الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

استلهام الموروث الشعبي في حكايات الأطفال-عبد التواب يوسف – نموذجا) بقلم:د أميمة منير جادو

تاريخ النشر : 2015-10-03
استلهام الموروث الشعبي في حكايات الأطفال-عبد التواب يوسف – نموذجا) بقلم:د  أميمة منير جادو
استلهام الموروث الشعبي في حكايات الأطفال
(عبد التواب يوسف – نموذجا)
د / أميمة منير جادو

عبد التواب يوسف كاتب الأطفال الشهير قد وهب عمره للكتابة للطفل وعن الطفل ، ولا ينكر أحد إسهاماته العديدة والثرية في العصر الحديث ، إذ يأتي ضمن كوكبة المشهورين في العالم العربي مثل كامل كيلاني ، وأحمد نجيب، والهراوي،ويعقوب الشاروني وأحمد سويلم وروضة فرخ الهدهد والنوايسة وصبحي كردي وغيرهم من المتميزين في الوطن العربي والذين يمثلون رموز هذا الوطن في أدب الطفل .

قدم عبد التواب يوسف العديد والمتنوع من القصص والحكايات والسلاسل المتنوعة مما يفوق الحصر في جميع الأعمار،وغزا المكتبات المصرية والعربية بقصصه وحكاياته كما ترجمت الكثير من أعماله لعدة لغات .

حقا لقد أثرى عبد التواب يوسف المكتبة العربية والإسلامية وهو أستاذ لجيل عريض من كتاب الأطفال ورائد متميز في مجال الخطاب التربوي للطفل العربي، فقد قدم القيمة التربوية بما تشتمل عليه من قيم أخلاقية ووجدانية واجتماعية ومعرفية وتبرز نصوص حكاياته الأهداف السلوكية الإيجابية والبعد عن كل ما هو سلبي وغير مرغوب فيه ثقافيا بما لا يناسب الهوية العربية والإسلامية .

وبسط الكثير من حياة الرسل والأنبياء والغزوات والفتوحات والصحابة وحقائق الكون والعلماء وحياة العباقرة والعلاقات الأسرية والكونية والبيئية كما قدم التربية الجنسية للأولاد والبنات في كتاباته الأخيرة .

وإحقاقاً للحق وإنصافاً لتاريخ هذا الرائد الشهير فإنه لا تكفيه مجموعة من الدراسات الأكاديمية المهتمة بالمجال الذي نحن بصدده ، لذا نقدم نموذجا من أعماله هو ( عفريت الزجاجة القزم) إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1984، ورسوم الفنان المتميز سعيد المسيري ، وتقع القصة في 16 صفحة من القطع المتوسط مع فصل الألوان الذي لعب دورا بارزا في تجسيد النص .

والقصة مستلهمة من التراث الشعبي وتراث ألف ليلة وليلة حيث تجنح للخيال الجميل الذي يعشقه الطفل ، وهي تعد من أدب الخيال القصصي الرمزي.

• ملخص القصة :

وملخص القصة يتناول الصبي (علي) وهو بطل القصة ،الفقير الذي يعيش مع عمه الثري القاسي الذي يعامله وكأنه خادم عنده (ومن غروب الشمس حتى مطلعها في اليوم التالي كان ينام على كومة من التبن في الإسطبل ويحلم خلال نومه أحلاما متواضعة، كأن يرى نفسه يرتدي ملابس نظيفة ، أو يسمح له بأن يأكل حتى يشبع ، وأحياناً كان يحلم بأنه أمير في بغداد يعيش في قصر ويتزوج من أميرة جميلة ، وكانت أحلامه دائما تنتهي بأن يصحو من النوم دون أن يرى أمامه غير عمه القاسي وألف عمل ينتظره في يومه الطويل الشاق ) ص2-3 .
وهكذا يعمل (علي) كأجير عند عمه بلا أي مقابل ، وينتقل من عمل البر إلى صياد في البحر ويسمع من الصيادين حكايات عن جني سليمان الذي يسكن الزجاجة بعد عقاب سيدنا سليمان له ، والذي يلبي جميع الطلبات لصاحبه الذي يخرجه من الزجاجة ، وبات يحلم بأن يصطاد الزجاجة حتى يحقق له الجني أحلامه المتواضعة . وذات يوم تحقق حلمه الأول عندما خرجت له زجاجة صغيرة ولما فتحها خرج له عفريت قزم لا يستطيع أن يلبي إلا نصف الطلبات فقط ، ولكي يتغلب على هذه المشكلة كان يطلب من الطلب الذي يريد أثنين كي يحصل على واحدة منهما وهو يعلل ذلك بأن سيدنا سليمان عندما حبسه كان صغير السن ولم يكمل تعليمه وهي دعابة داخل الحكي وتذكرنا بفيلم طاقية الإخفاء المستلهم أيضا من ألف ليلة وليلة حيث تخفي الطاقية نصف الشخص البالغ بينما تخفي الطفل كله لأنه قصير القامة مثل قزم الزجاجة ولعلها خفة ظل الكاتب أراد أن يضفيها على النص حتى لا يمل الطفل من القراءة .

وهكذا يطلب (علي) طلبات متواضعة من خلال أحلامه المتواضعه فهو يطلب ملابس حريرية ولا يطلب أموال ويطلب حذاء وأن يذهب لبغداد ويحقق الجني له طلباته بعد مفارقات خفيفة الظل ولكنه يوصله إلى منتصف المسافة إلى بغداد في الصحراء فيقابله قطاع الطريق من اللصوص الذين يحاولون اغتياله كما سرقوا ابنة الوزير من قبل وأسروها معهم ، لكنه بالذكاء والحيلة يستدعي عفريت الزجاجة القزم الذي يسحرهم إلى خراف فينجو منهم وينقذ ابنة الوزير ويذهب للوزير ويرد له ابنته فيكافئه بقصره ومجوهراته ويعده بالزواج من ابنته.

• المضمون التربوي بالقصة :

ماذا يريد الكاتب أن يقول للطفل في هذه القصة ؟
نلاحظ أن هدف القصة الرئيس أن الأحلام لا تتحقق جميعها وأن علينا الرضا والقناعة بنصف الأحلام إذا لم تتحقق كل الأحلام لأن الحياة عادة لا تحقق للمرء كل أحلامه وحتى لايصدم إذا لم تتحقق كل أحلامه .ويقول الكاتب في القصة بأسلوب مباشر في نهايتها ( أن نصف الشيء أفضل من اللا شيء ) وهي حكمة مستلهمة أيضا من المثل الشعبي ( الطشاش ولا العمى) وهو يعني في اللهجة الدارجة نصف الشيء أفضل من اللا شيء .

كما تتضمن القصة أن من يعمل بجد فسوف يكافئه الله وأن من جد وجد ومن زرع حصد ، كما توضح أن القسوة طبيعة الحياة فهي قد تأتي من الأهل والأقارب وليس من الغرباء وعلى المرء أن يتوقع كل شيء في الحياة فهي ليست جميلة وسعيدة على الدوام .
كما توضح للأطفال أن هناك أطفال آخرين جوعى ومحرومين وكل أحلامهم أن يأكلوا أو يلبسوا أو ينتعلوا فقط وذلك حتى لا يتبرم الطفل الذي يعيش حياة رغدة وميسورة وفي دلال . .
يميل الحكي إلى إرساء التواضع عند التمني حتى يمكن تحقيق بعضها ولا يميل إلى إرساء الأماني المستحيلة أو الأحلام البعيدة المنال التي قد يصاب صاحبها بالإخفاق والإحباط إذا لم تتحقق.
إن الفكرة الجديدة في القصة تثير العمل بالمأثور ( أحصل على نصف الكوب بدلا من عدمه ) فالوزير منحه ( قصرا رائعاً على شاطئ دجلة ، ووعده بأنه يوماً ما سيزوجه من ابنته ) ص 16 ، وفي هذا اختلاف القصة المستلهمة عن القصة الأصلية حيث العفريت المتعارف عليه دائما هو مارد كبير وضخم ومخيف في البداية ثم نكتشف أنه مارد الأحلام المستحيلة فيحبه الطفل ويذهب عنه خوفه بل ويصادقه ، وحيث البطل عادة ما يتزوج بنت الملك أي الأميرة لكن كما ذكرنا أن القصة الحالية تؤكد على تحقيق بعض الأحلام وليس كلها كي يعتاد الطفل القناعة والرضا بالمقسوم بالإضافة لبذل بعض الجهد وليس من الضروري أن ينال كل الأماني تقول القصة بشكل مباشر ( إنه حقا لم يتزوج أميرة لكنه تزوج ابنة الوزير والتي كانت أجمل من أي أميرة شاهدها في حياته وعاش الجميع في سعادة بالغة ومنذ ذلك الحين تقول حكمة بغدادية ( نصف الشيء خير من لا شيء ) ص16 وبذلك يؤصل الكاتب لمعنى الحكمة البغدادية العربية وكأن هذه القصة هي أساس الحكمة المتوارثة . وهنا يفرض التساؤل نفسه : فهل هذا صحيح ؟ بعد كل هذا الحكي الخيالي؟ ماذا نقول لطفل يسأل هذا السؤال ؟

• أسلوب القصة :
يتميز الأسلوب بالبساطة الشديدة والسهولة مع وضوح المفردات التي تناسب الطفل وتغري بالقراءة ، فلا صعوبة في الكلمات ولا تراكيب غامضة في الجملة ، والجمل قصيرة ويعتمد على الحوار الدرامي في بعض مواضع القص حيث يتضح الأسلوب الحواري فيما بين (علي) وبين القزم وما بين (علي) وبين عصابة الأشرار الملثمة .
كما أستخدم الكاتب ضمير الراوي الغائب في بداية الحكي التقليدي مثل حكي الحدوتة الشعبية التي يفضلها الطفل حيث تُهَيئُه لجو الحكاية المتدرج الأحداث ، فالحدث يقود للحدث التالي حتى النهاية السعيدة والتي تعتبر مكافأة الخير بالخير والقضاء على الشر المتمثل في اللصوص وقسوة الأقدار .

• نوع القصة وأثرها :
تنتمي إلى القصص الاجتماعي الواقعي الممتزج بالخيالي المحبب عادة للطفل والذي يثير فيه الخيال والتصور والقدرة على الحلم والتخيل وهي مثل كل القصص المستلهمة من الموروث تعتمد على القوة الخارقة لنصرة البطل أو القوة المساعدة المتمثلة في عفريت الزجاجة القزم فهو الذي يحقق له أحلامه منذ البداية وهو الذي يٌحَوِّل له العصابة إلى الخراف وهو الذي يمهده لحياته الجديدة بعد تسليم بنت الوزير لأبيها, وهنا تتمثل شهامة الصبي(علي) الذي لم يحاول أن يستغل الموقف لصالحه بأن يأخذ الأميرة لنفسه ويتزوجها دون علم أهلها وكان يستطيع أن يفعل ذلك بعدما حررها من اللصوص فأصبحت أسيرته ومن حقه كما يقتضي العرف السائد لكنه يسلك بشهامة ورجولة ويردها لأبيها فتكون المكافأة أكبر من ذلك حيث يمنحه الوزير القصر والمجوهرات والمنصب ويعده بتزويجه من ابنته .

• ملاحظات على القصة :
نلاحظ على القصة أن الكاتب بينما عندما عاقب الأشرار ( لصوص الطريق ) فلاقوا جزاءهم باعتبار أن الخير يجازى بالخير والشر يجازى بالشر ، نجده تجاهل مصير عم ( علي) فلم يتعرض الكاتب لمصير العم القاسي ولم نعرف ماذا حدث له أو ماذا فعل بعد غياب ابن أخيه الذي كان يعيش معه ويخدمه فقد تجاهله الكاتب تماما مما قد يثير تساؤلات الطفل التي تدعوه للتكهن بما حدث له . ولا ندري لماذا أغفل الكاتب مصير العم القاسي ؟
أيضا تقول القصة عن بنت الوزير أنها كانت ( أجمل من أي أميرة شاهدها في حياته ) ص16 وهنا يمكن أن يتساءل طفل: وهل شاهد ( علي) هذا الصبي الفقير البائس الذي كان يعمل خادما عند عمه أية أميرة ؟ فأين رآها ؟ إلا في الأحلام ولأن زمان القصة لا يسمح بأن نقول أنه شاهدها في التلفاز والسينما ، بل أن هذا الصبي بكل أحلامه المتواضعة للغاية التي وصفها الكاتب لا يملك القدرة على أن يحلم بأميرة ولا يتخيل شكلها. لذا كان من الأنسب أن تصاغ الجملة على هذا النحو مجازا (... شاهدها في أحلامه وخياله ) . وهذا رأينا الخاص.
وأخيرا تحية تقدير واحترام لأستاذنا الكاتب الكبير عبد التواب يوسف على كل ما أهداه للمكتبة العربية .
ملحوظة : هذه الدراسة كتبتها ونشرتها منذ سنوات في مجلة أقلام ثقافية وكان الكاتب عبد التواب يوسف حيا يرزق-والآن اعيد نشرها وندعو له بالرحمة والمغفرة .وعندي دراسة اخرى حول بعض انتاج الكاتب الراحل -ارجو ان توفقني الأقدار لنشرها قريبا فمازالت مخطوطة بمكتبتي .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف