الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

هل نحن مستعدون لانتفاضة ثالثة ؟؟ بقلم : رائد محمد الدبعي

تاريخ النشر : 2015-10-05
هل نحن مستعدون لانتفاضة ثالثة ؟؟ بقلم : رائد محمد الدبعي
هل نحن مستعدون لانتفاضة ثالثة ؟؟؟
بقلم : رائد محمد الدبعي

      هبة شعبنا في القدس والضفة الغربية مع مرور  الذكرى السنوية الخامسة عشر لانتفاضة الأقصى ردا  على جرائم المحتل وقطعان مستوطنيه هي حق مشروع للشعب الفلسطيني، بل هي واجب وطني وأخلاقي وديني، وهي مخاض حتمي لحالة الفراغ السياسي  والمراوحة،  وغياب البدائل العملية  في ظل حالة انسداد الأفق التي  تعتري عملية المفاوضات منذ سنوات، وممارسات المحتل ومستوطنيه اليومية بحق الأرض والإنسان، وبخاصة في القدس الشريف، ولعل إحراق عائلة دوابشة، والموقف الدولي الضعيف تجاهها من جهة، وتعاطي دولة الاحتلال معها بلا مبالاة،  وتوفير حماية وغطاء لتلك الاعتداءات  من جهة أخرى،  ساهمت في وصول الأمور إلى  مآلاتها الحالية  ، كما كان  لتطور الأوضاع الدولية  والإقليمية والمحلية ، دورا في وصول الأحداث إلى حافة الانفجار، فعلى الصعيد الدولي، يتجه اهتمام السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية " الراعي الوحيد للعملية التفاوضية" نحو التركيز على منطقة شرق آسيا والباسيفيك،  بالإضافة  أن أولويات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط تتركز حول إنجاز الملف النووي الإيراني، كما أن الوضع العربي بشكل عام، في سوريا، وليبيا، ومصر، والعراق، ولبنان، واليمن، والسعودية، والبحرين، والأخطار التي تهدد استقرارها ووحدة أراضيها، تفقد القضية الفلسطينية عمقها العربي والإسلامي، حتى لو كان ذلك على المدى القريب، أما على الصعيد المحلي فتشكل حالة الانقسام خنجرا مغروسا في قلب الوطن، ومعول هدم لكل مقومات الصمود والمقاومة، إذ لا يمكن الانتصار في جبهة الخصم ما دمنا نحارب بجبهة داخلية متصدعة.

   مقاومة المحتل هي واجب مقدس، ورفضه بكافة السبل هو تعبير عن إنسانيتنا، وترجمة لصدق انتماءنا، وصلاحنا كمواطنين، واستخدامنا لكافة السبل المثمرة والشرعية  والقادرة على دحره هو فريضة لا خيار، إلا أن اختيار أسلوب المقاومة الأمثل ليس خيارا فرديا، ويجب أن  يتخذ بعد دراسة عميقة وموضوعية لتجارب الماضي، من أجل استخلاص العبر، وتجاوز الكبوات، علينا دراسة ثوراتنا المتعاقبة وإفرازاتها، ابتداء من " ثورة النبي موسى"  عام 1920، وثورة يافا عام 1921، وثورة البراق عام 1929، والثورة الفلسطينية الكبرى 1939-1936، ونكبة شعبنا التي أفقدتنا 78% من أرضنا التاريخية ، ومن تلاها من هزيمة  واحتلال لما تبقى من الأرض، وعلينا كذلك دراسة تجربة الثورة الفلسطينية المعاصرة، علينا أن نصارح أنفسنا أين أخطأنا وكيف يمكن تجاوز الأخطاء مستقبلا .

 قبل أن نقرر خوض انتفاضة جديدة، علينا أن نقيَم تجربة الانتفاضة الشعبية عام 1987،  والتي أعادت الاعتبار لقضيتنا من جديد،  ووضعت فلسطين على خارطة العالم، وعلى أجندة  المجتمع  الدولي، علينا قراءة  تجربة القيادة الوطنية الموحدة، وتلافي خطأ استنكاف أي من مكونات النضال الفلسطيني عنها تحت أي مبرر، علينا استحضار دور الجماهير الذي كان بارزا بها، وتوفير مناخ نضالي يتيح مشاركة حقيقية لكل مكونات شعبنا من نساء وعمال وطلبة، صحفيين وكتاب، مثقفين ورجال دين، علينا إطلاق العنان لطاقات شعبنا الإبداعية، لكي تكون الانتفاضة صوت الضمير الجمعي لشعبنا الفلسطيني، علينا معرفة الظروف التي ساهمت في خلق جو تضامني، واقتصاد أخلاقي تعاوني بين أبناء شعبنا خلال تلك الفترة، بحيث كان شعبنا يتقاسم لقمة الخبز وشربة الماء، حين كان الشعب حاضنا للمناضلين وحاميا لهم، علينا معرفة أسباب التفاف المجتمع بمكوناته المختلفة حول قرار قيادة الانتفاضة، ومتانة النسيج المجتمعي، وتدني نسب الجريمة والتفكك والاحتراب الداخلي، على الرغم من غياب  أجهزة أمن متخصصة لحفظ الأمن وحماية مصالح المواطنين، باستثناء تلك التي كان يقودها شباب الانتفاضة، ويدفعون حياتهم وسني عمرهم ثمنا لها،  علينا معرفة القوى الكامنة في  تلك الانتفاضة،  والتي جعلت من قضيتنا قبلة لكل أحرار العالم، وجعلت أخبار شعبنا تتصدر كبرى وسائل الإعلام متضامنة ومؤيدة لمطالبه  بالحرية والاستقلال.

علينا أن  نعي جيدا دور المرأة والشباب خلالها، ودور الجامعات كموجه للانتفاضة وأحد أبرز روافدها بالقرار والفعل،  وتوجيه الرأي العام، علينا كذلك دراسة دور الطبقة الوسطى في رفد الانتفاضة بالمد  اللازم  للاستمرار والثبات، وتدارك أخطار تآكلها اليومي في ظل نظام ليبرالي يزيد الفقراء فقرا والأثرياء سطوة وخوفا على مصالحهم .

  قبل أن نخوض غمار انتفاضة جديدة، من واجبنا  دراسة نتائج انتفاضة الأقصى عام 2000  ومآلاتها، فمن حق المواطن أن يضمن ألا يحيد أي عمل نضالي عن أهدافه الوطنية الحقيقية، وهو التحرر والاستقلال والخلاص من المحتل، إذ أن أكثر ما يثير في نفوس المواطنين الخوف والتردد من خوض انتفاضة جديدة، هو تجربة الفلتان الأمني التي عاشها المواطن خلال انتفاضة الأقصى، وانعدام الشعور بالأمن،  وتسيد عقلية العسكرة  والجهل والانتقام واللاعقلانية للمجتمع، حتى غدا لا مكان في المجتمع لصوت العقلاء والحكماء، ولا مجال فيه للإبداع وتعدد الآراء، وهو المناخ الذي استغلته  للأسف أقليات في المجتمع، واستطاعت من خلاله اختطاف قرار الأغلبية الساحقة،  إما للحصول على منافع مادية أو معنوية، أو تعزيز حضورها القسري، وفرض رؤيتها على المجتمع وقواه الحية، الذين صنفتهم  في أطار الرهائن أو القاصرين ممن  لا حق لهم في تقرير مستقبلهم،  أو إبداء آرائهم في الشأن العام،  وتعاملت معهم على هذا الأساس ، فغدا الوطن طاردا لا حاضنا لهم، وغدا استغلال شعار المقاومة وتحرير الوطن، ملاذا ومبررا لانتهاك حقوق المواطنين، والاعتداء على أموالهم وحياتهم وخصوصيتهم، وغدا المواطن بين مطرقة المحتل وسندان تسلط تلك الأقليات التي  شوهت نضال شعبنا وتضحيات الأكثرية من أبناءه المخلصين، علينا قراءة مآلات تلك التجربة وما نتج عنها من آثار مدمرة، تمثلت  بجدار الفصل والضم العنصري، وتهويد ممنهج بمستويات غير مسبوقة للقدس، وبناء مسعور للمستوطنات في كل الوطن،  علينا أن نقوم بذلك بكل  حكمة وعمق ومسؤولية وطنية ومصارحة مع الذات، علينا أن نحدد أدوات نضالنا بشكل جماعي، وأن نقرر شكل النضال الأجدى للخلاص من المحتل،  وأن نجلس على طاولة حوار وطني مسؤول، بعيدا عن المناكفات الحزبية  التي أورثتنا خيبات متتالية، إن قررنا تبني الكفاح المسلح كإستراتيجية مقاومة، فيجب توفير مقومات نجاحه ، ودراسة مناقبه، وإمكانية نجاحه بعقلانية ووعي وعمق،  ويجب كذلك توفير البيئة الحاضنة له، ومقومات تحقيقه للهدف المنشود،  وإن قررنا تبني المقاومة الشعبية، فتلك لها مسالك أخرى، واستراتيجيات عمل مختلفة، من أبرزها تحريرها من قيود النخب السياسية، وإطلاقها لفضاء الجماهير وإبداعاتهم، وإشراك مختلف فئات شعبنا بها، وتحويلها إلى سلوك يومي وثقافة جمعية للمواطنين، لا ممارسة موسمية، تدخل في إطار البهرجة الإعلامية، والمناكفة الحمقاء،  علينا تفعيل سلاح مقاطعة المحتل وبضائعه بشكل تام، وتحريم إدخالها إلى أسواقنا، من خلال غرس تلك الثقافة في عقول الأمهات والآباء، التجار والشباب، علينا زرعها في عقول الطلبة في المدارس وكل فئات الشعب، علينا توفير مقومات الصمود للمواطنين، واحتياجات الحياة اليومية لهم،  ودعم قطاع الزراعة، والثروة الحيوانية، علينا تشجيع الزراعة البيتية، حتى لا نبقى سقائين حطابين على أبواب المحتل ومستوطناته العنصرية، علينا أن نعد شعبنا ونهيئه ونضعه في صورة التضحيات المطلوبة والنتائج المتوقعة، وان نعلَم أجيالنا أن لا حرية دون ثمن، ولا نصر دون ألم، وأن الأمم الحية قد ضحت بخيرة أبنائها على مذبح الحرية والاستقلال،  على أفعال قادة الرأي العام أن ترتقي لقامة تصريحاتهم، وخطاباتهم، وأن نترجم حبنا للوطن من ساحات الفضاء  الافتراضي عبر وسائل   التواصل الاجتماعي إلى ساحات المواجهة والفعل الحقيقي ضد المحتل وقطعان مستوطنيه،  علينا  أن نستمر بحياتنا بشكل يومي، نغني، ونقرأ، وندرس، ونغضب، ونقاوم، ونضحك،  ونرى الوطن على مرمى الحلم، ونرى الشهداء يطوفون فوق أسوار القدس على أجنحة الملائكة .

علينا أن نحدد دورا لكل فئات شعبنا في تلك الانتفاضة، دورا للضفة المحتلة، يتكامل  مع دور غزة المحاصرة، ،علينا تحديد دور أهلنا في القدس، بما يحفظ وجودهم، ويحميهم من غول التهجير  الممنهج، علينا استثمار طاقات شعبنا في الشتات، وسفاراتنا الممتدة في كل قارات الدنيا، علينا أن نستثمر أصدقاء شعبنا من أنصار الحرية والعدالة في كل  العالم.

وإن قررنا المزاوجة بين هذا وتلك، فذاك بحاجة أولا وقبل أي شيء، إلى وحدة وطنية حقيقية، وتحقيق أقصى درجات التنسيق والتكامل  بين الكل الفلسطيني.

علينا أن نعي تماما أن انتفاضتنا القادمة لا تحتمل التعويل على عمق عربي أو إسلامي، فلكل من أشقائنا العرب جرح وأولوية، بالتأكيد قلوبهم مع القدس، كانت وستبقى، لكن علينا أن نتقن هذه المرة سلوك دروبنا لوحدنا، وأن التضامن العالمي، وتحقيق الانتصارات في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات والدول، هي عامل مساعد وهام لتقصير عمر المحتل، وجعله يدفع ثمن احتلاله لأرضنا، لكنه لن يحرر أرضنا،  ولن يطرد المحتلين، لأن الأرض لا يحررها إلا أبنائها الذين التفحت وجوههم بشمسها، وتخضبت أرضها بدمائهم، من شربوا زيتها، وقاسوا قسوة الهجرة والبعد عن الوطن.

بكل الأحوال الانتفاضة الثالثة على الأبواب، وان لم تكن اليوم فمن المؤكد بأن كافة الظروف تشي بنضوج بذور  اندلاعها في الغد القريب، قد ينجح قرار سياسي بتأجيلها، لكنها قادمة لا محالة،  الأهم أن نجيب فلسطينيا على سؤال هام " هل نحن مستعدون لانتفاضة ثالثة ؟
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف