الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

لجوء بالإكراه بقلم د.يمان أحمد الابرزي

تاريخ النشر : 2015-10-12
دمشق الثلاثاء التاسعة والنصف صباحاً،الكهرباء مقطوعة كالعادة في هذا البيت الدمشقي المطل على حديقة الجاحظ إحدى حدائق دمشق، الحزن والهدوء والسكون بين زوايا جدران هذا المنزل هو نفسه المعرش بباقي بيوت دمشق هذه الأيام. أم سوسن التي لم تشأ بعد عمل فنجان قهوتها الصباحي كانت تنتظر استيقاظ ابنتها الوحيدة التي باتت عنوان حياتها المتبقي بعد استشهاد زوجها في غيابات السجون ، آثرت سوسن البقاء في المنزل استعدادا لامتحانات الفصل الدراسي الاخير ما قبل تخرجها ، لا يقطع كل هذا السكون إلا أصواتٌ بعيدةٌ لرصاصِ قناص يراسل الموت كل ساعة أو قذيفة هاون تسقط هنا أو هناك دون أي مقدمات ، تجلس أم سوسن في غرفتها الهادئة كالعادة تقرأ وردها الصباحي بينما تزقزق أو تسبح "كما تعتقد" بالقرب من نافذتها طيور الحَمامِ المُعَّرش على جذع الياسمين، تسْمعُ من بعيد صوت هاتفها يرن تحمد الله أن بطاريته ما زالت تعمل بعد ساعاتٍ من الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي تلتقط هاتفها بيدها اليمنى بينما تمسك بالأخرى مروحة خشبية اشترتها منذ مدة من بائع متجول فالمعدات التي لا تحتاج الى الكهرباء باتت الأكثر مبيعا هذه الأيام ، تنثر بضع نفحات من الهواء على وجهها الأحمر المتعرق بينما ترى رقما غير مسجل في سجل هاتفها الملئ بأسماء المعتقلين و المفقودين و الشهداء . لم تعتد ام سوسن خلال الفترة القليلة الماضية أن تستقبل أي اتصال من مجهول إلا أن حدسها كان مطمئناً هذه المرة وهذه المرة فقط ، تجيب فإذا بها امرأةٌ تكبرها بعشرات الأعوام تُعَرفُ عن نفسِها بأنها تبحث عن فتاة من عمر سوسن لابنها المغترب، تلتقط أم سوسن أنفاسها فهذه المرة الأولى التي يُستفسر عن سوسن بعد ابن خالتها أحمد الذي الى الان لم يتقدم بطلبها رسميا متعللاً بظروف دمشق القاسية.
تُنهي أم سوسن مكالمتها بسجدة شكر لله لكن على ماذا هي ذاتها لا تعرف ، تقطع سكينة المنزل بقرعها لباب ابنتها ، سوسن الغارقة في فوضى أحلام الموت و فقدان الأمل و الكأبة تفتح نصف عين في ظل سهرِ على ما تبقى لها من محاضرات، تصعقها أمها بالخبر فهي المرة الأولى التي يتقدم أحدهم لرؤيتها خارج اطار العائلة ، تستيقظ في ظروف أجزاء من الثانية بين هواجس فرح مغلقٍ بقوانين مجهولةِ المستقبل وهواجس حزنٍ من أسلوب تقليدي تكره تفاصيلهُ و واقع عشقٍ ساكنٍ لابن خالتها الذي لم يسعفه حظه في اغلب تفاصيل بداية الطريق نحوها فحياةُ الوسيم طويل القامة ذاك مليئةٌ بالبؤس و الخيبة .....
تسمع سوسن ذات الشعر المجدل الطويل المظلل بضوء الشمس و الوجه المختنق العينين المتفتحتين قهراً تفاصيل مكالمةِ تلك العجوز لأمها كانت تسرد لها دون توقف كيف وصفت لها جمال وطول قامتها، فالنساء عادةً لا يتقفون عن أي حديث يخص جمال أولادهم، وكيف استفسرت عنها وعن دراستها وكم كانت فرحة العجوز غامرةً حين عرفت أنها على أبواب التخرج من كلية الهندسة. تُنهي أمها قصة المحادثة بعبارة (واهم من كل شيء) أنه مقيم في ألمانيا منذ عشر سنين وهو يعمل هناك لن تركبي القوارب المطاطية ولن تصافحي الموت المتبعثر على الشواطئ لن تنامين في شوارع أزمير وفي جزر اليونان بالعراء لن تمشين مئات الكيلومترات وسط الغابات ولن ولن ..... إن تم الأمر ستذهبين الى هناك بالطائرة وسيستقبلك بالورود وبعدها بأشهر سأكون بجانبك بعيداً عن جحيم الحرب هنا يكفي أنها أخذت والدك منا، تجفف سوسن دمع والدتها فعند ذكر والدها كل جدران المنزل المعَبَقِ برائحته تحزن.
الثامنة مساءً يُدق باب المنزل، وسط الشموع تفتحُ عروسة المنزل الباب للعريس القادم من الغرب ولأمه العجوز، ابتسامةٌ مصطنعةٌ تطفو على سطح الوجه الجميل ترافقها عبارات الترحيب والتأهيل يجلسان تدخل إلى المطبخ تُحضر فنجان القهوة وسط قبلات الأمهات. تُنهي ترتيب صينية القهوة وسط توترٍ يجعلُ كل فناجين القهوة ترتعشُ خوفاً عنها تقترب منه تلمح بضعَ شعراتٍ بيضاء تجلس بهدوء أمامه تبادره بالسؤال عن عمره يجيبها تصمت لبرهةٍ تستذكر عمر والدها، تقطع أمه الصمت بعبارة عمر الرجل ليس عيباً توافقها سوسن الرأي بألمْ تُقرأ الفاتحة ويرحل ......

د. يمان أحمد الابرزي
الرياض
قبيل الغروب
11 اكتوبر 2015
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف