الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

روسيا والحرب في سوريا والتحالف الجديد هل يتجه العالم إلي ثنائية القطبيية؟ بقلم:د.عز الدين ابو صفيه

تاريخ النشر : 2015-10-07
روسيا والحرب في سوريا والتحالف الجديد  هل يتجه العالم إلي ثنائية القطبيية؟
بقلم:د.عز الدين ابو صفيه
روسيا والحرب في سوريا والتحالف الجديد

هل يتجه العالم إلي ثنائية القطبيية؟

مع إنهيار الاتحاد السوفيتي وتفككه وتبعثر الكتلة الشرقية والتي كانت بمثابة قوى متحالفة تشكل صمام الأمان يمنع تفرد الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الغربية ورأس حربتها حلف الناتو بالتحكم بالعالم وتنفيذ سياستها ومحاولاتها تشديد الحصار على الاتحاد السوفيتي، انخرطت كثير من دول الكتلة الشرقية وبعض الدول الناتجة عن تفكك الاتحاد السوفيتي في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، فأصبحت دولة روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفيتي سياسياً وعسكرياً وحافظت على مقرها الدائم في الأمم المتحدة مما جعلها تمتلك أدوار تمكنها من الوقوف بشكل خجول أمام السياسات الأمريكية والغربية في العالم وخاصة أنها كانت ترزح تحت اقتصاد منهك خارج من تأثير عقود من الحرب الباردة، فلم تكن إدارة الرئيس الروسي يلتسن آنذاك وبسبب تلك الأوضاع تمكنه من أن يكون صاحب قرار شجاع يعيد إلى روسيا هيبة الاتحاد السوفييتي السابق، ومع تدهور الوضع الصحي للرئيس الروسي الأسبق يلتسن وعدم إمكانية خروجه بشكل مطلق من فكره السياسي القديم ، وهو المتطلع لأن تصبح روسيا ضمن المنظومة السياسية العالمية كلاعب رئيس يؤثر في القرارات الأممية على الصعيد الدولي والعالمي والإقليمي، وحيث أن تلك التطلعات يلزم لتفعيلها وتحقيقها على أرض الواقع أن رأى بأن روسيا بحاجة ماسة لرئيس يتمتع بكل القدرات (الشجاعة والخبرة الأمنية والقدرة على اتخاذ القرارات وتطبيقها وكذلك القدرة الذهنية والبدنية) فكان أن أوكل رئاسة روسيا إلى فلاديمر بوتين، ولا نريد الخوض في آلية اسناد هذا المنصب المهم والخطير لرجل الكي جي بي، وكل ما يهمنا أن بوتين قاد روسيا من خلال ثلاث مرتكزات(اقتصادية، وأمنية عسكرية، وسياسية) حتي يتمكن من تحقيق هدف روسيا الأسمى بأن تتمكن من عدة أمور الأول إعادة ترميم وتوسيع علاقاتها مع دول كانت حليفة للاتحاد السوفيتي وتربطها به مصالح اقتصادية وأمنية والثاني المسار الأمني العسكري لإعادة الهيبة العسكرية والسياسية لروسيا لذا سلك ثلاث مسارات:

الأول: المسار الاقتصادي: وذلك لتحسين وضع روسيا إقتصادياً من خلال فتح أسواق جديدة لتصدير الغاز وزيادة إنتاجه منه، وتحسين الصناعات العسكرية بحيث تصبح الأكثر رغبة في الشراء من جميع الدول حتي غير الحليفة له، وفي هذا الإطار انصب تركيزه على الصناعات العسكرية المتطورة ذات التقنيات العالية مما فتح شهية كثير من الدول لشراء وامتلاك مختلف الأنواع من الصناعات العسكرية والتي أصبحت مصدر دخل له غير مستهان به.

الثاني: المسار الأمني والعسكري وإعادة الهيبة العسكرية والأمنية لروسيا وذلك من خلال تطوير أنظمة الاستخبارات والتنصت لديها وإنشاء نظم معلوماتية متطورة ومحوسبة فضائية وأرضية وقامت بتطويرها بشكل شكل مفاجآت للدول الغربية وأمريكا، وإلى جانب ذلك عمدت روسيا إلى إعادة هيكلة منظوماتها الدفاعية والهجومية والصاروخية والقاذفات الاستراتيجية والقوات البحرية ومنظومة الصواريخ بكافة أشكالها التكتيكية والإستراتيجية والنووية، وكل ذلك كان يصب في إطار تحقيق هدف روسيا بإعادة الهيبة لها، وقد مكنها ذلك من اتخاذ مواقف صلبة في القضايا الدولية وفي مؤسسات الأمم المتحدة متحدية السياسة الغربية والأمريكية فاستخدمت العديد من المرات حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع قرارات تتعارض ومصالحها ومصالح حلفائها وكان آخرها سعيها لافشال القرارات المتخذة بحق النظام والرئيس السوري وغيرها كثير من القرارات التي تتعارض والمصالح الروسية وفي أكثر من مكان وقد بدى هذا جلياً في أوكرانيا وإعادة شبه جزيرة القرم إلى الوطن الأم روسيا بطريقة لم يستطع حلف الناتو اتخاذ أية خطوة عسكرية ضد السلوك الروسي، ولم يستطع أن يعالج هذه القضية سياسياً حيث كان النجاح حليف روسيا في إفشال أيّ تحرك سياسي ضده.

الثالث: المسار السياسي: حافظت روسيا على علاقاتها مع الدول التي تربطها معها اتفاقيات إقتصادية وسلكت سلوكاً داعماً لها في كافة المحافل الدولية والإقليمية وفي إطار حالة التوازن في العلاقة مع المجتمع الدولي وقوانين وأنظمة الأمم المتحدة ونأت بنفسها عن أيّ تدخلات عسكرية في أيّ من الدول باستثناء الدول التي يشكل امتدادها الجغرافي أمناً قومياً لها وقد تسببت تلك المواقف بخسارتها الحفاظ على علاقاتها مع كثير من الدول، إلا أنها سعت دائماً إلى فتح باب العلاقات الدولية مع دول كانت بالأمس القريب ذات خلاف عقائدي وسياسي وإقتصادي معها وقد نجحت في تحقيق التغيير في مواقف تلك الدول اتجاه روسيا وسياستها بعد أن نجحت الأخيرة في إثبات وجودها السياسي، وفي ظل تعثر إيجاد أيّ حلول سياسية إقليمية لقضايا وصراعات انفرد بحلها الغرب وأمريكا لذا باتت معظم الدول الإقليمية على قناعة بأن لا حلول سياسية في المنطقة بعيداًعلى روسيا وقد بدى ذلك جلياً في قضيتين هامتين الأول القضية اليمنية والحرب الدائرة بين النظام والحوثيين والتدخل السعودي ضمن التحالف المشكل لمحاربة الحوثيين وإعادة الحكومة الرسمية إلى مكانها ودخول إيران على خط الصراع اليمني من خلال دعمها للحوثيين، وكان آنذاك الموقف الروسي رافضاً لأيّ توجه عسكري مباشر ضد الحوثيين في موقف لم يخف على أحد وهدفت روسيا من وراء ذلك دعم الموقف السياسي الإيراني تجاه ذلك الصراع وبات لدى التحالف العربي قناعة لا حل سياسي أو أمني بدون روسيا.

وأما القضية الثانية وهي الحرب في سوريا والتي لعبت في ساحتها أطرف عدة، عربية كالسعودية وقطر، وغربية كأمريكا والدول الأوروبية، وإقليمية كإسرائيل وتركيا، وإيران، وحزب الله، إلا أن تعدد وتنوع اللاعبين في ساحة الصراع تحت غطاء محاربة النظام ودعم القوى المعارضة للنظام السياسي السوري والرئيس بشار الأسد أو محاربة تنظيم داعش أو تصارع الأخير مع الحركات المسلحة الأخرى مثل جبهة النصرة والجيش الحر وغيرها من المجموعات المسلحة ذات المسميات الإسلامية، أدى ذلك بقيام أمريكا والدول الأوروبية بتشكيل تحالفاً ضم إليه مجموعة من الدول العربية سابقة الذكر وغيرها لهدف معلن وهو محاربة داعش، إلا أن الهدف الخفي من وراء ذلك وغير المعلن هو محاربة النظام السياسي في سوريا وإسقاطه وإخراج بشار الأسد من أيّ تصور لأيّ حل سياسي في سوريا. فكيف تعاملت روسيا مع هذا التحالف وتلك المواقف والأهداف الغربية المعلنة وغير المعلنة والساعية إلى تغيير النظام في سوريا وتقسيمها إلى دويلات في ظل أن سوريا تعتبر آخر معاقل روسيا في الشرق الأوسط والذي يحوى قواعد عسكرية وبحرية لها وهي الوحيدة في البحر المتوسط، كما أن سوريا تعتبر ضمن المجال الأمني القومي الروسي بل الدائرة الأمنية القريبة إلى حدودها الجنوبية الغربية، وأن أيّ نجاح للغرب بإسقاط النظام في سوريا سيسمح ذلك بتمدد الإرهاب إلى أراضيها عبر داعش والقاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية ذات الصبغة الدعائية الإسلامية والتي من المتوقع أن تلقى المساعدة والدعم البشري من الدول الإسلامية المنبثقة عن تفكك الإتحاد السوفيتي سابقاً، أو دول قائمة وتسعى لتحقيق هدف إشغال روسيا وإنهاكها في صراع مفتوح مع الإرهاب في داخل أراضيها، وقد أسس ودعم هذا التوجه كل من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وتركيا، وهي جميعاً المؤسس والداعم والممول لتنظيم داعش والمحافظ عليه من الزوال وهذا يفسر عدم جدية أمريكا ولا التحالف الذي شكلته للقضاء على تنظيم داعش بل جندت له متطوعين من الكثير من الدول وزودته بأسلحة متطورة ليس فقط لهدف إسقاط النظام بل لانهاكه وإطالة أمد الحرب في سوريا بحيث تصبح تشكل خطراً حقيقياً عليه ومن ثم جر روسيا إلى مربع ومستنقع الصراع في سوريا، وقد كانت روسيا مدركة لهذا التوجه الأمريكي الغربي فدفعت بالعديد من المساعدات الاستخبارتية والمعدات العسكرية للجيش السوري وسمحت بإطلاق إيران أياديها ومقاتليها وأسلحتها لدعم النظام والجيش السوري ضمن ما عرف بتحالف إيراني سوري وحزب الله للقضاء على المعارضة السورية بكافة أذرعها وأشكالها ومسمياتها العسكرية، وعلى الصعيد السياسي أعلنت روسيا أن سوريا هي حليف لها وأنها لن تسمح بالمساس بالنظام السياسي فيها ولا بالرئيس بشار الأسد وأن ذلك يشكل الخطوط الحمر لديها فأرسلت رسائل مباشرة لتركيا وإسرائيل ولأمريكا بهذا المعنى، ولم يكتف الرئيس بوتن بذلك بل عمد إلى التشاور مع كل الدول الصديقة له عربيةً وغربية وإيران والصين وكوريا الشمالية وذلك حول الصراع والحرب في سوريا، وقد سبق ذلك إرهاصات وتلميحات وتصريحات تظهر وتكشف نية روسيا القادمة وقد كتبنا مقالاً سابقاً حول ذلك بعنوان ( واكتملت الاستعدادات الروسية لدخول الحرب في سوريا) فكان ذلك وبقوة وقد لاحظ الجميع وسمع الهدف من العملية العسكرية الروسية في سوريا والتي حققت نجاحات عسكرية مهمة على الصعيد الميداني كما حققت الصدمة المربكة لأمريكا وحلفائها ولكن يبقى السؤال المهم ماذا تهدف روسيا من دخول تلك الحرب؟

وحتي لا نطيل في هذا المقال نورد الإجابة على هذا السؤال في نقاط قد تتيح لباحثين وكتاب الرأي تناولها بشكل أشمل من التحليل وتسليط الضوء عليها وهي:

1-                       أن روسيا في إطار علاقاتها التحالفية مع حلفائها بأنها صادقة وجادة في حمايتهم.

2-                       حماية مصالحها الأمنية والإستراتيجية وقواعدها العسكرية وفتح مجالات وساحات أكبر للحفاظ على أمنها القومي.

3-                       إرسال رسالة لأمريكا والغرب بأن روسيا جادة في تعاملها مع القضايا التي تعتبرها في إطار الساحات الأمنية لها وأنها تسعى دائماً ألا تتجاوز القانون الدولي كما تفعل أمريكا.

4-                       إظهار عدم رغبة أمريكا وتحالفها في إنهاء الحرب في سوريا والقضاء على داعش وقصورها في ذلك، بل تحاول التأكيد على أنها تريد إطالة أمد الخرب في سوريا لتدميرها وتقسيمها وإضعافها بحيث تصبح لا تشكل أيّ خطرا على إسرائيل.

5-                       التأكيد على الوجود الفعلي للتحالف الروسي السوري الإيراني وحزب الله وتسعى روسيا من خلال وجود هذا التحالف إلى توسعته بحيث يشمل كل من الصين وكوريا الشمالية وممكن إضافة الهند لهذا التحالف وقد يمتد إلي بعض الدول الأخرى الأقل قوة والرافضة  للهيمنة الأمريكية، ويفسر هذا التوجه المواقف الروسية ومواقف بعض الدول المؤيدة للموقف الروسي من السياسة الأمريكية التي تظهر بمظهر الداعمي لها، ومن هذه المواقف:

أ‌-   الموقف السياسي المصري من الأزمة السورية ورفض القيادة المصريية من التدخل في الحرب ضد النظام السياسي السوري ورفضها تقسيم سوريا وإن كانت تظهر بمظهر الموقف المحايد من الأزمة إلا أنها مؤخراً لم تسمح لقيادة  المعارضة السورية في آخر إجتماع لها في القاهرة  بالتهجم على النظام السياسي في سوريا.

ب‌-                     الموقف الصيني المراقب جيداً لما يدور في سوريا، ومحاولة روسيا إشراكها في الأزمة من خلال وضعها في صورة الأحداث وتشاور روسيا معها قبل العمليات العسكرية الروسية في سوريا، ولم يبقى الموقف الصيني عند حد المراقبة، بل أرسلت الصين إلى البحر المتوسط بحاملة طائرات وعدد ثلاث سفن حربية تحسباً لأيّ تطورات في المنطقة.

ت‌-                     موقف كوريا الشمالية من الأزمة السورية فقد أعلنت عن تهديدات طالت تركيا تحذرها من إنزلاقها مع أمريكا لمربع الصراع والحرب في سوريا وأن ذلك سيعرضها إلى التدمير والإزالة عن الوجود من قبل الصواريخ النووية التي ستطلقها كوريا الشمالية تجاه أراضيها.

 إذن في ظل هذا التفاهم والتحالف تصبح الصورة واضحة وإن لم تكن مكتملة بالشكل الذي نستطيع معه أن نسميه حلفاً على غرار حلف الناتو، إلا أننا لا نستبعد حدوث كافة الترتيبات لإتمام ذلك لا سيما وأن المنطقة      حُبلى بكل الاحتمالات والتوقعات وقابلة للانفجار بشكل أو بآخر، ومن هنا يبرز السؤال التالي هل بات العالم على أبواب إنتهاء التفرد الأمريكي بقيادة العالم وإنتهاء أحادية القطب وعودة القطب الآخر إلى الساحة السياسية الدولية، وإلى حالة خلق التوازن السياسي بين قطبين قديمين جديدين وفق نظام أممي جديد يتم صياغته وفق معايير وقيم ومفاهيم جديدة تأخذ في الاعتبار القوة الروسية المتعاظمة وحقوق الشعوب الضعيفة؟، أم أن العالم داخل في حالة حرب باردة جديدة هدفها الاستقطاب وسعى كل قطب لهزيمة الآخر من خلال تلك الحرب الباردة؟.

د. عز الدين حسين أبو صفية

6/10/2015
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف