سارع لإختيار بطلك من القدس!
لم أكن أعلم أن وجه أبي يصبح هكذا عند الضحك، أذكر أن الصدمة طالتني حتى الذهول حين تعالت صوت قهقهته. فمنذ وقت إبصاري لنور الأرض، أخبرني صمت الجدران ومعاتبات عمتي وربما هدوء أمي أن والدي "لا يبتسم لرغيف الخبز الساخن"، لربما كانوا على حق ، خاصة أن طوال أعوامي الست، هذه أول مرة أشاهده يضحك.
سأدخل سريعا عن سبب انفراجة وجه أبي. خرجت من بوابة المدرسة وأشعر أنني ذاك الرجل الذي سيغير العالم ويعيد الإسلام مجده، كان مدرس التربية الإسلامية يتحدث عن " المهدي المنتظر " وهو لا يعلم أنه جالس بينهم! .
وصلت المنزل بالتزامن مع عودة الوالد من عمله فقبل كل شيء، وجهت له سؤلا " بابا كيف بدي أصير المهدي المنتظر؟!"، ضحك وضحك عاليا قائلا بعدما حبس أنفاسه، :" بس ترد على أمك وما تغلبها". تناولنا الغذاء سويا ثم راح يحدثني عن تفاصيل وقت نزول نبي الله وهكذا. بقيت لأشهر طويلة وأنا أتابع السماء أنتظر أن تسقط بطلي المفضل . مرت السنوات تباعا ولم أعد أذكر غير تلك الضحكة .
خط شاربي وبدأت حنجرتي تأخد بالتوسع؛ فلكل مرحلة في حياتي أجد بطلا ينتظرني يأخذني معه ويطير بي إلى عالم خاص، ها أنا أحدثكم عنه ، في سن مراهقتي كانت مدينتي بقعة ملتهبة، الأشقاء والأصدقاء والجميع لا يعرف إلا لغة الدماء والأحزاب، وبعد انتهاء ذروة الاقتتال، كان من أصدقائي من يضع على شاشة العرض لهاتفه المحمول صورة السيد اسماعيل هنية كونه البطل له ، وصديق أخر لا يجيد إلا رسم وجه الرئيس محمود عباس باعتباره بطله .
أما أنا فبطلي كان خارج الصندوق ، لا أعلم هل هذا بفعل سن المراهقة أم أنا لم أُمن بأحد كما أفعل اليوم . كانت بطلتي " انجولينا جولي " نعم الفاتنة الشرسة، أتابع أخبارها وأقلب بالساعات في أحد محركات البحث على الشبكة العنكبوتية عن صور نادرة لها ، يااااه كم أنتي فاتنة يا أنجل!. شكرا لك أنك جئتِ بطلة ً لي في وقت كانت غزة تنفث أبطلا للأحزاب .
هدأت رحلة الأبطال معي وروضت نفسي عن تقمص الشخصيات الأسطورية.
منذ عامين من صياغة هذا النص، أيقنت أنه لا يوجد شخص يستحق أن نلبسه رداء الأبطال، فدرجة الوعي التي وصلت إليها مع القناعة أن البطل يجتهد ليقال عنه في يومٍ ما . كذلك عدمت الثقة في الجميع حتى أنني أخون معظم كتب التاريخ الإسلامي والعربي التي تتحدث في جزيئتها عن إنجازات الأبطال الغير قابلة لشك عند الكثير من المثقفين .
لكن ... يبدو أنني كنت مخطئا، وربما سأعكف من جديد على لعبة الأبطال وأعود إلى زمن طفولتي ومراهقتي ..
أخبِروني بالله عليكم.. ذلك الشاب الذي يشبه وردة وضعت على باب كهف ينبعث منها بصيص نور لساكنيه بعد ما ترك كل شيء وذهب بسكين أخذها من مطبخ والدته إلى رقاب محتله ألا يصح أن نصرخ :" هذا بطلنا المُقدس ؟!".
لذلك من لديه بطل أو يبحث عن بطل أخر، أنصحه أن يتجه بنظره للمدينة المقدسة ويختار البطل الذي يناسبه؛ فالأبطال هناك كُثر..
لم أكن أعلم أن وجه أبي يصبح هكذا عند الضحك، أذكر أن الصدمة طالتني حتى الذهول حين تعالت صوت قهقهته. فمنذ وقت إبصاري لنور الأرض، أخبرني صمت الجدران ومعاتبات عمتي وربما هدوء أمي أن والدي "لا يبتسم لرغيف الخبز الساخن"، لربما كانوا على حق ، خاصة أن طوال أعوامي الست، هذه أول مرة أشاهده يضحك.
سأدخل سريعا عن سبب انفراجة وجه أبي. خرجت من بوابة المدرسة وأشعر أنني ذاك الرجل الذي سيغير العالم ويعيد الإسلام مجده، كان مدرس التربية الإسلامية يتحدث عن " المهدي المنتظر " وهو لا يعلم أنه جالس بينهم! .
وصلت المنزل بالتزامن مع عودة الوالد من عمله فقبل كل شيء، وجهت له سؤلا " بابا كيف بدي أصير المهدي المنتظر؟!"، ضحك وضحك عاليا قائلا بعدما حبس أنفاسه، :" بس ترد على أمك وما تغلبها". تناولنا الغذاء سويا ثم راح يحدثني عن تفاصيل وقت نزول نبي الله وهكذا. بقيت لأشهر طويلة وأنا أتابع السماء أنتظر أن تسقط بطلي المفضل . مرت السنوات تباعا ولم أعد أذكر غير تلك الضحكة .
خط شاربي وبدأت حنجرتي تأخد بالتوسع؛ فلكل مرحلة في حياتي أجد بطلا ينتظرني يأخذني معه ويطير بي إلى عالم خاص، ها أنا أحدثكم عنه ، في سن مراهقتي كانت مدينتي بقعة ملتهبة، الأشقاء والأصدقاء والجميع لا يعرف إلا لغة الدماء والأحزاب، وبعد انتهاء ذروة الاقتتال، كان من أصدقائي من يضع على شاشة العرض لهاتفه المحمول صورة السيد اسماعيل هنية كونه البطل له ، وصديق أخر لا يجيد إلا رسم وجه الرئيس محمود عباس باعتباره بطله .
أما أنا فبطلي كان خارج الصندوق ، لا أعلم هل هذا بفعل سن المراهقة أم أنا لم أُمن بأحد كما أفعل اليوم . كانت بطلتي " انجولينا جولي " نعم الفاتنة الشرسة، أتابع أخبارها وأقلب بالساعات في أحد محركات البحث على الشبكة العنكبوتية عن صور نادرة لها ، يااااه كم أنتي فاتنة يا أنجل!. شكرا لك أنك جئتِ بطلة ً لي في وقت كانت غزة تنفث أبطلا للأحزاب .
هدأت رحلة الأبطال معي وروضت نفسي عن تقمص الشخصيات الأسطورية.
منذ عامين من صياغة هذا النص، أيقنت أنه لا يوجد شخص يستحق أن نلبسه رداء الأبطال، فدرجة الوعي التي وصلت إليها مع القناعة أن البطل يجتهد ليقال عنه في يومٍ ما . كذلك عدمت الثقة في الجميع حتى أنني أخون معظم كتب التاريخ الإسلامي والعربي التي تتحدث في جزيئتها عن إنجازات الأبطال الغير قابلة لشك عند الكثير من المثقفين .
لكن ... يبدو أنني كنت مخطئا، وربما سأعكف من جديد على لعبة الأبطال وأعود إلى زمن طفولتي ومراهقتي ..
أخبِروني بالله عليكم.. ذلك الشاب الذي يشبه وردة وضعت على باب كهف ينبعث منها بصيص نور لساكنيه بعد ما ترك كل شيء وذهب بسكين أخذها من مطبخ والدته إلى رقاب محتله ألا يصح أن نصرخ :" هذا بطلنا المُقدس ؟!".
لذلك من لديه بطل أو يبحث عن بطل أخر، أنصحه أن يتجه بنظره للمدينة المقدسة ويختار البطل الذي يناسبه؛ فالأبطال هناك كُثر..