الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

دراسة تحليلية ونقدية (لومضتين فنتازيا) للقاص زياد صيدم ، بقلم خولة الراشد

تاريخ النشر : 2015-10-07
دراسة تحليلية ونقدية (لومضتين فنتازيا) للقاص زياد صيدم ، بقلم خولة الراشد
دراسة تحليلية ونقدية (لومضتين فنتازيا) للقاص زياد صيدم ، بقلم خولة الراشد:
فنتازيا (ومضتان ):
يتأمل مذهولا أفقها القرمزي ، انزلق في بحرها الغزال!
يستشعر نبضها ثورة كامنة، أبهره شظايا بركانها المتطاير! زياد صيدم
*****************************

*أولاً: لا بُدَّ وأن نعرف ما هي" الفَنْتازْيــا" :
هي أسلوب أو شكل معيَّن يؤلَّف وفق خيال المؤلِّف
وهي: خليط من أحداث دراميّة تجمع بين الفكاهة والتراجيديا (1)
الفنتازيا في الأدب العربي:
تسمى أيضا أدب الخيال ويعرف.. الخيال الواسع والأساطير والخرافات ذات الشعبية الواسعة، والتي تتمتع بجاذبية قوية بسبب قدرتها على أخذ المشاهدين في رحلة جميلة في فضاء الخيال،، ويتميز هذا النوع من الفن بقدرته على التشويق والإثارة القائمين على الغموض،(2)
وأعتقد أن الكاتب ركز على التأمل: لأن التأمل هو التركيز على موضوع خارجي أو شعور داخلي والاستغراق لا يتجاوز إلا التدبر و الهدوء.لذا يقول بعض الحكماء: في التأمل يصمت العقل، ويقصدوا بذلك ينصرف العقل عن تفكيره الموضوعي إلى ما وراء الواقع.
ومن خلال المعاني أبدأ في تحليل الومضة.
************************************
الدراسة:
1- مقدمة
ـــــــــــــــــــ
تَخْتَرق الفنْتازيا أوراق القاص( زياد صيدم ) مع بطله المُندفع ، ليصنع له قانون بمواصافات خاصة اجتماعيَة وأخرى منوّعة خياليّة ، بوَمضة لا حدود لها ، يُدهش بها القارئ ، لعلّه يَبني له قارباً يُبحر به في أعماق فِكرهُ الخياليْ، ويُحقق ما يراه من بُعْد ، سواء في المَنطق أو اللامنطق، مُتعدياً جميع الألوان التي يتدبّرها ، إنّ (زياد) كاتب وقاص يعشق الألوان ،بل يبحث عن لون جديد ، هذا ما أَلْحَظْهُ في ومضاته ، ومن هنا نلمس أنه يتذوَق بحواسه الكلمات .. كيف لا ولحساسية قلمه وَقْعٌ على أدَبه ! ( فزياد قَدَرْ ) يُخاطر ويعاند بقَدره الحقيقة ، مُستعينا بالطبيعة والإنسان، لعل تلك ( الفنتــازيـا )تحقق الأمل بالتأمل وتنفض الألم ،بأمر من قلمه لبطله الذي يوجهه في عدة أمكنة زمانية واتجهات يشكّلها كما يريد ويشاء ، ومع تلك المعاني( وعنوان )الومضتين ، نلاحظ أن الكاتب يندفع مع بطله المنجرف ، فبطله يتجرّأ على الطبيعة ليقذف الرصاص بحروف الكاتب من خلف الأفق والخيال الجميل ، إلى درجة أننا لا نستطيع أن نستدّل على طريقهم ، ولا هو ذاته لأنه طريق لا نهاية له إلى حدْ
( الخرافة) !!
يوجّه الكاتب ( زياد صيدم ) حُكمه الصارم على البطل ليقوده نحو فكرة تُسيطر على روح البطل الخُرافي المندهش والآتي من كوكب لم يَسبق له وأنْ رآه ، وكأن الكاتب يريد أن يوصّل للقارئ معنــى (الفنتــازيـا) التي يقرأها في عيون بطل الومضة ، لتخرج منه تلك الشرارة إلى -ما وراء- الطبيعة .. فاسم البطل أو الفاعل ( مذهول) لأنه جزء من- اسم الفاعل- و الألف (اً )هي الحاسة التي يحرك المتأمل بها - بصره - . وسأبيّن للكاتب والمتلقي لما أطلقت عليه هذا الاسم ، برأي لأنه يرسم للبطل موقع لاوجود له على الكرة الأرضية ، أعتقد الكثير يرفض هذا النوع من الكتابات والتي تتعلق (إلى ما وراء) الخيال و الطبيعة والخرافة والأسطورة وعلم الغيب وكأن الكاتب يريد أن يقول (يتأمل المتأمل الخيال و سحر الطبيعة.. أو الاختراع . وفي كلمة ‏‎frown‎‏ رمز تعبيري مذهولاً ) يخفي الكاتب البطل ويتخفى وراء المعنى الحقيقي بحاسة البصر فنتصور البطل ..المتأمل يتأمل، أو يفكر، و يتعمق في تفكيره إلى عالم مسترسل دون أن يتوقف سيلان قلم الكاتب بفكره .(رائع)
، مستخدما برشاقة قلمه الذي قد يُشعل به معاني لا تنتهي وقد تخلق بلمح البصر إلى فكرة تحطّم بها أمم أو تغيرها
*
يحاول الكاتب في (الومضة الأولى) أن يجاهد بمعركة هجوميّة ضدّ فكرة غير محددة من قلمه ويصنع لبطله سلاح (وقائد) يوجّه من خلال صمته واتصاله بالعالم الخارجي ويشكلها بحواسه، ثم يُشعل ومضته المكثّفة في مساحة لا حدود لها، حتى تخترق (الفنتــازيا ) ما وراء الخيال ، -يا- لَهُ من كاتب يشتعل بنار الحروف، يا له من كاتب فضولي يحاول أن يبحث عن الوجود وهو في مكانه... إنه يذكرني بجنون الكاتب إذا كتب وأشعل النار في الأرواح وقضى بفكرته على أمة ،لتتفجر مساحات يحددها ذاك البطل ، و لا نعلم هل سيطلعنا بجنونه إلى ما وراء الحجاب كما هو في( الفنتــازبـا) فيرسم بذكاء تَخْطيطيْ و هَنْدَسيْ بين -الواقـع والخيـال- لييشدْ بها حباله ! وإني أقف أمام الكاتب لأسأله هل هي ومضة إنسانية ، أم هي أزليّة ، أم لا وجود لها ،أم هي ومضة كونيّة !!؟
وأعود لأسأل نفسي من هو البطل الذي يخترق الأفق ويبحر ليبحث عن الحقيقة بجرأة خيالية !!؟
الإجابة البطل هو : (المتأمل الإنسان).. للواقع إلى - ما وراء- الخيال و ( هو) المجني عليه لأنه مذهول و مندهش بمشاعر قلقة.
والبطلة الضمير(هي) في (الطبيعة) فالفاعل المجني عليه وهو ضمير مستتر.. وراء الخيال.. والطبيعة ؟ هي الجانية / والفرق واضح بين الدهشة والتأمل والدهشة/ وبين البركان والأفق/ لذا الومضة تبدو خياليّة واقعية مشتعلة بحرارة( الفنتــازيـا الخيالية )والومضة فعليّة حركيّة دائريّة لا تستغرق لحظات إلاّ وتعود لحالتها الطبيّعية . ويتناسب مع حالة البطل الاستمرار في التأمل دون انقطاع، لتتحقَّق أخيراً في لامحدودية الزمان والمكان ..حتى ينقطع شرود وهدوء المتأمل المذهول ضجّة تعيده للواقع الخيالي .
* * * * *
انفجار الشخصية :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكالعادة حتى يكون القارئ على بيّنة مَن ذا الذي يجري بلهفة، ويتجرأ على أن يفجر شيء بشيء آخر!! ..برأي :
- الإنسان (هو)الإرادة
- الطبيعة (هي) -لا إرادية -
وكل منهم له وظيفته الزمانية والمكانية ..لتكون حالة واحدة تشدّ الومضة الأولى بالثانية لعلها تثبت و تعود للحياة ، حتى تكون (صورة واحدة) ينتج عنها (اختراع فكري ..أو انفجار إنسان ) إلى أن تصل لعالم حقيقي أو تتسرب للخيال ، وتتجاوز شكلا من أشكال وخيال (الفنتـازيـا).

2- البطل الورقـي
ــــــــــــــــــــــــــــ
برأي أنّ الشخصية تَحرق نفسها للبحث عن المكان ، لعلّ (البطل المُنفعل )يفجّر شرارته وفضوله و يُبدع بمحْبرة الكاتب ، و التي تتصاعد منها صخور و ألوان بلحظة ، وفجأة تنحدر لأسفل السافلين، وفي هذه -اللقطة السريعة- يتعرف البطل و يتأمل بتدبر الحياة والوجود، لعله يكتشف - حركة تغيب عن المشهد- ، لعله يعيد تكوينها ،عن طريق الوجود ،والواقع الخيالي ، السؤال :
هل هذا البطل (المندهش والمتخفي) يعيش (معها) أو الضمير المستتر بشكل ودّي ، أم أن وجوده لا يعني لها شيء!؟ ولو نلاحظ أن الشخصية الأخرى(هي) ( الطبيعة أو المادة الفيزيائية )، تتمركز في الكلمات : في (الأفق المبين والبحر والنبض والبركان لتصطدم ..بشظايا متراكمة) هذه الكلمات المنفردة لها عدة دلالات إلى درجة أن لكل واحدة منها وظيفة وحالة تحرّك الأخرى فتتابع المفردات ب ِحمْلٍ ثقيل على الضمير المستتر إلى حد الاختفاء ، لذا البطل له وجهان : المنفعل بروحه أو البطل المندهش المتواجد رسميا يتأمل بذهول المكان ، وهذه المعاني الكونية ترتعش إلى حد الحركة فالكاتب ينفض الومضتين ويرسل بطله الورقي بالنيابة عن فكره، والأجمل أن البطل يُجبُر الكاتب على الانتحار و إختراق السطور ، لأنه جازف وغامر وأعطى بطله المندهش الثقة ، ليبحث له عن سِرْ تلك الحواس التي يستحضرها في خياله ، إذاً الكاتب يُخاطر بقلمه و يُعِيرْ فكره للمتأمل المندهش ..يا له من( كاتب مخاطــر) !!
* * *
اختراق الواقع والخيال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال : قوله/ النبض يحرك بها البركان/ في هذا المقطع يشير إلى (الواقع)، بينما في : /يبحر لأعماق الخيال يفتّش عن الحقيقة خلف الأفق/ ..هنا يشير إلى (الخيال )، فيُلبس البطل (الواقع الخيالي) للعنوان / فنتـازيــا / كظاهرة شكلية أونفسية ، ثم يَرشق الكاتب حِبره الملوّن على البطل، لعلّ المتأمل يأتي بألوان متجددة مُموّجة، بينما لوْ حاولنا أن نبحث عن السبب.. ولما يهتم بذلك ! نجد أنه يتخفى مع الكاتب ، ولكن لما يختفي؟ هل خوفاً من تلك الأماكن وخوفاً من أن تأكله النار فتحرُقه ؟، فبطلك جريئ وفي نفس الآن يخاف ، ونوعا ما حَذِرْ،لكنه لا يعترف بالحقيقة- والاعتراف بالحق فضيلة- لكنها -الفنتـازيـا- التي تخترق -ما وراء- الخيال ،أم أن البطل يمتلك طاقة تفوق حد الإبداع والاختراع ؟تلك الطاقة التي يصدرها ( العقــل الالكترونـي )،إنه (العصر الملـون) ،و الحق عندما قرأتها للوهلة الأولى شعرت بأن هنالك شيء –ما- سيحدث وأن البطل ذهوله جاء مستقيم صاعداً قُرمزي مُخيف ، وعندما انتقلت للجملة الثانية ، نوعا ما شعرت باسترخاء البطل وتوقّفه عن الجري والصعود بسرعة جنونية لذاك الجمال والغرابة ، السؤال هل البطل الذي يصعد ، أمْ شيء منه ..أم هو المتسبب بالصعود هذا ما سنعرفه من خلال الانزلاق !!
المسكين انزلق بعد صُعود اللون العجيب من أنفاسه ..فاستخدامه للون الأحمر وأعلل أنه يستعين باللون الأحمر يدُلْ على حرارة الومضة إلى درجة أنه يثقب النظر، والذي فهمت منه أن البطل.. شرير، أو مبدع ، أو قد يكون الكون فالكاتب يحير القارئ بين ذاك وذا ليتأمل بتدبر..
هكذا يحاول البطل في الومضتين أن يخلق فكرة لا وجود لها وإن حرق نفسه ،وهي بالطبع (حالة) ولكن هل هي واقعة كونية ..أَمْ أنها حالة فعلية عقلية ؟أو ذاك الذي أشعل نارا فأذابت ما بداخله وأحرقته !!
3- التعامل المكاني والزماني مع بطل الومضة ،والهدف :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعندما نتوقف عند السبب في الاشتعال والصعود دون أن يتعامل مع الزمان بشكل كلّي ، نجد أن الظِّلْ له دَور ، فالتعبير بين الظل والمكان، من خلال جُزَيْئَاتُه المَلموسة ،هو الوصف الأكثر قرباً من العلاقة الفنتازيّة الماسيّة، وما أقصده الحركة الدائريّة الأفقيّة في الومضة ، برأي أنّ الكاتب اضطّر بعد أن قذَف( البطل للهلاك ) و وَرَّطه نفسه بدَت ( ومضته متزحلقة ، تتجه إلى عدة اتجاهات غير ملموسة ،دون ثبوت أو ثبات متأرجحة بين ـ ذاك.. وذاك ـ، ولونها ما وراء الخيال إلى حد الإعجاز) رائع جدا .لذا أعتبر بأن لا مكان لها ولا زمان لأنها بصرية والبصر لا حدود له وإن أغمض عينه ، فالتأمل هو المكان ومكانه العين (والطبيعة هي البطلة ) التي يحاول أن يبحث البطل غموض من خلال المكان والزمان المؤقت ، والفكر هو عقل ومكان الإنسان .هكذا أفسرها إن سمح لي الكاتب ..والعين الحس التي تعكس ألوان الطبيعة ، بينما الخيال يوظفه الكاتب ليصل مع البطل للحقيقة ، ثم يخلطهما في النظر لتتضح الرؤيا وتكون خيال ما أن غاب إلى وعاد الواقع، فالكاتب يجر الومضتين ليربط الأولى ببحر الحيوان الغزالي وهنا يتخذ أسلوب الخرافة عندما يرمز بشكلها مستعيراً منها الصفات والألوان و الحركة . لذا سأنتقل للومضة الأخرى بالغزال وأتحرك بحركة -لا شعورية-.

* * *
4- علاقة المتأمل بالمشاعر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن علاقة المتأمل بالمشاعر هي الرابط بين الومضتين ، والتي يخفي الكاتب فيها الفاعل ويظهر اسم المفعول بدليل أنه يستخدم الفعل الرباعي والسداسي ، في (مذهولا.. ويستشعر)، وبحروف الجر يجر الومضتين ويحملها من الماضي للمضارع بحذر ، حتى لا يفتضح سرهه، و يخفي التهويل والتعظيم ( ما أعظم ) في الومضة..رائع
ونلاحظ أن الومضة الأولى (ألوانها حارة) مركبة تختلط بألوان بحرية ، بينما المتـأمل المندهش إلى درجة الذهول تعكس على عينه تلك (الفنتـازيـا) الخيالية لتأخذه إلى ما وراء الطبيعة ،
والجميل أني حاولت أن أكون مكان البطل فوقفت مندهشة- لخبر فجعني سابقا في عيد الأضحى - لذا يخيل إليّ أن البطل أصيب بحركات لا إرادية في تعابير وجهه من شدة الهول وفتح فمه بقلق وخوف يصاحبه دهشة وشهيق أثناء الانفجار وحدوث الاحتكاك إلى درجة أنه كتم أنفاسه ..
يقول / يتأمل بعينه مذهولا أفقها/ لأنها تلتقي في السماء وتتخذ اللون الأ حمر
ثم /انزلق المتأمل والمتدبر في البحر بىشكل دائري/ انزلق في بحرها /الدائري، برأي أن (الانزلاق) جاء بعد الحركة الدائرية المتلوّنة بحمرة وموقع الإنزلاق في العقل والفكر) ، فالبحر هو العقل والبحر هو وصول الفنتازيـا إلى أعماق الفكر أو البحر أو الصخور أو المادة التي يستخرج منها ذلك المكان .( فالبحر له موقعين الإنسان والطبيعة) ، و عندما تتطاير أشياء من الطبيعة تشتعل للأفق المبين ، أما انزلاق الإنسان يقصد بها حاسة البصر العين والتي يترجم بها العقل الاختراع المذهل فيصنع مادة تشعل حرائق تؤدّي للهلاك.. وكلاهم لا يستغرق ثواني هذا تفسيري للومضة الأولى وهي عين الغاز التي تشتعل من خلال ثقب الكبريت .
* * *
5- أما الومضة الثانية أرضيّة جبليّة صخريّة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكأن الفنتازيا بدأت تعود للواقع ، فالأولى خيالية لأنها اختراع إنسان، والثانية واقعية تهتز بشدة مخيفة، والفاعل هنا -الله سبحانه وتعالى –لأنها أعجوبة، أما إن كانت أرضية فهي (عملية) الكبريت حين الاشتعال تحتك بفكر وعقل الإنسان فهو السبب أما (الكونية) خارقة لحد أننا لا نعرف المكان لأنها قدر وهزة أرضية تتطاير منها الصخور ، بفعل خال الكون الذي يقول للشيء- كن فيكون- وفي كلتا الحالتين هنالك فنتازيا وتفجير بلمح البصر ..وقضاء
(لذا أميل إلى أن الومضة قدر وقضاء) وأن الكاتب مجرد قلم ينثر حبره لينقل لنا ما وراء الخيال ، وهو لا يعني علم الغيب لكنه يعني حالة من حالات تحصل لحركة غير منتظمة في دوران الأرض والسماء ولا يراه إلا القليل أو من وراء الخيال أو المتأمل عن طريق مراقبته بثانية للأفق المبين ، إذا الومضة أعتبرها( كونية غيبية دائرية محمرة نارية أرضية سماوية صخرية ماسية غير منتظمة متقلبة خشبية) ، ولها تفسير كبريتية خشبية كيماوية عقلية قابلة للاشتعال بفعل إنسان والمتسبب ضمير مستتر وهو متسبب باشتعال النار و هو المخترع الإيطالي الذي أشعل (عود الكبريت) ومات .اما اللون أحمر بحري لأنه ما أن يشتعل إلى وينطفأ بالماء لذا القدر أطفأ بالماء الحريق بعد الدهشة والتأمل يظهر لنا الفاعل وهو (الكبريت ) أو النار فالاحتمال الأول توقف وابتدأ من وراء الطبيعة/ بينما الثاني كان الكبريت لذا هو أرضي عقلي وكلاهم (حركتهم دائرية ملونة) باحتكاك يكون لون شديد الحمر. (قرمزي) غزالي
ويستعير من الغزال السرعة واللون ونجد أن ومضته يخفي بها البطل وراء الحيوان ومن المعروف أن كتاب الومضة يستعينون بالحيوانات و يستعيروها بالخير والشر لكن الكاتب هنا يستعير من الغزال عدة صفات وهو من الحيوانات الأليفة شديدة الحمرة ولمعتها ماسية و عينيها واسعة .(.فالعود) هي رشاقة الغزال ورأس العود هي حمرة شفايف الغزال وعين الغزال هي عين الغاز .هنا الاستعارة أما (البياض) ( الكبريت الآمن مصمم بحيث لايشتعل الا بالاحتكاك مع السطح الموجود في علبة الكبريت طرف الكبريت يحتوي على (antimony trisulfide) ثالث كبريتيد الأنتيمون و مادة مؤكسدة بينما سطح العلبة يحتوي على بودرة زجاجية وفسفور أحمر وعند ضرب العود بسطح العلبة فان الحرارة الناتجة تحوّل الفسفور الأحمرالى الفسفور الأبيض الذي يشتعل مباشرة وبالتالي يشتعل رأس العود ) إذا الفسفور الأبيض هي بياض عين الغزال ويقول الكثير (أشتعل عين الغاز بعود الكبريت) وهنا الاستعارة .(ثقاب الكبريت الموسوعة الحرة)(3)

***
6- حركات الومضة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثلا:
يستشعر نبضها ثورة كامنة / يستشعر البطل باسم المفعول في الوتر حركة سريعة و صورة غير واضحة فيحدثه قلبه بالخطر وهنا ارتباط الومضتين فالإحساس ، بعد أن تبين له المكان بدأ يكتشف ويبحث عن الزمان والذي يعكس بعينيه لمعان يخرج من شرارة في حركة ، ونلاحظ الجملة الثانية من الومضة الأولى يمد الكاتب حباله للبطل في معاني مكانية مختلفة الأولى تفسر أنها هوائية غازية/ والثانية تفسر على أنها حركة أرضية صخرية تتطاير منها شظايا ملونة وفي اللغة تشظى العود تطاير قطعا ..ومعنى شظايا تشقق . إذا الومضة الأولى تفسر الثانية بشظايا تتطاير من العود الخشبي أو الكبريت وبهذا يشبه الكاتب انفجار الجبال وتتطاير الصخور بشظايا تتطاير من عود وثقب الكبريت لتشعل الغاز أو عين الغاز .
المصطلحات:
يستشعر/أحس به مبهما/ استشعر به بصورة غير واضحة حدثه قلبه بالخطر
يستشعر نبضها ثورة كامنة /نبض البرق لمع لمعان شديدا
/ نبض ثارت ثائرته / نبض في الوتر حركة سريعة/
فعل سداسي لازم متعدي

7- شظايا بلاغية و لغوية رشيقة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستخدم المجاز العقلي في الومضة ويسندها للمكان والزمان ، ليسند الانزلاق والتأمل لغير فاعله الحقيقي وهو الشمس والجبال والطبيعة ، ويستخدم الاستعارة في بجر الغزال وهو يعني المكان الذي تنزلق من أنبوبة الغاز إلى العين نار بفعل ثقب الكبريت ، معنى ذلك أن المكان ، مجاز مرسل للومضة
يبتدأ الكاتب الومضة الأولى (بالفعل المضارع )وهو مضطر لذلك لأن البطل يتأمل ويرى بعينه المنظر ،مندهشا لطبيعته أو حالته، وفي القفزة التالية ينتقل إلى (الماضي )
لأن الفعل انزلق رباعي ماضي مزيد ولا يصح التعجب في الجملة الثانية لأن الكاتب توقف عند الفعل انزلق وتابع الومضة بالإجابة مستترا وراء البطل فالجملة الأولى تعجب لأنها مضارع والثانية ماضية لأنها جواب عن دهشة البطل ، أي أن الاندهاش والاستفهام مضارع وفي الجملة الثانية لم تكن مضارع وإلا جاء قبلها (ما أعظم انزلاق ) ففضح أمره، ولم يعد اسم المفعول مذهولا ولم تحصل الفنتازيا فالفنتازيا والخرافة في البداية لم تحصل فالكاتب يستعد بأن يقدم لنا البطل المتأمل المندهش ، ولو قال انزلاق لعادت للبطل وليس للحالة المعجزة الخارقة والتي انزلق في بحر عينها الكثير من دلالات من الإيحاءات الخرافية والاستعارة ، وبالفعلين نفهم أن هناك شخصية روحية / والأخرى أرضية متحركة أي الجماد المتحرك كحركة الأرض والدوران والسرعة وكان استخدامه للغزال تشبيه للحركة السريعة ولعين الغزال إن البطل استخدم الغزال ليحرك الجماد جميل جدا والدليل أنه يشير لمعناه ويشبه الشيء به وإذا ما شبهنا الشيء بالشيء لا بد أن يتحرك ما قبله فيجرّها، وقوله / تأمل مذهولا- مشيراً للحركة واللون والانفجار والمكان- / هي دلالات.. ولو لم يلتزم بها لم يكن هناك إيحاء ولم تكتمل شروط الومضة المكثفة ..واستخدام البحر والغزال ..استعار الكاتب منهما الماء ..والحيوان .. لعلّ القارئ يشتم رائحة الغاز أو حركة تنتج عن مياه تصدر من عين تشبه عين الغزال - عين الغاز- وهذه تشبيه رائع . و في الثقافة "بحر الغزال" : يُطلق على اسم لنهر في أفريقيا وسميت بذلك لأنها بحيرة تلتقي بنهر النيل..
معنى غزال :-
جمع غِزْلان وغِزْلَة : ( الحيوان ) ولد الظبية ، وهو حيوان لبون يمتاز بقصر ذنبه ، ورشاقة جسمه ، وسُرعة جريه :- عيون الغزال (3)

* * *

8- اختفاء الدلالة في المعنى العام :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقصد بالاختفاء هو تكثيف الكاتب للومضة ، وإسقاط الكاتب لبعض الدلالات خوفا من أن يُعرف الفاعل المتسبب بانفجار كلماته ويقبض عليه بتهمة لم تنسب إليه، و لتكتمل شروط الومضة لا بُدّ للكاتب والبطل أن يتخفى وراء ستار الدلالات والاستفهام فلا يكون مجرد خبر ، وقد يراها بعض النقاد واللغوين جملة غير مكتملة لذا لا يميلوا لفن الومضة لأنهم يخافوا على سقوط الدلالات من المعاني فكما نعلم اللغوين لا يجازوفوا ويتلاعبوا في المعنى ويساعدهم النقاد في ميلهم لذلك ، ولكن لا بد أن يُسقط المعنى ،حتى يزداد القارئ حيرة وتفكرا وتدبرا و تتحرك الومضة ولا تجمد ولا تعمل ، لا بد أن تنطلق أنامل الكاتب وتكون حرة مع بطل الومضة ، وأنا لا أجيزها ولكن أحللها لجمالها وسرها وقفل أبوابها المؤصدة برمزية تدل على مساحة المعنى في الخيال والاختصار في اللفظ ، ولا أهاجم ولكن أبين الهدف من الوصول لما هذا اللغز يختفي ويتخفى بصورة بلاغية مجازية واستعارة

مثال:/ (ما أن) انزلق بصره في بحر عين الغزال/ يحذف ما أن / ،فالبحر تشبيه مجازي كنية عن قرص العين ..و ما أن انبعث منها اللون الأزرق إلا واشتعل منها حمرة شديدة تفوق سرعة وحمرة الغزال.وهنا يقصد عود الكبريت قبل الاشتعال ..يقلق نبض الشمس وعين الغزال ثورة تتجاوز كل الحركات المعلومية لتزداد طاقة تكتسبها بفعل حركة دائرية بفعل عود الكبريت أو بطاقة الشمس تشظى العود وتتطاير قطعا من بركانها غاز ينبعث وقت ثورانها وبهذا نفهم أنه يعني انفجار الغاز و تأمل المتدبر والمتأمل الحي المخلوق لخالق الشيء والإعجاز فالغاز من الجبل والبراكين هكذا يصف لنا حركة الومضة الحلزونية الأرضية الملونة والتي تؤدي لانفجار( فالبركان فنتازيا طبيعية )أما( الغاز المنبعث فهي الطبيعة التي تتولد منها وتخرج من مادة الكبربت) لعين الغاز بلهيب شرارة كلون الغزال وسعة عين الغزال وسرعة اشتعاله، هذا التشبيه الرائع المجازي ، يفرض علينا أن نبحث بفضول شديد من هو المختفي ؟ هل قرص الشمس ، أم هو يخفي حاسة البصر ويجيز بالبحر وهو يشبه الشمس ويظهر حركة الحلزونية الدائرية للعين !؟أي يخفي حاسة بحاسة تدلنا على مكان الانفجار .
إذا قدم الجملة الأولى على الثانية فقد حذف (ما أن) .(.إلا)/ وإن جاء التأمل كما هو في البداية فلم يحذف إلا (ما أعظم) و أشار بالعظمة للإعجاز والبركان وتطاير الصخور من الجبال/ ..وبهذا نفهم أن الجملتين في ومضة تؤدي لمعنيين يختفي البطل مع الحالتين كيفما يأمره الكاتب و كما يريد القارئ أن يفسرها
وفي البداية توحي لمعنى واحد يقف و يتأمل (المتأمل) مذهولا بحواسه (الشمس ) صخور تتطاير منها في السماء كلون قرمزي أحمر.
*****************************
الخلاصة :
ـــــــــــــــــــــــ
خلاصة القول : ترتكز (ومضتين فنتازيا) على الطبيعة وبقوالب خاصة مكثفة على دلالات إيحائية لتصل وراء الخيال ،ليصنع الكاتب (بطله الورقي ) بشكل عاصف مغاير يعتمد فيه على الدهشة والإبداع فنجده يحافظ على مقومات وشروط الومضة على الرغم من خروجه لعالم آخر يمتد بالبطل بنظره الثاقب ، ليستكشف الطبيعة العلمية ،و الوديان والجبال التي تحيط به، بحركة سريعة لم تبتعد كثيراً حتى تتمكن من العودة بسرعة مذهلة، بجرعة من حبر الكاتب زياد صيدم وجرأة من البطل اندفع بها مع لحظة خطفت عقله وفكره ، وتسلسل مُتقن، يشدها بسلاسل قوية يخفي فيها الرمز ويقفل قفلته المؤصدة ليربطها بسفينته.. و عنوان الومضتين -فنتازيا-. حتى أني شعرت أن ومضته واحدة تشبه كل شيء في الطبيعة ، بل إنها جزء من الطبيعة، فالاشتعال له معنى يؤدي إلى الاحتراق وهنا يشير للأوضاع التي يعانيها الإنسان في هذا العصر ، وهكذا اجتاز الكاتب في الومضتين فنتازيا السهول والتلال والمنحدرات والعلم ، و رغم صعوبتها على البطل المتأمل كانت حافزاً له على تحقيق حلمه.. كيف لا وهي.. تشير إلى القوة والإصرار والرغبة بالحياة بعنفوان وحرية، بدليل أن المتأمل ازدادَ فضولاً ورغبة لمعرفة الحقيقة و سر تكوينها ، ورغم أنه كان يقف قلقاً خائفاً من الفكرة ، إلى أن القدر والقضاء والإعجاز أعاده للكاتب ، لقد أعجبني فكر الكتب و تلاعبه بالدلالات و التشبيه والإيحاء و الإيجاز والدهشة أمام (ثقب عود ) مشتعل يحرك جسده بحركة لا إرادية إلى درجة الانفعالات الحسية والجسدية والأرضية .. والمشاعر التي ينفض بها الومضتين ويشعل فكر القارئ بعود ثُقبه ، فمن خلال تحليلي لقصص الكاتب تبين لي أن الكاتب يعيش في دائرة يخرج منها ثم يعود بسرعة جنونية ليأتي بأجمل منها فقد حللت له مجموعة -ذاكرة الظلال -الحقيقة - امرأة بلون الماء - امرأة بطعم الملح- و مضة رجال..وكثير .
لكن هنا يختلف عن ومضاته الأخرى و ينجح الكاتب في تجسيد شكل البطل وهيئته من خلال الحالة التي يراها بصورة سريعة أسرع من برق البصر، فيشعل بحبره عود كبريت.. ويفجر بالمعاني براكين ، ليرتفع رصيده الأدبي في( مجموعته القصصية ) .

* * *
المصادر:
(1)قاموس المعاني
(2)(3) الموسوعة الحرّة
(4)معجم اللغة المعاصرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الومضة : بقلم زياد صيدم
الدراسة والتحليل : بقلم خولة الراشد
شكرا لكل من تعجبه الومضة ، و يتابع قراءة الدراسة .
[email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف