الأخبار
2024/4/16
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تركيا تسقط الطائرة الروسية: العلاقات التركية الروسية إلى أين؟ بقلم: د. أشرف طلبه الفرا

تاريخ النشر : 2015-11-25
تركيا تسقط الطائرة الروسية: العلاقات التركية الروسية إلى أين؟ بقلم: د. أشرف طلبه الفرا
تركيا تسقط الطائرة الروسية: العلاقات التركية الروسية إلى أين؟
بقلم: د. أشرف طلبه الفرا

منذ أن بدأت روسيا في إرسال أسلحة وعتاد لتعزيز النظام
السوري الذى تعارضه تركيا بشدة، أخذت العلاقات بين روسيا وتركيا في التدهور، وتعمق الانشقاق بين الدولتين مطلع أكتوبر الماضي عندما انتهكت الطائرات الروسية التي تقاتل في سوريا المجال الجوي التركي، مما أثار احتجاجات غاضبة في تركيا، الأمر الذي دفع وقتها رئيس الوزراء التركي داود أوغلوا للإعلان بحزم بأنه سيفعل قوانين الاشتباك في حال انتهاك المجال الجوي، مؤكداً أن قواعد الاشتباك التركية واضحة بصرف النظر عمن ينتهك مجالها الجوي.

وبالمقابل اعترفت روسيا بأن انتهاك المجال الجوي لتركيا كان خطأ لن يتكرر.

ورغم أن كل الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أكدت تأييدها لتركيا، إلا أنه على ما يبدو أن روسيا- كما ترى تركيا- لم تنفذ وعودها بعدم انتهاك السيادة التركي، حيث
أعلنت أنقرة أن مقاتلة روسية من طراز سوخوي 24، أُسقطت بموجب قواعد الاشتباك، عقب انتهاكها المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا، وتجاهلها للتحذيرات. وعليه، أعلنت هيئة الاركان للقوات المسلحة الروسية قرار موسكو بقطع جميع اتصالاتها العسكرية مع أنقرة، كما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن إلغاء زيارته المقررة إلى تركيا، وأوصت الخارجية الروسية المواطنين الروس بعدم التوجه إلى تركيا باعتبار أن مستوى الخطر الإرهابي فيها متنام.

وعلى خلفية هذا، فإن السؤال الكبير هنا، هل تتجه العلاقات التركية الروسية إلى مزيداً من التوتر يصل إلى حد المواجهة العسكرية بين الطرفين؟، ويكون الرد الروسي بالمثل، ما يعني أن تسقط روسيا طائرات تركية، أو قد يكون هذا حدث عابر بحيث يبدأ البلدان حواراً يمكن أن ينتهي باعتذار رسمي من جانب تركيا، لتجنب الأزمات بين البلدين.

أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية، وتركيز روسيا على
قصف الإرهاب المتمثل في تنظيم "داعش"، ستتجنب موسكو الدخول في أي مواجهات أخرى مع أنقرة أو غيرها من البلاد، ما يجعلها تسعى لاحتواء الموقف، فضلًا أن روسيا لن تنجر إلى تصعيد عسكري مع تركيا لأنها تدرك أن هذا سوف يدخل المنطقة في حرب عارمة لا يحمد عقباها بالنسبة لروسيا خاصة أنها تتعامل مع عضوًا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، الذي يضم الولايات المتحدة الأمريكية. كما أنه تحاول روسيا وتركيا تحييد مصالح بلادهما على الخلافات السياسية واختلاف وجهات النظر بين رؤساء البلدين، حتى لا تؤثر على تطوير علاقاتهما الاقتصادية والتجارية، حيث تركيا معنية بأن تحسن علاقاتها مع روسيا لا أن تزيدها سوءاً، فحجم التبادل الاقتصادي بين تركيا
وروسيا اليوم يبلغ (33) مليار دولار، وتسعى الحكومة التركية إلى زيادته في الخطط الاستراتيجية المستقبلية بين البلدين ليبلغ (100) مليار خلال الخمس السنوات المقبلة، و(200) مليار دولار خلال العشر السنوات، وهذا يعني أن خلافات وجهات النظر بين الدولتين ينبغي تجاوزها أمام التعاون الاقتصادي الكبير بينهما، لا زيادتها، إضافة إلى أن تركيا باب روسيا البحري من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، وهذا شريان حياة بالنسبة لروسيا، وكذلك حاجة تركيا إلى الغاز الروسي كبيرة جداً، لأن 70٪ من الغاز الذي تحتاجه تركيا يأتي من روسيا، وهذا شريان حياة اقتصادية واجتماعية وسياسية للدولة التركية، لذلك فإن أي توتر بين تركيا وروسيا سوف يكون محرجاً للحكومة التركية، وعكس أمنياتها. مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلاقات التركية الروسية يكفيها التوترات البينية، بالأخص الموقف من بعض القضايا السياسية في المنطقة، ومنها قضية القرم والمشكلة السورية. إضافة إلى أن حلف الناتو الذي يضم تركيا في عضويته سيتدخل لمنع وصول التوتر إلى حد المواجهة العسكرية، والتأكيد على الحل السياسي بعيداً عن دخول الازمة بين الطرفين, حتى لا يجد نفسه مضطرا للتدخل إلى جانب تركيا بحكم عضويتها
فيه.

وبالتالي قد يختزل الخلاف بين تركيا وروسيا حول اسقاط الطائرة الروسية في نطاق التراشق الاعلامي, وعلى الصعيد السياسي فقط بين الطرفين، وقد يصل الأمر إلى إمكانية تسوية الموقف بالاعتذار التركي إلى روسيا دون أن يتطور إلى حد المواجهة العسكرية بينهما.

ولكن مع كل ذلك فإنه يبقى هناك حرب باردة خفية مستمرة ومستعرة بين موسكو وأنقرة، تعززها تصرفات تركيا من ناحية من خلال مهاجمتها للرئيس السوري بشار الأسد، فضلًا عن التدخلات التركية في شئون الدول العربية والتي تنتقدها روسيا دوماً.
ومن الناحية الأخرى التدخل الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في سوريا لقلب موازين القوة وفرض معادلة جديدة في الداخل تحت عنوان مكافحة الإرهاب، هدفها القبول بنظام الأسد في إطار أي تسوية سياسة محتملة، ولعل ما يزيد من صعوبة الموقف هو عدم ثقة تركيا بجدية الإدارة الأميركية تجاه الأزمة السوري، خاصة وأن الادارة الامريكية أعلنت أنها تقبل بالنظام السوري كجزء من الحل في المرحلة الانتقالية.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف