الأخبار
بايدن ونتنياهو يجريان أول اتصال هاتفي منذ أكثر من شهرإعلام إسرائيلي: خلافات بين الحكومة والجيش حول صلاحيات وفد التفاوضالاحتلال يفرج عن الصحفي إسماعيل الغول بعد ساعات من اعتقاله داخل مستشفى الشفاءالاحتلال يغتال مدير عمليات الشرطة بغزة خلال اقتحام مستشفى الشفاءاشتية: لا نقبل أي وجود أجنبي بغزة.. ونحذر من مخاطر الممر المائيالقسام: نخوض اشتباكات ضارية بمحيط مستشفى الشفاءالإعلامي الحكومي يدين الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق الطواقم الصحفيةمسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي"إسرائيل حولت غزة لمقبرة مفتوحة"تقرير أممي يتوقع تفشي مجاعة في غزةحماس: حرب الإبادة الجماعية بغزة لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي صورة انتصارفلاديمير بوتين رئيساً لروسيا لدورة رئاسية جديدةما مصير النازحين الذين حاصرهم الاحتلال بمدرستين قرب مستشفى الشفاء؟جيش الاحتلال يعلن عن مقتل جندي في اشتباكات مسلحة بمحيط مستشفى الشفاءتناول الشاي في رمضان.. فوائد ومضار وفئات ممنوعة من تناولهالصحة: الاحتلال ارتكب 8 مجازر راح ضحيتها 81 شهيداً
2024/3/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ربعي المدهون مختلف بقلم:عفيف شليوط

تاريخ النشر : 2015-10-13
ربعي المدهون مختلف بقلم:عفيف شليوط
ربعي المدهون روائي مختلف

عفيف شليوط

لقد تسنّت لي في الأسبوع الماضي فرصة التعرّف على كاتب فلسطيني يقيم في لندن، وقد حاورته في أمسية ثقافية في مطلع هذا الأسبوع بمناسبة صدور كتابه الجديد، رواية "المصائر- كونشرتو الهولوكوست والنكبة" التي صدرت عن مكتبة كل شيء في حيفا  بإدارة السيد صالح عباسي، والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. قرأتُ الرواية خلال يومين بنهم لم أعهده من زمن طويل رغم أنها تقع في كتاب بلغ عدد صفحاته 266 ، رواية تختلف تماماً من حيث أسلوب الكتابة، الوصف، التعامل مع الزمن واللغة ، الكاتب مغامر الى أقصى الحدود، لا يترك أمراً إلّا ويجربه.

إنه الروائي المبدع ربعي المدهون، ابن المجدل عسقلان، والذي تنقّل من بلد الى آخر ، من القاهرة الى الاسكندرية، ومن عمان الى دمشق ، ومن بغداد الى موسكو فبيروت ونيقوسيا ، الى أن حطّ الرحال في مدينة الضباب، والتي لا يزال يقيم فيها ويعمل محرراً هناك، في جريدة "الشرق الأوسط". 

لم أقرأ روايته السابقة "السيّدة من تل أبيب" لكني قرأت عنها الكثير،  فلم تحظَ رواية فلسطينية معاصرة باهتمام النقاد والقراء على السواء بالقدر الذي حظيت به رواية "السيدة من تل أبيب"، فقد شكلت هذه الرواية منعطفا هاما في الأدب العربي عامة والفلسطيني خاصة، ولهذا وضعتها في برنامج قراءاتي، وكم أنا سعيد بأن ألج عالم هذا الروائي ، عالم غنيّ بالشخصيات المثيرة والصور والمشاهد غير العادية. اكتشفت وأنا أقرأ كتاب "المصائر- كونشرتو الهولوكوست والنكبة"  أن الروائي ربعي المدهون يجيد نقل الصور بشكل بارع، وينجح بالخروج من أحداث الرواية لكي يسيطر على آلية الكتابة ، ولا يستسلم للأحداث لتسيطر على أسلوب كتابته. فهو بين الوعي واللاوعي يتقن اللعبة جيّداً ، فيسترسل دون أن يجري حسابات، ولكنه يتقن فن التوقف والانتقال الى حالة أخرى ، دون أن تشعر بقطع أو توقف فجائي.

تحدث عن المكان بأسلوب مختلف ، حوّل المكان والصراع على المكان الى معادلة فيقول على لسان إحدى الشخصيات "يموت اليهود هنا يُدفنون هنا.. يموتون هناك ، يُدفنون هنا. أليس لهم "هناك"، حيث أقاموا آلاف السنين حتى يأتوا ويشاركونا ال "هنا" الوحيدة التي لنا"؟. هذه الكلمات ببساطتها عبّرت تعبيراً عميقاً عن الصراع العربي الاسرائيلي، الصراع على المكان، حرب الوجود، البقاء، سرقة الوطن، تغيير الحقائق التاريخية، كلّها تجدها في هذه الكلمات البسيطة جداً وغير المعقّدة، لكنها تقول الحقيقة المرّة والمؤلمة.

  طرح في روايته بجرأة قضية المرأة العربية الفلسطينية، فعندما تحدث عن فشل خطوبات جنين المتكررة ، إنما يُعرّي مجتمعنا الذكوري، الذي يريد المرأة حسب هواه ومزاجه، وعندما يقرر الرجل أن يرتبط بفتاة، يشعر أنه يمتلكها ويريد أن يحوّلها كما يريد، فهنالك من أراد أن يغيّر جنسية جنين، وهناك من أرادها أن تتحجّب ، وهناك من أراد أن تغيّر إقامتها.

طرق العديد من المواضيع، دخل الى التفاصيل، فحتى قضية تسلّم الكاتب الراحل اميل حبيبي لجائزة اسرائيل الأدبية لم تسلم من التعرّض لها في الرواية، فأبرز لنا التخبّط من قرار قبول اميل حبيبي تسلّم الجائزة عندما قال على لسان إحدى الشخصيات "الرفيق أبو سلام اتفوّق على أدبائهم ، ورفع من شأن الأدب العربي، وقعد فوق روسهم كلهم ودَندَل رجليه، كأنه قاعد ع صخرة في الطنطورية وامّدّد رجليه في ميّة البحر. طبعاً بيطلع له يحط اصبعه في زورهم كلهم، بعد ما صاد السمكة الكبيرة في البلاد، سمكة الأدب والثقافة. أشهد بالله العظيم (وكثيراً ما كان يشهد بالله العظيم) إنّه هالزلمة رفع رأسنا لفوق فوق، بس أوطى من العلم الاسرائيلي اللي مشي تحته وخلّاه أعلى من راسه ومن روسنا كلنا".

هنا، أراد الكاتب أن يبدي رأيه بالعديد من الأمور، حتى شخصيته، الكاتب ربعي المدهون دخلت في أحداث الرواية، فخرج ربعي من ذاته ليكتب عن ذاته "فتحتُ الصحيفة عشوائياً . قلبتُ صفحاتها. استوقفني في النصف الثاني من الصفحة الثقافية الثانية، مقال بعنوان "لا تصدقوهم .. لم ينسوني بعد أربعين عاماً"، فاجأني اسم كاتبه : ربعي المدهون. "يا الهي" ، صحت لي حتى كدت أسمعني. لم أعد أستبعد أن يكون صاحب الصحيفة الذي يحققون معه، الآن، هو المدهون نفسه. ماذا لو كان هو فعلاً؟ هل أسأله عن مصيري في روايته "السيدة من تل أبيب" التي جعلني بطلاً لها، وكتّبني رواية أخرى خلقت أنا أبطالها وصنعت أحداثها ؟".       

رواية "المصائر" تقف أمام الحاضر، لتستحضر الماضي بحلوه ومرّه، كتب عن فلسطين التي كانت وفلسطين اليوم، عن الذين يعيشون الماضي ويرفضون التسليم بالأمر الواقع. وكتب عن الآخر اليهودي، عن المستوطن والجندي من جهة، وعن الجارة اليسارية والفنانة مرهفة الحس من الجهة الأخرى. أراد أن يكون موضوعياً في عصر اللا موضوعية، ومحايداً  في زمن يرفض الحياد.

الذاكرة، هذا ما يُقلقنا، هذا الخوف الهستيري أن نفقد ذاكرتنا، فنكتب دائماً عنها وعن أحداث نرفض أن تُمحى من ذاكرتنا ، وهذا أمر يستحوذ على غالبية الروايات الفلسطينية التي كُتبت، وكأنه قدر الأديب الفلسطيني أن تكون النكبة والذاكرة حاضرة أبداً في نصّه، والسؤال الذي طرحته في الأمسية الثقافية في حيفا مع الروائي ربعي المدهون، والذي لا يزال يجول في خاطري، رغم الاجابة الدبلوماسية للكاتب ربعي المدهون على هذا السؤال في تلك الأمسية، متى يمكننا التعبير عن الذاتي والانساني بالاضافة لقضايانا السياسية والوطنية والتي لا أقلل من أهميتها؟!  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف