شهادة ميلاد
بين وجوه متباينة عمرا انحشر جسدي بصالة ضيقة تنتهي بشباك زجاجي فيه كوة تتسع لمرور يد تحمل ورقة تقدم للموظف الذي يجلس أمام حاسوب ؛ لهيب الحر يشتد والعدد في ازدياد والتابور لا يتحرك والمسافة بيني وبين الشباك تمتد لنهاية عمري ؛ أنظر خلفي فأجد أعدادا لانهاية لها ؛ فأشعر أني أحسن حالا من غيري.
ثمانية وثلاثون عاما قضيتها معلما تخرجت على يدي أجيال يصعب حصرها ؛ اليوم هو أول أيامي بعد التقاعد ؛ موظف المعاشات طلب مني شهادة ميلاد " بالكمبيوتر " لكي أستوفي أوراق صرف المعاش .
قطع شرودي شاب يسبقني بالصف يكيل السباب والشتائم لأن الواقف أمامه سمح لآخر بالدخول في الصف ؛ أياد تلوح ووجوه تعبس وقلوب تغلي والصوم هو المتهم. تطوعت سيدة لتهدئتهم : رمضان كريم ولازم نستحمل بعضنا ..
لماذا لا يثمر فينا الوعظ ؟ قالها شيخ وقور قدم لتوه من الخارج ووقف أمام الشباك سرق انتباه الجميع بصوته الرصين : يا جماعة الخير أنتم صائمون وما هي إلا دقائق وسينتهي الأمر وعلى كل منا الالتزام بدوره وعلينا أن نتحلى بالصبر وقد قال تعالى في محكم آياته : وبشر الصابرين . ثم التفت صوب الموظف يوصيه بالناس خيرا و ناوله طلبه فأنهاه الموظف على عجل فخرج تلاحقه دعوات الواقفين له بدوام الصحة وطول العمر .
الإجهاد هو بطل المشهد والأقدام لا تقوى على حمل الأجساد المنهكة ؛ أفقت على حسناء بملبس تطل من منافذه مفاتنها التي سرقت عيون الرجال وفضول النساء ؛ استقرت بثقة أمام الشباك فانزاح لها الشاب الواقف فكافأته بابتسامة رقيقة وهي تقول : " ميرسي ".
همس الشيخ الواقف أمامي في أذني : لو سيدة عجوز أكان يفسح لها لتقف أمامه؟ اكتفيت بمصمصة شفتي وتعاطفت معه بنظرة حزينة ، بم أواسيك أيها الرجل وروحي مبللة بمياه الظلم الآسنة؟
أفقت على صوت يهددنا : إن لم يلتزم كل واحد بدوره في التابور سأصرف جميع الواقفين بالقوة ؛ قالها ويده تعانق سلاحه النائم في جراب ربطه بحزامه الميري وبزته التي تؤكد أنه أمين شرطة .
لاذ الجميع بالصمت ورنت إليه العيون التي بنضح منها الوجع عله يكون مبعوث العناية الإلاهية التي ستنهي هذه المهزلة .
تقدم خطوات واثقة صوب الشباك فأفسح له الجمع طريقا شاسعا ناول الموظف أوراقا سارع الموظف في إنهائها وناولها له وحملها وانصرف .
عادت الهمهمة والغمغمة والسباب والاضطراب فوقف الموظف وألقى على الوافقين نظرة كلها اشمئزاز وأغلق الكوة ووضع لافتة مكتوب عليها "مغلق للصلاة " .
بين وجوه متباينة عمرا انحشر جسدي بصالة ضيقة تنتهي بشباك زجاجي فيه كوة تتسع لمرور يد تحمل ورقة تقدم للموظف الذي يجلس أمام حاسوب ؛ لهيب الحر يشتد والعدد في ازدياد والتابور لا يتحرك والمسافة بيني وبين الشباك تمتد لنهاية عمري ؛ أنظر خلفي فأجد أعدادا لانهاية لها ؛ فأشعر أني أحسن حالا من غيري.
ثمانية وثلاثون عاما قضيتها معلما تخرجت على يدي أجيال يصعب حصرها ؛ اليوم هو أول أيامي بعد التقاعد ؛ موظف المعاشات طلب مني شهادة ميلاد " بالكمبيوتر " لكي أستوفي أوراق صرف المعاش .
قطع شرودي شاب يسبقني بالصف يكيل السباب والشتائم لأن الواقف أمامه سمح لآخر بالدخول في الصف ؛ أياد تلوح ووجوه تعبس وقلوب تغلي والصوم هو المتهم. تطوعت سيدة لتهدئتهم : رمضان كريم ولازم نستحمل بعضنا ..
لماذا لا يثمر فينا الوعظ ؟ قالها شيخ وقور قدم لتوه من الخارج ووقف أمام الشباك سرق انتباه الجميع بصوته الرصين : يا جماعة الخير أنتم صائمون وما هي إلا دقائق وسينتهي الأمر وعلى كل منا الالتزام بدوره وعلينا أن نتحلى بالصبر وقد قال تعالى في محكم آياته : وبشر الصابرين . ثم التفت صوب الموظف يوصيه بالناس خيرا و ناوله طلبه فأنهاه الموظف على عجل فخرج تلاحقه دعوات الواقفين له بدوام الصحة وطول العمر .
الإجهاد هو بطل المشهد والأقدام لا تقوى على حمل الأجساد المنهكة ؛ أفقت على حسناء بملبس تطل من منافذه مفاتنها التي سرقت عيون الرجال وفضول النساء ؛ استقرت بثقة أمام الشباك فانزاح لها الشاب الواقف فكافأته بابتسامة رقيقة وهي تقول : " ميرسي ".
همس الشيخ الواقف أمامي في أذني : لو سيدة عجوز أكان يفسح لها لتقف أمامه؟ اكتفيت بمصمصة شفتي وتعاطفت معه بنظرة حزينة ، بم أواسيك أيها الرجل وروحي مبللة بمياه الظلم الآسنة؟
أفقت على صوت يهددنا : إن لم يلتزم كل واحد بدوره في التابور سأصرف جميع الواقفين بالقوة ؛ قالها ويده تعانق سلاحه النائم في جراب ربطه بحزامه الميري وبزته التي تؤكد أنه أمين شرطة .
لاذ الجميع بالصمت ورنت إليه العيون التي بنضح منها الوجع عله يكون مبعوث العناية الإلاهية التي ستنهي هذه المهزلة .
تقدم خطوات واثقة صوب الشباك فأفسح له الجمع طريقا شاسعا ناول الموظف أوراقا سارع الموظف في إنهائها وناولها له وحملها وانصرف .
عادت الهمهمة والغمغمة والسباب والاضطراب فوقف الموظف وألقى على الوافقين نظرة كلها اشمئزاز وأغلق الكوة ووضع لافتة مكتوب عليها "مغلق للصلاة " .