الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عروضيان بين الظلم والإنصاف..بقلم:السيد إبراهيم أحمد

تاريخ النشر : 2015-09-16
عروضيان بين الظلم والإنصاف..بقلم:السيد إبراهيم أحمد
عروضيان بين الظلم والإنصاف..فوزي محمود ــ خشان خشان أنموذجًا..

   السيد إبراهيم أحمد

    في ليلة من ليالي صيف 2005 التقيت الشاعر فوزي محمود في إحدى الندوات الأدبية بمدينة السويس وقد أهداني كتابه "الدائرة الرقمية للإيقاعات الشعرية"، ظل الكتاب قابعًا في مكتبتي أزوره في أحايين متباعدات، ذات يوم أجلت فيه النظر فوجدت للكتاب اهداءين أحدهما للخليل بن أحمد الفراهيدي والثاني للدكتور أحمد مستجير، فَقَر في ذهني أنه رجع لكتب الدكتور مستجير ولكن هالني أن المراجع جاءت خالية من ذكر مستجير تمامًا..إذن فلما كتب الرجل ما كتب؟!

   دون أن ندري مرت السنوات سراعًا وعندي أمل أن ألتقي الأستاذ فوزي في دروب المدينة أو على صفحات التواصل الاجتماعي ولكن هيهات، في هذه الأثناء التقيت على تلك الصفحات رجلًا حمل عبء تأسيس ونشر دعوة العروض الرقمي بين مواقع ومنتديات الشبكة العنكبوتية دون أن يكل أو يمل أو يفخر أو يسخط، إنه الاسم الشهير المهندس خشان محمد خشان، تعارفنا وفي أدب أنشأ الرجل صفحة لي بمنتديات العروض الرقمي، ولسبب تقني منع دخولي إلى تلك الصفحة انصرفت عنها، ولكنني ما انقطعت عن الرقمي وأستاذه حتى قفزت في ذهني إقامة حوار مع ذلك العلامة ووافق الرجل وتحول الحوار إلى كتاب، وأثناء إعداد الأسئلة طفا على ذاكرتي اسم الأستاذ فوزي محمود ذلك الاسم الذي خلت أضابير وأوراق منتديات العروض الرقمي من ذكره ولا حتى الإلماح إليه، مع علمي أن الأستاذ خشان ما ترك ورقة بأرض تتناول العروض الرقمي إلا ذكرها وأتى بها، ذلك أنه لم يبنِ صرح العروض الرقمي ليلهج باسمه الناس أو اشتهارًا بين الأدباء؛ فدافعية الذاتية عنده أو عند من يبحث عنها عنده منتفية تمامًا في حقه، لقد كان بحق هو الرجل الفكرة الذي يعمل من أجلها ويعيش لها.

   بدأ الشاعر فوزي محمود رحلته مع الشعر مبكرًا، وبدأ دخول المنتديات الأدبية بمدينته لظروف عمله متأخرًا، وكان قد تعرض لنقد من أحد شعراء العامية بأن يعود إلى العروض، كان فوزي محمود على مشارف الأربعين ولم يدر ما العروض، فأخذ يبحث عن كتب هذا العلم في شوارع مدينته ولم يعثر عليها، فتوجه إلى القاهرة العامرة واشترى من شارع الصنادقية بحي الأزهر عدة كتب عكف عليها وعانى منها ما عانى وحيدًا لمدة ست سنوات أنشأ خلالها بأدواته البدائية كتابه الذي أشرت إليه، ولم يطبعه إلا في 2005 بالرغم من أنه انتهى منه في عام 1999، حتى قادته قدماه في أكتوبر 2001 إلى دورة أدباء الأقاليم المقامة بمحافظة الفيوم التي لا تبعد كثيرًا عن القاهرة  برئاسة الدكتور أحمد مستجير الذي حياه وجلس بجواره وأهداه كتابه "الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي" والمطبوع عام 1980 ولم يكن الشاعر فوزي محمود يعلم عنه شيئًا، فبات ليلته بمدينة الفيوم ساهرًا عاكفًا على ذلك الكتاب الذي يحمل عنوانًا قريب الشبه من عنوان كتابه الذي لم يصدره بعد، وفي الصباح كان أن انتهى منه وانتهى إلى أنه لا تشابه بين منهجه الذي سلكه في بحث العروض وبين مسلك معشوقه الدكتور مستجير الذي أخذ منه رقم تليفون منزله ومواعيده بالقاهرة على أمل أن يعرض عليه ما توصل إليه، ولكن اللقاء لم يتم، وبقيت ذكرى هذا اللقاء العاطر في ذهن الأستاذ فوزي فأراد تخليدها إهداءً في أول صفحات كتابه فظلم نفسه ظلمًا بينًا إذ ظن من حوله أنه لم يأت جديدًا، وبتبعيته لفكر الدكتور مستجير، وظلم نفسه عندما طبع الكتاب متأخرًا، كما ظلم نفسه عندما وزع الكتاب هدايا للمقربين منه ولم يطرحه في الأسواق أو يهديه إلى جهات ثقافية للمناقشة والتوثيق.    

    في العام الذي أصدر الأستاذ فوزي محمود كتابه كان الدكتور أحمد مستجير يستقبل المهندس خشان محمد خشان في بيته في القاهرة، واستمع مستجير لشرح شئ من فهم خشان عن العروض، وقد أطرى على ذلك كثيرًا، وكان يحجم عن أي تناول للعروض إلا إذا حقق: جدة الطرح، شمولية النظرة والتقعيد، الانسجام والاطراد. وهو ما ظل خشان مستمسكًا به في طرح منهجه حول العروض الرقمي، ونقل مستجير معاناته لخشان تجاه من يحاربون أو بالأحري يعارضون طرحه، وتلك الزيارة وثقها الدكتور مستجير كما وثق تدشين موقع العروض الرقمي الذي أرساه المهندس خشان في مقابلة معه، فقال: (لقد وضع الخليل بحوره في دوائر وهذا في حد ذاته يعني أن الأمر رياضة يفتح العروض الرقمي طريقًا جديدًا لمعالجة الشعر وفي رأسي بضعة مشاريع علمية لم أتمكن بعد من اقناع البعض بتسجيل طلبة دراسات عليا لفحصها، ولكن الآن على الأنترنت موقع عربي "سعودي" باسم "العروض رقمياً" وقد تكرم القائم عليه "المهندس خشان خشان" بزيارتي من أيام قليلة تبادلنا فيها الكثير من الآراء والأفكار وعرفت منه أن هناك عددًا من الكتب الجديدة قد صدر أخيرًا في دول عربية مختلفة عن العروض الرقمي إن يكن البعض منها يطرح الموضوع في صورة مختلفة بعض الشيء).

    غير أن علاقة المهندس خشان بالعروض جاءت مبكرة وربما متزامنة أو بعدها بقليل مع بدايات الدكتور مستجير فقد بدأ في عام 1981، وجاء انخراطه في دراسة العروض مقاربة لاتجاه الأستاذ فوزي محمود نحوه بقدر الله تعالى أي دون ترتيب مسبق منهما؛ فقد كانت بداياته مع الشعر هي بدايته مع ظلمٍ وقع عليه ترجمه في بيتين، انبرى له أحد الدارسين لعلم العروض ونبهه إلى انتماء البيتين لبحرين مختلفين هما الكامل والبسيط ومن هنا انطلق بقاربه مبحرًا في عالم العروض الذي قاده إلى منهج الخليل حتى صار عالمًا عروضيًا متقنًا للتفاعيل مبتكرًا ومؤسسًا ورائدًا للعروض الرقمي حتى أصدر أول كتبه عنه في عام 1997، وكان منفتحًا على عروض اللغات الأخرى ساعده في ذلك عربيته الفصيحة البليغة، وإجادته الإنجليزية، ودراسته للهندسة المدنية، ولهذا فقد عكف خلال هذه السنوات الطوال على جمع كافة الكتب والمناهج بحسب تاريخيتها وإسهامها في العروض الرقمي، وعرض كل هذا داخل الأكاديمية، فتح الصفحات لمن يؤيد العروض الرقمي ومن يعارضه سواء بسواء.

  قرأ المهندس خشان جيدًا ظلم الخليل ممن عاصروه وممن أتوا بعده، وسمع ما حاق بالدكتور مستجير، وعانى هو الظلم ممن يحاربون الرقمي ويحتدون حتى يتجاوز بعضهم إلى شخصه ذاته فوطَّن نفسه على ألا ينتصر لها، ويصبر ويتحمل ويدافع ويعرض في أدب ودون تجاوز، ودرس بحق ما أسهم به الأستاذ فوزي محمود وبعد أن أرسلت له الدوائر التي توصل إليها، عقدنا له فصلاً خاصًا بالكتاب المزمع نشره، وقد أضاف المهندس خشان اسمه إلى رواد العروض الرقمي فاحتل الرقم العاشر، كما أدخل دائرته ضمن الدوائر التاريخية لمن سبقوه، وأنشأ له صفحة بالمنتدى الأكاديمي للعروض الرقمي بعنوان: "درر فوزي محمود".

  أنصف المهندس خشان خشان الأستاذ فوزي محمود ولولا ذلك لطوى الزمان صفحة محاولة الرجل وكان نسيًا منسيًا، وهذه خصيصة من الخصائص الكثيرة التي تحسب له،  لقد تناول المهندس خشان خشان شعلة العروض الرقمي يدًا بيد من الخليل الفراهيدي وتحمل في سبيلها ما تحمل، وقد اكتنفه الظلم والجحود وهو لا يأبه ولا ينتظر من أحدٍ أن ينصفه، وإنما يتمنى أن تمتد يد وتتناول الشعلة من يده، وأن يقتنع رجال التعليم فيطلعون على هذه الطريقة ويعتمدونها ولو حصة واحدة أسبوعيًا فهي مفتتح علم كبير ومنهج عميق تحتاجه أمتنا في هذه المرحلة وما بعدها.  
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف