الأخبار
حمدان: إذا أقدم الاحتلال على عملية رفح فسنُوقف التفاوض.. والاتصال مع الضيف والسنوار متواصلأكثر من ألف معتقل في احتجاجات الجامعات الأميركية ضدّ الحرب على غزةرئيس كولومبيا يُعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيلبلينكن: نريد الآن هدنة بغزة.. وعلى حماس أن تقبل العرض الجيد جداًتركيا تقرر الانضمام لدعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيلالكشف عن نص العرض المقدم للتوصل لهدوء مستدام في قطاع غزةنتنياهو: قواتنا ستدخل رفح بصفقة أو بدونهاوفد حماس يغادر القاهرة للعودة برد مكتوب على المقترح الجديد لوقف إطلاق الناربلينكن: أمام حماس مقترح سخي جداً وآمل أن تتخذ القرار الصحيح سريعاًتضامناً مع فلسطين.. احتجاجات الجامعات الأميركية تتسع وسط مخاوف إلغاء مراسم التخرجتل أبيب تستعد لإصدار الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبارإعلام إسرائيلي: 30 جندياً في الاحتياط يرفضون الاستعداد لاجتياح رفحقناة كان: القيادة الإسرائيلية منقسمة بشأن مستقبل الحرب في غزةارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماً
2024/5/2
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

النعال الحديدية بقلم عيسى قراقع

تاريخ النشر : 2015-11-26
النعال الحديدية بقلم عيسى قراقع
النعال الحديدية

 بقلم عيسى قراقع

رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين

في عام 1906 ، تنبأ الكاتب التقدمي (جاك لندن) في روايته (العقب الحديدية) بظهور الفاشية والعنصرية والامبريالية وخوضها صراعا مريرا لقمع الحريات ومطالب الشعوب في حق تقرير مصيرها، واستخدامها لكل اشكال القمع لتكريس مصالحها الاستعمارية.

لم يكن ذلك خيال روائي، بل تنبؤات تحققت في القرن الواحد والعشرين، وفي عصر الديموقراطيات وحقوق الانسان، هنا في ظل الاحتلال الاسرائيلي، حيث تستخدم العقب الحديدية المثبتة في نعال وبساطير جنود الاحتلال في ضرب وتعذيب المعتقلين الفلسطينيين وخاصة القاصرين.

الاطفال الاسرى يتحدثون عن جروح وكدمات واصابات تعرضوا لها خلال اعتقالهم واستجوابهم بسبب الضرب المبرح بالنعال الحديدية من قبل جنود الاحتلال الاسرائيلي، ولا يكتفى بذلك، بل الضرب بأعقاب البنادق وبالعصي وبالاسلاك الكهربائية وبالقيود وغيرها.

لكل طفل يعتقل حفلة متنوعة من الضرب والقمع، سواء خلال تحقيق ميداني سريع، او داخل الجيب العسكري، او في مركز تحقيق او شرطة او داخل مستوطنة قريبة، والاسلوب واحد وهو الضرب بالنعال الحديدية، الدعس على رؤوسهم، تعريتهم، شتمهم، البصق على وجوههم، اطلاق الكلاب البوليسية عليهم، استخدامهم دروعا بشرية، وفي ختام الحفلة ضحك واستهزاء وتصوير واستمتاع.

شهادات مفزعة ادلى بها الاطفال الاسرى الذين اغلبهم اعتقلوا من بيوتهم بعد منتصف الليل، قيدوا وهم شبه نائمين، مصدومين مشدوهين ، المسدسات فوق رؤوسهم، قوات مدججة تقتحم غرف نومهم، استباحة للنعاس البريء وللبيت وللحلم.

الاطفال الذين لا يبلغوا عن سبب اعتقالهم، ولا المكان الذين يحتجزون فيه، لا يسمح لهم الاتصال بمحامي او اصطحاب احد والديهم ، يجدون انفسهم تحت وابل من الاعتداءات والتنكيل، قبل ان يستيقظوا جيدا، وقبل ان يعترفوا قسرا او لا يعترفوا، وقبل ان توجه لهم اية تهمة.

ممنوع ان يصل الطفل الاسير الى المحكمة او يسجل اسمه لدى الصليب الاحمر الدولي، قبل ان يأخذ نصيبه من الضرب بالنعال الحديدية، او ان تمرر الصعقات الكهربائية في جسده ويقع على الارض ، وقبل ان يشبح ساعات طويلة معصوب العينين في تلك العتمة الباردة.

منذ اندلاع الهبة الشعبية مع بداية شهر تشرين الثاني من عام 2015، رفعت حكومة اسرائيل الحصانة عن اطفال فلسطين، وصاروا هدفا للاعدام او القنص او الاعتقال، وبقرار سياسي يستبيح دم و حقوق راشقي الحجارة من الاولاد القاصرين، وبغطاء قانوني لم يسبق له مثيل يجيز اعتقال اطفال في عمر 14 سنة، والحكم بالسجن الفعلي عليهم.

الضرب بالنعال الحديدية هي بداية المشوار مع كل طفل اسير، وعندما يصل الى ايدي المحققين في غرفة (4) بالمسكوبية، يكون قد وصل الى الجحيم ، هناك يقيد على كرسي محني الظهر، يبصق المحقق في وجهه، تنهال عليه الشتائم البذيئة، تشد القيود على يديه الناعمتين، وهناك يصفع على وجهه عدة مرات، وتمرر الكهرباء في جسمه، او تطفأ السجائر في يديه، وهناك تنتزع الاعترافات منه بالتهديد والضغط النفسي، وهناك دم وخوف وفزع ووجع وصراخ، والبحث في الصدى عن ملاذ او خلاص.

الضرب بالنعال الحديدية يعرفه قضاة محاكم الاحتلال، يشاهدون آثار الضرب على اجسام الصغار، وجوههم صفراء شاحبة مرعوبة، مرهقين، عيونهم مليئة بالفزع والخوف والاسئلة، جاءوا من الزنازين الانفرادية او من جولات التحقيق الطويلة، لم يناموا، لم يأكلوا، يفتشون في قاعة المحكمة عن الام او الاب، عن كأس ماء او هواء او حبة دواء.

ضربوه بنعالهم الحديدية حتى امتلأ وجهه وجسمه بالدم، وقع الاسير القاصر احمد العكل على الارض، انهال 6 جنود عليه بالضرب بنعالهم الحديدية وبأرجلهم وباعقاب بنادقهم وبشكل وحشي، دعسوا على ظهره بأخذيتهم ذات النعل الحديدي، ضربوه بأسلحتهم على وجهه ورأسه، نزفت الدماء من أنفه وفمه، لم يستطع الوقوف، جروه على الارض، واستمروا بضربه دون رحمة، شتموه، وكانوا يضحكون ويبصقون عليه.

هجم 7 جنود على الطفل القاصر براء قاسم، انهالوا عليه بالضرب المبرح حتى اوقعوه على الارض، ضربوه بأيديهم وارجلهم وبنعالهم الحديدية، واحد الجنود قام بضربه بشكل هستيري عشرات الضربات القوية من بندقيته، وقع مغشيا عليه،استيقظ في مستشفى هداسا عين كارم، اضلاعه مكسورة، انتفاخات في كل جسمه، اثار نعال على وجهه، ثلاث حراس يقفون فوق راسه ، مقيدا بالسرير، كان قريبا من الموت، ولكن الموت اعتذر.

النعال الحديدية هي ثقافة الطغاة، الخارجون عن القانون، فوق القانون الدولي والانساني، ينتزعون من الآخرين آدميتهم، يفتشون عن كل وسيلة للقتل والتعذيب، يفصلون القوانين على مقاسهم كما ترغب وزيرة القضاء الاسرائيلي ايلات شاكيد التي تريد اعتقال وسجن اطفال في عمر ال12 سنة، وتتمنى ان تعتقلهم منذ ولادتهم او اجنة في ارحام امهاتهم.

النعال الحديدية هي نظام ومنهجية احتلالية، موجهة نحو تدمير مستقبل اطفالنا، قصف احلامهم وأمانيهم، ولا مكان لاتفاقية حقوق الطفل العالمية في دولة اسرائيل، لا مكان للملعب والمدرسة والحق في الحياة، فكل اطفال فلسطين قنابل موقوتة، وكلهم تخطوا اعمارهم وسياج المعسكر والمستوطنة.

النعال الحديدية ، هي ما حذرت منه الدكتورة فردوس عبد ربه في دراستها حول الاثار النفسية والاجتماعية الناتجة عن تعرض الاطفال الاسرى للتعذيب والمعاملة القاسية، بما تتركه من مخاطر نفسية وصحية وصدمات عصبية على الاطفال، من تهديد للهوية وللنمو الاجتماعي، الشعور بالاغتراب والوحدة والعزلة والبعد عن الذات، القلق والخوف والترقب والشعور بفقدان السيطرة او التنبؤ بالمستقبل و نقص الشعور بالامان، الاضطرابات، وغيرها من بصمات النعال الحديدية على مستقبل الاجيال الفتية والمجتمع الفلسطيني.

النعال الحديدية كما تصفه الدكتورة فردوس هي استراتيجية الكوارث لدولة الاحتلال، والتي تستهدف ادخال الاطفال في حالة من الضياع والصدمة العميقين، وإعادة صياغة البشر وفق رؤيا اسرائيلية.

اعترف المحقق الاسرائيلي قائلا:

عندما ارى رفرفة اجنحة طفل فلسطيني

 استغيث بطائرة حربية في السماء.

لا اتذكر اني كنت طفلا في أحد الايام

ولدت في الحرب، كبرت في المعسكر

لا أم ولا حب ولا سلام
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف