الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إسألوا النهار ..بقلم:المتوكل طه

تاريخ النشر : 2015-11-24
إسألوا النهار ..بقلم:المتوكل طه
إسألوا النهار ..

المتوكل طه

يخرج الفتيانُ تحت المطر الشرس ، يفتحون قمصانَهم ، ويرفعون رؤوسَهم ، كأنّهم يَعبّون الغيومَ ويتنفسّون أقواسَ قزح ، ويغتسلون بالسحاب ، ويعودون ، والبخارُ يتفشّى حولهم ، وينضحُ من أبدانهم الفتيّة الساخنة.

***

الحنّون المُضْمَر في الثوب المُسْدل على أكتاف الشجرة ، بات معزوفة سماوية ترحب بالطيور ، ويدعوها للحياة.

***

لقد أدخلوا البقرةَ والحمارَ والعنزةَ إلى غرفتنا الوحيدة ، المكتظّة بالأب والأمّ والبنات والأولاد العشرة .. ثم أخرجوا البقرة فالحمار فالعنزة ، تباعاً، أسبوعاً بعد أسبوع .. ما أدخلَ الفرح على العائلة ، التي تنفّست الصعداء ، وأعلنت أنها انتصرت .. فأقامت  الأفراح والليالي الملاح .

أمّا مَن احتلّ باقي الغرف وسيطر على البيت وساحاته .. فقد أسعده موقف العائلة ، وأدخل عليه الاطمئنان والراحة ، وتأكّد أنّ أصحاب البيت  يصلحون للاستهزاء، والتهكّم والاستخفاف ، والتنكيل بهم ..

***

 السبحة الحجرية تصطك مثل أسنان المذعور في يد الخائن ، الذي لايدري كيف يصلّي .. أمام الناس.

***

ما هي أسماء الأخوة والرفاق الذين كنت معهم في الغرفه المغلقه بالقضبان الغليظه ؟

انا أعرف أن لهم اسماً واحداً هو المذبحة ، والآخرون يسمّونهم مجلس الشرّ ! أما أنا فأعتقد أن الأرض لها عشرون اسم هي أسماؤهم .

***

جاءني الطفل في المنام وقال لي : لا تردموا البئر مرة أخرى ! أرجوكم .. ففي القاع خاتمي، وعلى طبعته نقش يظهر صورتي مع الوَحشيْن .

وفي الليلة التالية رأيت ملء العين الشقيقين التوأم اللذين ألقتهما أمهما ، وهما رضيعان ، من الشرفه إلى الوادي .. حتى لا تأتي عليهما النار ، التى أكلت المدينة ، ورأيت كيف ترفّقت الذئبةُ بهما ، وأرْخَت لهما أثداءها ليشربا ..

***

كاد أن يبكي لشدة ما ضحك على نفسه : كيف يأكل السمك في الرؤية ، وليس لديه غير بضع نعاج وكلب يصطحبه إلى المراعي .. ؟

 ***

أبكي لأنكم قيّدتم يديّ ، فتسربت الكهرباء إليّ وهزتني ، فصعقت أعصابي وحرقت رسغيّ وشعطت قلبي .. ورجّتني حتى تلقلق عظمي بين لحمي ، وسكبت ماء النار والفلفل في مفاصلي .. ماذا فعلت ؟

 لا .. لا .. غير صحيح ! كنت أغنّي وأدندن بصوت عالٍ ، فساقوني لسرير الكهرباء .. وكان الماء المحروق ينزّ من عيني .. ويغمى عليّ..

***

 حسناً .. لن أصرخ ، ولكن أريد ألا يطفئوا الأضواء ، ويظل التلفاز يعجّ بألأغاني .. نعم .. أحبها .. يا إلهي ما أجملها .. ههههههه  هههه

لماذا تضحك ؟

تذكرت عامل النظافة الذي دَهَم غرفة المجنونة في المهجع النسائي .. وكان يباضعها ، وكانت المسكينة تحسّ بلذّة على ما يبدو ، كلّما جاءها ، وصارت تخلع ملابسها كلما رأته .. ليكتشفوا بعد أشهر أنها حامل ! وبعد أن وضعت حمْلها .. فوجيء الأطباءُ أنها استعادت عقلها ، وأصبحت طبيعية مئة بالمئة ، وفارقها مرضها ، ورجعت كأي إنسان عاقل راشد مدرك واعٍ .. وسمحوا لها بالرجوع إلى أهلها مع رضيعها ، لكن أهلها رفضوا استقبالها لأنها "مجنونة زانية" ، فرجعت إلى المشفى لتعمل خادمة فيه ، بعد أن هرب والد الرضيع .. وأختفى !

بعد سنوات عاد هذا المختفي ، فإذا به ، ما شاء الله ! مسؤل لديه أموال لا تأكلها النيران ، وصار وجيهاً في البلد !! وهو ذاك الذي انتخبوه .. رغم تهامس البعض بالإشارة إليه ، باعتباره صاحب المجنونة .

والمجنونة ؟ ألا تعرفها .. إنها

  سوف تبكي على كتفي ، كلّما مرّ فيها السحاب .

 قلتُ ؛ لا وقت للدمع ، قومي إلى صفحة في الكتاب ..

 هناك على أول السطر تبكي الملائكة الطاهرون ،

 ومن خلفهم أُمّةٌ في العذاب .

هنا أو هناك ، جموع من الذاهبين إلى الموت ، برّاً وبحراً ،

 وقصفا وحرقاً ، بكل الأيادي والطائرات .. وما من خلاصٍ سوى

 أن نعود إلى الغدِ ، نسأل عن أغنيات الرحيل .. لندفنها ..

ثم نطلق أغنيةً للبقاءِ على تلّة الذّبْحِ ، حتى يقول الذي ماتَ ؛ عدتُ ،

 وهذي البداية نحو السراب.

 

***

ولم يأكل الخبز ذلك العشّار لمدة أربعين دقيقة ! لقد هزم الشيطان، الذي لم يحضر إليه ، ولم يقدّم إليه إغراءات القمح !!

 وما زال يتشدّق بالصوم الكاذب .. تماماً مثلما كان دم أبيه كاذباً ، وكذلك دم أمّه .. وكل سلالته المعطوبة.

***

لم تفرش له مزودة العنكبوت ، ولم تنصب له خيمة الوَبَر ! تركته حتى يصل ، دون دليل، إلى الفكرة ، ولا حدود للحارة أو الحيّ أو البلدة، كلّها جهاز اتصال يشوّش النهر، الذي يغذّي الأعذاق، وتظلّ أسماكه الملّونة دون حلوى.

***

درس العودة في الطين الموحل ، والصنوبر الجاف يضخّ هواءً قديماً .. والرجل لا يجد ما يحفّ به شاربيه ، أو يكشط به لحيته المُنْكَرة .. والمراةُ لا تفهم أن لحم التفاحة يغري الكسالى ، الذين ينامون حتى الظهر . والبندق المشعّ في عينيّ الذئبة لا يجد أرضاً ينبت عليها .. إنه الظمأ ، الذي يخنق الكوخ.

***

الطرقات موحشة ، وخطوات الغرباء ثقيلة ، والحصار على أشدّه ، والزمن اثنان ؛ زمننا بطيء مقيّد كالحمار ، وزمنهم مفتوح حداثيّ كالمقصلة .

والطرقات موحشة ! إلاّ أن الكلاب وفيّة وتعرف كيف تربض أمام البيوت وتحمي الجثث الخضراء ، حتى لا يأخذها الجنود. وثمة عويل طويل يقطّع الليل ويذبح الأوردة .

والطرقات موحشة ، وثمة فتى يكتب بفرشاة الألوان على الحيطان ما يشقّق الوحشة ، ويشق ّ الباب ، ليدخل النور  ويبدأ النداء ..

***

لماذا تيتّم هذا الصغير؟ وماذا جرى كي يحرقوا أمَّه وأباه ؟ وماذا ينادي؟ وماذا يقول؟ سوى أن يكون انفجاراً مخيفاً بوجه الحياة!

***

وتباينت الآراء ، واختلفوا، وارتفعت الأصوات !

مَن سيعلّق الجَرس ؟!

 كان القطّ قد خلع القلادة ، وجاء على الجبنة كلّها.

***

مَن أصدقاؤك؟

 الغنم وعصا الراعي والشتاء والفستق الحلبيّ والحكواتي ومجلس الشرّ .. ألم تسمع بما اقترفه المجلس بحق الليل ؟

لا .. لم أسمع !

إذن ،  إسأل النهار ..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف