الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

نـجـيـب والـشـيـخ عــفــرة بـقــلم :حــســــن زايــد

تاريخ النشر : 2015-10-10
نـجـيـب والـشـيـخ عــفــرة بـقــلم :حــســــن زايــد
نـجـيـب والـشـيـخ عــفــرة

بــقـــلـم : حــســــن زايـــــــــد

( 1 )

 
لم أكن أحلم بالإقتراب من تلك المنطقة الخطرة التي يتواجد فيها عمالقة مصر سوي بصفتي قارئاً متعلماً حالماً ، حتي أنه عندما هبطت من قريتي إلي القاهرة ، كنت أتحسس مواضع الخطو ، لأنه جال بخاطري أن تلك البقاع التي وطأتها أقدامي ، هي هي ذات البقاع التي وطأتها أقدام هؤلاء العمالقة  العظام . وما زلت أذكر ذلك المشهد التلفزيوني الذي يظهر فيه نجيب محفوظ ماشياً ، وفي يده اليسري يحمل أوراقاً ، واليمني تتحرك للأمام والخلف ، كي تعينه علي المسير . ذلك الجسد النحيل الذي يحمل بين أكتافه رأساً مبدعاً . وهو يتخفي بين السطور والكلمات ، يصطحبك إلي عمله الإبداعي ، فتكاد تشعر بأنه لا يحمل قلماً ، وإنما فرشاة ترسم لك لوحة ، وتكتشف نمنماتها من خلال الكاميرا التي يحملها علي كتفه ، وهو ينقلك من نمنمة إلي أخري . وأثناء تجوالك تشعر أنك تتجول ليس بين صخور صماء ، وإنما تتجول بين كائنات حية ، تتحرك ، تتنفس ، تصدر أصواتاً ـ قد تكون منغمة ، وقد تكون غير ذلك ـ لكائنات مرئية وغير مرئية . وموجودات أخري غير الإنسان لها قوتها الخفية ، وسحرها المبهم ، وتأثيراتها الممتدة ، علي كافة الكائنات ، في حراك كوني مقصود ، متداخلاً ، متفاعلاً  ، حياً . إنك تخرج ـ حين تنتهي من القراءة ـ من العمل الإبداعي لنجيب محفوظ بمجموعة من الأصدقاء والمعارف الذين تعاملت معهم ، وعايشتهم ، وتعايشوا معك ، من خلال مناظر ومشاهد حياتية حية جري خلقها خلقاً من خلال تلك المعايشة . فأنت حين تدخل لعوالم نجيب محفوظ لا تدخل قارئاً ، وإنما تدخل مشاهداً مشاركاً حياً فاعلاً منفعلاً . تعالي لتري معي كيف يدخل بك نجيب محفوظ إلي عالم الشيخ عفرة أحد شخوص ملحمة " الحرافيش " . يقول نجيب محفوظ : " مضي يتلمس طريقه بطرف عصاه الغليظة ، مرشدته في ظلامه الأبدي " مضي في الزمن الماضي البعيد ، وكأن ذلك ديدنه منذ الأزل ، يتلمس في الزمن الحاضر ، كأنه أراد الربط بين ما كان أزلاً ، وما هو كائن الآن . والتلمس  هو التحسس برقة ، ويدل عليه قوله : " بطرف عصاه " ، رغم أن العصا غليظة بطبيعتها . هل يرجع ذلك إلي طول الصحبة مع هذه العلاقة الثلاثية بين الشيخ والعصا والأرض ؟ . ثم يكشف محفوظ عن سر تلك العلاقة الحميمية بقوله : " مرشدته في ظلامه الأبدي " . ويستطرد محفوظ في الكشف عن خبايا وخفايا الشيخ عفرة ، فيسلط بقعة الضوء علي ملمح آخر ، ولكن في ذات السياق : " مولاي يعرف مواقعه بالرائحة وحساب الخطوات ودرجة وضوح الأناشيد والإلهام الباطني " . مولاي من ولي ، وتعني دنا واقترب ، لغةً . واصطلاحاً لفظ يطلق علي مشايخ الدين ــ وسواء جري استخدامه بالمعني اللغوي أو الإصطلاحي ــ  فهو يهدف إلي الدنو من الشيخ والقرب منه ، بالإضافة إلي اعتباره من مشايخ الدين . ننتقل خطوة أخري لنتعرف علي طريقة تعرف الشيخ الضرير علي المواقع ، بعد أن كشف لنا كيفية تعرفه علي طريقة ، وحصرها محفوظ في أربعة وسائل هي : الرائحة ، وحساب الخطوات ، ودرجة وضوح الأناشيد ، والإلهام الباطني . فهو يحدد موقعه من خلال الرائحة المنبعثة منه ، فإن لم تكن فمن خلال حساب الخطوات التي مشاها من نقطة انطلاقه ، إلي جانب ذلك ، درجة وضوح الأناشيد المنبعثة من مسجد الإمام الحسين ، فكلما اقترب من المسجد كان الصوت أكثر وضوحاً ، فإن غاب كل ذلك التجأ إلي الإلهام الباطني . تلك هي وسائل الشيخ عفرة لتلمس طريقه ، والتعرف علي مواقعه علي طول هذا الطريق . وقد استخدم حاسة اللمس ، وحاسة الشم ، وحاسة السمع من الحواس الخمسة ، وقد استعاض عن الحاستين الأخريين الحساب ، والإستبطان الداخلي . وقد كانت الرحلة التي يقطعها الشيخ عفرة يومياً تبدأ من نقطة الإنطلاق من مسكنه إلي مسجد الإمام الحسين ، يقول محفوظ : " بين مسكنه علي مشارف القرافة  وبين الحارة يخوض أشق مرحلة في طريقه إلي الحسين وأعذبها " . ويدلك موقع المسكن علي الحالة الإجتماعية والإقتصادية التي كان يحيا الشيخ عفرة في كنفها وتحت ظلالها  ، وأجواء الحارات المصرية وأصدائها الإقتصادية والإجتماعية والنفسية . ومع مشقة الرحلة علي شيخ ضرير يعيش مثل تلك الظروف إلا أنه يشعر بعذوبتها ، لارتباط الرحلة بالإمام الحسين ، والجوانب الروحية والدينية التي تهيمن علي هذه الأجواء . مما يدلك علي تأصل التدين ، ودور الدين ، في حياة المصريين . الرحلة مع الشيخ عفرة لم تنته بعد ، وما زالت لرحلته بقية .

حــســـــن زايــــــــــد
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف