهم، كما تتضمن مجموعة سياسات وطنية جديدة في المجالات التشريعية والاستثمارية والتكنولوجية والتعليمية والمالية، بهدف تغيير معادلات الاقتصاد الوطني، ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، وتحقيق نقلة علمية ومعرفية متقدمة للدولة خلال السنوات المقبلة.
لكن قد يسأل أحدهم لماذا مثل هذه الخطوة؟ الإجابة جاءت على لسان ومن عقل صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، عندما أكد «أن الإمارات تعمل على بناء مستقبل راسخ لأجيالها، بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، وأنها حسمت خياراتها لعالم ما بعد النفط بالاستثمار في الإنسان والعلم والتقنية المتقدمة».
إذاً، هذا هو الهاجس، هو المستقبل والأبناء، لأنه وكما هو معروف لا يتوقع في المدى القريب أن يتمكن العالم من الاستغناء عن النفط، لكن المستقبل يقول غير هذا، لذا قادتنا، تطلعهم دوماً نحو هذا المستقبل، لأن الاهتمام به هو اهتمام بالأجيال التالية ورفعتها واستقرارها ونموها.