شيءٌ مما جرى!
عمر حمَّش
ويسألونك عن الموتِ؛ قلْ رأيته في عربتِهم، وعن الحياةِ؛ قلْ تذوقتُها فيها!
قلْ لمنْ جهلَ، ولمنْ لمْ يسعدْ من قبل!
يا كهلا ضربَتْه أنياب السنين ..
قلْ، وحدّثْ لمن اشتهى ببعضٍ مما مضى!
قلْ الآن وبلا خجلٍ، ولا تباهٍ، فالأمرُ كلّهُ لمْ يعدْ سوى ذكرى استحقَت إيرادَها ... منْ قبلِ أن يضيّعُها الزمن!
قلْ كيفَ هاجوا، وماجوا، وصاحوا فوق جثتك!
الزمانُ: أسابيع قليلة من انطلاقِ انتفاضتكم الأولى.
المكانُ: مخيمكم .. الذي كان مركز الدنيا .. ثمَّ أمسى اليوم نسيا منسيا!
قلْ كلمةُ السرِّ كانتْ: شتمُ ياسر عرفات!
وأنَّ إسرائيل هاجمتك، فأخرجتَ زعيمكم، ولسانك نظيفين من وسخِ ما دبروه!
قلْ يا فتى ذاك الزمان .. يا شيخ الحاضرِ المنسي!
كانت " الباور" سلخانةً متحركة .. تطوف في جوف الليل بلا منتهى، تتوقف في أزقة المخيم، لتزأر؛ وليزدادَ عددكم واحدا، يُجرُّ من كيس رأسه، تهمسُون: من الكريم؟
حتى صرتم سبعةً متقابلين بين جندهم.
وقل: كيف ناديت: يا "خيال" أ
أي يا جندي، كانت عويناتك على عينيك في ظلمة الكيس، وكان قد اشتدّ الضرب، وقد اعتقد جندهم أنّ باعتقالكم، سيوقفون هرولة الناس من خلفهم في الأزقة.
جباليا كانت جحيمهم الموعود، جباليا كانت الأخدود الذي هوت فيه إسرائيل ... كانت شارةَ شعب زهد بالوعود، ومهدَ بشارة المعركة الشعبيّة المجيدة ........................
قلت: يا " خيال" فجاءك أحدهم... لم تتوقع أن يجاورك ليقول: ما بك؟ وأن يتفهم أنَّ اللكمات قد تغرز زجاج العوينات في عينيك.
قال: أين أضعهما؟
ثمَّ علقهما على أزرار صدرك ...
بعد ذلك قل: كيف دار بينكما – تحت الضرب – حوارٌ، وكيف – تحت الضرب – قلت: لا حل إلا برحيلهم ..
قلْ يا فتى ذاك الزمان .. تحدّثْ ..
قل: أنهم شبعوا منكم، وارتووا، وأنتم موثقو الأذرع، مقفلو الأعين بالأكياس .. ..
قُلْ بلا تباهٍ .. فالوطن يستحقّ أكثر مما كان ..
وكيف أن ضابطهم الأرعن أوقف "الباور" في زقاق، ونزل. وصاح بالعبريِّةِ: " إسفرا" ويعني " عدد" فعددتم، وعرفت أنكم سبعة ..
وكيف أنك – لحظتها - فهمت أن كارثة ستقع، وأنت الذي على خلايا الرفاق كنتَ تطوف؛ توّزع مذكرة
" تقاليد مجيدة" التي تشرحُ فنّ الصمود في وجه الجلاد ..
قُل أنك كنت صاحب الرقم أربعة، وأنّ الضابط المسعور صاح:
من يسمع رقمه يقول: عرفات ....!
قل: كيف أحلكت، وأنَّك تهيأت لمغادرة الدنيا .. لكنَّك بقيت، وأنَّ الضابط هو من انهار ..
قل: كيف أوقفت مهزلة شتمَ ربان سفينتكم، وأفهمت الوغد أن ثمة عربيّا في
" الباور" يقول: لا ..
قل: كيف صاح حين لم تشتم: أووووه زي ممزيل قدول .. زي عفريان .. زي ملخلاخ ..
قل: كيف اكتشف أن سبب خراب إسرائيل الآتي موجود في العربة، وكيف في ثلاث جولات هاجموك جميعا، بكل ما يملكون، من عصيٍّ، وأكعاب بنادق، وقبضات، وكيف تسلى أحدهم بإطفاء سيجارته في لحمك، قل: كيف كان الضابطُ يصيح بعد كل جولة؛ لتشتم، حتى صار يستجديك، وكيف أنك ودّعت، وأقبلت على الموت، بل كيف اعتقدت أنك ميّت، وحتى تتيقن من أنفاسِك؛ أشعلت لسانك، وشاغلته بشتم ملوكهم من ابن غوريون حتى رابين .. قل يا فتى .. كيف أن ضابطهم في داخلِه بكى .. وأنَّ العربة سارت من غير أن تشتم ياسر عرفات .. وكيف لم يلطخ وجهكَ العار، وإن كان ملطخّا بالدم ..
قل يا فتى ذاك الزمان بلا تباهٍ .. وحدّثْ، فحديث الذكرى ينفعُ فتيان اليوم ..............
عمر حمَّش
ويسألونك عن الموتِ؛ قلْ رأيته في عربتِهم، وعن الحياةِ؛ قلْ تذوقتُها فيها!
قلْ لمنْ جهلَ، ولمنْ لمْ يسعدْ من قبل!
يا كهلا ضربَتْه أنياب السنين ..
قلْ، وحدّثْ لمن اشتهى ببعضٍ مما مضى!
قلْ الآن وبلا خجلٍ، ولا تباهٍ، فالأمرُ كلّهُ لمْ يعدْ سوى ذكرى استحقَت إيرادَها ... منْ قبلِ أن يضيّعُها الزمن!
قلْ كيفَ هاجوا، وماجوا، وصاحوا فوق جثتك!
الزمانُ: أسابيع قليلة من انطلاقِ انتفاضتكم الأولى.
المكانُ: مخيمكم .. الذي كان مركز الدنيا .. ثمَّ أمسى اليوم نسيا منسيا!
قلْ كلمةُ السرِّ كانتْ: شتمُ ياسر عرفات!
وأنَّ إسرائيل هاجمتك، فأخرجتَ زعيمكم، ولسانك نظيفين من وسخِ ما دبروه!
قلْ يا فتى ذاك الزمان .. يا شيخ الحاضرِ المنسي!
كانت " الباور" سلخانةً متحركة .. تطوف في جوف الليل بلا منتهى، تتوقف في أزقة المخيم، لتزأر؛ وليزدادَ عددكم واحدا، يُجرُّ من كيس رأسه، تهمسُون: من الكريم؟
حتى صرتم سبعةً متقابلين بين جندهم.
وقل: كيف ناديت: يا "خيال" أ
أي يا جندي، كانت عويناتك على عينيك في ظلمة الكيس، وكان قد اشتدّ الضرب، وقد اعتقد جندهم أنّ باعتقالكم، سيوقفون هرولة الناس من خلفهم في الأزقة.
جباليا كانت جحيمهم الموعود، جباليا كانت الأخدود الذي هوت فيه إسرائيل ... كانت شارةَ شعب زهد بالوعود، ومهدَ بشارة المعركة الشعبيّة المجيدة ........................
قلت: يا " خيال" فجاءك أحدهم... لم تتوقع أن يجاورك ليقول: ما بك؟ وأن يتفهم أنَّ اللكمات قد تغرز زجاج العوينات في عينيك.
قال: أين أضعهما؟
ثمَّ علقهما على أزرار صدرك ...
بعد ذلك قل: كيف دار بينكما – تحت الضرب – حوارٌ، وكيف – تحت الضرب – قلت: لا حل إلا برحيلهم ..
قلْ يا فتى ذاك الزمان .. تحدّثْ ..
قل: أنهم شبعوا منكم، وارتووا، وأنتم موثقو الأذرع، مقفلو الأعين بالأكياس .. ..
قُلْ بلا تباهٍ .. فالوطن يستحقّ أكثر مما كان ..
وكيف أن ضابطهم الأرعن أوقف "الباور" في زقاق، ونزل. وصاح بالعبريِّةِ: " إسفرا" ويعني " عدد" فعددتم، وعرفت أنكم سبعة ..
وكيف أنك – لحظتها - فهمت أن كارثة ستقع، وأنت الذي على خلايا الرفاق كنتَ تطوف؛ توّزع مذكرة
" تقاليد مجيدة" التي تشرحُ فنّ الصمود في وجه الجلاد ..
قُل أنك كنت صاحب الرقم أربعة، وأنّ الضابط المسعور صاح:
من يسمع رقمه يقول: عرفات ....!
قل: كيف أحلكت، وأنَّك تهيأت لمغادرة الدنيا .. لكنَّك بقيت، وأنَّ الضابط هو من انهار ..
قل: كيف أوقفت مهزلة شتمَ ربان سفينتكم، وأفهمت الوغد أن ثمة عربيّا في
" الباور" يقول: لا ..
قل: كيف صاح حين لم تشتم: أووووه زي ممزيل قدول .. زي عفريان .. زي ملخلاخ ..
قل: كيف اكتشف أن سبب خراب إسرائيل الآتي موجود في العربة، وكيف في ثلاث جولات هاجموك جميعا، بكل ما يملكون، من عصيٍّ، وأكعاب بنادق، وقبضات، وكيف تسلى أحدهم بإطفاء سيجارته في لحمك، قل: كيف كان الضابطُ يصيح بعد كل جولة؛ لتشتم، حتى صار يستجديك، وكيف أنك ودّعت، وأقبلت على الموت، بل كيف اعتقدت أنك ميّت، وحتى تتيقن من أنفاسِك؛ أشعلت لسانك، وشاغلته بشتم ملوكهم من ابن غوريون حتى رابين .. قل يا فتى .. كيف أن ضابطهم في داخلِه بكى .. وأنَّ العربة سارت من غير أن تشتم ياسر عرفات .. وكيف لم يلطخ وجهكَ العار، وإن كان ملطخّا بالدم ..
قل يا فتى ذاك الزمان بلا تباهٍ .. وحدّثْ، فحديث الذكرى ينفعُ فتيان اليوم ..............