الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أمة الصورة ..وصورة الأمة!بقلم:محمد ثابت

تاريخ النشر : 2015-09-05
أمة الصورة ..وصورة الأمة!بقلم:محمد ثابت
أمة الصورة ..وصورة الأمة!

بقلم:محمد ثابت

الجسد الواقع تحت آلام المرض الشديد تنتابه حالات تشبه استعادة كامل الحياة في أزهى نوبات قوته من وقت إلى آخر.. لكن إن لم يتم استثمار تلك الهزات، الأقل من انتفاضات غالباً، ماتت في مهدها وساءت الحالة أكثر ..

أما والأمر يخص حال أمة كأمتنا العربية الإسلامية فإن دليل حياتها في وقت الضعف الشديد.. تلك الانتفاضات ثم الهزات، والعكس من الحين إلى الحين، وقد تعلو "انتفاضة" لتضم الملايين في بلد واحد أو في بلاد متجاورة، كمثل الظاهرة المُسماة بالربيع العربي منذ نهاية عام 2010م واستمراراً حتى اليوم بداية من مصر ونهاية بسوريا، ومن آسف شديد فإن هذه "الأمور"، على حبنا وتقديرنا لها، حتى يومنا هذا لم تفد الأمة ولم تغير من واقعها شيئاً ..في ذاتها وأحداثها على الأقل، وإن كان الأمل في الأمة معقوداً يزيد في امكانية صحوتها، وما تزال المرارة تراوح النفوس وتمثل غصة غير محدودة في حلق ملايين الشرفاء المخلصين على امتداد عشرات الدول تمثل شظايا لدولة واحدة سقطت منذ أكثر من تسعين عاماً..

ومن "تشظي" آلام الأمة الصورة التي هزت وجدان الملايين منذ ساعات للطفل السوري الشهيد على الحدود البحرية التركية، ذلك الطفل الصغير السن، المحدود الحجم عبر بصدق عن مأساة اكثر من مليون سوري بعد اندلاع ثورتها من حماة في 2011م كمتوالية للثورات: التونسية، المصرية، اليمنية.. وكانت المفآجأة إن "الهبة" الجماعية المتتالية في الدول العربية الأربعة لم تكن إلا "انتفاضة" من انتفاضات الأمة لم تنجح في السير بها لأسباب كثيرة أهمها انعدام الوعي لدى الملايين بضرورة الحفاظ على مثل هذا الانجاز غير المكتمل.. والنتيجة ترنح الامة من جديدة .. وعودتها إلى سُبات المرض الشديد في مصر قلب الأمة المُعنى المتعب حتى اليوم .. وبالتالي قشعريرة تصيب الأمة في مشارقها ومغاربها.. قشعريرة تشبه قشعريرة الحياة في ظاهرها .. لمن يريد أو يحلم أن يرى عقبها قياماً للعزة والقوة والمنعة في الأمة..

ولكن أعداء الأمة إذ يتفنون في دوام سُباتها وطول مرضها ومنامها، بعدما يئسوا تماماً من موتها، يُلبسون الأمر تماماً على الملايين الصابرة المنتظرة للحظة خلاص، وأداة "تثبيت" اللحظة الراهنة الحالية في قلب الأمة .. الرصاصة التي يمد أعداؤنا بها أولئك "المندسين" بين أظهرنا .. المستمدين أساليب حكمهم من قهر الملايين من أحرار الشعوب، والتدليس على الذين لم ينالوا قسطاً وافياً من الثقافة، مستغلين فريقاً منهم مع معدومي الضمير لتحقيق سىء أغراضهم ..

ثم إن هذه الصورة الحقيقة للأمة يتم "تدليسها" إعلامياً، لتمثل أداة لقهر شعوبنا، بإيهام الناس في الأمة بإنهم على ما يرام، وإن الغد يحمل من النتائج والثمار لما لم يتم زرعه أصلاً، ولكن هذا الإعلام "الموبوء" كيف له أن يتصرف حيال مآسي الأمة المتكررة الشديدة ..مثلاً  مآساة ملايين السوريين يفرون من جحيم الظالم الطاغية بشار الأسد..هنا تقفز إلى الأذهان حيلة الاستغلال للموقف استغلال الكلمة العربية الشهيرة للإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه:"كلمة حق أريد بها باطل"..

 أو صورة حق..في زماننا هذا!

إن الطفل الغارق بصباه الغض الأخضر الطري يؤرق كل صاحب ضمير في العالم، ولكن لما يتم التركيز على الصورة من قبل مناصري الإنقلاب في مصر أولئك الذين حرقوا وأصابوا آلاف الأبرياء وما يزالون، لما يُركز الإعلام عليها متناسياً مئات الآلاف من المهجرين السوريين يلاقون نفس المصير في نفس اللحظة التي نتأسى فيها لهذا الطفل.. وكأن المطلوب فقط .. مصمصة الشفاة لا أكثر واستبدال صور الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة غرقه ..

نعم إن صورة غرق الطفل تستبعها شهقات في جسد الأمة هنا وهنا .. أو لنقل رعشات لكن وماذا بعد؟

لاشىء كمثل آلاف الصور التي مرت في حياتنا فاهتتممنا بها للحظات وأيام ثم انداحتْ وانمحتْ.. ولم تبق في الذاكرة منها شيئاً، نعم ظلتْ القضية لدى الشرفاء .. ولكن بالتحديد ما فائدة الصورة؟ ..وإلا فمن يذكر صورة الطفل "حمزة الخطيب" الغارق في دمه، الذي قتلته قوات بشار الأسد يوم 29 من أبريل 2011م .. وماذا بُني على تلك الصورة ..

إن مثل هذه الصور من آسف لا تمثل إلا مادة لجذب انتباه الامة للحظات ودقائق وأيام .. ثم لا شىء بعض، ومع كرهس الشديد لكل ظالم دفع بصاحبها وأهله إلى هذا المصير الصعب، وعلى كل حاكم أحال دولنا العربية الإسلامية الممتلئة خيراً إلى جهنم طاردة للبشر .. ممتلئة بالشرور .. ومع دعائي عليهم أتمنى أن نستطيع توثيق مثل هذه الصورة من أجل يوم قريب تنتعش فيه ذاكرتنا بأخذ حقوق هؤلاء الأبرياء، ففي السبعينيات من القرن الماضي لم يكن فن التصوير مزدهراً لما تسببت الصورة الأشهر للفتاة الصغيرة الفيتنامية التي تجري باكية دامعة لكن وهي عارية من النيران، لم يكن فن التصوير مزدهراً لكن صورتها آلمت الولايات المتحدة على نحو فريد من نوعه!

إنني أحلم بذلك اليوم الذي يفهم كل مقاتل إلى جوار طاغية في ربوع أوطاننا العربية الإسلامية إنه إنما يقتل نفسه لا أكثر، وإن الدور قادم عليه، وإنه يرتكب جرماً لا يسقط بالتقادم في الدنيا والآخرة .. وحتى ذلك الحين فإنني لأتذكر أمر الصورة الأخير للطفل السوري وأثرها في أمة تهتم بصورة أكثر مما تهتم بحقيقة الملايين .. والأمرين محزنين ولكن أين ترتيب الأوليات .. مع صورة الأمة الإجمالية غير الجيدة من آسف ..؟! أتذكر الأمرين مع موقف مشابه مع الفارق ..

مثل ما هو دارج بكثير من البلاد كان من العيب في بلدتي أن يتم فتح جهاز التلفزيون فيما هناك ميت في بيت أصحابه، بل كنا صغاراً نتحاشى أن يعلو صوت التلفزيون في بيتنا حال وجود جارٍ لنا ميت، ولكن أحد صغار الجار فتح الباب ذات مساء .. وجهاز التلفزيون مفتوح، فقالت له أمه على الفور:

ـ ألم أقل لك إن أبيك ميت من يومين .. ولا ينبغي أن نفتح التلفزيون "علناً" .. فإن أردت فتح الباب .. فاغلق التلفزيون المفتوح طوال اليوم ..!

هذا مع تسليمي بإن الطفل الصغير الذي فتح الباب كان أكثر حزناً على وفاة أبيه من أمه، ولكن القصة تجسد الفارق بين أمة تمجد صورتها .. ولو على الباطل، وصورة الأمة الحقيقية..!

ومع احتفاظي بالألم على الطفل الغارق .. لكن في حيز المعاناة الحقيقي للأمة وتمني زواله بالأخذ بالأسباب لا مجرد مصمصة الشفاة والأمنيات!       
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف