الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

البسطار والدولار و ( الزمار )بقلم:عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2015-09-26
البسطار والدولار و ( الزمار )بقلم:عادل بن مليح الأنصاري
البسطار والدولار و ( الزمار ) لعادل بن مليح الأنصاري

نحن المراقبين البسطاء عندما نناقش الأوضاع العربية الراهنة وحتى حين نحاول مناقشتها على بعض الصفحات الإلكترونية أو مواقع التواصل نتحدث عما نشاهده على الواقع وفوق طاولات مكشوفة كما أراد لنا الكبار أن نشاهد , ولكن أحيانا يحلوا لنا أن نسترق السمع أو النظر لما يدور تحت تلك الطاولات ولو من باب التنبؤ أو التحليل المنطقي وربما غير المنطقي لما نلاحظه فوق تلك الطاولات , فلو صدقت تنبؤاتنا أو تحليلاتنا فلا مناص من أمرين , فإما نصبح من المغضوب عليهم وندخل تحت دائرة المخربين أو متبني البلبلة والإشاعات , وإما أن يصيبنا شهابٌ رصدا .
تقول شهرزاد :
كان يا ما كان في سالف العصر والأوان , أرض مترامية الأطراف تُسمى (العالم العربي) , لها تاريخ طويل من (خلطة) خرافية بُنيت عليها منذ سقوط الخلافة الإسلامية والتي كانت تضمها تحت عباءة واحدة من قيادة ودين ورؤيا ومواجهة للعالم الخارجي (الكافر) , هذه الخلطة العجيبة بدأت بعشرات القصص والخرافات والوقائع من مفردات ولدت وعاشت ومازالت تعيش بيننا كتوائم روحية لنفسياتنا كعرب , فالخيانات والعمالة والانبطاح والانسياق خلف معاول المذهبيات والتكفير وبيع الذمم ونظريات التآمر المختلفة , وكذلك الساعين خلف مشاعرهم الوطنية أو الدينية أو المناطقية وحتى العائلية ثم الفردية المطلقة , كل ذلك المزيج العاصي على أي باحث أو جهة بحثية من حصره حصرا علميا وافيا , صنع عشرات الدول بعد تفكك الدولة الإسلامية الواحدة .
تاريخنا العربي ( ربما التعيس ) , وكما في طاولات مفاوضينا الأشاوس له وجهان , وجه كُتب فوق الأوراق , ووجه كتب بحبر سري بين السطور , ذلك التاريخ السري لمحررينا من (الاستعمار الإسلامي القديم) , لا نعرف عنه إلا ما تناولته أقلام المؤرخين والكتاب سواء من باب الاجتهاد أو التلفيق أو القذف أو الحقيقة , ولكن قليلة هي الحقائق التي يمكن إثباتها عبر تاريخنا العصيب , وربما لم يحن الوقت بعد ليفرج التاريخ عن الكثير من تلك الحقائق ( إن كانت موجودة ) , نحن لا نريد أن ننساق هنا لمصيدة التآمر والتخوين والقذف , وربما بيع التاريخ وحقائقه مقابل (دراهم معدودة) كما يُقال عن البعض .
دعونا نترك التاريخ للتاريخ , فهو أحق بالكشف عن عقود من مصائرنا المندسة تحت طاولاته الكبيرة , ولكن من المؤكد أن الكثير من الدراسات والكتب والتقارير والتحاليل ومطرقة التشكيل الإعلامي التي خضعت لها أجيال من بؤساء العرب كانت موجهة أساسا من قبل من أرادوا توجيهها لأسباب مختلفة , ربما أقلها الحقيقة المجردة , فعالمنا العربي الحديث ( بعد سقوط الخلافة العثمانية ) أفرز لنا ثقافات جديدة لم تكن تعرفها أجيال ما قبل الانهيار العظيم (للخلافة) , وليس ( الإعلام الفاجر ) إلا مسخ من تلك المسوخ , والإعلام الكاذب أو الساذج أو الأحمق مسخ أخر من مسوخ تاريخنا الحديث , وليس ( الصحاف وقصته مع العلوج , ودور الإعلام المصري أثناء حرب 67 وبيانات أحمد سعيد المضللة , والتي رمى مسؤوليتها على القيادة السياسية آنذاك ) إلا نموذجا لعدم احترام مكانة الإنسان العربي من الوقائع والأحداث التي تحيط به .
أنا كعربي بسيط من أشد المؤمنين بنظرية (المؤامرة) , نعم العرب أولا وأخيرا هم ضحايا لمعولين , اليهود أولا ومغفلينا ثانيا .
نحن واليهود لنا قصة وجود أو عدم منذ أن وُجدنا على هذه الأرض , وربما من الحقائق التي يؤمن بها الكثيرون أن (أتاتورك) أنهى الخلافة ومفهوم الدولة الواحدة التي تضم العرب جميعا وكثير من المسلمين تحت مظلة واحدة خدمة لبني صهيون الذين كانوا يتطلعون لبنا وطن قومي لهم في فلسطين والذي رفض ذلك العرض السلطان عبدالحميد , حتى أنهم دفعوا له 150 مليون ليرة إنجليزية ذهبا فرفض , ومما ورد في مذكراته هذه المقولات :
(أن القوة الوحيدة التي ستجعلنا واقفين على أقدامنا هي الإسلام ) .
( وأننا أمة قوية بشرط أن نكون مخلصين لهذا الدين العظيم ) .
كما أنه صاحب المقولة ( يا مسلمي العالم اتحدوا ) .
وليس هنا مقام ذكر شخصيات , ولكن الشاهد هو أن اليهود عرفوا أنهم لن يصلوا لمبتغاهم حتى يقضوا على هذه الخلافة , فكان رجلهم (أتاتورك) .
وتمر بنا عجلة الزمان لنفيق على خارطة كبيرة من دول متناثرة كانت يوما بلدا واحدا , وهنا يجب البحث عن سر تزاوج المال مع العسكر مع الإعلام في ترتيب البيت العربي كل فيما يخصه , فالمال يخلق العسكر , والعسكر يحمون اصحاب المال حتى يصلوا لأهدافهم المطلوبة ثم ينقلبوا على أصحاب المال , و (الزمار) أي الإعلام يصفق للرابح منهم ولمن يشتريه , ثم يحاول أصحاب المال شراء ذمم العسكر أو شق وحدتهم أو التآمر عليهم بالقريب حينا وبالغريب أحيانا , ثم يحاول العسكر الانتقام من اصحاب المال الباحثين عن السلطة بعيدا عن (بسطارهم) بالتنكيل بهم أو بوصفهم خونة ومتآمرين , ويظل (الزمار) لمن غلب , و(الزمار) هنا له دور ثوري ومغير لعجلة الأحداث , فهو يشكل الرأي العام الذي يجهل فن اللعب تحت الطاولات أو حتى فوقها وما أكثرهم في عالمنا العربي البائس , وفي بدايات تشكيل هذه الفسيفساء العربية كان (الزمار) ملك اللعبة الحياتية بلا منازع , فلا مواقع تواصل ولا شبكة عالمية , فقط ما يمليه (الزمار) على الناس يهرولون وراءه صما وعميانا .
سقط السد الإسلامي , وتفرق العرب تفرقهم الثاني بعد سبأ , وغرس الأنجاس إسرائيل في أقدس خواصرنا , فلسطين , فترات تاريخية مظلمة ومليئة بالأوراق القذرة التي تم تبادلها تحت الطاولات وفوق الطاولات , وبدأ الكتاب والمؤرخين والمتابعين يتحدثون عن تلك الغفلة التي بُنيت خلالها دولة الخنازير في أقدس بقاعنا , واختفى ( الزمار) القديم , ليحل محله إعلام حديث مفتوح على مصراعيه لمن شاء , فاختلط الحابل بالنابل , وغمرتنا شلالات من التقارير والدراسات , كيف بدأت الخيانة , كيف بدأ التفريط , كيف بدأت الهزائم , من باع من ومن اشترى من , ومن قبض ممن , وكم قبض من قبض , وكم فلما صُور لمسؤول كي يوقع , ومن باع وطنه ليشتري وطنا بديل , ومن طعن من , وفي خضم هذا الشلال المعرفي المتدفق بلا هوادة ضاعت الحقائق بين سيل الدراسات والتقارير .
مازال للتاريخ كلمة وربما كلمات عن تلك الحقبة , ولا نعرف هل سيأتي يوم تشرق فيه شمس الحقيقة على عقول أجيالنا العربية غدا ؟
ولكن الحقيقة الوحيدة بين كل تلك الدراسات والكتابات وبكل أهدافها العلنية والسرية , الصحيحة والكاذبة , المسيسة والمتيسة , أن فلسطين ضاعت ولم يبق منها إلا تاريخ وبضع أغانٍ وأشعار .
وحتى يخلق الله (عبادا لنا) يعيدون فلسطين ويطردوا منها عبدة الخنازير سننتظر كلمة التاريخ لنعرف الحقيقة المرة ,, من أضاع فلسطين ؟؟


تقول شهرزاد :
في سبتمبر من عام 1980 اندلعت الحرب العراقية الإيرانية , ولن نخوض في مسبباتها أو أهدافها أو نتائجها , ولكن ما يهمنا هنا أن هناك بلد عربي لا يفصل بينه وبين (المومس) إلا 800 كيلومتر فقط , وقد خرج بعد ثمان سنوات من الحرب مع إيران وبغض النظر عن الإنهاك والخسائر , والتي لم تلبث دول الخليج أن تعهدت بترميمها , ولكن العراق خرج بجيش اكتسب خبرة كبيرة وصبر وتخطيط , وشعب تعود ونجح في التكيف مع حرب طويلة بالنسبة للعصر الحديث , هنا بدأت تلك المومس تعي حجم الكارثة التي لا يفصل بينها وبين مصدرها إلا 800 كيلومتر فقط .
جيش قوي , وزعيم مهوس بجنون العظمة , ويتوق لقيادة الأمة العربية قاطبة , ولم يسلم من (بسطاره) حتى أبناء شعبه , هنا يبدو وكأن (هتلر) تلميذ في مدرسة هذا الزعيم القادم بجنون , ويشعل هذا الزعيم جنون العاهرة بقنبلة إعلامية ( سأحرق نصف إسرائيل بالكيماوي المزدوج ) .
الصهاينة خير من يدرك خطورة زعيم مهوس بفنائهم بعد هتلر , ماذا لو تحرك هذا الزعيم المهوس والخارج من حرب طويلة لم تنهك شعرة في حاجبه , وخلفه هذا الدعم الاقتصادي ألا محدود من دول الخليج والتي ستضطر مرغمة على فتح خزائنها له لو فكر بالتقدم نحو الأقصى , ثم كيف هي الحال ويفصل بينهما عقبة كأداء اسمها الجيش السوري , ذلك الجيش الذي ستتغير استراتيجيته ومعنوياته وأهدافه وغاياته إذا كانت الضحية هي إسرائيل ؟
إن إسرائيل تدرك تماما أن أي هجوم (مقدس) نحوها يقوده زعيم ما سيضعه تحت رحمة الشعوب العربية والإسلامية وتضامنهم الكامل ماليا وبشريا واستراتيجيا , هذا غير المقاومة المتأهبة في الداخل والحاضنة لعقود من القهر والظلم , لعمري هذا هو الفناء العظيم .
هل تنتظر هذه المومس هجوما ساحقا وشيكا كهذا , الصهاينة يدركون أن هجوما شاملا سريعا من الداخل ومن الخارج القريب والبعيد ومن كل الجهات والجبهات لن يمنحا الوقت لانتظار مساعدات قواديها في كل مكان , ولن يكون مكانها إلا البحر لتكون طعاما للأسماك , أو سمادا لزيتون فلسطين .
وتحركت رؤوس الحاخامات النجسة بسرعة , فصدام ذكر الكيماوي المزدوج أي (أنه ذكر مقتله بنفسه وأعطاهم المبرر والخطة ) , فها هو يعتر بامتلاك (السلاح الكيماوي) , هذا السلاح الذي ذكته أجهزة (الزمارين ) العالميين في كل مكان حين (زمروا ) وقالوا أن صدام أطلقه على سكان حلبجة , ولكن وقتها لم تكن (زماميرهم) مسموعة , ولكن الآن الوضع مختلف , ( فالزمامير) أطلقوا خدمة لبني صهيون , وكلنا يعرف بقية الحكاية , صدام يمتلك اسلحة كيماوية , صدام خطر على الخليج وعلى أمن أهم منطقة في العالم , (صدام يتلقى إشارات بغزو الكويت بسبب خلافات قديمة على منابع النفط) , وتتوالى الإعدادات المهولة تحت الطاولات لتدمير ذلك الزعيم المهوس وجيشه المتعطش للحروب .
قدم صدام (بغباء منقطع النظير) الجيش العراقي والشعب العراقي ومقدرات العراق الاقتصادية والعلمية والتاريخية والعسكرية لغمة سائغة على مآدب اللئام .
ولا زالت كلمات (الزمار) الصحاف تتردد في جنبات التاريخ المعاصر " سنسحق العلوج " والعلوج خارج مبنى وزارة الإعلام العراقية .

أنهار السد الشرقي بجيشه وشعبه ومقدراته وذهب مع الريح الصفوية , وظل الجيش السوري والمصري والنفط العربي أشواكا مغروزة في خاصرة إسرائيل .

وفي أواخر 2010 كان العالم العربي يغط في سبات تاريخي , ولا يوجد ما يستثيره إلا محاولات إيران في التسلل داخل أعماقه بعد أن ابتلعت العراق , وفجأة ينطلق الإعلام الحديث ينادي بالربيع العربي بعد حرق البوعزيزي لنفسه بسبب الفساد الاجتماعي والاقتصادي الذي يعاني منه ملاين العرب , وبدأ هذا الإعلام يغذي عامة الناس بتوجهات المحركين له بضرورة الثورة على كل السلطات الفاسدة في الدول العربية , منذ ذلك اليوم والعرب ملتهين في متابعة الإعلام في كل بقعة من بقاع العرب بوجوب الثورة والتغيير , ولن ندخل في تفاصيل الأحداث , فنحن الآن نقف على كومة من التغييرات التي طالت بعض الدول , ولن نخوض في المكاسب أو الخسائر التي جنتها بعض الشعوب , والإعلام (يزمر) لنا صباح مساء بتداعيات ربيعنا العربي البديع :
- فليبيا خرج منها مجنون ودخلها ألف مجنون .
- وتونس صاحبة الشرارة كما هي لم تقطف زهرة واحدة لشعبها من هذا الربيع البديع .

- واليمن رحل مجرم , وعاد ومعه رئيس المجرمين ( إيران ) .
- وسوريا رحل الشعب , ودمرت البلد ومات من مات ومُرّغت كرامة هذا الشعب في وحول أوربا وبقي الرئيس .

لن ندخل في جدال ما هو المسبب الحقيقي لربيعنا البديع , وهل هو حق أم باطل , أم حق أريد به باطل , أو باطل أريد به الحق , وهل هو ضرورة تاريخية لأمة لم تعرف الديمقراطية الحقيقية , وهل هذه الأمة تحتاج لمثل هذه الثورات المدمرة التي تصنع الوصوليين وترمي شعوبها تحت (بسطار) العسكر , وترميهم عبيدا (للدولار والخبز ) .

ولكن من المستفيد ؟
دمار لم يشهده العرب عبر تاريخهم , دُمرت بلاد ومات جزء من الشعب , وشُرد الجزء الأكبر , وضاعت بلاد إلى ما لا نهاية بين قتال طائفي لن ينتهي وبين احتلال صفوي قذر , وبلاد في طور الاحتلال والتبعية للمسخ الإيراني , وبلاد ما زالت تعاني وتتوقع الخطر , كل هذا الكم الهائل من الخراب ومازالت بعض (الزمامير) تتغني بربيعنا البديع .

ما هي أكثر الدول التي تلقت خرابا تحت نسائم ربيعنا البديع ؟
لا شك طبعا , سوريا ( الخطر الثاني بعد العراق على إسرائيل ) , سوريا سُحقت تحت (بسطار بشار) .
سوريا هي السلة الذهبية للصهاينة , فهناك ينتهي الجيش السوري العربي , وهناك ينتهي مقاتلي سوريا الأحرار , وهناك ينتهي شباب العرب والمسلمين وهم يتقاتلون فيما بينهم .
المنطق الإنساني والعقلي يطرح تساؤلا غبيا :
هل يعجز العالم بكل مقدراته وأجهزته وأقماره وجواسيسه وجيوشه وطائراته من منع الجرم بشار من إلقاء براميل همجية بدائية فوق رؤوس شعب أعزل فيهم الطفل والمسن والمرأة , وكل ذلك على مسمع ومرأى من كاميراتهم وأقمارهم التي تعج بها الفضاءات ؟
إنها جريمة تاريخية لن تُمحى من جبين الإنسان في كل مكان شرق وغربا , وهي تكتب بماء نجس على جباه القادرين العرب قبل الغربيين لإنهاء تلك الجرائم .
إسرائيل وقواديها أرادوا لسوريا أن تكون محرقة للجيش السوري ولكافة المقاتلين على ارض سوريا , لتطمئن إسرائيل من خلو حدودها من أي جيش يمكن أن يفتش ذات يوم عن انتقام تاريخي من سطوهم على مقساتنا السليبة .

لم يكن لكل أولئك الأطفال والنساء والشيوخ والرجال الذين هُجّروا وذُلّوا وماتوا فوق الجبال وعلى شواطئ البحار وتحت الأسلاك الشائكة , والبيوت التي عُمرت لعشرات السنين ومن مال الكادحين والمهاجرين والمذلولين في كل أرض وتحت كل سماء من أجل تلك المقدرات التي مُحيت عن الوجود !
فقط ,,
لتنام تلك المومس قريرة العين وعين القوادين ترعاها !!!

تقول شهرزاد يا سادة يا كرام :
وهكذا انتهت تلك المومس من ثالث شوكة في خاصرتها .
.
.
ولكن شهرزاد لم تسكت عن القول المباح , فمازال لياليها بقية .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف